مواضيع اليوم

تطرف ومن ثم إعتدال

Riyad .

2016-05-17 22:45:11

0

تطرف ومن ثم إعتدال 
خطاب الإعتدال لا يكاد يصمد طويلاً أمام خطاب ومٌسببات التطرف التي يحاول العقل البشري تفكيكها ووضع النقاط على حروفها , سنوات طويلة مليئة بعبارات الشحن الطائفي والعٌنصرية والتمييز الجنسي والتكفير والتخوين والقذف الخ وفجأة وفي دقاق معدودة تنقشع السحابة السوداء وتشرق الشمس ويحل النور محل الظلام , مشائخ ودعاة ووعاظ دارو في فلك الظلام سنوات طويلة وظفوا كل شيء لمصلحة أدبيات ضيقة كان العقل الظلامي يٌفكر فيها طويلاً وكانت الغرف المٌظلمة والتجمعات المشبوهة حاضنةَ لها , قبل الصحوة المرحلة التاريخية المشؤومة كانت هناك مراحل أسهمت في ولادة ذلك المسخ الفكري "الصحوة " التي هي عبارة عن تزاوج غير شرعي بين فكريين متضادين فكر وأدبيات الوهابية القديمة التراثية وفكر وأدبيات الإخوان المسلمين الحركية , تطرف المجتمع تبعاً لتطرف نخبته الدينية وحاول المجتمع بسذاجة تصدير تطرفه إلى الخارج بشتى الوسائل والطرق فكانت البيانات والمواقف السلبية من مظاهر الحياة وتشويه الحقائق سمة بارزة لمجتمعٍ يتحدث كثيراً عن الوسطية دون أن يراها بواقعه اليومي الذي يعيشه , فجأة وبلا مٌقدمات أصبح متطرف الأمس معتدل اليوم ونسي ما قدمه من قرابين فكرية وبشرية لا ذنب لها سوى أنها صدقت وآمنت عن ظهر قلب , أعمار سٌرقت وحياة شوهت وطاقات أٌهدرت في صراعات لا طائل منها , لو قٌدر لشخصٍ ما طرح سؤال على متطرفي الأمس ماذا سيقول لهم , سيقول لماذا سرقتم الأعمار وتبرأتم منها ؟ متطرفوا الأمس ليسوا بذلك الغباء الذي يجعلهم يفكرون طويلاً في الإجابة أو البحث عن مخرج للهرب فكل خطواتهم محسوبة ومخارجهم متعددة , الإجابة وبكل تأكد ستكون صادمة صاعقة لمن طرح السؤال ولمن سمع الإجابة فالمتطرفون سيقولون خدمنا الدين وصدقنا النية وقدوتنا سيد المرسلين في تسامحة وتعاملاته ! لا شك أن مثل تلك العبارات ستجعل الواقع مٌظلماً بل أشد ظلاماً فأين سيد المرسلين وسماحته وتعاملاته عما كنتم تقومون به من تضليل وتزييف وزرعٍ لبذور الكراهية بتربة الوطن والعقل ؟
الإعتدال تعني العدول عن الشيء والإعتدال صفة مٌحببة للنفس السوية وضبابية للنفس الشقيه لا يمكن للإعتدال أن يتحقق ويتمثل على أرض الواقع دون وجود للتسامح والوسطية المٌفردة الأكثر حضوراً في الأقوال والأكثر غياباً في الأفعال , الإعتدال ليس جريمة وليس صفة سيئة كما يظن البعض بل حقٌ وقيمة أكد عليها الإسلام والشرائع السماوية الماضية , الإعتدال الحقيقي لا يعقبه تطرف ولا يسبقه ضبابية موقف فالمتطرف الذي يتعدى ضرره ويشكل مصدر خطر على المجتمع قد يعتدل لكن إعتداله مرحلي لا يستمر طويلاً وهذا ما كشفته لنا أحداث الربيع العربي الذي تحول بفعل أؤلئك المعتدلين لخريفٍ وشتاءٍ قارس بفعل رياح النفره والنفير والجهاد في سبيل الفكرة المٌقدسة التي لم تستطع تربة الإعتدال الشكلي قتلها 
أصعب شيء على المرء هو رؤية من ساهم في ضياعه ينعم بالخيرات ويتصدر المشهد بإسم الإعتدال تارة والغيره على محارم الله تارة أخرى , أي مرارة يحدها ذلك الشخص الذي بكل تأكيد ليس الوحيد بعالم التلاعب بالعقول والألفاظ , معتدلوا اليوم متطرفوا الأمس ومتطرفوا اليوم معتدلوا الأمس ليسوا أسوياء وليسوا خدماً للحقيقة والدين بل هم أشباه بشر تعيش أجسادهم بيننا بينما عقولهم تعيش بكهوفٍ مٌظلمة تبعد عن الأسوياء سنوات ضوئية تفوق الخيال مساحةً ومسافة !. 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات