مواضيع اليوم

تصحر العقول أخطر من تصحر البرارى

nasser damaj

2009-05-01 14:24:08

0

  فضاء الكلمة

  بقلم: خليل إبراهيم الفزيع 

 تصحر العقول أخطر من تصحر البرارى 

  يأخذ بعض القراء والمدونين على كتاباتى اهتمامها بالخواطر الذاتية أو حتى بالقضايا التثقيفية الهادفة إلى التوعية، وإشاعة الخير، والفضيلة بين أفراد المجتمع، بحجة أن على الكاتب أن يقدم لقرائه (معلومات) جديدة دون ان يقحم نفسه في قضايا الإنسان العامة، وما يفترض أن تسير عليه الحياة من التزام بالأخلاقيات الكريمة والمبادئ السامية التي تضمن خلو المجتمع من آفاته وأمراضه القديمة  والمستجدة على حد سواء ، خاصة مع تزايد احتمالات انهيار الكثير من القيم والمفاهيم، ليس على المستوى الأخلاقي فقط، ولكن على كل المستويات، مما يستوجب تحصين المجتمع لمقاومة أمراض العصر بكل ألوانها وأشكالها.

 ومع انه لا يوجد تعارض بين أن يقدم الكاتب وجهة نظره حول هذه الأمور، وان يقدم في الوقت نفسه المعلومات التي تثري حصيلة القارئ المعرفية، إلا أن تجاهل تلك الأمور تحت أي ظرف، وبأي حجة لن يخدم القارئ ولا المجتمع الذي ينوء تحت وطأة أمراضه الطاحنة، فالكتابة - مثلا - عن التصحر، أو الانفجار السكاني، أو غزو الفضاء أو انتشار الأوبئة مثل وباء انفلونزا الخنازير، أو غير ذلك من الموضوعات التي تهم حاضر ومستقبل البشرية، أمر مهم ومطلوب

 لكن الأكثر أهمية، وأكثر طلبا، هو الكتابة عن المشكلات الناجمة عن الكثير من المعطيات الحضارية، فتصحر العقول هو اشد خطرا من تصحر البراري، وانفجار القيم وتلاشيها أجدى بالعناية من الانفجار السكاني، والغزو الثقافي الذي تتعرض له الأمة، أكثر حاجة إلى الاهتمام والعناية، والوعي بمشكلات الإنسان بمختلف أنواعها هو الوسيلة لتلمس الطريق الصحيح، ومعرفة مواقع الأقدام في مسالك الحياة ودروبها المتعرجة

 الكاتب الجاد إنما يكتب ما هو على قناعة تامة بجدواه، دون أن يتوخى رضا كل القراء، عن كل ما يكتب، ودون أن يلغي ذلك دور القارئ في التفاعل مع ما يكتبه الكاتب، وبغياب هذا القارئ لن تكتسب الكتابة أي أهمية تذكر، لكن الكاتب يظل الوحيد القادر على اختيار موضوعاته، حسب قناعاته الذاتية، ووعيه بأهمية ما يكتب، فليست الكتابة عبثا، ولكنها مسؤولية تحتمها رسالة الكاتب تجاه مجتمعه، وتجاه ضميره.ويظل تصحر العقول مسألة هامة تشغل أذهان المهتمين بالإصلاح الاجتماعي، لأن هذا التصحر معناه تحديدا عدم قبول كل ما يساعد على استيعاب معطيات العصر، وذلك برفض المنجز الحضاري بجميع أشكاله وألوانه، وهو رفض يتعارض مع سنة الحياة وما تعنيه من تطور وتقدم في جميع المجالات، لأنه من جانب آخر يعني الإصرار على ما هو ثابت ومستقر في الأذهان دون محاولة التغيير إلى الأفضل استجابة لما يمليه التطور الحضاري من معطيات لا يمكن تجاهلها بأي شكل من الأشكال في ظل استمرار هذا التطور، وانسجامه مع الواقع، مما يعني أن تجاوز هذا التصحر هو الاستجابة الحقيقية بل والحضارية لما يعنيه التطور بدلالاته الشاملة.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات