ثمة الكثير من التساؤلات تثار حول التصريحات الاخيرة التي دعا فيها زعيم تنظيم القاعدة ايمن الظواهري الى دعم التظاهرات والعمليات المسلحة الرامية الى اسقاط النظام في سوريا والتي تزامنت مع الحديث المتواتر من قبل السلطات في دمشق عن اعترافات وادلة تؤكد ضلوع جماعات مسلحة تابعة للقاعدة في شن هجمات استهدفت قوات الجيش والامن وكذلك المتظاهرين.
فرغم قوة الكلمات التي تساقطت من فم الظواهري والذي تحدث فيه عن إن نظام الرئيس بشار الأسد سرطاني ولا علاج معه إلا الاستئصالوان"النظام الفاسد المتعفن قد بدأ في الترنح"ودعوته لمقاتليه بان "واصلوا انتفاضتكم وغضبتكم، ولا تقبلوا إلا بحكومة شريفة مستقلة تحكم بالإسلام..ولكننا لا يمكن لنا النظر الى تزامن دعوته الصريحة إلى عدم الاعتماد على العرب أو تركيا أو المجتمع الدولي، لأنهم لا يريدون سوريا مسلمة حرة مجاهدة ضد إسرائيلمع قرارات وزراء الخارجية العرب في الطلب من الأمم المتحدة تشكيل قوة مشتركة أممية وعربية لحفظ السلام في سوريا الا على انها وسيلة لشرعنة خيارات النظام الامنية وتقديم الغطاء اللازم له للاستمرار في سياساته القمعية تجاه الاحتجاجات الشعبية المطالبة بالحرية والحقوق السياسية والكرامة الانسانية..
فمثل هذه التصريحات لا يمكن مقاربتها خارج او بعيدا عن البيانات المتكررة للمصادر الامنية السورية عن قتل وتوقيف العديد من المقاتلين الأجانب من لبنان وليبيا، وحتى أفغانستان من الموالين لتنظيم القاعدة في مدينة حمص التي تتعرض لقصف مدفعي مكثف أوقع الكثير من القتلى، خاصة في صفوف المدنيين.
كما ان الحديث عنجهاديين عراقيين ينتقلون من العراق إلى سوريا للقتال إلى جانب المعارضة السورية، وعن عمليات تهريب واسعة للسلاح وتجمع لعناصر القاعدة المتشددين في الجانب الاردني للحدود وتأكيد العديد من المواقع المتشددة على الأنترنت،من أن مجاهدين عرب كانوا يطالبون قبل أسابيع بإرسالهم إلى سوريا لمواجهة قوات نظام الرئيس بشار الأسد، أصبحوا يقاتلون بالفعل في مناطق مختلفة هناكقد يمكن عدها اقرب الى طوق نجاة سياسي واعلامي للنظام من خلال تبرير ممارساته الامنية على انها من ضرورات حفظ الامن اكثر مما هي عمليات تستهدف قمع وتصفية الحراك الشعبي على الارض..
ان هذه المعطيات تشير بوضوح الى حدوث تغيير في ستراتيجية الاطراف الفاعلة لمواجهة تداعيات الازمة خصوصا من قبل النظام الذي يبدو انه بدأ يستفيد من الجهد الخليجي في حصر الصراع ضمن الاطار الطائفي وحشو الفضائيات بصور المقاتلين المتأفغنين بلحاهم وسراويلهم السوداء الفضفاضة لاجل شرعنة التصعيد العسكري من قبل قوات النظام مع ازدياد الخطاب الاستئصالي الاقصائي الطائفي من قبل العديد من الاطراف التي تسوق اعلاميا على انها الصوت الاوحد للمعارضة السورية ..
المشكلة في سوريا، هي أن مثل هذه التفلتات ساهمت في ابتعاد الثورة السورية عن مسارها الشعبي متجهة نحو عسكرة يبدو ان المستفيد الاكبر منها هو النظام والجهات السياسية والتنظيمات المتطفلة على الام الشعوب..فرغم مسؤولية النظام عن العنف ضد المدنيين في سوريا..فان الترويج لوجود جماعات مسلحة على الارض ترفع السلاح في وجه الجيش على ايقاع الاناشيد الجهادية قد تكون حجة اكثر من كافية لكي يستمر النظام في تنكيله بقوى الشعب المنادية بالعدل والحرية والكرامة..خصوصا مع تغييب هذه الشعارات تجاه تغليب الخطاب الطائفي الفئوي المغلق..
كثير من العتمة تلوح في افق الازمة السورية..وقد تزيد مثل هذه البيانات والتصريحات في انسداد الافق امام اي محاولة لاستخلاص بعض الحلول من كل هذا الركام من التمظهر الزائف المتكسب من دماء السوريين ..فطالما هناك من يدعي الوقوف في وجه النظام بقوة السلاح ..فإن النظام سيستمر في استثمار التصعيد الامني من خلال استمرار تمسكه بخيار الحسم الامني ..وهنا قد تكون تصريحات الظواهري اقرب وسيلة انقاذ للنظام منها الى الدفع نحو"سوريا مسلمة حرة مجاهدة ضد إسرائيل"
التعليقات (0)