عودة ملك السعودية تأتي في ظل ثورات ومطالب بالتغيير والإصلاح بالمنطقة (رويترز)
الجزيرة نت-الدوحة
تزامنت عودة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إلى البلاد بعد رحلة علاجية طويلة وإصداره "حزمة قرارات تنموية" مع دعوات من شخصيات معروفة، وبيانات من شباب سعوديين، تطالب بإصلاح سياسي في المملكة.
وفي وقت كان التلفزيون السعودي يعرض تلك القرارات كانت المنتديات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر...) قد طرحت مضامين تلك القرارات في حلقات نقاش واسعة، وقد انقسم المشاركون فيها بين مرحب ومتحفظ ومطالب بمزيد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسية.
وقد استهدفت حزمة القرارات تلك -وقيمتها 35 مليار دولار- دعم البرامج الاجتماعية، وتزامنت مع عودة الملك من رحلة علاجية للخارج استمرت ثلاثة أشهر، وتأتي في ظل ثورات ومطالب بالإصلاح والتغيير في عدد من الدول العربية.
"
أنور عشقي: من يربط بين قرارات الملك والمتغيرات السياسية في مصر وتونس وتحدث في ليبيا حاليا، لا يعرف السعودية
"
واقع خاص
وقد انتقد رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية الدكتور أنور عشقي الربط بين تلك القرارات الملكية والمتغيرات السياسية التي حدثت في مصر وتونس وتحدث في ليبيا حاليا، واصفا من يقول ذلك بأنه "لا يعرف السعودية، وليحللوا كيف شاؤوا".
وأضاف عشقي -القريب من الدوائر الرسمية، في تصريح للجزيرة نت- أن "الإصلاحات السياسية لا تأتي في سياق التأثر الخارجي بالواقع الموجود حولنا"، واعتبر أن أي إصلاحات تحدث في ظل هذه الظروف "رشوة للشعب وليست إصلاحات حقيقية"، مشيرا إلى أن "الإصلاحات يجب أن تأتي وفقا للتطور الداخلي السعودي". وبحسب عشقي فإن "الملك عبد الله والأسرة المالكة دائما ما يبادرون إلى الإصلاحات قبل أن يفكر فيها المواطنون".
وهاجم عشقي البيانات التي يصدرها الناشطون الإسلاميون والشباب المطالبون بالإصلاحات السياسية، ووصفهم بأنهم "يخوضون في خيالهم وفي غير اختصاصهم".
خطوة ناقصة
من جهتها قالت الناشطة الاجتماعية ديمة محمد إخوان -وهي إحدى الموقعات على بيان شبابي يدعو للإصلاح وقعه أكثر من 45 من الشباب السعودي (من سنة وشيعة)- إن "الضخ المالي خطوة جيدة لاستكمال الخطة التنموية، إلا أنها غير كافية تجاه المطالب الأخرى"، مشيرة إلى أن "مطالبنا ليست مالية فقط".
وعلمت الجزيرة نت من مصادر خاصة بأن البيان الشبابي الأخير سيسلم شخصيا للعاهل السعودي عبر الأمير طلال بن عبد العزيز، الأخ غير الشقيق للملك.
وتزامنت عودة الملك كذلك مع إطلاق موقع إلكتروني تحت عنوان "دولتي" حمل شعار "دولة الحقوق والمؤسسات"، وتضمن مطالب إصلاحية موجهة للملك عبد الله وشاركت فيه شخصيات إسلامية واجتماعية ووجوه إعلامية لها حضور في الداخل السعودي، منهم الداعية المعروف الدكتور سلمان العودة والإصلاحي محسن بن حسين العواجي.
الدكتور سلمان العودة أحد الموقعين على بيان يدعو لإصلاح جذري في السعودية (الجزيرة نت)
إصلاح جذري
وحث الموقعون ملك البلاد (86 عاما) على "الإصلاح الجذري والجاد والسريع الذي يعزز وحدة الوطن ويحفظ مكاسبه ويحقق له الأمن والاستقرار".
وجاء في مقدمة الخطاب "خادمَ الحرمين الشريفين إن الثورات التي بدأها الشباب وانضم لهم الشعب بكل فئاته ومكوناته في كل من تونس ومصر وليبيا وغيرها لتؤذن بأن القائمين على الأمر في البلاد العربية ما لم يستمعوا لصوت الشباب وتطلعاتهم وطموحاتهم ويصغوا لمطالب شعوبهم في الإصلاح والتنمية والحرية والكرامة ورفع الظلم ومقاومة الفساد، فإن الأمور مرشحة لأن تؤول إلى عواقب وخيمة وفوضى عارمة تسفك فيها الدماء وتنتهك فيها الحرمات ويختل فيها الأمن".
وفي العشرين من الشهر الجاري كتب كارين إليوت هاوس في صحيفة وول ستريت جورنال من الرياض مقالاً بعنوان "هل ستمتد من تونس إلى القاهرة إلى الرياض" قائلا إنه "بعد ثلاثين عاما من الزيارات للمملكة بما في ذلك إعداد تقارير مكثفة خلال السنوات الأربع الماضية اقتنعت بأنه ما لم يقم النظام السعودي بإجراء إصلاح سريع وجذري أو ما لم تجبره أميركا على ذلك، فسوف يكون عرضة للثورة عليه".
وحفلت حلقات النقاش على مواقع التواصل الاجتماعية وبعض المواقع الإلكترونية بردود فعل واسعة متحفظة على قرارات الملك.
وفي أحد المواقع المحسوبة على التيار الليبرالي بالسعودية كتب مشارك "كنا نتوقع إجراءات وقرارات جادة في طريق مكافحة الفساد وهدر المال العام وحلول حقيقية لمشكلة البطالة"، في حين كتب مدون آخر"كنا نأمل بالإفراج عن سجناء الرأي فقط وليس العفو عن كل المساجين بمن فيهم المجرمون والحرامية كنا نأمل قرارات سياسية تكفل المساواة والشفافية".
وربط آخر بين "الإصلاحات التنموية، والأحداث السياسية المشتعلة في أكثر من قطر عربي"، واصفا الإصلاحات بأنها "جيدة، لكنها مسكنات وقتية، لن يدوم مفعولها طويلا".
التعليقات (0)