مواضيع اليوم

تعاليم ووصايا الاناجيل... عرض ونقد

www.lik.ps لايك

2010-01-21 10:37:13

0

تعاليم يسوع ووصاياه
لا تتحدث الكنائس عن تعاليم يسوع كثيراً باستثناء دعوته للمحبة والسلام, وهذا أمر مستغرب لأن الأناجيل مليئة بالتعاليم في شتى المجالات, وفي هذا الفصل قمت بجمع أكبر عدد منها ودراستها, لنرى حقيقة هذه التعاليم من عدة جوانب, الأول مدى توافق هذه التعاليم مع أقوال يسوع نفسه, والثاني مدى توافق تعاليمه مع الحياة الإنسانية, والثالث مدى توافقها مع ما تقوله الكنائس من أن يسوع هو مخلص البشرية, والرابع مدى توافق هذه التعاليم مع الصفة التي تقدمه بها الكنائس باعتباره الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر, وأخيراً مدى التزام الكنائس بهذه التعاليم.
يقول يسوع أن من يؤمن به ولو مثل حبة خردل فإنه يستطيع عمل المعجزات, ومنها الطلب من الشجر الإنغراس في البحر, كما في النص التالي:
- فقال الرسل للرب زد إيماننا,
فقال الرب لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذه الجميزة انقلعي وانغرسي في البحر فتطيعكم. (لوقا17/5-6)
وهذا الأمر لا يحدث مع أتباع الكنائس, ولم يحدث, فما هو السبب في عدم طاعة الشجر لهم بالإنغراس في البحر؟
هل هو عدم صحة هذا النص, أم لأن تلاميذه وأتباع الكنائس إيمانهم أقل من حبة خردل؟
الكنائس تقول ان هذا النص صحيح, إذاً فلا يبقى سوى القول أن إيمان التلاميذ وأتباع الكنائس أقل من حبة خردل! وهذا القول يطرح سؤالاً كبيراً وهو لماذا يكون إيمان الكنائس المختلفة وأتباعها أقل من حبة الخردل, هل لأنهم راضون بقلة الإيمان أم لأن الإيمان الذي جاء به يسوع صعب, ولا يمكن تحقيقه؟
وللإجابة على هذا السؤال لا بدّ من دراسة معنى الإيمان كما بينه يسوع في الأناجيل حتى نعلم إن كانت الكنائس المختلفة تلتزم بهذا الإيمان أم لا.
- ولماذا تدعونني يا رب يا رب وأنتم لا تفعلون ما أقوله,
كل من يأتي اليّ ويسمع كلامي ويعمل به أُريكم ما يشبه, يشبه انساناً بنى بيتاً وحفر وعمّق ووضع الأساس على الصخر, فلما حدث سيل صدم النهر ذلك البيت فلم يقدر أن يزعزعه لأنه كان مؤسساً على الصخر, وأما الذي يسمع كلامي ولا يعمل به فيشبه انساناً بنى بيته على الأرض من دون أساس, فصدمه النهر فسقط حالاً وكان خراب ذلك البيت عظيماً. (لوقا6/46-49)
في هذا النص نقرأ استنكار يسوع لمن يدعوه رباً وهو لا يفعل ما يقوله, ويضرب مثلاً لمن يسمع كلامه ولا يعمل به ومن يسمع كلامه ويعمل به, فحقيقة الإيمان هي العمل بكلامه, وليس الإدعاء فقط, ويبين هذا الأمر بصورة جلية في النص التالي:
- ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل مملكة السماء,
بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماء,
كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا الشياطين وباسمك صنعنا قوّات كثيرة,
فحينئذ أصرخ لهم أني لم أعرفكم قط,
اذهبوا عني يا فاعلي الإثم. (متّى7/21-23)
فليس كل من يقول ليسوع يا رب يدخل مملكته, وان عمل المعجزات وأخرج الشياطين باسمه, وصنع المعجزات باسمه, وتنبأ باسمه, مع أن نبوءات يسوع نفسه لم تتحقق, بل من يفعل ما يريده أبوه الذي في السماء, فماذا يريد أب يسوع من الكنائس المختلفة وأتباعها حتى يُدخلهم في مملكة يسوع, وماذا يريد يسوع من أتباع الكنائس كي يقبلهم في مملكته؟
تخبرنا الأناجيل أن أبا يسوع تكلم بجملة وحيدة فقط وهي:
- وفيما هو يتكلم إذا سحابة نيرة ظللتهم وصوت من السحابة قائلاً هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت, له اسمعوا,
ولما سمع التلاميذ سقطوا على وجوههم وخافوا جداً,
فجاء يسوع ولمسهم وقال قوموا ولا تخافوا,
فرفعوا أعينهم ولم يروا أحداً الا يسوع وحده. (متّى17/1-8)
في هذا النص يطلب أبو يسوع من التلاميذ والكنائس المختلفة أن يسمعوا ليسوع, ولا يوجد كلام لأب يسوع في الأناجيل الأربعة سوى هذه الجملة والتي قالها أيضاً بعد تعميد يوحنا المعمدان ليسوع في نهر الأردن أول كرازته, ولكن دون قول اسمعوا له, وجملة ثانية مجدت وأُمجد (يوحنا12/28).
فبماذا وصف يسوع كلامه؟
وبماذا وصف يسوع من يسمع كلامه وينفذ إرادته وإرادة أبيه؟
وماذا طلب يسوع من تلاميذه ومن الكنائس؟
أما ما وصف يسوع كلامه به فهو:
- السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (متى24/35)
- السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (مرقس13/31)
- السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول. (لوقا21/23)
وقال في وصف كلامه أيضاً:
- ان لي أُموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم,
ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن,
واما متى جاء ذاك المعزي فهو يرشدكم الى جميع الحق لأنه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بأُمور آتية,
ذاك يمجدني لأنه يأخذ مما لي ويُخبركم. (يوحنا16/12-14)
- واما المعزي الروح المقدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يُعلّمكم كل شيء ويُذكركم بكل ما قلته لكم. (يوحنا14/25)
وهنا لن أتحدث عن المعزي إن كان قد جاء أم لا, ولا في أي الكنائس هو ماكث, ولكننا نلاحظ أن يسوع وصف كلامه بأنه حق.
ووصف كلام أبيه بأنه حق, كما في النص التالي:
- قدسهم في حقك, كلامك هو حق. ( يوحنا17/17)
كما أن بطرس وصف كلام يسوع بأنه كلام الحياة الأبدية كما في النص التالي:
- فقال يسوع للاثني عشر ألعلكم أنتم أيضاً تريدون أن تمضوا,
فأجابه سمعان بطرس يا رب إلى من نذهب,
كلام الحياة الأبدية عندك. (يوحنا6/67-68)
من هذه النصوص نخلص إلى أن كلام يسوع وأبيه هو كلام حق وكلام الحياة الأبدية.
وأما بماذا وصف يسوع من يسمع كلامه فهذا يجيب عليه يسوع في النصوص التالية:
- وفيما هو يكلم الجموع إذا أمه وإخوته قد وقفوا خارجاً طالبين أن يكلموه,
فقال له واحد هو ذا أُمك وإخوتك واقفون خارجاً طالبين أن يكلموك,
فأجاب وقال للقائل له من هي أُمي ومن هم إخوتي,
ثم مد يده نحو تلاميذه وقال ها أُمي وإخوتي, لأن من يصنع مشيئة أبي الذي في السماء هو أخي وأختي وأمي. (متّى12/46-50)
- فجاءت حينئذ إخوته وأُمه ووقفوا خارجاً وأرسلوا إليه يدعونه,
وكان الجمع جالساً حوله فقالوا له هو ذا أُمك وإخوتك خارجاً يطلبونك,
فأجابهم قائلاً من أُمي وإخوتي,
ثم نظر حوله إلى الجالسين وقال ها أُمي وإخوتي,
لان من يصنع مشيئة الإله هو أخي وأُختي وأُمي. (مرقس3/31-35)
- وجاء اليه أُمه واخوته ولم يقدروا أن يصلوا اليه لسبب الجمع,
فاخبروه قائلين أُمك واخوتك واقفون خارجاً يريدون ان يروك,
فأجاب وقال لهم أُمي واخوتي هم الذين يسمعون كلمة الإله ويعملون بها. (لوقا8/19-21)
في هذه النصوص يصف يسوع من يسمع كلام الإله ويصنع مشيئة أب يسوع أنهم أُمه وإخوته وأخواته.
كما وصف يسوع تلاميذه والكنائس بأنهم ملح الأرض ونور العالم فقال:
- أنتم ملح الأرض, ولكن إن فسد الملح فبماذا يُملح لا يصلح بعد لشيء إلا أن يطرح ويُداس من الناس. (متّى5/13)
- أنتم نور العالم,......, فليضئ نوركم قدّام العالم, لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجّدوا أباكم الذي في السماء. (متّى5/14-16)
ووصفهم بأنهم خرافه التي تسمع صوته, وسماع صوته تعبير عن العمل بما أمرهم به, كما في النص التالي:
- خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني,
وأنا أُعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد,
ولا يخطفها أحد من يدي. (يوحنا10/27-28)
واعتبرهم في قول آخر أنهم رسله الذين اختارهم ليبلغوا أقوله إلى العالم:
- ولمّا كان النهار دعا تلاميذه واختار منهم اثني عشر الذين سماهم أيضاً رُسلاً. (لوقا6/13)
- كما أرسلتني إلى العالم أرسلتهم أنا إلى العالم,
ولأجلهم أُقدس أنا ذاتي ليكونوا هم أيضاً مقدسين في الحق. (يوحنا17/18)
- ليس أنتم اخترتموني بل أنا اخترتكم وأقمتكم لتذهبوا وتأتوا بثمر ويدوم ثمركم,
لكي يُعطيكم الأب كل ما طلبتم باسمي,
بهذا أُوصيكم حتى تُحبوا بعضكم بعضاً. (يوحنا15/12-17)
وقال عنهم أنهم خاصته وانه يضع نفسه على الصليب من أجلهم وأنه جاء ليخدمهم, مع أنه الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر كما تقول قوانين إيمان الكنائس المختلفة, كما في النصين التاليين:
- أما أنا فاني الراعي الصالح وأعرف خاصتي وخاصتي تعرفني,
كما أن الأب يعرفني وأنا أعرف الأب,
وأنا أضع نفسي عن الخراف. (يوحنا10/14-15)
- لأن ابن الانسان أيضاً لم يأت ليُخدم بل ليَخدم وليبذل نفسه فِدية عن كثيرين. (مرقس10/45)
وهذا ما تقوله كل الكنائس المختلفة من أن يسوع صلب من أجلها!
وأعطاهم مملكة أبيه, فقال:
- ورفع عينيه إلى تلاميذه وقال طوباكم ايها المساكين لان لكم مملكة الإله. (لوقا6/20)
وأعطاهم القدرة على فعل كل المعجزات التي عملها هو وأعظم منها, فقال:
- الحق الحق اقول لكم من يؤمن بي فالاعمال التي انا اعملها يعملها هو ايضاً, ويعمل أعظم منها لأني ماض إلى أبي,
ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله ليتمجد الأب بالابن,
ان سألتم شيئاً باسمي فاني أفعله. (يوحنا14/12-14)
- وهذه الآيات تتبع المؤمنين,
يخرجون الشياطين باسمي,
ويتكلمون بالسنة جديدة,
ويحملون حيّات وان شربوا شيئاً مميتاً لا يضرهم,
ويضعون أيديهم على المرضى فيبرأون. (مرقس16/17-18)
- وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقتربت مملكة السماء,
اشفوا مرضى,
طهروا برصاً, أقيموا موتى, أخرجوا شياطين. (متّى10/7-8)
هذه الصفات التي وصف يسوع بها من آمن به والقدرات التي وعد بإعطائها لهم وغيرها الكثير, ولكنها كانت مشروطة بعدة شروط إن لم تتحقق فلن يكون من يقول انه آمن بيسوع صادقاً.
منها العمل بوصاياه وأقواله, كما في النص الأول, وسماع أقواله كما قال أبوه في النص الثاني اسمعوا له, وكما قال هو في نص آخر ان خرافه تسمع صوته وتتبعه, وصوته يعني كلامه الذي سمعه من أبيه كما في النص التالي:
- لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. (يوحنا15/15)
وسماع صوته وكلامه ليس فقط بالأُذن, بل بالعمل بها والمحافظة عليها, كما في النصوص التالية:
- أنا الكرمة وأنتم الأغصان, الذي يثبت فيّ وأنا فيه هذا يأتي بثمر كثير, لأنكم بدوني لا تقدرون أن تفعلوا شيئاً,
ان كان أحد لا يثبت فيّ يُطرح خارجاً كالغصن فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار فيحترق,
ان ثبتم فيّ وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم,
بهذا يتمجد أبي أن تأتوا بثمر كثير فتكونون تلاميذي,
كما أحبني الأب أحببتكم أنا, اثبتوا في محبتي,
ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي كما أنا قد حفظت وصايا أبي وأثبت في محبته,
كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم ويكمل فرحكم. (يوحنا15/5-11)
- هذه هي وصيتي لكم أن تحبوا بعضكم بعضاً كما أحببتكم,
ليس لأحد حب أعظم من هذا أن يضع أحد نفسه لأجل أحبائه,
أنتم أحبائي ان فعلتم ما أُوصيكم به,
لا أعود أُسميكم عبيداً لأن العبد لا يعلم ما يعمل سيده,
لكني قد سميتكم أحباء لأني أعلمتكم بكل ما سمعته من أبي. (يوحنا15/12-15)
- الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يُحبني. (يوحنا14/21)
- أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني من العالم,
كانوا لك وأعطيتهم لي,
وقد حفظوا كلامك,
والآن علموا أن كل ما أعطيتني هو من عندك,
لأن الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم. ( يوحنا17/6-8)
في هذه النصوص نقرأ أن يسوع يطلب ممن يؤمن به أن يثبت كلامه فيه, وهذا الثبات يكون بحفظ وصاياه وفعلها والعمل بها, فان هم قاموا بذلك فإنهم يأتون بثمر كثير ويكون لهم ما يريدون, ويكونون أحباء وتلاميذ له.
فعدم ظهور الصفات التي وعد يسوع بها تلاميذه والكنائس المختلفة وخاصة القدرة على أمر الشجر بالإنقلاع من الأرض والإنغراس في البحر, وإحياء الموتى, وغيرهما, يدل على أحد أمرين, إما أنهم لم يحفظوا كلامه ويعملوا بوصاياه, أو أن هذه الوصايا غير قابلة للتنفيذ, وليست صحيحة, فما هي كلمات يسوع ووصاياه التي إن فعلها أحد يكون تلميذاً له, ويتحقق له ما وعده يسوع؟
وصية يسوع بكره جميع الناس حتى نفس الانسان
- وكان جموع كثيرة سائرين معه فالتفت,
وقال لهم ان كان أحد يأتي اليّ ولا يُبغض,
1- أباه,
2- وأُمه,
3- وامرأته,
4- وأولاده,
5- واخوته,
6- وأخواته,
7- حتى نفسه أيضاً,
فلا يقدر أن يكون لي تلميذاً,
8- ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذاً,
9- فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لي تلميذاً,
الملح جيد ولكن اذا فسد الملح فبماذا يُصلح,
لا يصلح لأرض ولا لمزبلة فيطرحونه خارجاً,
من له أُذنان للسمع فليسمع.(لوقا14/25-35)
من له أُذنان للسمع فليسمع.
يسوع يقول انه لن يقدر أحد أن يكون تلميذاً له حتى يُبغض أباه وأُمه وامرأته وأولاده وإخوته وأخواته, هل هؤلاء فقط؟
كلا, حتى نفسه يجب أن يبغضها ليكون تلميذاً من تلاميذ يسوع وأحد أتباع كنيسة من الكنائس المختلفة, من له أُذنان للسمع فليسمع!
فكيف يستطيع الإنسان أن يكره كل هؤلاء ويبقى في قلبه ذرة إنسانية, ولم يكتف بكره كل هؤلاء بل زاد نوعاً من الكره, لا يستطيع القيام به إلا بعض المرضى نفسياً, وهو كره النفس!
وماذا يفعل الإنسان في الأحاسيس التي وجدت فيه بصفة عضوية من حبه لأبيه وأُمه وأبنائه وإخوانه, وهو ما نشاهده حتى في كثير من الحيوانات؟!
وهذا الكره لكل شيء ما هو التعبير الحسي عنه حتى يثبتوا أنهم يكرهون أقربائهم, وكيف يعبّرون عنه؟
هل بالضرب أو بالشتم أو بعدم القيام بواجبهم تجاه مساعدة الأقارب مادياً ومعنوياً؟!
فإذا كان الأب أو الأُم قد كبرا في العمر وبلغا مرحلة العجز هل يطلب يسوع أن لا يقوم الأبناء بواجباتهم وان يلقوهم في الشارع كي يظهروا له أنهم يكرهون الآباء والأُمهات حتى يكونوا من تلاميذه, وهو ما أشار إليه عندما رفض أن يذهب أحد تلاميذه ليدفن أباه! كما في النصين التاليين:
- وقال له آخر من تلاميذه يا سيد ائذن لي أن امضي أولاً وأدفن أبي,
فقال له يسوع اتبعني ودع الموتى يدفنون موتاهم. (متّى8/21-22)
- وقال لآخر اتبعني,
فقال يا سيد ائذن لي أن أمضي أولاً وأدفن أبي,
فقال له يسوع دع الموتى يدفنون موتاهم,
وأما أنت فاذهب وناد بمملكة الاله. (لوقا9/59-60)
أم يطلب يسوع أن لا يقوم الآباء والأُمهات بواجباتهم تجاه أطفالهم وهم صغار بان يلقوهم في ملاجئ الأيتام ولا يعودوا يذكرونهم حتى يكونوا مؤهلين ليصبحوا تلاميذ له؟!
أم يطلب منهم يسوع أن لا ينجبوا أطفالاً أصلاً وأن لا يتزوجوا كي يظهروا مدى الكره لأطفالهم حتى يستطيعوا أن يكونوا من تلاميذه؟!
فهل هذا ما تبشر به الكنائس الناس بدعوتهم لكراهية كل الناس حتى أنفسهم؟
وهل التزمت الكنائس المختلفة بهذه الوصية أم أعرضت عنها لأنها تتناقض مع تكوين الإنسان, مع علمهم بان يسوع قال إن كلامه لا يزول حتى لو زالت السماء والأرض؟!
وصية يسوع بترك جميع الأموال
- فكذلك كل واحد منكم لا يترك جميع أمواله لا يقدر ان يكون لي تلميذاً, من له أُذنان للسمع فليسمع. (لوقا14/33)
من له أُذنان للسمع فليسمع, يسوع يقول إن من لا يترك جميع أمواله لا يقدر أن يكون من تلاميذه!
لماذا لم تلتزم الكنائس المختلفة بهذه الوصية إذا كانوا هم حقاً تلاميذ ليسوع؟
أم إن هذه الوصية تمّ تغييرها من قبل الروح المقدس بعد صعود يسوع الى السماء؟
مع العلم انه توجد نصوص في كتاب أعمال الرسل تؤكد على الالتزام بهذه الوصية, وان كل من كان يؤمن بيسوع كان يبيع كل أمواله ويعطيها للجميع, لا بل انه توجد قصة فيه تقول إن رجلاً وامرأة ماتا لأنهما قاما بإخفاء جزء من ثمن الحقل الذي باعاه ولم يقدماه للجميع, كما في النصوص التالية:
- وجميع الذين آمنوا كانوا معاً وكان عندهم كل شيء مشتركاً,
والاملاك والمقتنيات كانوا يبيعونها ويقسمونها بين الجميع كما يكون لكل واحد احتياج.
(أعمال الرسل2/45-46)
- وكان لجمهور الذين آمنوا قلب واحد ونفس واحدة,
ولم يكن أحد يقول ان شيئاً من أمواله له, بل كان عندهم كل شيء مشتركاً, اذ لم يكن فيهم أحد محتاجاً, لان كل الذين كانوا أصحاب حقول أو بيوت كانوا يبيعونها ويأتون بأثمان المبيعات ويضعونها عند أرجل الرسل, فكان يوزع على كل أحد كما يكون له احتياج,
ويوسف الذي دُعي من الرسل برنابا الذي يُترجم ابن الوعظ وهو لاوي قبرسي الجنس, اذ كان له حقل باعه وأتى بالدراهم ووضعها عند أرجل الرسل. (أعمال الرسل4/32-37)
- ورجل اسمه حنانيا وامرأته سفيرة باع مُلكاً واختلس من الثمن وامرأته لها خبر بذلك,
وأتى بجزء ووضعه عند أرجل الرسل, فقال بطرس يا حنانيا لماذا ملأ الشيطان قلبك لتكذب على الروح المقدس وتختلس من ثمن الحقل,
فلما سمع حنانيا هذا الكلام وقع ومات,
ثم حدث بعد مدة نحو ثلاث ساعات أن امرأته دخلت وليس لها خبر ما جرى, فأجابها بطرس قولي لي أبهذا المقدار بعتما الحقل,
فقالت نعم,
فقال لها بطرس ما بالكما اتفقتما على تجربة روح الرب,
هو ذا أرجُل الذين دفنوا رَجُلك على الباب وسيحملونك خارجاً,
فوقعت في الحال عند رجليه وماتت. (أعمال الرسل5/1-10)
فإذا كانت هذه الوصية من وصايا يسوع فلماذا لم يستمر العمل بها, ولماذا توقف موت أي شخص لا يُقدّم كل ما يملك للجميع؟
وصية يسوع بعدم اقتناء الذهب والفضة والأحذية وأكثر من ثوب
- وفيما أنتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقتربت مملكة السماء,
اشفوا مرضى,
طهّروا برصاً,
أقيموا موتى,
أخرجوا شياطين,
مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا,
لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم,
ولا مزوداً للطريق,
ولا ثوبين, ولا أحذية ولا عصاً. (متّى10/7-10)
- ودعا الاثني عشر وابتدأ يرسلهم اثنين اثنين,
وأعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة,
واوصاهم ان لا يحملوا شيئاً للطريق غير عصاً فقط,
لا مزوداً, ولا خبزاً ولا نحاساً في المِنطقة, بل يكونوا مشدودين بنعال, ولا يلبسون ثوبين. (مرقس6/7-9)
- ودعا تلاميذه الاثني عشر وأعطاهم قوة وسلطاناً على جميع الشياطين, وشفاء أمراض,
وأرسلهم ليكرزوا بمملكة الاله ويشفوا المرضى,
وقال لهم لا تحملوا شيئاً للطريق, لا عصاً ولا مزوداً ولا خبزاً ولا فضة, ولا يكون للواحد ثوبان. (لوقا9/1-3)
في هذه التعاليم نقرأ أن يسوع يطلب من التلاميذ وأتباعهم الالتزام ببعض الأُمور تحديداً, كعدم اقتناء الذهب والفضة والأحذية وعدم اقتناء أكثر من ثوب, فهل يلتزم رجال الكنائس المختلفة بما أمرهم به يسوع من عدم اقتناء ذهباً أو فضة, ولا امتلاك أكثر من ثوب واحد وعدم اقتناء الأحذية؟!
وأما ما تتضمنه النصوص من قدرات أعطاها يسوع للتلاميذ ولمن يؤمن به من بعدهم فهي ظاهرة في عدم تحققها, لا في التلاميذ ولا فيمن جاء بعدهم, فمع أنه أعطاهم سلطاناً على إخراج جميع أنواع الشياطين إلا أن الأناجيل تقول ان أحدهم دخله الشيطان وقام بتسليم يسوع مقابل ثلاثين من الفضة! وأما إحياء الموتى التي ذكرها متّى, فالكنائس كلها تعلم عدم تحققها.
وصية يسوع بعدم الاهتمام بالحياة
- لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض حيث يفسد السوس والصدأ وحيث ينقب السارقون ويسرقون,
بل اكنزوا لكم كنوزاً في السماء حيث لا يُفسد سوس ولا صدأ ولا ينقب سارقون ولا يسرقون. (متّى6/19-20)
- لا تقدرون أن تخدموا الإله والمال,
لذلك أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون,
ولا لأجسادكم بما تلبسون,
أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد أفضل من اللباس. (متّى6/24-25)
- لا تخف أيها القطيع الصغير لأن أباكم قد سُرّ أن يعطيكم المملكة,
بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة. (لوقا12/22-23)
في هذه النصوص تأكيد من يسوع على عدم الاهتمام بالحياة, وعدم كنز الأموال, وهو ما يعلم الناس جميعاً أن الكنائس لم تلتزم به.
وصية يسوع بعدم الاهتمام بالمستقبل
- أنتم يا قليلي الايمان فلا تهتموا قائلين ماذا نأكل أو ماذا نشرب أو ماذا نلبس,
......
لكن اطلبوا أولاً مملكة الإله وبرّه وهذه كلها تزاد لكم,
فلا تهتموا للغد, لأن الغد يهتم بما لنفسه, يكفي اليوم شرّه. (متّى6/30-34)
في هذه الفقرات يقول يسوع للتلاميذ والكنائس بأن لا يهتموا بالملبس والمأكل, ولا يهتموا بالغد وهي وصايا تحمل طابعاً إنسانياً جميلاً, وان كانت قليلاً ما تطبقها الكنائس المختلفة.
ولكن ما هو موقف يسوع من الغنى والأغنياء, وما هو موقف التلاميذ من موقف يسوع؟
موقف يسوع من الغنى والأغنياء
- قال له يسوع ان أردت أن تكون كاملاً فاذهب وبع أملاكك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني,
فلما سمع الشاب الكلمة مضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة,
فقال يسوع لتلاميذه الحق أقول لكم انه يعسر أن يدخل غنيٌ الى مملكة السماء,
وأقول لكم أيضاً ان مرور جمل من ثقب ابرة أيسر من أن يدخل غنيٌ الى مملكة الاله.
(متّى19/21-24)
في هذا النص يقول يسوع بكل وضوح ان دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من دخول غني إلى مملكته, أي إن أي غني من أتباع الكنائس الطيبين لن يدخل مملكة يسوع!
فماذا كان موقف التلاميذ من هذا الكلام؟
موقف التلاميذ من موقف يسوع من الغنى والأغنياء
- فلما سمع تلاميذه بهتوا جداً قائلين أذاً من يستطيع أن يخلص,
فنظر اليهم يسوع وقال لهم هذا عند الناس غير مستطاع ولكن عند الإله كل شيء مستطاع. (متّى19/25-26)
إذن التلاميذ بهتوا جداً من سماع هذه الأقوال, وهو ذات ردة فعل أتباع الكنائس عند سماعهم لها, ولكن ما هو أعجب من هذا, وهو ما يبهتني شخصياً, هو ما كتبه متّى بعد هذا الكلام, فقال:
- فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا,
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل ألاثني عشر,
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من اجل اسمي,
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى19/27-29)
فبعد أن قال يسوع انه لن يدخل غني إلى مملكته قام بإعطاء تلاميذه وأتباعه وعوداً كثيرة لو حققها لهم فهي تجعلهم من أغنى الأغنياء, فبطرس ترك من أجل يسوع سفينة فلو صدق يسوع فيما وعدهم به وأعطى لبطرس مائة سفينة هل كان يعسر على بطرس دخول مملكة يسوع؟!
ونقرأ ذات الكلمات والمواقف والوعود في إنجيل مرقس:
- وفيما هو خارج الى الطريق ركض واحد وجثا له وسأله أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية,
فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً, ليس أحد صالح الا واحد وهو الإله,
أنت تعرف الوصايا لا تزن, لا تقتل لا تسرق, لا تشهد بالزور, لا تسلب, أكرم أباك وأُمك,
فأجاب وقال له يا معلم هذه حفظتها منذ حداثتي,
فنظر إليه يسوع وأحبه وقال له يعوزك شيء واحد, اذهب بع كل مالك وأعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني حاملاً الصليب,
فاغتم على القول ومضى حزيناً لأنه كان ذا أموال كثيرة,
فنظر يسوع حوله وقال لتلاميذه ما أعسر دخول ذوي الأموال الى مملكة الاله,
فتحير التلاميذ من كلامه, فأجاب يسوع أيضاً وقال لهم يا بني ما أعسر دخول المتكلين على الأموال الى مملكة الاله,
مرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني الى مملكة الاله,
فبهتوا الى الغاية قائلين بعضهم لبعض فمن يستطيع أن يخلص,
فنظر اليهم يسوع وقال عند الناس غير مستطاع ولكن ليس عند الإله,
لأن كل شيء مستطاع عند الإله,
وابتدأ بطرس يقول له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك,
فأجاب يسوع وقال الحق أقول لكم ليس أحد ترك بيتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو أُماً أو أولاداً أو حقولاً لأجلي ولأجل الإنجيل, إلا ويأخذ مئة ضعف ألان في هذا الزمان بيوتاً وإخوة وأخوات وأُمهات وأولاداً, مع اضطهادات,
وفي الدهر الأتي الحياة الأبدية. (مرقس10/17-30)
ويكررها لوقا للتأكيد على موقف يسوع من الأغنياء ووعوده التي لم تتحقق, وموقف التلاميذ من كلامه, كما في النص التالي:
- وسأله رئيس قائلاً أيها المعلم الصالح ماذا أعمل لأرث الحياة الأبدية,
فقال له يسوع لماذا تدعوني صالحاً, ليس أحد صالح الا واحد وهو الإله,
أنت تعرف الوصايا لا تزن, لا تقتل, لا تسرق, لا تشهد بالزور, أكرم أباك وأُمك,
فقال هذه كلها حفظتها منذ حداثتي,
فلما سمع يسوع ذلك قال له يعوزك أيضاً شيء بع كل مالك ووزع على الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني,
فلما سمع ذلك حزن لأنه كان غنياً جداً,
فلما رآه يسوع قد حزن قال ما أعسر دخول ذوي الأموال الى مملكة الاله,
لأن دخول جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني الى مملكة الاله,
فقال الذين سمعوا فمن يستطيع أن يخلص, فقال غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الإله,
فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك,
فقال لهم الحق أقول لكم ان ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو اخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الاله, الا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة,
وفي الدهر الآتي الحياة الابدية. (لوقا18/18-30)
فيسوع طلب أولاً كره الناس جميعاً وفيما بعد طلب التخلي عن جميع الأموال حتى يكونوا تلاميذ له ويدخلوا إلى مملكته, مما أبهت التلاميذ, فقام بمنحهم وعوداً يعلم الجميع أنه لم يحققها لهم, مما أدى لهروب التلاميذ عنه عند إلقاء القبض عليه وإنكاره والشك فيه عند محاكمته وعدم تصديق من قالوا انه قام من القبر بعد صلبه.
فعلى من نضع اللوم في عدم تحقق وعود يسوع للتلاميذ والكنائس؟
هل نضع اللوم على التعاليم التي لا يستطيع الإنسان العمل بما فيها؟
أم نضع اللوم على التلاميذ والكنائس التي لم تنفذ هذه التعاليم؟
ولكن هل هذه هي التعاليم الوحيدة التي لم يستطع التلاميذ والكنائس تنفيذها والعمل بها؟
لنقرأ النصوص التالية:
وصية يسوع بقلع العيون التي تعثر أصحابها
- فان كانت عينك اليمنى تعثرك,
فاقلعها وألقها عنك,
لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. (متّى5/29)
- وان أعثرتك عينك فاقلعها عنك,
خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان. (متّى18/9)
- وان أعثرتك عينك فاقلعها,
خير لك أن تدخل مملكة الاله أعور من أن تكون لك عينان وتطرح في جهنم النار. (مرقس9/47)
في هذه النصوص يأمر يسوع التلاميذ وأتباع الكنائس بقلع عيونهم إن هي أعثرتهم, ولكنه لم يبين لهم معنى الإعثار الذي يستوجب قلع العيون, فكيف سيلتزمون بالعمل بهذه الوصية؟
هل الاعثار الذي يستوجب قلع العين هو النظر للمرأة الأجنبية كما قال في وصية أخُرى ان من نظر إلى امرأة ليشتهيها فهو يزني بها في قلبه, أم غير ذلك من الأُمور التي تنظر إليها العيون؟
كما أنه لم يبين من الذي سيطبق هذه الوصية ويقوم بقلع العيون!
وإذا أعثرت العين الثانية صاحبها هل يجب عليه قلعها حتى لا يدخل الحياة الأبدية أعمى, بدلاً من أن يُلقى في جهنم النار وله عينان؟!
والأعجب من هذه الوصية هو قوله خير لك أن تدخل الحياة أعور من أن تلقى في جهنم النار ولك عينان, فهل يمكن أن يكون في مملكة يسوع أشخاص عميان وآخرون عوران لأن عيونهم أعثرتهم فقلعوها التزاماً بهذه الوصية؟!
ألم يكن من الواجب أن يقول يسوع انه سيعوضه عن عينه التي قلعها من أجله في مملكته بدلاً من إدخاله أعور أو أعمى, وهو الذي وعد تلاميذه بإعطائهم مائة ضعف لأي شيء يتركونه من أجله حتى الأُم والأب والزوجة؟!
وصية يسوع بقطع الأيدي التي تعثر أصحابها
- وان كانت يدك اليمنى تعثرك,
فاقطعها وألقها عنك,
لأنه خير لك أن يهلك أحد أعضائك ولا يُلقى جسدك كله في جهنم. (متّى5/30)
- وان أعثرتك يدك فاقطعها,
خير لك أن تدخل الحياة أقطع من أن تكون لك يدان وتمضي إلى جهنم الى النار التي لا تطفأ, حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. (مرقس9/43-44)
في هذين النصين يقول يسوع ان من أعثرته يده خير له أن يقطعها ويُلقيها عنه, ولكنه لم يبين معنى الاعثار, هل هو السرقة أو القتل أو غيرهما من الإعثارات التي تقوم بها اليد, كما أنه لم يبين لهم من الذي سيقوم بتنفيذ هذه الوصية.
وهنا أيضاً نجد أن يسوع لم يعوض أتباعه الذين يقطعون أيديهم تنفيذاً لهذه الوصية في مملكته فيقول انه خير للإنسان الذي تعثره يده أن يقطعها ويدخل الحياة أقطع من أن يدخل جهنم النار وله يدان!
وصية يسوع بقطع الأرجل التي تعثر أصحابها
- فان أعثرتك يدك أو رجلك فاقطعها وألقها عنك,
خير لك أن تدخل الحياة أعرج أو أقطع من أن تلقى في النار الأبدية ولك يدان أو رجلان. (متّى18/8)
- وان أعثرتك رجلك فاقطعها,
خير لك أن تدخل الحياة أعرج من أن تكون لك رجلان وتطرح في جهنم النار التي لا تطفأ, حيث دودهم لا يموت والنار لا تطفأ. (مرقس9/45-46)
وهذه الوصية كسابقتها يطلب يسوع فيها من التلاميذ وأتباع الكنائس أن يقطعوا أرجلهم التي تعثرهم, ولا أُريد تكرار ما سبق وقلته, ولكن ما أود الإشارة إليه هو إذا كان التلاميذ حقيقة مؤمنين به وملتزمون بكل وصاياه فلماذا لم تذكر الأناجيل وباقي رسائل العهد الجديد أي قصة عن قلع أحد هؤلاء التلاميذ لعينه أو قطع رجل أحدهم أو حتى قطع يد أحدهم؟
ألم تعثر عيون بطرس ويوحنا ويعقوب عندما ناموا وتركوا يسوع يُصلي لأبيه كي لا يصلبه مع طلب يسوع منهم أن يسهروا معه ولو لساعة؟
أم ان أرجل التلاميذ لم تعثرهم وهم يهربون ويتركوا يسوع وحده؟!
أم ان يدي توما التلميذ الشكاك لم تعثره وهو يضع أصابعه ويده في جراح يسوع لأنه لم يكن مؤمناً بقيامة يسوع من الأموات؟!
وصية يسوع بقتل من يغضب على آخر باطلاً
- قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تقتل, ومن قتل يكون مستوجب الحكم,
وأما أنا فأقول لكم ان كل من يغضب على أخيه باطلاً يكون مستوجب الحكم. (متّى5/21-22)
في هذا النص يقول يسوع ان حكمه على كل من يغضب على أخيه القتل!
ومع أن هذا الحكم ينقض الناموس كما قال هو ويُخالفه إلا أن يسوع في هذه الوصية, لم يُبين حدّ الغضب الذي يستوجب القتل ولا من يُنفذه!
وهنا قد تعترض الكنائس فتقول إن كلامه يدعو إلى الحلم وعدم الغضب, وهذا صحيح ولكن إذا غضب رجل على أخيه فان الحكم عليه يكون بالقتل, فتبقى الوصية قائمة, ولهذا فان الكنائس أعرضت عن التبشير بهذه الوصية, كما إنها أزالتها من الواقع فلم تقم بتطبيقها على أحد.
حكم يسوع بخلود من يقول لآخر يا أحمق في النار
- ومن قال يا أحمق يكون مستوجب نار جهنم. (متّى5/22)
في هذه الوصية يقول يسوع إن من يقول لإنسان آخر يا أحمق فانه يستوجب نار جهنم, وهذه كسابقاتها من الوصايا التي تثير الدهشة عندما يقرأها الإنسان وهي تصدر عن يسوع, خاصة إذا تذكرنا قوله:
- وكل من قال كلمة على ابن الإنسان يُغفر له واما من جدف على الروح المقدس فلا يُغفر له. (لوقا12/10)
ففي هذا النص يقول إن من يتكلم عليه فانه يُغفر له وفي الوصية يقول إن من قال لإنسان يا أحمق فانه سيدخل نار جهنم؟!
وصية يسوع بعدم مقاومة الشر
- سمعتم أنه قيل عينٌ بعينٍ وسنٌّ بسنّ,
وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشرّ,
بل من لطمك على حدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضاً,
ومن أراد أن يُخاصمك ويأخذ ثوبك فاترك له الرداء أيضاً,
ومن سخرك ميلاً واحداً فاذهب معه اثنين. (متّى5/38-41)
أظن أن هذه الوصية لا تحتاج إلى كثير كلام ليلاحظ القارئ ما تحمله من معان تهدم الحياة الإنسانية!
كما إن الكنائس لم تلتزم بها وأزالتها من حياتها, وان أبقت لها مكاناً في مواعظ أيام الأحد!
وصية يسوع بدفع الجزية للحكام الوثنيين
- قل لنا ماذا تظن, أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا,
قال لهم أروني معاملة الجزية, فقدموا له ديناراً,
فقال لهم لمن هذه الصورة,
قالوا له لقيصر,
فقال لهم أعطوا اذاّ ما لقيصر لقيصر, وما للرب للرب. (متّى22/17-21)
- أيجوز أن تعطى جزية لقيصر أم لا, نعطي أم لا نعطي,
قال لهم لماذا تجربونني,
وقال لهم أعطوا ما لقيصر لقيصر وما للرب للرب. (مرقس12/14-17)
- أيجوز لنا أن نعطي الجزية لقيصر أم لا,
فشعر بمكرهم وقال لهم لماذا تجربونني,
أروني ديناراً, لمن الصورة والكتابة,
فأجابوا وقالوا لقيصر,
فقال لهم أعطوا اذاّ ما لقيصر لقيصر وما للرب للرب,
فلم يقدروا أن يمسكوه بكلمة قدّام الشعب,
وتعجبوا من جوابه, وسكتوا. (لوقا20/22-26)
هذه الوصية تكمل الوصية السابقة وتفسرها, فبعد أن قال يسوع للناس لا تقاوموا الشر أوضح كلامه بالطلب منهم الخضوع للحكام الأشرار ودفع الجزية لهم!
وكان هو نفسه يقوم بدفع الجزية كما في النص التالي:
- ولما جاءوا الى كفر ناحوم تقدّم الذين يأخذون الدرهمين الى بطرس وقالوا أما يوفي معلمكم الدرهمين, قال بلى,
....
فخذه وأعطهم عني وعنك. (متّى17/24-27)
وهنا لا بدّ من طرح بعض الأسئلة, إذا كان يسوع يدعو للخضوع للشر وعدم مقاومته ألا يسمح هذا بانتشار الشر وإخضاع الناس لشروره؟
وإذا كان يسوع لن يحمي أتباعه من الشر وظلامه فماذا جاء يفعل في هذه الدنيا؟
وإذا كان يسوع خاضعاً للشر ودافعاً الجزية لقيصر فمن هو الأقوى هو أم قيصر؟
وأخيراً هل كان يسوع يشعر بما تصفه به قوانين إيمان الكنائس, من أنه الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر, وهو يقول لمن سألوه فشعر بمكرهم وقال لهم لماذا تجربونني, أو وهو يدفع الجزية, وان كتبها متّى بقصة فيها إعجاز إلا أنها في النهاية كانت خضوعاً من هذه الأقانيم الثلاثة, أو أحدها, الحالة في جسد يسوع لحكم قيصر؟!
وصية يسوع بالنهي عن إدانة الناس
- لا تدينوا لكي لا تدانوا,
لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون,
وبالكيل الذي به تكيلون يُكال لكم,
ولماذا تنظر القذى الذي في عين أخيك وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها,
أم كيف تقول لأخيك دعني أُخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك,
يا مرائي أخرج أولاً الخشبة من عينك, وحينئذ تبصر جيداً أن تخرج القذى من عين أخيك,
لا تعطوا القدس للكلاب, ولا تطرحوا درركم قدّام الخنازير, لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم. (متّى7/1-6)
- ولا تدينوا فلا تدانوا,
لا تقضوا على أحد فلا يُقضى عليكم,
اغفروا يُغفر لكم,
أعطوا تعطوا, كيلاً جيداً ملبّداً مهزوزاً فائضاً يعطون في أحضانكم,
لأنه بنفس الكيل الذي تكيلون يُكال لكم. (لوقا6/37-38)
في هذه الوصية يستكمل يسوع تبيين معنى الوصايا السابقة من عدم مقاومة الشر والخضوع للحكام الوثنيين.
وهذه الوصية من الوصايا التي تتغنى بها الكنائس المختلفة في عظات الأحد وخلال التبشير باعتبار أن دعوته تدعو للمسامحة وعدم إدانة الناس, مع أنها تنقض كل قوانين إيمان الكنائس التي تقول ان يسوع هو الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد والذين جاءوا إلى الأرض حالين في جسد يسوع كي يجلدوا ويضربوا ويصلبوا ليتصالحوا مع آدم وذريته حتى ترتفع خطيئة آدم لأكله من تلك الشجرة, كما أنها تنفي أي علاقة لهذه الأقانيم بخالق السموات والأرض إلا كما لسائر المخلوقات من علاقة الخضوع والعبودية, لأن خالق السموات والأرض كما تذكر أسفار العهد القديم أرسل الرسل وأنزل الشرائع ليحكموا بين الناس ويدينوا الخاطئ ويبشروا المحسن.
وصية يسوع بعدم المطالبة بالحقوق
- ومن أخذ الذي لك فلا تطالبه. (لوقا6/30)
في هذه الوصية يلخص يسوع الوصايا السابقة فيقول من أخذ الذي لك فلا تطالبه!
فبعد أن قال لا تقاوموا الشرّ وأمر بالخضوع للحكام الوثنيين وإعطائهم الجزية وعدم إدانة أحد يأتي هنا ليقول من أخذ الذي لك فلا تطالبه!
بعيداً عن عظات أيام الأحد هل هذا ما تبشر به الكنائس أتباعها وتدعوا باقي الشعوب للالتزام بهذه الوصايا كي يستطيعوا أن يكونوا تلاميذ ليسوع ويدخلوا مملكته؟
هل يوافق الطيبون من أتباع الكنائس على هذه الوصايا؟
إننا نجد أن هذه الوصايا مرفوضة حتى في عالم الحيوان, فكل الحيوانات مهما كانت ضعيفة فإنها عند تعرضها للخطر تقاومه وعندما يحاول أحد أن يأخذ ما لها فإنها لا تعطيه بل تقاومه!
وصية بعدم شتم الروح المقدس ومغفرة خطيئة من يشتم يسوع
- أقول لكم ان كل تجديف يُغفر للناس,
وأما التجديف على الروح فلن يُغفر للناس,
ومن قال كلمة على ابن الانسان يُغفر له,
وأما من قال على الروح المقدس فلن يُغفر له,
لا في هذا العالم ولا في الآتي. (متّى12/21-22)
- الحق اقول لكم ان جميع الخطايا تُغفر لبني البشر والتجاديف التي يجدفونها,
ولكن من جدف على الروح المقدس فليس له مغفرة الى الابد,
بل هو مستوجب دينونة ابدية. (مرقس/28-29)
- وكل من قال كلمة على ابن الانسان يُغفر له واما من جدف على الروح المقدس فلا يُغفر له. (لوقا12/10)
هذه الفقرات من غرائب النصوص المكتوبة في الأناجيل, فيسوع يقول ان كل خطيئة يفعلها الإنسان وكل تجديف يقوله مغفوراً له حتى لو جدف على يسوع نفسه, إلا التجديف على الروح المقدس.
وهذا النص ينقض قانون إيمان الكنائس من جذوره والقائم على وحدة الأقانيم الثلاثة وتساويها في القدرات والجوهر, فنحن هنا أمام شخصيات مختلفة في المكانة, وبالتالي فهي مختلفة في الذات والجوهر, فيسوع شخصية غير محمية من الشتم والتجديف وأما الروح المقدس فهو محمي, أي إن يسوع له ذات وشخصية منفصلة ومستقلة عن الروح المقدس بحيث أن من يشتم الروح المقدس لا يُغفر له وأما من يشتم يسوع فيُغفر له, وهذا كما قال يسوع نفسه, أو بمعنى أدق ما كتبه متّى ومرقس ولوقا.
وهنا أسأل هل تقول الكنائس وقوانين إيمانها أن عدم الإيمان بيسوع هو خطيئة مغفورة لفاعله, وبالتالي فان الإيمان بيسوع ليس ملزماً للبشر كي يدخلوا الحياة الأبدية التي وعد يسوع بها, لأن يسوع في اليوم الأخير سيغفر لكل الناس مهما كانت خطاياهم إلا شتم الروح المقدس أو بالتعبير الكنسي التجديف على الروح المقدس؟!
وصية يسوع بطلب الروح المقدس
- وأنا أقول لكم اسألوا تعطوا,
اطلبوا تجدوا,
اقرعوا يُفتح لكم,
لأن كل من يسأل يأخذ,
ومن يطلب يجد,
ومن يقرع يُفتح له,
فمن منكم وهو أب يسأله ابنه خبزاً أفيعطيه حجراً,
أو سمكة أفيُعطيه حيّة بدل السمكة,
أو اذا سأله بيضة أفيعطيه عقرباً,
فان كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة,
فكم بالحري الأب الذي من السماء يُعطي الروح المقدس للذين يسألونه. (لوقا11/9-13)
في هذا النص يطلب يسوع من تلاميذه والكنائس أن يطلبوا من أبيه الروح المقدس ويقول إن من يطلبه فانه سيأخذه.
وأنا أتساءل عن ماهية هذا الروح المقدس الذي يُعطى لكل من يطلبه, هل هو صفة إيمانية تتعلق بتوجيه مشاعر الإنسان للعمل بأقوال يسوع ووصاياه, أم هو صفة مادية حسية, أي إن الروح المقدس حقيقة يحلّ في الإنسان الذي يطلبه؟
وإذا كان الروح المقدس يُعطى لكل من يطلبه, هل يُعطى لكل أتباع الكنائس المختلفة؟
وإذا أُعطي لهم لماذا لم يستطيع أن يدلهم على كل الحق الذي جاء به يسوع, بدلاً من كل هذه الاختلافات والحروب المدمرة التي حدثت بين الكنائس طوال قرون نتيجة لعدم اتفاقها على صفات يسوع وصفات العهدين القديم والجديد؟
فنجد أن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة البروتستنتية تقول إن الذي صُلب على الخشبة هو الجسد المادي ليسوع وليست الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر, في حين تقول الكنيسة الأُرثوذكسية بل الأقانيم الثلاثة هي التي عُلقت على الخشبة وهي التي جُلدت وهي التي بصق على وجهها وهي التي طعنت في جنبها.
