أستجاب أخيراً الرئيس مبارك لنداءات الملايين بتعديل مادة الدستور بشأن أنتخاب رئيس الجمهورية ، تلك النداءات المعلنة والصامتة فى صدور الملايين من المصريين الذين سأموا الوجوه الشاحبة لوزراء ومسئولين مصريين تعدوا مرحلة الشيخوخة ، أصابهم الملل والسخط من الخطط والمشروعات والسياسات التى تعبر عن جيل قديم يعيش أوهام ماضيه ويفكر ويخطط لحاضره بنفس الفكر المتخلف لعصور سالفة .
أعلن الرئيس مبارك فى خطابه بمحافظة الرؤساء المصريين " المنوفية " ، وهى الجامعة الوحيدة فى أرض مصر التى تقوم بتخريج رؤساء الجمهورية بأنه تقدم بطلب لمجلسى الشعب والشورى بتعديل المادة ستة وسبعين من الدستور الخاصة بأسلوب أختيار رئيس الجمهورية ، هذا الإعلان جاء بعد ضغوطات داخلية وخارجية ومظاهرات وجدالات كثيرة ، وبعد أن طلع روح الشعب المصرى الذى ضاق ذرعاً بالفساد والمشاكل التى تضخمت وأصبحت أضخم من جبل المقطم القابع على صدر القاهرة .
أخيراً ستدخل مصر عصر الديمقراطية بعد معاناتها الطويلة فى عصر الوصاية والمبايعات السابقة والأستفتاءات الروتينية
، فهل ستتفق الأحزاب والمثقفين وكل مصرى على تعديل حقيقى يخدم المواطن المصرى ويعمل على تفعيل دوره فى أنتخاب ديمقراطى لخدمة كل مصرى ؟
هل سنشهد إعلام ديمقراطى محايد يطرح ويشرح قضية تعديل المادة الشهيرة الخاصة بأنتخاب رئيس الجمهورية وما سيتبعها من مسئولية على عاتق المواطن فى الأنفتاح على السياسة وعالمها المجهول له تماماً ويقترب منها أكثر ويتعلم كيف يفكر ويدرس ويختار من يمثله ؟
أتمنى أن لا يكون التعديل المنتظر قيداً جديداً على مسيرة إصلاح الديمقراطية التى بدأت " الآن " ، نعم الديمقراطية الزائفة التى كان يعيشها المواطن المصرى لفظاً ولكنه يجهلها واقعاً ، لأن هذا التعديل المقترح يعنى أن مصر كانت تعيش نظاماً سياسياً طاغياً ديكتاتورياً وليس ديمقراطياً لأنه كان لا يعطى الفرصة لأخرين بالمنافسة والدخول فى أنتخابات حرة نزيهة ، لأن الرئيس مبارك أعترف فى خطابه بأن هذا التعديل هو تعديل تاريخى مما يعنى أن الديمقراطية كانت مهانة ومقيدة بقوانين وضعها النظام السياسى نفسه لضمان أستمراره حتى يجدد لفترة رئاسية خامسة ، وأكد الرئيس مبارك على هذا المعنى فقال أن الدستور المصرى لأول مرة سيتيح لكل مصرى أن يتقدم بترشيح نفسه لأنتخابات رئاسة الجمهورية ، أى قبل هذا لم يكن هناك تطبيق للديمقراطية.
أتمنى أن يتحرر المواطن المصرى من أسره ودوره الوهمى الذى سجنه فيه النظام السياسى والإعلاميين والمثقفين الموالين والمنتفعين من النظام ، وأن يخرج المواطن ليعبر عن دوره الحقيقى بالحوار والمناقشات الهادئة والمشاركة الفعلية فى جعل هذا التعديل المقترح يخدم حريته وحقوقه الإنسانية ويؤكد على حقوق المواطنة ومبادئها التى لا بديل عنها للإنسان المصرى ليتمتع بالديقراطية الحقيقية ويسير بخطوات ثابتة نحو الإصلاح .
سننتظر نتيجة المناقشات التى ستدور فى مجلسى الشعب والشورى ، ومدى قدرة الحرس القديم والجديد فى طرح فلسفاتهم وفرضها ديمقراطياً على الجميع وفقاً لفلسفة " الأقوى هو الأصلح " فى مجتمعنا النامى الذى يعتبره النظام ودعائمه ليس ناضجاً بالشكل الذى يستوعب الديمقراطية كاملة لذلك حاول النظام المصرى الحالى طوال سنواته السابقة أن يسقى الشعب الديمقراطية المزعومة بالملعقة وبالقطارة ، لذلك أتمنى أن لا تنتهى مناقشات التعديل فى مجالس الشعب والشورى والمجتمع والإعلام المصرى نهاية مأساوية فى صفحة الوفيات بالصحف اليومية .
2005 / 2 / 27
التعليقات (0)