- ما هو ردُّكم على التضامُن مع العراق في هذا المُؤتمَر؟
الجعفريّ: نحن وجَّهنا كلمة في نهاية الاجتماع إلى كلِّ الإخوة الحاضرين شكرناهم فيها على هذا التجاوب، وأخبرناهم بأنكم أشعرتمونا بأنكم مُتواجـِدون معنا في العراق على الرغم من البُعد الجغرافيِّ، لكننا ننتظر خطوات عمليّة على الأرض، ومصداقيّة ميدانيّة، وأملي أن يلتزموا بالوعود التي قطعوها على أنفسهم، كالدعم العسكريِّ، والمظلة الجويّة، وفي الوقت نفسه الإسناد الإنسانيّ للمُتضرِّرين، والنازحين، والخراب الذي لحق ببعض المُدُن؛ جراء دخول الداعش إليها، وعمليّة البناء والإعمار فيها، وهي تتطلَّب دعْمَ أكثرَ من دولة، وقد وعدوا خيراً.
- بالنسبة إلى العلاقات مع الحكومة الفرنسيّة. هل يُمكِن أن نقول: إنَّ هناك -فعلاً- صفحة علاقات جديدة مع الحكومة الفرنسيّة؟
الجعفريّ: بالتأكيد؛ فمجيء رئيس جمهوريّة فرنسا السيِّد فرانسوا هولاند إلى بغداد هو بحدِّ ذاته رسالة نوعيّة مُمتازة لبدء صفحة جديدة من العلاقات الفرنسيّة - العراقيّة.
وكذلك مُؤتمَر اليوم الذي انعقد في باريس، وضمَّ هذا العدد الكبير، ونفـَّذه السيِّد وزير الخارجيّة الفرنسيِّ تكملة ًللدورة المُتكامِلة بتنفيذ هذا الاجتماع، وهذه رسالة طيّبة.
أعتقد الآن أنَّ العلاقة الفرنسيّة - العراقيّة تشهد انعطافة إيجابيّة، وصعوداً نحو الأعلى.
- داعش تستخدم أسلحة من دول مُجاورة، ودول عظمى. مَن تعتقد أنه المسؤول عن داعش بشكل أو بآخر؟
الجعفريّ: داعش ثقافة، ثقافة هدر الدم، ثقافة قتل، وتدخل في بورصات التسليح من هذه الدول؛ أو تلك؛ لخلفيّات مُتعدِّدة سواء كانت على خلفيّات طائفيّة، أم خلفيّات عنصريّة، أم خلفيّات سياسيّة.
داعش فكر انتحاريٌّ يستهدف الإنسان، وهدر الكرامة، ولا يحتاج إلى تعريف، ولا أن نضعه تحت المجهر، أمّا أن تدخل سوق البورصات، والمُزايَدات فتجد مُساعَدة من هذه الدولة، أو تلك الدولة.
- هل تعتقد أنَّ السياسة الخارجيّة الفرنسيّة عندما قرَّرت أن لا تتعامل مع نظام الأسد ضدَّ داعش سيُؤثـِّر، وما رأيك في عدم التعامُل في ما يخصُّ السياسة الخارجيّة الفرنسيّة، والقيادة السوريّة؟
الجعفريّ: كلُّ دولة هي التي تـُقرِّر المصلحة في سياستها، وبالنسبة إلينا لدينا وضع على الأرض العراقيّة حيث هناك انتهاك، ومُدُن عراقيّة مُنهارة، ولدينا جيش عراقيّ، وحرس وطنيّ يحتاجون للتمويل؛ فنحن نفصل بين الملفين الملفِّ العراقيِّ، والملفِّ السوريّ.
- كيف تـُقيِّمون مُخرَجات هذا المُؤتمَر الدوليِّ الذي أُقيمَ في باريس حول الأمن والسلم في العراق؟
الجعفريّ: كان مُؤتمَراً مُتميِّزاً بهذا العدد الذي ساهَمَ فيه، وكذا نوعيّة الأداء، والصراحة، والتكامُل، ولم أجد خلافات حادّة في الموضوعات التي طـُرِحت سواء كان في استشعار الخطر الداعشيّ، أم في ضرورة التعاون معنا، وفي الوقت نفسه كان هناك رسالة اجتمعت عليها كلمة الحاضرين جميعاً، وهي إنَّ داعش وإن كان يدَّعي الدولة الإسلاميّة، لكنه لا يُمثـِّل الإسلام لا من قريب، ولا من بعيد.
أثنوا على الإسلام، وفصلوا بين هذا الاسم والمُسمَّى.
كانت الأجواء مُفعَمة بالثقة، والتعاطي الصريح، والمُباشِر؛ لغرض الخروج برسالة حقيقيّة، ونتمنـّى أن يتحوَّل هذا الخطاب إلى مُمارَسة ميدانيّة قريباً.
- لكن يبدو أنَّ هذا التحالف غير واضح المعالم حتى الساعة، فلا تبدو الأدوار مُوزَّعة بشكل مطلوب؟
الجعفريّ: لا أتوقع لهذا اللقاء بهذا العدد الكبير، وبهذه السرعة أن تُوزَّع الأدوار لوجستيّاً وميدانيّاً، ولا أحد يتوقع ذلك، إنما يكفي أنهم عبَّروا بشكل صريح، ومُباشِر عن آراء دولهم على أعلى المُستويات، فكلهم وزراء خارجيّة، وعبَّروا بشكل صريح عن أنهم يستشعرون خطر داعش، ويقفون إلى جانب العراق، ويُقدِّرون أنَّ الخطر الموجود على أرض العراق لا يقتصر على العراق، وإنما يقرع طبوله في مُختلِف مناطق العالم خارج العراق سواء كان في الشرق الأوسط، أم أوروبا.
لا تُوجَد دولة من دول العالم غير مُهدَّدة بخطر داعش.
- في جدّة، وباريس كان التركيز على الغطاء الجويّ، ومُسانـَدة لوجستيّة للقوات العراقيّة، وقوات البيشمركة، هل تتوقع أنَّ القوات العراقيّة، وقوات البيشمركة قادرة فعلاً بغطاء جويّ أن تدحر تنظيم داعش؟
الجعفريّ: نحن نـُريد أن نـُحقـِّق شيئاً، ونتلافى شيئاً آخر.
الذي نـُحقـِّقه هو دعم حقيقيٌّ للقوات العراقيّة، وتأمين الغطاء الجويّ، والذي نتلافاه هو أن تكون هناك نيّة لإيجاد قواعد جديدة في العراق، وحضور عسكريّ يدخل بسهولة، ويخرج بصعوبة.
لا نـُريد هذا، وهم يحترمون وجهة نظرنا؛ لذلك صار التركيز على هذا، وأعتقد أنَّه نقطة مُشترَكة بيننا وبينهم.
- لن يكون هناك أيُّ داع ٍ لتدخـُّل قوات أجنبيّة في العراق كمرحلة ثانية إذا لم ينجح الغطاء الجويُّ في تأمين الدعم الكافي للقوات العراقيّة؟
الجعفريّ: هو متروك لأصحاب الاختصاص من الضباط المُختصّين والأركان التي ستـُعنى بإدارة العمليّة ميدانيّاً، لكننا لا نـُعاني من مُشكِلة من حيث الجيش، والقوات المُسلـَّحة، والعدد، نعم.. هناك عدم تكافؤ فـُرَص في القوات الجويّة، والغطاء العسكريّ؛ لذا ركـَّزنا اهتمامنا على هذا الجانب.
- كيف تـُقيِّمون علاقتكم مع إقليم كردستان بخاصة مع الخلافات الأخيرة، ودخول قوات البيشمركة إلى أماكن مُتنازَع عليها؟
الجعفريّ: لا يُنكِر أحد الخلافات، لكنها ليست خلافات تـُهدِّد مصير العلاقة المهمة والاستراتيجيّة بين حكومة إقليم كردستان والحكومة الاتحاديّة خصوصاً أنَّ الدستور لم يترك نقطة فراغ، رُبَّما دخلت عوامل أخرى عقـَّدت هذه الخلافات، ولكني أرى أنَّ أجواء الثقة، والمحبّة، وأجواء المِحنة التي يُواجـِهها العراق ستنشر ظلها، وتدفع باتجاه الانسجام بين الإقليم وبين الحكومة الاتحاديّة.
- أليس هناك مخاوف لدى الحكومة المركزيّة من تسليح إقليم كردستان بهذه الطريقة التي يتمُّ تسليحه بها؟
الجعفريّ: الدستور عالـَجها مثلما عالـَج الثروة الوطنيّة كالنفط والغاز، وعالـَج أيضاً قضيّة التسليح، وتعامَل مع الجانب العسكريِّ، وليس هناك من مُشكِلة لم يُعالِجها الدستور، لكننا بحاجة إلى الالتزام بالدستور، وإذا التزمت كلُّ الأطراف بالدستور مع أجواء الثقة، والمَحبّة ستتبدَّد كلُّ هذه المشاكل.
التعليقات (0)