كما نجد أن الكنيسة البروتستنتية تقول إن أكل الخبز وشرب الخمر لا يعني أن الإنسان يأكل جسد يسوع ويشرب دمه في الواقع, في حين أن الكنيسة الكاثوليكية والأُرثوذكسية تقولان إن الإنسان عندما يأكل الخبز ويشرب الخمر فانه في الحقيقة يأكل جسد يسوع ويشرب دمه لأن الخبز والخمر يتحولان إلى جسد يسوع ودمه.
كما ان الكنيسة البروتستنتية عندما طبعت العهد القديم والجديد فإنها حذفت سبعة أسفار من الكتاب الذي تطبعه الكنيستان الكاثوليكية والأُرثوذكسية وقالت إن هذه الأسفار منحولة وليست صحيحة.
فإذا أُعطي الروح المقدس لهم, ألم يسأله أحد عن الحق في هذه الاختلافات والتناقضات والتي أودت بحياة عشرات الملايين من البشر؟!
وأخيراً قول يسوع فان كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة, فلماذا لم يُعط أب يسوع ما طلبه منه ليلة القبض عليه وأسلمه لليهود كي يصلبوه, ويسوع كاره للصلب مما اضطره للصراخ الى إلهه إلهي إلهي لماذا تركتني, أم إن أب يسوع لا يعرف أن يعطي عطايا جيدة؟!
وصية يسوع بعدم تزيين قبور الأنبياء والصديقين
- ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وتزينون مدافن الصديقين. (متّى23/29)
- ويل لكم أيها الناموسيون لأنكم تبنون قبور الأنبياء وآبائكم قتلوهم, اذاً تشهدون وترضون بأعمال آبائكم لأنهم قتلوهم وأنتم تبنون قبورهم. (لوقا11/47-48)
هذه الوصية لا تحتاج إلى تعليق, فالكنائس تعلم أنها غير ملتزمة بها وكيف تستطيع القول أنها ملتزمة بها ونحن نرى مئات الكنائس المبنية على قبور أنبياء وقديسين الكنائس, ومزينة بعشرات التماثيل والصور!
وصية يسوع لتلاميذه وأتباعه بعدم الإنتساب لآبائهم
- وأما أنتم فلا تدعوا سيدي لأن معلمكم واحد المسيح وأنتم إخوة,
ولا تدعوا لكم أباً على الارض لأن أباكم واحد الذي في السماء,
ولا تدعوا معلمين لان معلمكم واحد المسيح,
وأكبركم يكون خادماً لكم. (متّى23/8-11)
في هذه الوصية يطلب يسوع من تلاميذه والكنائس أن لا ينتسبوا لآبائهم لان لهم أباً واحداً وهو الذي في السماء, وفي هذا المقام لن أُعلق على مسألة الأب الذي في السماء, ولكن أسأل هل التزم التلاميذ والكنائس بهذه الوصية أم لا؟
إننا ما نزال نقرأ حتى وقتنا هذا في الأناجيل المطبوعة أن بطرس يسمى سمعان بن يونا وأخوه اندراوس بن يونا ويعقوب ويوحنا كاتب الإنجيل ابنا زبدي!
حتى ان يسوع نفسه يسمونه ابن داؤد وأحياناً ابن يوسف النجار مع أنهما ليسا من آباءه!
فإذا كان يسوع طلب منهم أن لا يتسمّوا بآبائهم فكيف يكتبون أسماء آباء هؤلاء في الأناجيل؟
وكيف غفل الروح المقدس, الذي يقولون انه كان يسوق كتبة الأناجيل, عن تنبيههم إلى أن كتابة أسماء آباء التلاميذ مخالفاً لأمر يسوع, وانه يجب عدم كتابة أسماءهم في الأناجيل لان لهم أباً واحداً الذي في السماء؟
وصية يسوع بالتشبه بالأطفال في فهم تعاليمه
- في تلك الساعة تقدم التلاميذ الى يسوع قائلين فمن هو أعظم في مملكة السماء,
فدعا يسوع اليه ولداً وأقامه في وسطهم,
وقال الحق أقول لكم ان لم ترجعوا وتصيروا مثل الأولاد فلن تدخلوا مملكة السماء,
فمن وضع نفسه مثل هذا الولد فهو الأعظم في مملكة السماء. (متّى18/1-4)
- الحق أقول لكم من لا يقبل مملكة الاله مثل ولد فلن يدخلها. (مرقس10/15)
- وفي تلك الساعة تهلل يسوع بالروح وقال أحمدك أيها الأب رب السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال. (لوقا10/21)
- الحق أقول لكم من لا يقبل مملكة الاله مثل ولد فلن يدخله. (لوقا18/17)
في هذه النصوص يطلب يسوع من تلاميذه وأتباعه أن ينكروا كل ما تعلموه في الحياة من علوم ويرجعوا إلى حالة الطفولة كي يفهموا رسالته ووصاياه التي قرأناها سابقاً, والتي سنقرؤها لاحقاً, ولم يكتف بهذا الطلب بل صرّح أنه يحمد أباه لأنه أخفى فهم رسالته عن الحكماء وأعلنها للأطفال!
وأنا أتساءل ما الذي كان يخشاه يسوع في دعوته حتى يخاف من الحكماء ويدعو أباه أن لا يفهّمها لهم؟!
إننا نرى كل الدعاة في كل المجالات أول من يتوجهون لدعوتهم هم الحكماء والعقلاء فإذا اقتنع بها هؤلاء فهو أكبر دليل على صحة دعوتهم, وإذا لم يقتنعوا بها فإنهم يحاولون إبراز ما تتضمنه دعوتهم من صفات ومميزات ليثبتوا أن ما رفضه الحكماء إنما كان لشهوات في نفوسهم ومصالح يخافون من ضياعها في حال انتشرت تلك الدعوات, ولم نر في التاريخ كله داعية في أي مجال توجه بدعوته إلى الأطفال, واعتبر أن شهادتهم كافية للتدليل على صدق ما يدعو إليه, حتى يسوع نفسه كما تقول الأناجيل فانه توجه بالدعوة للبالغين وليس للأطفال, فبطرس كان متزوجاً عندما تبع يسوع, وأخبرتنا الأناجيل كيف شفى يسوع حماة بطرس بمعجزة, ثم إن يسوع لم يحدد العمر الذي يجب أن يرجع تلاميذه والكنائس إليه كي يفهموا رسالته, هل هو سنة أو سنتان أو خمسة, أو أي عمر دون تحديد, يكون الطفل فيه غير فاهم ولا مميز إلا أنه يستطيع أن يفهم دعوة يسوع ورسالته ووصاياه وتعاليمه.
وهنا لا بد من طرح سؤال وهو إذا كانت رسالة يسوع لا يفهمها إلا الأطفال أو من رجع بعقله وفهمه إلى مرحلة الطفولة فلماذا لم يبدأ يسوع كرازته وهو طفل؟!
وصية يسوع بعدم دعوة غير اليهود
- لا تعطوا القدس للكلاب, ولا تطرحوا درركم قدّام الخنازير,
لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم. (متّى7/6)
- هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم وأوصاهم قائلاً,
إلى طريق أمم لا تمضوا الى مدينة للسامريين لا تدخلوا,
بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. (متّى10/5-6)
- ثم خرج يسوع من هناك وانصرف إلى نواحي صور وصيداء,
وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داؤد ابنتي مجنونة جداً,
فلم يجبها بكلمة,
فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا,
فأجاب وقال لم أُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة,
فأتت وسجدت له قائلة يا سيد أعني,
فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب,
فقالت نعم يا سيد, والكلاب أيضا تأكل من الفتات الذي يسقط من مائدة أربابها,
حينئذ أجاب يسوع وقال لها يا امرأة عظيم إيمانك, ليكن لك ما تريدين,
فشفيت ابنتها من تلك الساعة. (متّى15/21-28)
- ثم قام من هناك ومضى إلى تخوم صور وصيداء,
ودخل بيت وهو يريد أن لا يعلم احد,
فلم يقدر أن يختفي,
لان امرأة كان بابنتها روح نجس سمعت به فأتت وخرّت عند قدميه,
وكانت المرأة أممية وفي جنسها فينيقية سورية, فسألته أن يخرج الشيطان من ابنتها,
وأما يسوع فقال لها دعي البنين أولا يشبعون,
لأنه ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويطرح للكلاب,
فأجابت وقالت له نعم يا سيد,
والكلاب أيضاً تحت المائدة تأكل من فتات البنين,
فقال لها لأجل هذه الكلمة اذهبي, قد خرج الشيطان من ابنتك. (مرقس7/24-29)
في هذه النصوص يأمر ويوصي يسوع تلاميذه بألا يُعطوا القدس للكلاب ولا يطرحوا دررهم للخنازير, ويقصد بهم الأُمم من غير اليهود, كما أوصاهم للتأكيد على هذه الوصية أن لا يمضوا ويسيروا في طرقهم حتى لا يلتقوا بهم, وقال لهم بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.
وتطبيقاً منه لهذه الوصية رفض في بادئ الأمر أن يشفي بنت الكنعانية وبنت الفينيقية وقال انه لم يُرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة.
كما انه كان مطبقاً وملتزماً بهذه الوصية طوال كرازته فهو لم يتوجه إلى الأُمم مرة واحدة ليكرز بينهم حتى انه خلال المحاكمة رفض أن يُجيب على أسئلة بيلاطس وهيرودس!
وصية يسوع بمنع الطلاق
- وجاء إليه الفريسيون ليجربوه قائلين هل يحل للرجل ان يطلق امرأته لكل سبب,
فأجاب وقال لهم أما قرأتم ان الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وانثى وقال من اجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً,
إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد, فالذي جمعه الإله لا يفرقه انسان,
قالوا له فلماذا أوصى موسى أن يُعطى كتاب طلاق فتطلق,
قال لهم من أجل قساوة قلوبكم أذِن لكم أن تطلقوا نساءكم,
ولكن من البدء لم يكن هكذا,
وأقول لكم ان من طلق امرأته الا بسبب الزنا وتزوج بأُخرى يزني,
والذي يتزوج يتزوج بمطلقة يزني,
قال له تلاميذه ان كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق ان يتزوج,
فقال لهم ليس الجميع يقبل هذا الكلام بل الذين أُعطي لهم,
لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أُمهاتهم ويوجد خصيان خصاهم الناس ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل مملكة السماء,
من استطاع ان يقبل فليقبل. (متّى19/3-12)
- فتقدم الفريسيون وسألوه هل يحل للرجل أن يطلق امرأته ليجربوه,
فأجاب وقال لهم بماذا أوصاكم موسى,
فقالوا أذنِ أن يكتب كتاب طلاق فتطلق,
فأجاب يسوع وقال لهم من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية,
ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأُنثى خلقهما الإله,
من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته,
ويكون الاثنان جسداً واحداً, إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد,
فالذي جمعه الإله لا يفرقه إنسان. (مرقس10/2-9)
- وقيل من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق,
وأما أنا فأقول لكم ان من طلق امرأته الا لعلة الزنى يجعلها تزني,
ومن يتزوج مطلقة فانه يزني. (متّى5/31-32)
- وكان الفريسيون أيضاً يسمعون هذا كله وهم محبون للمال فاستهزأوا به, فقال لهم انتم الذين تبررون أنفسكم قدّام, ولكن الإله يعرف قلوبكم,
ان المستعلي هو رجس قدّام الإله,
كان الناموس والانبياء الى يوحنا, ومن ذلك الوقت يُبشر بمملكة الاله وكل واحد يغتصب نفسه اليها,
ولكن زوال السماء والارض أيسر من ان تسقط نقطة واحدة من الناموس,
كل من يطلق امرأته ويتزوج بأُخرى يزني,
وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني. (لوقا16/14-18)
في هذه النصوص يقوم يسوع بمنع الطلاق إلا لعلة الزنا, ويقول ان من طلق امرأته يجعلها تزني ومن يتزوج بمطلقة فانه يزني, وكان من نتائج هذه الوصية منع الكنائس لتعدد الزوجات, كما أنه قام بتفسير وتعليل للسبب الذي من أجله منع الطلاق, وهنا سنناقش هذا التفسير والتعليل وأتوقف عند كل نقطة لنعلم إن كانت هذه الوصية تتوافق وتتطابق مع باقي وصاياه وأقواله أم تتناقض مع الكثير منها.
في النص الأخير يقول يسوع ان زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة من الناموس ثم يكمل كلامه فيقول ان كل من يطلق امرأته ويتزوج بأُخرى يزني وكل من يتزوج بمطلقة يزني.
وهذه الفقرة لو قيل لإنسان أن يكتب جملتين في فقرة واحدة في غاية التناقض ما استطاع أن يكتب أفضل مما كتب لوقا على لسان يسوع, إذ يقول ان زوال السماء والأرض أيسر من أن تسقط نقطة واحدة من الناموس ثم يتبعها بالقول ان كل من يطلق امرأته ويتزوج بأُخرى يزني وكل من يتزوج بمطلقة من رجل يزني!
وقد يستغرب البعض من لوقا كيف يكتب هذه الفقرة على لسان يسوع ويجمع هذه التناقضات, فالطلاق من شرائع موسى الثابتة وبالتالي فانه ينطبق عليه قول يسوع إن زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة من الناموس, فكيف نوفق بين هذه الشريعة الثابتة أكثر من السماء والأرض وبين منعه الطلاق؟
فهم إما أن يقولوا إن شريعة الطلاق قد زالت وبالتالي ليس نقطة واحدة فقط تزول من الناموس بل شرائع كاملة, أو يقولوا إن منعه الطلاق كان خطأ حتى لا تزول نقاط وحروف وشرائع من الناموس والسماء والأرض باقيتان!
فكيف السبيل للخروج من هذه التناقضات ونحن أمام أقوال يستحيل القول بأحدها دون نقض الآخر؟
وكيف تستطيع الكنائس الجمع بين منع الطلاق والأقوال التي تتحدث عن التزام يسوع بكل ما في الناموس, كما في النص التالي:
- حينئذ خاطب يسوع الجموع وتلاميذه قائلاً على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون فكل ما قالوا لكم أن تحفظوه فاحفظوه وافعلوه, ولكن بحسب أعمالهم لا تعملوا لأنهم يقولون ولا يفعلون. (متّى23/1-3)
وأما قول يسوع إن موسى من أجل قسوة قلوب بني إسرائيل كتب لهم هذه الوصية, وفي النص الثاني من أجل قسوة قلوبهم أَذِن لهم أن يُطلقوا نساءهم, فهذان القولان أكثر غرابة من قوله السابق, إذ ان يسوع يقول أن موسى أَذِن لهم بالطلاق لقسوة قلوبهم وهذا يعني أن موسى أخفى جزء من شريعته ولم يعلنها لبني إسرائيل, بل أمرهم بشريعة لم توح إليه حتى أوقعهم بالزنا من أجل قسوة قلوبهم!
وهذا يتناقض مع وظيفة الرسل أصلاً, إذ أن الرسل يُرسلون عادة لأقوام بعيدين عن منهج الرب وهذا البعد يورثهم قسوة القلوب ويكون من وظائف الرسل أن يُعيدوا أقوامهم إلى منهج الرب حتى تزول قسوة قلوبهم, وهو ما قاله يسوع نفسه من أنه لم يأت ليدعو أبراراً بل خطاة, أما كما فسر السبب في وجود شريعة الطلاق فهو نقض لوظيفة موسى, إذ إن موسى أُرسل كي يبين منهج الرب وليس لأن يُوقع قومه في الزنا بالسماح لهم بالطلاق وهو غير مسموح لهم فعله.
فهل يستطيع موسى أو غيره من الرسل أن يكتب شيئاً في الناموس برأيه ودون أمر من الرب؟
وإذا كان هذا ممكناً فمن سيحدد الشرائع التي في الناموس أيها التي من الرب وأيها التي كتبها موسى من أجل قسوة قلوب بني إسرائيل, وخاصة أن يسوع قال إن زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة منه, وقوله لتلاميذه إن كل ما قاله الكتبة والفريسيين عليهم أن يحفظوه ويعملوا به؟!
ثم يقول إن الذي خلق من البدء خلقهما ذكراً وأُنثى وقال لهم من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً لذا فهما ليسا بعد اثنين بل جسد واحد, فالذي جمعه الإله لا يفرقه إنسان, ويقول في النص الثاني ولكن من بدء الخليقة ذكراً وأُنثى خلقهما الإله من أجل هذا يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسداً واحداً إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد فالذي يجمعه الإله لا يفرقه إنسان.
وهنا نجد أنفسنا أمام سؤال وهو إذا كان الإله قد خلق الرجل والمرأة جسداً واحداً فمن يستطيع أن يفرقهما, وإذا حاول أحد التفريق بينهما ألا يُعتبر هذا خارجاً على أمر الرب ونواميسه؟
وهذا الحكم يكون بحق موسى بحسب قول يسوع لأنه كتب شريعة الطلاق والرب لم يأمره بها!
وإذا كان الرب خلقهما منذ البدء جسداً واحداً فلماذا سمح لإبراهيم وإسحاق ويعقوب وداؤد وسليمان بالزواج بتعدد الزوجات؟
هل كان هؤلاء قساة القلوب لهذا سمح لهم بتعدد الزوجات كي يقعوا في الزنا وهذا بحسب كلام يسوع والأناجيل؟!
ثم إن هذا الكلام عن الجسد الواحد يناقض العقل والواقع, إذ أن الرجل والمرأة جسدان مختلفان, سواء في الكيان, إذ هما منفصلان, أو في الناحية الطبيعية فجسد الرجل غير جسد المرأة في كثير من الوظائف كالحمل والرضاعة وغيرهما من الوظائف, وإذا كان كلامه صحيحاً فما هو الفرق بين جسد المرأة كزوجة وجسدها كأُم أو ابنة أو أُخت؟
فلو قال إنهما روح واحدة لكان أقرب للعقل وللتصديق, أما أن يقول إنهما جسداً واحداً فهذا مشكل من عدة أوجه.
أولاً لأنه يمكن للرجل أن يتزوج من امرأة فتموت, فيتزوج من ثانية وهنا نحصل على جسد له ثلاثة مكونات رجل وامرأتان, فكيف سيصبح هؤلاء الثلاثة جسداً واحداً؟!
وهكذا يتزوج الرجل المرّة تلو الأُخرى حتى نحصل على جسد مكون من عشرة أجزاء فكيف يقول إن الرجل المرأة من البدء خلقا جسداً واحداً؟!
وكذلك هناك من يُخلق ويموت دون أن يتزوج فهل هذا يُعتبر نصف جسد؟!
ثم الرجل الذي تزني امرأته وهو لا يعلم هل يكونان جسداً واحداً أم نصف جسد طالما أنهما من البدء خلقا جسداً واحداً؟
وكذلك الرجل الذي زنت زوجته وطلقها ولم يتزوج هل يبقى جسده كاملاً أم يفقد نصف جسده؟
وأما قوله الذي يجمعه الرب لا يفرقه إنسان فهذا غير صحيح لأنه يتناقض مع ما كتبه الرب بإباحة الطلاق, فلو كان صحيحاً لمنع الطلاق وتعدد الزوجات في كل الشرائع السابقة ولما سمح لموسى ولغيره من الأنبياء السابقين بالسماح بالطلاق وتعدد الزوجات, وما فهمه كتبة الأناجيل, أو يسوع, مما كتب في العهد القديم فهو ليس صحيحاً, كما حدث معهم في كثير من النصوص التي استشهدوا بها من العهد القديم وقالوا أنها تتحدث عن يسوع, وتبين لنا أنها لا تتحدث عن يسوع لا من قريب ولا بعيد عند مناقشتها سابقاً, كقصة عمانوئيل وابن داؤد وغيرهما, وهنا أود التذكير بقول قاله يسوع وهو: تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله. (متّى22/29)
تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله.
تضلون اذ لا تعرفون الكتب ولا قوة الإله.
ونتيجة لهذه الوصية قامت الكنائس المختلفة بمنع تعدد الزوجات مخالفة بهذا الفعل وصية الناموس التي تسمح به, ومتناسية عشرات النصوص التي تتحدث عن أنبياء تزوجوا بأكثر من امرأة ومنهم الذين اعتبرتهم الكنائس وكتبة الأناجيل أنهم آباء يسوع, وهنا سأذكر بعض النصوص التي تتحدث عن هذا الأمر:
- وان اتخذ لنفسه أخرى لا ينقص طعامها وكسوتها ومعاشرتها. (خروج21/10)
في هذا النص دليل على أن تعدد الزوجات مباح في الشريعة التي نزلت على موسى.
- اذا كان لرجل امرأتان احداهما محبوبة والاخرى مكروهة. (التثنية21/15-17)
وهذا النص يتحدث عن السماح بتعدد الزوجات أيضاً.
- يعقوب تزوج ليئة وراحيل وجاريتاهما زلفة وبلهة. (تكوين29)
- ثم اخذ داؤد اخينوعم من يزرعيل فكانتا له كلتاهما امرأتين. (صموئيل الاول25/43)
- وأحب الملك سليمان نساء غريبة كثيرة مع بنت فرعون موآبيات وعمونيات وأدوميات وصيدونيات وحثيات من الامم الذين قال عنهم الرب لبني اسرائيل لا تدخلون اليهم وهم لا يدخلون اليكم لانهم يميلون قلوبكم وراء آلهمهم,
فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة,
وكانت له سبع مئة من النساء السيدات وثلاث مئة من السراري,
فأمالت نساؤه قلبه وكان في زمان شيخوخة سليمان ان نساؤه أملن قلبه وراء آلهة اخرى ولم يكن قلبه كاملاً مع الرب الهه كقلب داؤد ابيه. (الملوك الاول11/1-4)
- واحب رحبعام معكة بنت ابشالوم اكثر من جميع نسائه وسراريه,
لانه اتخذ ثماني عشرة امرأة وستين سرية. (اخبار الايام الثاني11/21)
فهذه نصوص تدل على أن تعدد الزوجات كان مباحاً للناس وان الطلاق كان من شرائع الناموس التي نزلت على موسى.
كما أن يسوع وعد تلاميذه بعشرات الزوجات في الدنيا, مما يثير مشكلة مع هذه الوصية كما في النصوص التالية:
- فأجاب بطرس حينئذ وقال له ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك فماذا يكون لنا,
فقال لهم يسوع الحق أقول لكم إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده تجلسون أنتم أيضاً على اثني عشر كرسياً تدينون أسباط إسرائيل ألاثني عشر,
وكل من ترك بيوتاً أو إخوة أو أخوات أو أباً أو إماً أو امرأة أو أولاداً أو حقولاً من أجل اسمي,
يأخذ مئة ضعف ويرث الحياة الأبدية. (متّى19/27-29)
- فقال بطرس ها نحن قد تركنا كل شيء وتبعناك,
فقال لهم الحق أقول لكم ان ليس أحد ترك بيتاً أو والِدَين أو اخوة أو امرأة أو أولاداً من أجل مملكة الاله, الا ويأخذ في هذا الزمان أضعافاً كثيرة,
وفي الدهر الآتي الحياة الابدية. (لوقا18/28-30)
فها هو يسوع يعد التلاميذ وأتباعهم بحصولهم على مائة زوجة مقابل الزوجة التي يتركونها من أجله ومن أجل الإنجيل في هذه الحياة, فكيف منعت الكنائس تعدد الزوجات في حين أن يسوع يعدهم بعشرات الزوجات؟!
كما أن يسوع شبّه مملكته بالرجل الذي تزوج بعشرة نساء, كما في النص التالي:
- تشبه مملكة السماء عشر عذارى أخذن مصابيحهن وخرجن للقاء العريس, وكان منهن خمس حكيمات وخمس جاهلات,
أما الجاهلات فأخذن مصابيحهن ولم يأخذن زيتاً, وأما الحكيمات فأخذن زيتاً في آنيتهن مع مصابيحهن, وفيما أبطاً العريس نعِسن جميعهن ونِمن,
ففي منتصف الليل صار صراخ هو ذا العريس مقبل فاخرجن للقائه,
فقامت جميع أُولئك العذارى وأصلحن مصابيحهن, فقالت الجاهلات للحكيمات أعطيننا من زيتكن فان مصابيحنا تنطفئ,
فأجابت الحكيمات قائلات لعله لا يكفي لنا, ولكن بل اذهبن الى الباعة وابتعن لكنّ, وفيما هن ذاهبات ليبتعن دخل العريس والمستعدات دخلن معه الى العرس وأُغلق الباب,
وأخيراً جاءت بقية العذارى أيضاً قائلات يا سيد افتح لنا,
فأجاب وقال الحق أقول لكنّ اني لا أعرفكن,
فاسهروا اذاً لأنكم لا تعرفون اليوم والساعة التي يأتي فيها ابن الانسان. (متّى25/1-13)
في هذا المثل يشبّه يسوع مملكته برجل قوي جداً له عشر نساء خمس منهن حكيمات وخمس جاهلات, فدخل بالحكيمات الخمس في ليلة واحدة!
والكنائس المختلفة هنا أمام ثلاث خيارات, الأول القول إن هذا المثل صحيح المعنى والمضمون وبالتالي عليهم الاعتراف بانه يمكن للرجل أن يتزوج بعشر نساء, لأن هذا يشبه مملكة يسوع وأن ما قامت به من منع تعدد الزوجات مخالف ليسوع ومملكته, والثاني القول إن هذا المثل غير صحيح وان الزواج بأكثر من امرأة واحدة ممنوع وفي هذا نقض للمثل الذي قاله يسوع عن مملكته, مما يعني إزالة هذا المثل من كلامه وهو الذي يقول إن السماء والأرض تزولان وكلامه لا يزول, والثالث أن تقول الكنائس المختلفة إن المثل يتحدث عن عشر جاريات وليس زوجات, ونسألهم إن كانوا يوافقون على أن يتخذ الرجل عشر جوار بالإضافة إلى زوجته, وهل الجواري لا يدخلن في قوله من البدء خلق رجل وامرأة؟!
نأتي الآن للحديث عن موقف التلاميذ من قول يسوع بمنع الطلاق, فنقرأ النص التالي:
- قال له تلاميذه ان كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق ان يتزوج. (متّى19/10)
كما نقرأ فإن تلاميذ يسوع لم يتقبلوا كلامه واعتبروه مخالفاً لطبيعة الأشياء, والنص لا يتحدث عن أُناس عاديين أو غير مؤمنين بل يتحدث عن التلاميذ الذين اختارهم ليكونوا رسله وخاصته, فإذا كان تلاميذ يسوع لا يوافقون على هذا الكلام فمن يوافق؟!
إن كل محاولات الكنائس على مدار التاريخ وعلى الرغم من كل حملات الوعظ والإرشاد والزجر والتهديد إلا إن هذا القول لم توافق عليه الطبيعة البشرية فنجدها الآن وعلى الرغم من تحريم الكنيسة الكاثوليكية للطلاق, بمجرد أن أُقرّ الطلاق في القانون المدني الايطالي سارع آلاف الأزاوج الإيطاليين الى تقديم طلبات للطلاق ولسان حالهم يقول إن ما جمعه الرب لا يفرقه احد غير لأنه لو كان كذلك لما تفرقت هذه الآلاف.
وأخيرا هل يدل النص الذي استشهد به يسوع على منع الطلاق وعلى إتهام موسى بكتابة شريعة الطلاق دون إذن من الرب؟
النص مكتوب في سِفر التكوين, وهو كما يلي:
- فقال آدم هذه الآن عظم من عظامي ولحم من لحمي,
وهذه تدعى امرأة لانها من امرء أُخذت,
لذلك يترك الرجل أباه وأُمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسداً واحداً. (تكوين2/23-24)
هذا النص هو الذي استشهد به كتبة الأناجيل على لسان يسوع على منع الطلاق ومن ثم استشهدت به الكنائس المختلفة على منع تعدد الزوجات, فأين يوجد فيه كلام عن منع الطلاق؟
فهل يريد كتبة الأناجيل والكنائس أن يقولوا لنا انه لم يفهم النص أحد من الأنبياء السابقين, مع أن الروح المقدس كان معهم! على منع الطلاق ولا على منع تعدد الزوجات, بدءاً من آدم وانتهاء بآخر أنبياء بني إسرائيل حتى جاء متّى ومرقس وفهما النص ونسباه ليسوع!
إن قراءة هذا النص من قبل جميع أنبياء بني إسرائيل كل هذه القرون لم يمنعهم من الطلاق ولا من تعدد الزوجات, كما أن عدم تنبيه الروح المقدس لهم على حقيقة معنى النص, يثير الكثير من الشكوك حول فهم متّى ومرقس للنص!
إن الصفة التي تقدمها الأناجيل والكنائس ليسوع, باعتباره الأُقنوم الثاني من الأقانيم الثلاثة الذين هم واحد ومن نفس الجوهر, كان على متّى ومرقس أن يتذكراها في هذه القصة بالذات, هذا إذا كانا قد سمعا بها أصلاً, فإذا رغب متّى ومرقس أو حتى يسوع نفسه أن يمنعوا الطلاق بين أتباعهم, فقد كان يمكن كتابة فقرة تقول إن يسوع يمنع الطلاق بين أتباعهم وتنتهي المشكلة دون إحداث أي تناقض واضطراب في نصوص العهد القديم!
وهو, أي يسوع, فعل هذا كثيراً كقوله قيل عين بعين وأنا أقول من لطمك على خدك فأدر له الآخر, وقوله قيل أوف بأقسامك للرب وأنا أقول لا تحلف البتة, وهكذا الكثير من التعاليم فبمجرد ورود قول ليسوع بنهي أو أمر يُصبح تعليماً وتشريعاً عند أتباع الكنائس دون الدخول في تفسيرات لنصوص العهد القديم تظهر كل مرة أنها تفسيرات خاطئة, وخاصة أن يسوع قال انه لم يأت لنقض الناموس بل ليكمل!
وصية يسوع لتلاميذه وأتباعه بخصي أنفسهم
- قال له تلاميذه ان كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج,
فقال لهم ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أُعطي لهم,
لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أُمهاتهم,
ويوجد خصيان خصاهم الناس,
ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل مملكة السماء,
من استطاع ان يقبل فليقبل. (متّى19/10-12)
هذه الوصية يمكن اعتبارها النتيجة النهائية لمنع الطلاق, وقد كان بعض رجال الكنائس يلتزمون بها ومن أشهرهم أُوريجانوس Origenes Adamantius في القرن الثاني وقد عقد مجمع في ذلك الوقت وتم حرمه, وفي مجمع نيقية المنعقد في سنة 325 بعد الميلاد تم إقرار أمر بعزل كل من يقوم بخصي نفسه, وبهذا قامت الكنائس بقض هذه الوصية التي تخالف طبيعة الإنسان العضوية والنفسية! وهذا الأمر يدل على أمرين الأول انه يوجد وصايا وتعاليم ليسوع تخالف الطبيعة الانسانية, والثاني ان الكنائس لم تلتزم بوصية يسوع التي قال معقباً عليها من استطاع ان يقبل فليقبل, وكذلك أزالت بعض كلامه الذي قال عنه السماء والأرض تزولان وكلامي لا يزول, فالكنائس نفسها أزالت هذه الوصية قبل زوال السماء والأرض.
وصية يسوع بمنع زنا القلب
- قد سمعتم أنه قيل للقدماء لا تزن,
وأما أنا فأقول لكم ان كل من ينظر الى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه. (متّى5/27-28)
وهذه الوصية مع جمال معانيها إلا أنني أعتبرها مع مثيلاتها تمهيداً للوصية التي تدعو أتباعه وتلاميذه لخصي أنفسهم.
وصية يسوع بمنع الحلف
- أيضاً سمعتم أنه قيل للقدماء لا تحنث بل أوف للرب أقسامك,
وأما أنا فأقول لكم لا تحلفوا البتة,
لا بالسماء لأنها كرسي الإله,
ولا بالأرض لأنها موطئ قدميه,
ولا بأُورشليم لأنها مدينة الملك العظيم,
ولا تحلف برأسك لأنك لا تقدر أن تجعل شعرة واحدة بيضاء أو سوداء,
بل ليكن كلامكم نعم نعم لا لا,
وما زاد فهو من الشرير. (متّى5/33-37)
في هذه الوصية ينقض يسوع الناموس ويُزيل شريعة الوفاء بالأقسام, فهو يقول إن زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة من الناموس وهنا نجده يسقط عشرات النقط والحروف.
كما ان هذه من الوصايا التي لم يطبقها أحد في تاريخ الكنائس, بدءاً من بطرس الذي كان يحلف ويقسم أنه لا يعرف يسوع عندما أنكره ليلة القبض عليه وانتهاء بما هو معمول به في المحاكم في وقتنا الحاضر.
وصية يسوع بحمل الصليب
- ومن لا يحمل صليبه ويأتي ورائي فلا يقدر ان يكون لي تلميذاً. (لوقا14/27)
- قال للجميع من أراد ان يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني, فان من أراد ان يُخلص نفسه يُهلكها, ومن يُهلك نفسه من أجلي فهو يخلصها, لأنه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وأهلك نفسه أو خسرها,
لأن من استحى بي وبكلامي فبهذا يستحي ابن الانسان متى جاء بمجده ومجد الأب والملائكة القديسين,
حقاً أقول لكم ان من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الاله. (لوقا9/23-27)
- ودعا الجمع مع تلاميذه وقال لهم من أراد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني,
فان من أراد أن يُخلص نفسه يُهلكها,
ومن يُهلك نفسه من أجلي ومن أجل الانجيل فهو يُخلصها,
لأنه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه,
أو ماذا يُعطي الانسان فداء عن نفسه,
لأن من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فان ابن الانسان يستحي به متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين,
وقال لهم الحق أقول لكم ان من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الاله قد أتت بقوة. (مرقس8/34-38)
الفقرة الأخيرة كتبت بين الإصحاح الثامن والتاسع وكتبت كأنها الفقرة الأولى من الإصحاح التاسع مع أنها تتمة للكلام السابق لها, ولا علاقة لها ببداية الإصحاح التاسع فاقتضى التنويه.
في هذه النصوص يطلب يسوع ممن يريد أن يكون تلميذاً له أن يحمل الصليب ويتبعه.
وهذا الأمر لن أناقش مضمونه فكل إنسان له أن يطلب من أتباعه ما يشاء, وتعبيراً عن التزام الكنائس بهذه الوصية نرى رجال الكنائس يحملون الصليب على صدورهم, ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو هل حمل التلاميذ الذين اختارهم يسوع ليكونوا خاصته ورسله صلبانهم وتبعوه؟
هذا الأمر أظهرته بكل وضوح سابقاً, فالتلاميذ لم يحملوا صلبانهم ويتبعوا يسوع, بل ناموا عندما كان يصلي قبل إلقاء القبض عليه وهربوا عند إلقاء القبض عليه, وأنكروا معرفتهم به وشكوا فيه عند محاكمته, ولم يصدقوا أنه قام من الأموات بعد يوم وليلتين.
وما يلفت النظر هو قوله لأن من استحى بي وبكلامي في هذا الجيل الفاسق الخاطئ فان ابن الإنسان يستحي به متى جاء بمجد أبيه مع الملائكة القديسين, فهذا القول عن استحياء ذلك الجيل منه ومن كلامه يشير إلى أن يسوع مرسل إلى بني إسرائيل, وتحديداً ذلك الجيل, وخاصة أننا نقرأ له تعقيباً على هذا القول: وقال لهم الحق أقول لكم إن من القيام ههنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا مملكة الإله قد أتى بقوة, مما يؤكد أن يسوع كان يظن أن نهاية العالم ومجيئه الثاني سيكون في ذلك الوقت وقبل نهاية ذلك الجيل, وإلا لما حدد مجيئه بأنه سيكون قبل نهاية الجيل ورؤية بعضهم له عند عودته بمملكة أبيه مع الملائكة القديسين بقوة!
وصية يسوع بالحذر من الأخطاء والعثرات
- ويل للعَالم من العثرات,
فلا بدّ أن تأتي العثرات ولكن ويل لذلك الانسان الذي به تأتي العثرة. (متّى18/7)
في هذه الوصية نجد يسوع يحذر العَالم من الإنسان الذي يكون سبباً لمجيء العثرات على يديه.
والسؤال هو ما معنى العثرات التي حذر يسوع منها العالم؟
أليس من العثرات الابتعاد عن وصاياه وعدم العمل بها؟
أليس من العثرات أنه إذا سمعت الكنائس قولاً ليسوع أو فعلاً قام به أن تقوم بعمل يخالف قول يسوع وعمله؟
فإذا قال يسوع لا تعطوا القدس للكلاب, ولا تطرحوا درركم قدام الخنازير,
لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزقكم. (متّى7/6)
- هؤلاء الاثنا عشر أرسلهم يسوع وأوصاهم قائلاً إلى طريق أمم لا تمضوا والى مدينة للسامريين لا تدخلوا,
بل اذهبوا بالحري إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. (متّى10/5-6)
ثم يأتي من يقول بل نمضي في طريق الأُمم, أليس هذا من الاعثار الذي حذر منه يسوع؟
وإذا قال يسوع إن المسيح ليس ابن داؤد وأنه هو المسيح, ثم يوضع له نسبين يقولان انه من نسل داؤد, أليس هذا من الاعثار؟
ولكن من هم هؤلاء تحديداً, وهل وصفهم يسوع بأكثر من هذا؟
لنقرأ الوصية التالية:
وصية يسوع بالحذر من الأنبياء الكذبة الذين يأتون باسمه
- احترزوا من الأنبياء الكذبة الذين يأتونكم بثياب الحُملان ولكنهم من داخل ذئاب خاطفة,
من ثمارهم تعرفونهم,
هل يجتنون من الشوك عنباً أو من ألحسك تيناً,
هكذا كل شجرة جيدة تصنع أثماراً جيدة, وأما الشجرة الرديئة فتصنع أثماراً رديئة, لا تقدر شجرة جيدة أن تصنع أثماراً رديئة ولا شجرة رديئة أن تصنع أثماراً جيدة,
كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى بالنار,
فاذاً من ثمارهم تعرفونهم,
ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل مملكة السماء,
بل الذي يفعل إرادة أبي الذي في السماء,
كثيرون سيقولون لي في ذلك اليوم يا رب يا رب أليس باسمك تنبأنا وباسمك أخرجنا الشياطين وباسمك صنعنا قوّات كثيرة,
فحينئذ أصرخ لهم أني لم أعرفكم قط,
اذهبوا عني يا فاعلي الإثم. (متّى7/21-23)
في هذا النص يُحذر يسوع من أنبياء يأتون بعده وباسمه يقومون بعمل المعجزات المختلفة ويخرجون الشياطين باسمه.
فمن هم هؤلاء الأنبياء الكذبة الذين يأتون باسم يسوع ويعملون المعجزات ويخرجون الشياطين؟
لا شك أنهم هم الذين يظن الناس أنهم أتباع يسوع ويعملون المعجزات باسم يسوع ويخرجون الشياطين باسم يسوع, ولكنهم في الحقيقة أنبياء كذبة لأنهم لا يعملون بما قاله لهم يسوع ويخالفون أقواله!!
هذه الوصايا والتعاليم أكثرها لم تلتزم به الكنائس والعديد منها ينقض وصايا وتعاليم في الناموس الذي قال عنه يسوع إن زوال السماء والأرض أيسر من سقوط نقطة واحدة منه, فهل هذه جميع الوصايا أم يوجد وصايا أُخرى؟
في الحقيقة يوجد وصايا وتعاليم تعتمد عليها الكنائس المختلفة في تبشيرها وإيمانها بيسوع وهي من الوصايا الإنسانية التي يلتزم بها الإنسان السوي بعيداً عن الرسالات لأنها جزء من الفطرة التي خلق بها كما توجد بعض الوصايا والتعاليم التي نجدها في جميع الدعوات التي تدعو إلى تهذيب النفس الإنسانية وعدم سيطرة حياة الغاب على الإنسان, وفيما يلي أهم تلك الوصايا والتعاليم.
وصية يسوع للتوبة
- وبعدما أُسلم يوحنا جاء يسوع الى الجليل يكرز ببشارة مملكة الاله, ويقول قد كَمُلَ الزمان واقتربت مملكة الاله,
فتوبوا وآمنوا بالانجيل. (مرقس1/14)
- من ذلك الزمان ابتدأ يسوع يكرز ويقول توبوا لانه اقتربت مملكة السماء. (متّى4/17)
في هذين النصين يأمر يسوع الناس بالتوبة, وهو ما أمر به كل الرسل والأنبياء, وخاصة يوحنا المعمدان الذي جاء يُعمّد الناس للتوبة ومغفرة الخطايا, حتى ان يسوع نفسه تعمّد من يوحنا!
وصية يسوع للتواضع
- فمن يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع. (متّى23/12) و(لوقا14/11)
- لان الاصغر فيكم جميعاً هو يكون عظيماً. (لوقا9/48)
في هذه الوصية يطلب يسوع من أتباعه التواضع وهي من التعاليم المشتركة عند جميع الرسل لأنها تعبر عن المساواة بين الناس, لان التكبر هو نقيض للمساواة.
وصية يسوع لغفران خطايا الناس
- ومتى وقفتم تصلون فاغفروا ان كان لكم على أحد شيء لكي يغفر لكم أيضاً أبوكم الذي في السماء زلاتكم, وان لم تغفروا أنتم لا يغفر أبوكم الذي في السماء أيضاً زلاتكم. (مرقس11/25-26)
- اغفروا يُغفر لكم. (لوقا6/37)
وصية يسوع لحب الأعداء والاحسان إليهم
- سمعتم أنه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك,
وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعداءكم,
باركوا لاعنيكم وأحسنوا الى مبغضيكم. (متّى5/43-44)
- لكني أقول لكم أيها السامعون أحبوا أعداءكم, أحسنوا الى مبغضيكم,
باركوا لاعنيكم, وصلوا لأجل الذين يسيئون اليكم. (لوقا6/27-28)
هذه الوصية من الوصايا الجميلة, ولكن ما جرى من حروب بين الكنائس أودت بحياة ملايين البشر لا يدل على إلتزامها بهذه الوصية الجميلة والتي كثيراً ما يُتغنى بها في عظات أيام الأحد.
وصية يسوع لإعطاء الصدقات وإخفائها
- احترزوا من أن تصنعوا صدقاتكم قدّام الناس لكي ينظروكم, وإلا فليس لكم أجر عند أبيكم الذي في السماء, فمتى صنعت صدقة فلا تُصوت قدّامك بالبوق كما يفعل المراؤون في المجامع وفي الأزقة لكي يمجدوا من الناس, الحق أقول لكم انهم قد استوفوا أجرهم. (متّى6/1-4)
- بيعوا ما لكم وأعطوا صدقة. (لوقا12/33)
وهذه الوصية جميلة وهي تدعو للتواضع وعدم المفاخرة في صنع الخير, وهي من الوصايا التي جاء بها جميع الرسل والأنبياء.
وصية يسوع للاحسان للفقراء
- وقال أيضاً للذي دعاه إذا صنعت غداء أو عشاء فلا تدع أصدقاءك ولا إخوتك ولا أقرباءك ولا الجيران الأغنياء لئلا يدعوك هم أيضاً فتكون لك مكافأة,
بل اذا صنعت ضيافة فادع المساكين الجُدع والعرج والعمي,
فيكون لك طوبى اذ ليس لهم ما يُكافئوك, لأنك تُكافأ في قيامة الأبرار. (لوقا14/12-14)
وهذه من الوصايا الجميلة والتي دعى إليها جميع الرسل والأنبياء.
وصية يسوع بالنهي عن الطمع
- وقال لهم انظروا وتحفظوا من الطمع,
فانه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله. (لوقا12/15)
هذه الوصية من الوصايا الجميلة والتي تحمل معان إنسانية, وهي من الوصايا التي دعى إليها جميع الرسل والأنبياء.
وصية يسوع لإقراض الناس
- ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده. (متّى5/42)
- وكل من سألك فأعطه. (لوقا6/29)
وهذه من الوصايا الجميلة.
وصية يسوع بمراضاة الخصوم
- كن مراضياً لخصمك سريعاً ما دمت معه في الطريق,
لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن. (متّى5/25)
وهذه من الوصايا الجميلة, والتي تدعوك للتأمل في كلماتها.
وصية يسوع بالصفح والعفو عن الناس
- حينئذ تقدم اليه بطرس وقال يا رب كم مرة يُخطئ اليّ أخي وأنا أغفر له, هل أغفر الى سبع مرات,
قال له يسوع لا أقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات.
(متّى18/21-22)
- وان أخطأ اليك أخوك فوبخه,
وان تاب فاغفر له,
وان أخطأ اليك سبع مرات في اليوم ورجع اليك سبع مرات في اليوم قائلاً أنا تائب فاغفر له. (لوقا17/3-5)
وهذه من الوصايا الجميلة والتي تعتمد عليها الكنائس المختلفة كثيراً بالتبشير باعتبار أن دعوة يسوع تعتمد على المسامحة والغفران.
وصية يسوع بالنهي عن الاستعلاء في الأرض
- ان المستعلي عند الناس هو رجس قدّام الإله. (لوقا16/15)
وهذه أيضاً من الوصايا الجميلة والتي دعى إليها جميع الرسل.
وصية يسوع بعدم أخذ أُجرة عن إخراج الشياطين
- وفيما انتم ذاهبون اكرزوا قائلين انه قد اقتربت مملكة السماء,
اشفوا مرضى,
طهروا برصاً,
أقيموا موتى,
أخرجوا شياطين,
مجاناً أخذتم مجاناً أعطوا,
لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم,
ولا مزود للطريق,
ولا ثوبين, ولا أحذية ولا عصا. (متّى10/7-10)
وهذه الوصية مما تتغنى بها الكنائس المختلفة, وان كانت تغض النظر عما جاء فيها من عدم اقتناء الذهب والفضة وعدم اقتناء أكثر من ثوب وعدم اقتناء أحذية!
وصية يسوع بدعوة الخاطئين
- أقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد أكثر من تسعة وتسعين بارّاً لا يحتاجون الى توبة. (لوقا15/7)
وهذه الوصية من الوصايا الجميلة والتي جاء من أجلها جميع الرسل والأنبياء.
وصية يسوع بحب أتباعه لبعضهم البعض
- وصية جديدة أنا أُعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضاً,
كما أحببتكم أنا تحبون أنتم بعضكم بعضاً. (يوحنا13/34)
وهذه من الوصايا الجميلة التي تدعو لمحبة الكنائس بعضها لبعض, ولكن الحروب التي حدثت بين الكنائس لا تدل على تمسكها بها.
بهذا أكون قد وصلت إلى ختام الحديث عن تعاليم ووصايا يسوع كما كتبت في الأناجيل, ولا أُريد الاستفاضة في الحديث عما تحمله هذه الوصايا والتعاليم, وإنما أترك القارئ ليستخلص النتائج ويحكم بنفسه إن كانت هذه التعاليم والوصايا تصلح ليعيش الناس بها وتستقيم حياتهم, فضلاً عن القول ان هذه الوصايا والتعاليم هي كلمة الرب؟!

وللاطلاع على المزيد من مواضيع الاناجيل ارجو التكرم بزيارة المواقع التالية:

http://gospelsources.blogspot.com

http://gospelspersons.blogspot.com

 

 

نادر عيسى




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات