تصدير إناث الإبل .. التغبيش والتوضيح
مصعب المشرّف
20 يونيو 2015م
عرفنا جميعاً أن البرلمان السوداني قد أجاز مؤخراً (بأغلبية صوت واحد) تصدير إناث إبل السودان ....
وبالطبع فقد سبق تصويت البرلمان على تمرير هذا القرار والموافقة عليه .... سبق ذلك حملة إعلامية في الفضائيات السودانية العامة والمتخصصة . على رأسها فضائية“Sudan Agriculture” ، التي حرصت على إستضافة أكثر من وكيل وزارة سابق ، وأستاذ جامعي متخصص ؛ جرى إنتقاؤهم بعناية كموالين للتصدير . دافع هؤلاء خلال البرنامج عن فكرة وقرار تصدير الإناث .. وحيث تلخص دفاعهم في الآتي:
1)أن إناث الإبل السودانية ليست فصيلة عالمية معروفة محددة ذات مواصفات منفردة حتى نخشى عليها من أن ينافسنا العالم مستقبلاً في إنتاجها.
2)أن كافة أنواع الثروة الرعوية السودانية غير مسجلة من ناحية الفصيلة . وبالتالي لا يمكن الزعم بأنها حكـر علينا وحدنــا دون غيرنا .
3)أن هولندا على سبيل المثال تصدر إناث أبقارها من فصيلة الفريزيان إلى كافة أنحاء العالم . ولم يؤدي ذلك إلى خلق منافسة سلبية .. وأننا في السودان إستوردنا كميات من هذه الأبقار والثيران وقمنا إمّا بإستغلالها لإنتاج الحليب الوافر أو تحسين النسل لدينا بتلقيحها مع إناث وذكور أبقار مواطنة.
واقع الأمر فإن المشار إليه أعلاه يأتي في إطار علمي "أغـبــش" تنقصه الخبرة التجارية .... والحـس الإنتاجي ؛ الذي يتمتع به لدينا الراعي العامل البسيط .
وعليه .. وبالمقابل .. وللتوضيح ... فإن سلبيات تصدير إناث الإبل السودانية تكمن في الآتي:
1) أن الإناث من الإبل هي المسئولة عن تكثير أعداد الثروة الحيوانية في البلاد.
2)وطبقاً للحقيقة أعلاه تظل إناث الإبل هي الأكثر ندرة وإنتاجية خلافاً عن الذكور ؛ التي ينبغي أن بقتصر التصدير عليها دون الإناث.
3)ذكور الإبل (على النقيض من ذكور البشر) لا يهم إن كانت أعدادها قليلة في المراح .. فالذكر الواحد من الإبل يمكنه تلقيح عشرات النوق ......
4)بمعنى أوضح الآن .. فإن تصدير إناث الإبل سيؤدي بالضرورة إلى تقليل أعداد المواليد ... وهو أخطر ما يمكن أن تتعرض له ثروة حيوانية في بلاد.
5)أن للإبل السودانية ميزة خاصة نادرة ... وهي أنها خفيفة سريعة في الركض ... وهناك من يأتي من الدول العربية خاصة لمعاينة وشراء الإبل السودانية خصيصاً للسباقات ... ويدفع بسخاء لإقتنائها ..... ومن ثم فإن تصدير الإناث يعني بالفعل خلق منافسة قوية في غير مصلحة السودان ، وتفويت لمداخيل بالدرهم والريال كانت ولا تزال تدخل جيوب رعاة وتجار وسماسرة الإبل في السودان والخزينة العامة.
على أية حال . فإن هذا القرار ما كان لتنقدح فكرته ، ويحصل على كل هذا الدعم من الإعلام؛ ويتم تسخير العديد من العلماء والبيطريين لتأييده وتسويقه لدى الرأي العام السوداني ما بين ليلة وضحاها (وبمبررات هي على العكس مما تم تلقينه لنا في صفوف الدراسة منذ مرحلة الأساس) .... ما كان ليتم التمهيد له بهذا المنطق والتبرير المعووج بعد إنفاق أطنان الأموال والهدايا على الذين ساهموا في تسويقه لدى الرأي العام ؛ لولا أن التصدير سيتم على يد ومصلحة فئة محدودة من كبار السماسرة ورجال الأعمال ..... والشركاء النائمون من ذوي المناصب وأصحاب النفوذ ؛ الذين ستدخل جيوبهم وخزائنهم جميعاً نسبة معلومة ومتفاوتة من حصيلة تصـدير إناث الإبل .... وبما يعنيه ذلك من هدر وإستنزاف إستراتيجي خطير للثروة الحيوانية في السودان .....
واضح أن البيع يندفع كالطوفان ليشمل كل شيء ؛؛؛؛؛ الأرض والعرض والبشر والأعضاء .. والزرع والضرع ..... وحسبنا الله ونعم الوكيل.
اللهم نعوذ بك من عذاب القبر ؛ وفتنة المحيا والممات والمسيخ الدجال الذي يبدو لي وكأنّ المقصود به هو المال الحـرام الذي يؤدي بصاحبه إلى النار ، لتشوى به الجباه والوجوه....وإنّ الساعة لقـريب..... لا بل إن هي إلاّ كلمح البصــر.
التعليقات (0)