تزداد وتيرة الشدّ والحلّ في إيران بين مؤيدي الحكومة الإصلاحية من جهة و التيار المتشدد الداعم للمرشد علي خامنئي يوماً بعد يوم. فقد طالبت قوى إصلاحية و شعبية واسعة حكومة الرئيس روحاني مقاومة الضغوط التي يتعرّض لها نتيجة جهوده الدبلوماسية فيما يتعلّق بالمحادثات النووية و الإقدام على تقديم المزيد من التنازلات لاستثمار الفرصة القادمة حتى التوقيع على اتفاقية شاملة تقضي بحل للقضية النووية.هذا الأمر دفع روحاني الى طرح فكرة الإستفتاء العام حول قضايا مصيرية منها الملف النووي رغم استبعاد البعض لإجراءها لكنها تبدو محاولة لمقاومة الضغوط التي يتعرض لها من قبل التيار المقاوم لأي مساومة في الملف النووي .
في المقابل تتصاعد الضغود الداخلية الموجهة من قبل التيارات المتطرفة في السلطة الإيرانية و التي تحشد جميع طاقاتها لتفويت الفرصة أمام حكومة روحاني الوصول الى تسوية مع الدول الست زائد واحد بخصوص الملف النووي. فقد ظلت وسائل الإعلام التابعة للتيار المتطرف فوصل بها المطاف الى وصف حكومة روحاني على أنها حكومة انقلابية تعمل ضد مصالح النظام من خلال سعيها الوصول الى حل في الملف النووي مع الدول الغربية.
المرشد يقف في هذه المعمعة موقف الداعم الخجول للحكومة عبر تصريحات توحي بأنه يتعرض لضغوط من قبل التيار المتشدد لفكّ دعمه مع الحكومة. إن ذلك الهجوم الشرس الذي تتعرض له حكومة روحاني مؤخراً خاصة فيما يخصّ التسريبات التي تحدثت عنها الصحف الغربية بوجود اتفاق إيراني غربي يقضي برفع جزئي للعقوبات مقابل نقل المخزون النووي الإيراني من اليورانيوم المنضّب الى روسيا إن دلّ على شئ فهو دليل على تخوّف قادة التيارات المتطرفة من توصل الحكومة الى اتفاق شامل قد ينعش الإقتصاد الإيراني ويجدد ثقة المواطن بالسياسيين الجدد مما يمنهحم فرصة اكتساح الإنتخابات القادمة. هذا الأمر دفع التيار الآخرمن رفع وتيرة معارضته لأي اتفاق نووي في الوقت الراهن على أقل تقدير.
من هنا يلجأ هؤلاء المتطرفين اتهام الحكومة بالسعي وراء الإتفاقيات النووية التي تتعارض مع الأمن القومي أو أنها تنتقص من السيادة الوطنية في حين أنهم نسوا أو تناسوا بأنهم انتقصوا ولعدة مرات سيادة البلاد باتفاقيات أبرموها مع روسيا أوالصين في مجالات تسليحية و اقتصادية لكنّ نجاح الحكومة في النووي يعني انتقاص سيادة هذه التيارات. من هنا تلجأ تلك الأجنحة لزيادة وتيرة إنتقاداتها و توسيع نطاق معارضتها لعلها تثني روحاني من المضي قدماً في برنامجه. لكن هذه المعارضة سوف تفشل بزيادة المطالبات الشعبية التي تؤمن بضرورة التنازل في الملف النووي لإنّ الأخيرة أكثر حجماً وزخماً فهي في النهاية ستحقق مكاسب المرحلة عبر تصاعد وتيرة دعمها للحكومة المعتدلة.
التعليقات (0)