إن تطورات الأحداث الجارية الآن على حدود مصر الشرقية وما تلاها من قرارات ما زالت تصدر وتتجدد كل لحظة آخرها ما صدر منذ لحظات وهو سحب السفير المصرى من تل أبيب لحين التحقيق فى مقتل وإستهداف الجنود المصريين على الحدود ، وتلاحق الأحداث يؤكد بعض الحقائق التى ما زالت غائبة عن تفكير كيان الإحتلال الصهيونى ، وأول تلك الحقائق هى عدم رؤيتهم بوجود ثورة شعبية فى مصر قامت لتردم بدون رجعة تخاذل النظام السابق عن المطالبة بالحقوق المصرية التى تنتهكها الدولة العبرية كل فترة و"طرمخته" على جرائم هذا الكيان الغاصب ضد المصريين على الحدود وضد الفلسطينيين السكان الأصليين للأرض المحتلة ، أى رئيس مصرى قادم لن يكون كنزاً إستراتيجياً لذلك الكيان الغاصب مثلما كان حسنى مبارك ، وسوف ترتكب إسرائيل خطأ قاتل لو حاولت أن تتحذ قرارات عنترية خاطئة تعتقد أنها بذلك تستطيع إجهاض الثورة المصرية ، فمصر الجديدة بعد الثورة تختلف جذرياً مع مصر "اللا مبارك" ، وليس معنى ذلك أن مصر الجديدة ستحمل السلاح فوراً وتعلن الحرب على إسرائيل ، فالحرب مُستبعدة على الأقل لسنوات قادمة ، ولكن مصر الجديدة المُحترمة ستكون مثل أى دولة مُحترمة فى العالم لن تستبعد فى حساباتها أى خيار لحل المُشكلات التى تواجهها حتى خيار الحرب رغم خطورته ، فمصر الجديدة ستغير المقولات المأثورة عن رؤساء إرتموا فى حضن الأمريكان مثل مقولة الرئيس السادات المؤسفه " أن حرب أكتوبر هى آخر الحروب " فهل هناك نظام أو رئيس دولة يلغى خيار الحرب من قاموسه رغم أن هذا الرئيس ومن تبعه يقولون أن دولته دائماً مُستهدفه ؟!.
ولن ندخل فى نية الرئيس السادات وإن كان يريد التمويه وطمأنة تل أبيب وواشنطن أم كان يقصد المعنى الحرفى لتلك الجملة ، ولكن يجب أن نحاسب من خلف السادات فى الحكم وآمن بتلك المقولة وبنى عليها سياساته رغم خطأ تلك الجملة البين حيث أن قرار الحرب له طرفان فإن كان السادات ـ ومن تبعه ـ يضمن ويُلزِم نفسه وجيشه بآخر الحروب فهل يضمن لنا عدم شن العدو الصهيونى الحرب علينا ؟! .
التعامل الوحيد الذى يُجنِب المنطقة الصراع وينهيه هو عودة الحقوق لأصحابها ، والحقوق معروفة ولها قرارات دولية مُعترف بها أما المماطله والتباطؤ فى إعادة الحقوق لأصحابها يدخل المنطقة فى صراعات أكبر ، فتل أبيب كانت مُطمئنة لوجود حكام ديكتاتوريين حولها وكانت تصور الأمر ـ ومعها كل الحق ـ بأنها جنة الديمقراطية فى منطقة ديكتاتورية وقلنا وقتها أن العدو الوحيد للكيان الصهيونى هو وجود حكم ديمقراطى يحكم البلاد العربية ، لقد آن الأوان لتنتهى الغطرسة الصهيونية وينتهى معها التدليل الدولى لتلك الدويلة اللقيطة ولتبدأ مرحلة الحساب لكل من يُخطىء ويتصور أنه سيفلت من العقاب ، فنحن نؤمن بأن إسرائيل ليست بالقوة التى يتم تصويرها بها ، فيكفى أن يكون الحق معنا فهذا يعطينا القوة الحقيقية لمواجهة دلك الكيان الغاصب .
على إسرائيل أن تفيق من صدمة الربيع العربى وتبحث بجدية كيف تتعامل مع مصر الثورة وكيف تتعايش مع الوضع الجديد ، وعليها الإبتعاد عن اللعب الخفى فى سيناء ، لكى تحاول الضغط على المجلس العسكرى والحكومة فهذا رهان خاطىء وأول ما يُصيب سوف يصيبها ، ونحن نعلم حساسيتها الشديدة إنما يدل على أنها ضعيفة .
والنصيحة الخالصة لتل أبيب هى أن تعيد الحقوق لأصحابها .. فعودة الحق هى فعلاً الحل ..
التعليقات (0)