فرح العراقيون جميعا بسقوط زعيم تنظيم القاعدة في العراق المسمى بأبو عمر البغدادي نظرا لما عانوه ويعانوه من هذا المجرم وتنظيمه القذر واللذي لاتخدم توجهاته وجرائمه الا اعداء العراق واولهم الأمريكان والصهاينة اللذين دعموه وساعدوه على ان يصبح تنظيما عالميا منذ ايام الأحتلال السوفيتي لأفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي . فكلما كان الوضع الأمني هشا في العراق كلما كانت مبررات بقاء الأحتلال على ارضه اقوى .
ولكن هذه الأعترافات قد اثارت لدى المواطن العراقي عدة تساؤلات لازال يبحث لها عن اجوبة . فعندما سأل البغدادي عن مصادر تمويل تنظيمه اجاب بأن الأموال تأتي من عدة منظمات تقوم بجمعها لتنظيمه في بعض الدول العربية اهمها السعودية ومصر وسوريا . وهنا يجب ان نقف قليلا .
نحن نعرف جميعا ان من اهم مصادر تمويل القاعدة بعد المخدرات اللتي تزرع في جبال افغانستان هي المنظمات والجمعيات الدينية والخيرية المنتشرة في البلدان العربية والأسلامية واللتي تجمع التبرعات لهذا التنظيم وغيره اما بصورة مباشرة وأما تحت مسميات وهمية ظاهرها الرحمة وباطنها الشر المطلق . ونعرف ايضا ان الحكومات العربية وخصوصا الثلاث اللتي وردت في اعترافات البغدادي لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يكون لها يد في تمويل القاعدة لمعاناتها هي ذاتها من ارهاب هذا التنظيم , او بسبب ارتباطها العضوي مع الولايات المتحدة مثل مصر والسعودية واما لخوفها الشديد من الولايات المتحدة مثل سوريا , كما ان النظام السوري البعثي لايمكن له تمويل القاعدة لأختلافهما عقائديا . والدليل فشل ادارة اليمين المتطرف بقيادة بوش الأبن في اثبات اي علاقة بين القاعدة ونظام صدام البعثي بالرغم من سعيها الحثيث والمستميت لأثبات مثل هذه العلاقة .
هذا اولا . اما ثانيا فان جميع اللقطات اللتي عرضت من اعترافات البغدادي لم يرد فيها ذكرا لأيران مطلقا . ولم يذكرها كأحد مصادر التمويل او الدعم المادي حتى . وهذا ما يجعلنا نستنتج عدة نقاط منها .
1 – ان البغدادي قد ذكر ايران في اعترافاته ولكن الحكومة حجبت هذا الذكر عن المشاهدين . مما يعني ان الحكومة تتستر على الدور الأيراني في مساندة الأرهاب في العراق .
2- ان الحكومة تتستر على هذا الدور لأنها لا تريد اثبات وجهة نظر بعض السياسيين اللذين يتهمون الحكومة بالأنتقائية والطائفية في تعاملها مع ملف الأرهاب وأنها تتعمد ضرب الأرهابيين او حتى الفاسدين اذا كانوا من طائفة معينة وتغض بصرها عن الأرهابيين والفاسدين اللذين ينتمون الى طائفتها .
3 – ان عدم ذكر ايران في اعترافات البغدادي يؤكد وجهة النظر القائلة بان ايران تدعم جميع المجموعات المسلحة المقاومة للأحتلال في العراق (( كحرب بالنيابة )) ما عدى القاعدة اللتي تختلف معها ايديولوجيا .
4 – ان البغدادي اللذي عرضت اعترافاته العراقية واكدت صحة هويته الحكومة على لسان الناطق باسم خطة فرض القانون عدة مرات هو ليس ابو عمر البغدادي الحقيقي واللذي نفت القاعدة اعتقاله على لسان ابو عمر بغدادي اخر ظهر من على شاشة قناة الجزيرة يوم امس . ويساند هذا الأستنتاج تأكيد الأمريكان لعدم امتلاكهم أي معلومات مؤكدة عن حقيقة الشخص اللذي اعتقلته السلطات العراقية بعملية خاصة بها دون تدخل من قوات الأحتلال . وكذلك تضارب تصريحات المسؤولين العراقيين حول شخصية البغدادي المعتقل لدى الحكومة العراقية . وخير دليل على هذا التناقض ما صرح به شيروان الوائلي وزير الأمن الوطني العراقي لصحيفة الحياة في عددها الصادرة يوم الأثنين الماضي واللذي قال فيه ((وأفاد الوائلي أن عملية التدقيق في المعلومات المتوافرة لدينا، واعترافات وصور البغدادي تطابقت مع المعلومات عن الشخص الذي اعتقل في جانب الرصافة من بغداد. وأوضح أن اسم البغدادي هو معد إبراهيم محمد وكان ضابطاً في الحرس الجمهوري حتى عام 1990 برتبة عقيد ركن، واتهم بانتمائه إلى الجماعات الإسلامية وتحديداً التيار السلفي الجهادي وحكم عليه آنذاك بالإعدام، وبعد تدخل رئيس جهاز مخابرات صدام حينها فاضل صلفيج العزاوي اكتفى صدام بطرده من الجيش. هذه المعلومات التي كشفها الوائلي عن شخصية البغدادي مغايرة لكل ما أعلنه الناطق باسم خطة فرض القانون اللواء قاسم عطا الذي قال إن اسمه أحمد عبد أحمد، وكان عسكرياً في النظام السابق، ويبلغ الأربعين من العمر ..... الخ )). وهذا التصريح وان كان يريحنا كعراقيين لأنه يؤكد ان الشخص المعتقل هو ارهابي بغض النظر عن شخصيته الحقيقية . الا انه في نفس الوقت يرسم علامات استفهام كثيرة حول اسباب كذب الحكومة على المواطن العراقي .
التعليقات (0)