مواضيع اليوم

تصاعد دعوات الانفصال

رانيا جمال

2012-04-19 06:06:38

0

تتطلب طبيعة المرحلة الراهنة التي يمر بها العراق، متابعة دائمة ومعالجات فورية للمشكلات التي تواجه الكتل السياسية العراقية، وأول وأهم الاجراءات الفورية المطلوبة هي الكف عن اطلاق التصريحات النارية بين السياسيين، واللجوء الجاد الى الحوار الهادئ والعقلاني الذي يستند الى رؤية عامة تعتمد الحرص على الثوابت ومراعاة المصالح الوطنية الأهم والأكبر، لذا تستدعي المرحلة تفعيل التقارب بين العراقيين، وتطبيب الجراح، وتماسك الصفوف، و وحدة الكلمة، بيد أن الملاحظ هو العكس، متمثلاً بتصاعد دعوات التفكك، حيث تشير قضية المطالبة بالاقاليم، الى نوع خطير من أنواع التفكك، ليس لخلل في التقدم نحو خطوة الاقاليم نفسها أو الدعوة إليها، بل بسبب سوء التوقيت، والتسرع في التعامل مع هذه القضية الحساسة، ناهيك عن طبيعة المرحلة التي خلّفها الاحتلال بعد انسحابه من العراق قبل شهور، حيث تتطلب المرحلة نوعا من التآزر والتقارب والتماسك الجاد بين عموم مكونات الشعب لاسيما بين (الكتل والاحزاب والشخصيات السياسية المستقلة) من جهة أخرى لو أننا تفحصنا المشهد السياسي العراقي على نحو دقيق، قد نقترب من فهم الاسباب التي دفعت ببعض مجالس المحافظات الى عرض الانفصال الاداري كأقليم أو وحدة ادارية مستقلة، بمعنى الانفصال اداريا واقتصاديا عن الحكومية الاتحادية، وهي أسباب يقول عنها المراقبون والمتابعون للشأن العراقي، بأنها نتجت عن الحيف الذي ألحِق ببعض شرائح ومكونات الشعب، الامر الذي دفعهم نحو فكرة إقامة الاقاليم، بعد أن كانت معظم مكونات الشعب العراقي ترفض التفكير في مثل هذه الخطوة، وقد يكون السبب الرئيس الذي يقف وراء انتعاش وتنامي ظاهرة الأقلمة، هو تفكيك روح المواطنة أو انعدامها لدى المواطن العراقي، وسبب ذلك ايضا غياب انصاف المواطن والاهتمام بمتطلباته، فالاخير كما تشير الوقائع لم يحصل على حقوقه، إلا ما ندر، بخاصة ما يتعلق بالخدمات والسكن والضمان الصحي والدخل المعيشي وما شابه، ولعل الاسباب التي أدت الى إهمال المواطن واضحة تماما، فقد انشغل السياسيون بامور سياسية قد لا تحقق ما يحتاجه المواطن على نحو ملموس لاسيما في جانب الخدمات والدراسة والصحة وما الى ذلك. ولا تتطلب الاسباب جهدا كبيرا لفهمها أو الوصول إليها، فهي جلية تماما ويمكن اختصارها، بتراجع حقوق المواطن، واندثارها في فورة الصراعات المستمرة بين السياسيين اللاهثين وراء مصالحهم الحزبية أو الفردية، بغض الطرف عمّا تلحقه تلك الصراعات من أضرار فادحة بالمواطنين، ليس على المستوى المادي المتمثل بضعف الخدمات وخواء سلة البطاقة التموينية، وإهمال الشرائح الفقيرة، فحسب، بل يمتد ذلك الى ما هو أخطر، حيث تُصاب المواطنة وقضية الولاء للوطن الأكبر بنكسة خطيرة، الامر الذي أدى الى ظهور، بل انفجار ظاهرة الدعوة الى إقامة الاقاليم، في وقت غير مناسب تماما، وفي حال بقاء وضع المواطن العراقي على حاله، وبقيت الكتل والاحزاب تسلك المسالك نفسها، في ادارة الشؤون السياسية والاقتصادية والخدمية وسواها، فإن الدعوة الى الأقلمة لن تتوقف في عموم العراق، ولهذا لا بدّ أن تعالج أسباب هذه الظاهرة بعلمية تامة، وعلى وفق خطط عاجلة ومدروسة بصورة صحيحة، على أن يرافق ذلك، تصميم منبثق من ارادة جادة لعموم السياسيين العراقيين، تسعى الى إلغاء حالات التهميش والاقصاء، وتقضي على حالة تغليب المصلحة الحزبية أو الذاتية على مصلحة المواطن، وتحرص كليا على الايفاء بحقوق المواطنين، من اجل ترسيخ الشعور الحقيقي والأصيل بالمواطنة، التي ستدفع بدورها مكونات الشعب الى التآزر والوحدة.

http://www.beladitoday.com/index.php?aa=news&id22=6577




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !