مواضيع اليوم

تعقيبا على مقال: "ديبلوماسية المسلسلات" للدكتور عبد الله مناع

ممدوح الشيخ

2010-02-13 20:00:20

0


الأستاذ الفاضل/ خالد بن حمد المالك
رئيس تحرير جريدة الجزيرة المكرم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد

قرأت على صفحات جريدتكم الموقرة مقال: "ديبلوماسية المسلسلات" من "فارس.. بلا جواد".. إلى "وادي الذئاب"..!! للدكتور عبد الله مناع (جريدة الجزيرة 31/01/2010 – العدد 13639).
وهو يعالج موضوعا شديد الأهمية، غير أنني وجدت أنه ما يستحق التعقيب لمجافاة بعض ما ورد فيه من المعلومات للحقيقة.

فأرجو أن تتكرموا مشكورين بنشر التعقيب

ولكم تحياتي وتقديري

ممدوح الشيخ
كاتب مصري

 

 

 

تعقيبا على مقال:
"ديبلوماسية المسلسلات" للدكتور عبد الله مناع

ممدوح الشيخ

قرأت مقال: "ديبلوماسية المسلسلات" من "فارس.. بلا جواد".. إلى "وادي الذئاب"..!! للدكتور عبد الله مناع (جريدة الجزيرة 31/01/2010 – العدد 13639). والمقال يتناول موضوعا على جانب عظيم من الخطر والأهمية هو العلاقة بين الفن والسياسة وظاهرة تحول أعمال فنية إلى قضايا سياسية – وأحيانا أزمات سياسية – لكن الكاتب جانبه الصواب في حقائق يمكن القول، دون مواربة، إنها مقدمات خاطئة لا تؤدي إلى النتائج التي يستنتجها الكاتب منها.
يتحدث الكاتب عن مسلسل "فارس بلا جواد" الذي أثار ضجة كبيرة حتى قبل عرضه، يقول الدكتور عبد الله مناع: "كانت قصة المسلسل "كوميديا" ضاحكة في إطارها العام.. ولكنها مستوحاة من وقائع وأحداث فعلية من تاريخ نضال المصريين ضد الاحتلال الإنجليزي لمصر في السنوات الأولى من القرن العشرين، وهي تروي قصة بطل فعلي من أبطال مقاومة الاحتلال آنذاك.. هو: "حافظ نجيب".. الذي قتل الإنجليز والده (ضابط الشرطة)، فقرر الانتقام لـ ”والده”.. ولكل (يتيم) مثله سقط والده شهيداً في ساحة مقاومة الاحتلال، وهو يتعقب جنوده.. حيثما كانوا، ويصادق على ذات الطريق زعيمي مقاومة الاحتلال الإنجليزي: مصطفى كامل ومحمد فريد، ليكتشف أثناء سعيه في مطاردة جنود الاحتلال.. المؤامرات التي كان يعدها اليهود المقيمون في مصر ضد المصريين.. متتبعين في ذلك ما جاء في كتاب "بروتوكولات حكماء صهيون"، وهو كتاب فعلي صدر في عام 1902م، وقد صدق الألمان ما جاء فيه، واعتمدوه أساساً في حملة اضطهادهم وتعذيبهم لليهود.. على يد هتلر وحزبه "النازي" ما بين الحربين العالميتين (الأولى والثانية)، إلا أن الدكتور عبد الوهاب المسيري أستاذ الدراسات الصهيونية الأعظم.. قلل من شأن الكتاب، وقال عنه: إنه (مجرد كلام ساذج)..!
ولنا على ما مر الملاحظات التالية:
أولا: الشخص المشار إليه (حافظ نجيب) توفي تاركا مذكراته الشخصية وعنوانها: "اعترافات حافظ نجيب"، وكان لكاتب هذه السطور شرف اكتشافها وإعادة نشرها، وهي تغطي حياته منذ ميلاده في النصف الثاني من القرن التاسع عشر حتى 1912.
ثانيا: لم يكن لحافظ نجيب "الحقيقي" صلة تذكر بالشخصية "المشوهة" التي لفقها محمد صبحي، فحافظ نجيب الحقيقي عرف بوصفه "أشهر محتال في تاريخ مصر" وما زال ضمن مقتنيات متحف الشرطة بمصر صور لحافظ بهذه الصفة.
ثالثا: انخرط حافظ نجيب في مرحلة من حياته في خدمة الجيش الفرنسي في الجزائر وكان ضمن "قوة الاحتلال"!! وفي مرحلة تالية التحق بالمخابرات الفرنسية وقام بمهمة تجسسية لحسابها في ألمانيا.
رابعا: لم يكن لحافظ نجيب موقف من قضية الصراع على فلسطين ولا من اليهود – كما يوحي المسلسل – بل كانت له عشيقة فرنسية.
خامسا: والد حافظ نجيب لم يقتل على يد الإنجليز وحافظ لم يقم بأي عمل مما نسب إليه في المسلسل. وعلاقته بمحمد فريد غامضة ومشوشة وما زالت من أسرار هذه الحقبة.
سادسا: عند عرض المسلسل وجه كاتب هذه السطور رسالة مفتوحة للمسئولين ساهمت في تحويل مسار النقاش من الاحتشاد والاصطفاف في مواجهة المطالبة بمنع عرض المسلسل إلى مناقشة مدى مشروعية التغيير الكبير الذي تم إدخاله على الشخصية، ومدى دقة وعلمية ومشروعية الترويج لـ "بروتوكولات حكماء صهيون".
سابعا: كاتب هذه السطور ساهم في تحرير "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" المشار لمؤلفها (المفكر العربي الإسلامي الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيري رحمه الله رحمة واسعة)، وجهده في تفنيد ما يراد تكريسه عن البروتوكولات ضرورة دينية وأخلاقية وعلمية في آن. فالبروتوكولات من أخطر نماذج صناعة الصورة النمطية لليهود في كل أنحاء العالم تقريبا. وهذه الصورة النمطية هي نفسها السلاح الذي توجه الطعنات الغادرة للإسلام ونبيه وكتابه ولأمتنا في الغرب، فإذا كنا قد ذقنا مرارة الصورة النمطية، فلماذا نستخدم السلاح نفسه ضد أعدائنا والقرآن الكريم يأمرنا أن نعدل حتى مع أعدائنا: "ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا. اعدلوا هو أقرب للتقوى".
ثامنا: صراعنا هو مع الصهاينة الذين اغتصبوا فلسطين، فلماذا نحمل اليهود – كل اليهود – المسئولية عن جرم الصهاينة، وقد أرسى الإسلام قاعدة ذهبية في المسئولية قال تعالى: "ولا تزر وازرة وزر أخرى".
تاسعا: الخطأ لا يبرر الخطأ، فإذا كذب العدو فلا يجوز أن نكذب وإذا أطلق آلة قمعه – العسكرية والإعلامية – ضد الفلسطينيين فلا يجوز أن يكن هذا مبررا لإعلام مماثل يطلق أحكاما جزافية أو يختلق أو يساهم بتكريس الأوهام وفي مقدمة هذه الأوهام: "بروتوكولات حكماء صهيون".
عاشرا: الإشارة الواردة بالمقال عن الهولوكوست تفتقر إلى الدقة، فإبادة غير الألمان (يهود – غجر – سلاف – بولنديين – مصريين – مغاربة) لم تتم بسبب تصديق الألمان أكذوبة البروتوكولات، بل بسبب تصديقهم ضلالات النازي المناقضة لكل قيم الأديان السماوية، فالغجر والسلاف والمغاربة لم يكونوا مؤمنين بالبروتوكولات ولا متورطين في "مؤامرة" تنفيذها، بل دفع الجميع ثمن جموح الفكر القومي النازي، وأيا كان رأينا في الصهاينة ومشروعهم فإن هذا لا يبرر أبدا "إدانة الضحية"، وإنصاف اليهود في موضوع الهولوكوست لا يعني أبدا، لا من قريب ولا من بعيد، تبرير اغتصاب فلسطين، وإدانة اليهود وهم ضحايا مرفوض حتى لو كانت الإدانة ضمنية وبلغة رمادية. هذا فضلا عن أن تسويغ الهولوكوست وهو عدوان على حق الحياة جرمته الأديان السماوية، قال تعالى: "من قتل نفسا بغير ذنب فكأنما قتل الناس جميعا" ليس الطريق إلى نصرة الحق الفلسطيني، ومن ينتظرون من العالم كله أن يقف بجانب الفلسطيني كضحية العدوان الصهيوني، لا يجوز أبدا أن يمارسوا ازدواجية المعايير عندما ينكرون معاناة اليهود في مأساة الهولوكوست.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !