تضامنا مع المقهورين والنازحين.. الصرخي لنبذل كل ما بوسعنا للتخفيف عن معاناتهم.. ولا مظاهر بهجة في العيد.
يمكن لنا معرفة فلسفة العيد وما تعنيه هذه الكلمة وفق المنظور الإلهي من خلال الوقوف على جوهرة من جواهر الحِكم والمواعظ التي أطلقها ربيب رسول الإنسانية الإمام علي، حيث قال: (...وكل يوم لا يعصى الله فيه فهو يوم عيد )، فمعنى العيد هو أن لا يُعصى الله، والعيد هو يوم اجتماع وتوحد وتراحم وتوادد وتواصل ووئام وسلام وتعايش وأمان وإطعام الفقراء والمساكين، يقول الإمام الرضا "عليه السلام" : (إنما جعل يوم الفطر العيد ليكون للمسلمين مجتمعا يجتمعون فيه ويبرزون لله عز وجل فيمجدونه على ما من عليهم ، فيكون يوم عيد ويوم اجتماع ويوم فطر ويوم زكاة ويوم رغبة ، ويوم تضرع)...
ولأن جميع الديانات السماوية وتشريعاتها إنما نزلت من اجل تنظيم حياة الإنسان، وتحقيق العدالة، وضمان الحقوق، ونشر ثقافة السلام والتعايش السلمي، فالناس صنفان إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، كما قال الإمام علي "عليه السلام"، وغيرها من القيم والمبادئ والمثل العليا التي نادت بها الإنسانية، وآمنت بها الفطرة السليمة، واقرها العقل والمنطق والأخلاق، فأي مخالفة لتلك المنظومة يُعد عصيان لما أمر الله "تبارك وتعالى" به، وهذا يعني حينئذ أنَّ لا وجود للعيد، بل انه عديم اللون والطعم والرائحة.
بعد ما ذكرناه وما لم نذكره للاختصار، هل ثمة معنى للعيد وخصوصا في العراق الجريح... الذي فيه: دماءٌ تُسفك، وأرواح تُزهق، وأجساد تُحرق، وتُسحل بالشوارع، وتُعلَّق على الأعمدة، ودور تُهدم وتُحرق، وعوائل تُشرد وتُهجر وتذل وتمنع من العودة إلى مناطقها... والبراميل المتفجرة والقصف وصواريخ ارض ارض والراجمات والمدفعية والدبابات والهاونات والمفخخات والتفجيرات تحصد رؤوس الأبرياء من الأطفال والنساء وغيرهم من العراقيين، وتهدم المنازل على أصحابها في الفلوجة والرمادي وغيرها من مدن العراق المختطف... وأي عيد وفي العراق، مساجد وكنائس تُفجر، وأموال تُسلب، وخيرات تُنهب، وآثار تُحطم وتُسرق، وحريات تُذبح، وحقوق تُسلب، ومقدسات تُنتهك، وأصوات شريفة تُقمع، وفساد ينخر، وساسة تفجر، وتجار دين تُضلل وتخدع وتمكر، وإجرام مليشياوي وإجرام تكفيري يقتل ويحرق وينحر، يسرح ويمرح...
وأي عيد والعراق بلا امن ولا أمان ولا سيادة، اختطفه الفاسدون الظالمون الطائفيون... وقدموه على طبق من ذهب لأسيادهم وأربابهم من دول الإمبراطوريات الهالكة والاحتلال. وهل ثمة معنى وطعم لإقامة مراسيم الفرح والبهجة والعراق مختطف وشعبه يذبح بدم بارد....
لماذا لا نجعل (بالقول والفعل) من يوم العيد، يوم للتوحد والسلام والتعايش السلمي، ونبذ العنف والتطرف والكراهية والحقد... يوم التحرر من عبادة الذوات والمناصب والتبعية والطائفية... يوم العلم والفكر وحرية الرأي والعقيدة... يوم استرجاع الحقوق للجميع وتحقيق العدالة... يوم التضامن الحقيقي العملي الصادق مع المستضعفين والمظلومين في كل العالم وخصوصا في العراق الجريح، ومن هنا نستوحي بهجة العيد الحقيقي الذي يعم فيه الوئام والسلام من البيان الذي أطلقه المرجع الصرخي داعيا فيه إلى التضامن مع المظلومين في كل العالم وخصوصا شعب العراق المقهور الذي يعاني المآسي والويلات...، وشعورا بالارتباط الحقيقي مع المظلومين الأبرياء، واستنكارا لما يحصل من جرائم وانتهاكات وما يتعرض له العراقيون من ضيم وحيف على يد الإرهاب التكفيري والمليشياوي فقد دعا إلى :(...وندعو إلى جعل العيد للوقوف (قولا وفعلا) تضامنا مع المستضعفين والمظلومين في كل العالم وخصوصا اهلنا في العراق الجريح من النازحين والمهجرين والمقهورين تحت القصف ورصاص القتل المليشياوي والتكفيري ، وعلينا ان نبذل كل ما بوسعنا للتخفيف عن معاناتهم ، وعليه فاننا نمتنع عن اجراء اي مراسيم بهجة وفرح في العيد ، والله ولي التوفيق).
بقلم
احمد الدراجي
التعليقات (0)