مواضيع اليوم

تشكيل محور عسكري جزائري بإفريقيا لعزل المغرب عن الصحراء

شريف هزاع

2010-08-10 02:50:47

0

 

عبـد الفتـاح الفاتحـي

كشفت مصادر إعلامية أن الجزائر وبوركينا فاسو وليبيا ومالي وموريتانيا والنيجر وتشاد تستعد لإطلاق حملة عسكرية واسعة في الأسابيع القليلة القادمة للتخلص من عناصر "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". ويعد هذا البرنامج العسكري المشترك هو الأول من نوعه بين هذه الدول.

وتجري الاستعدادات في إطار سلسلة من الاجتماعات السياسية والأمنية والعسكرية تُوجت اليوم باجتماع لرؤساء أركان جيوش الدول السبع. ويأتي تبلور هذا التحالف الجديد ردا على تصعيد عمليات خطف الرهائن الغربيين في كل من موريتانيا والنيجر ومالي وترحيلهم إلى منطقة الساحل والصحراء، التي تبدو ملاذا آمنا للجماعات المسلحة.

تضع دول الساحل والصحراء آخر الترتيبات لإعلان الحرب على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، وتشهد المنطقة تحركات أمنية واستخباراتية هدفها تهيئة الأجواء لبدء عملية عسكرية تم تأجيلها منذ قرابة سنة.

وتفيد المعلومات الواردة من منطقة الساحل والصحراء أن جيوش بلدان الجزائر ومالي وكموريتانيا والنيجر، اتفقت على أن تكون الحرب على القاعدة في شكل غارات جوية، وذلك نظرا لصعوبة التحرك على الأرض بسبب التضاريس الوعرة لشساعة المنطقة التي تنشر فيها القاعدة مقاتليها.

وتسعى الجزائر التي أقصت المغرب من القمة العسكرية لجيوش دول الساحل والصحراء، إلى ضم السنيغال إلى هذه القوات، كما هو مبرمج في الزيارة التي يقوم بها قائد الدرك السينيغالي للجزائر ويجري خلالها مباحثات مع المسؤولين العسكريين الجزائريين.

وتسير جيوش هذه الدول نحو بلوغ نقطة الجاهزية العسكرية بعد أن شهدت الأشهر الأربعة الماضية تنظيم تدريبات عسكرية في بوركينا فاصو شهر أبريل الماضي في إطار برنامج فلنتلوك، الأمريكي، استفادت منه جيوش منطقة غرب إفريقيا على رأسها القوات المسلحة الملكية المغربية والجيش السنيغالي في نفس الوقت الذي قامت فيه الجزائر بتكثيف اتصالات العسكرية بدول الجوار. كما نقلت وسائل الإعلام الجزائرية، أن مالي أبلغت الجزائر موافقتها على أن تقوم القوات العسكرية الجزائرية بعمليات داخل التراب المالي ضد أهداف متابعة لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

ويتوقف خبراء عسكريون عند التحرك الجزائري، التي تسارع الخطى لإبعاد المغرب من هذه القوات ومن أي دور في الصحراء، في أفق بلورة محور إقليمي لمكافحة "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي". لتبرز كقوة إقليمية لمنطقة الساحل والصحراء تفرض ذاتها نحو تعزيز تعاونها العسكري مع كل من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، بوصفها القوة الإقليمية، متجاوزة ليبيا التي كانت وراء إنشاء "تجمع دول الساحل والصحراء" في 1998.

ومعلوم أن هذه العملية العسكرية المرتقبة جاءت بعد سلسلة لقاءات واجتماعات باشرها القادة العسكريين لهذه الدول منذ شهر مارس الماضي واستمرت إلى الشهر الجاري احتضنتها العاصمة الجزائرية. وتجدر الإشارة أن المغرب مافتئ يحتج على إقصاء الجزائر لمشاركة ضمن هذه القوات على اعتبار أن حدوده مهددة من أنشطة الجماعات المتطرفة ومهربي البشر والمخدرات.

ولم يوقف المغرب احتجاجه على ما يعتبره إقصاء جزائريا له، ويعتبر في ذلك تهديدا لوحدته الترابية ولأمنه واستقراره، وهو ما حذا به إجراء اتصالات باشرها مؤخرا الجنرال عبد العزيز بناني قائد المنطقة الجنوبية مع المسؤولين العسكريين في موريتانيا تمحورت حول التعاون العسكري بين البلدين في مجال محاربة الإرهاب في الصحراء. وذلك رغم عدم مشاركته في قوات الساحل والصحراء بسبب إقصاء الجزائر لمشاركته.

وتجدد اتهام المغربي للجزائر على عدم مشاركته في هذه القوات، بما أعلن عنه السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، السيد محمد لوليشكي الجمعة الماضي في نيويورك إلى القول أنه إذا كانت إفريقيا الغربية، حققت تقدما نحو السلام بفضل آليات متطورة للاندماج الإقليمي وخاصة الدور الرائد للمجموعة الاقتصادية لبلدان إفريقيا الغربية، فإن فضاء الساحل الصحراء يشهد وضعا مغايرا.

وأكد السفير أمام مجلس الأمن الدولي أن إفريقيا "خطت خطوات كبيرة نحو الاستقرار غير أن مناطق بالقارة من قبيل القرن الإفريقي والبحيرات الكبرى وفضاء الساحل-الصحراء ما تزال تشكل هدفا لعمليات عدم الاستقرار.

وأبرز السفير غياب التعاون عبر الحدود والتنسيق الأمني وانتشار مختلف أشكال التهريب التي تجعل من فضاء الساحل الصحراء مجالا ينذر بالأزمة ومنطقة يتواطأ فيها مهربو الأسلحة وحركات إرهابية ك" القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي".

وحذر من أنه "علاوة على وجود تهديدات خارجية بالنسبة للتراب الوطني لأي بلد، تنضاف تهديدات داخلية شاملة متفشية والتي يمكن أن تتخذ شكل انقلاب عسكري والجريمة الدولية أو الإرهاب الذي يضرب في كل مكان وفي أي زمان بشكل أعمى كما كان الحال في الدار البيضاء ونيودلهي ومدريد وإسلام آباد ولندن وفي كمبالا مؤخرا".

وداعا إلى إرساء حسن الجوار الذي يرتكز على الاحترام المتبادل للسيادة الوطنية والوحدة الترابية لهذه البلدان، معتبرا أن التعاون المتبادل على المستويين الإقليمي والتعاون الثنائي والإقليمي في المجال الأمني كلها عوامل من شأنها الوقاية من النزاعات.

يرى عدد من المراقبين أن مدخل خلق قوات عسكرية لمكافحة الإرهاب في الصحراء الإفريقية، لا تتوقف غاياته عند هذا الحد بل تتعداه لتترجم صراعات خفية حول شرعية النفوذ والهيمنة في منطقة الصحراء الإفريقية. فمن جهة لا تريد فرنسا أن يحيد دورها الإقليمي في إفريقيا، ذلك وأن لها مصالح اقتصادية واستراتيجية إفريقيا، وهو ما يجعلها تتكلف أعباء تمويل قواعدها العسكرية في عدد من لبلدان الإفريقية رغم الصراع والأزمة الدبلوماسية التي تثيرها هذه القواعد، مع الدول مكان احتضان هذه القواعد. ومنه مفاوضتها مؤخرا مع السنيغال بشأن خفض قواتها في السينيغال نحو نقلها كلية إلى فرنسا. ومن جهة ثانية نحرص الجزائر أن تلعب دورا رياديا بجمع الدول المحاذية للصحراء مع تحييد المغرب من هذه اللعبة لعدم تمكينه من أي شرعية امتداده على الصحراء على اعتبار أن الصحراء الذي يسيطر عليها هي أرض محتلة. وكما أن الجزائر تعيش اليوم أزمة دبلوماسية عميقة من مدخل أن الجزائر تحاول جاهدة تمرير قانون في برلمانها من أجل تجريم الاستعمار، ومن جهة أحرى لتحييد فرنسا من يد طويلة لها بإفريقيا إلا أن تقلص من دعمها للمغرب في فضية الصحراء.

وكما أن أمريكا غايتها بسط نفوذها على الصحراء الإفريقية الغنية بثرواتها الطبيعية، ومن ذلك كان رؤيتها الإستراتيجية لإقامة مقر القاعدة الإفريقية العامة أفريكوم بالصحراء الجزائرية لكن الجزائر تعطل هذا المشروع لأن الولايات المتحدة الأمريكية تأبى إلى حد الآن التفريط في صداقتها الإستراتيجية للمغرب، وبإمكان مفاوضة المغرب بشأن إقامة قاعدة أفريكوم على أراضي الصحراء لتعزيز شرعيته عليها.

وفي هذه النقطة بالذات تبدو المقاربة الفرنسية شبيهة لما عبر عنه في باريس كذلك القائد الأميركي لقوات أفريكوم الجنرال ويليام إي كيب وورد, فقد حرص وورد خلال زيارة قام بها للعاصمة الفرنسية يوم السادس من يناير 2010 على طمأنة الفرنسيين بأن الجيش الأميركي ليست لديه نية لتشييد قاعدة عسكرية دائمة في منطقة الساحل.

لكن المعطيات الميدانية تؤكد بأن الفرنسيين يلتزمون الحيطة والحذر لتوجسهم من الطموحات الأميركية في هذه المنطقة من العالم التي هي في الواقع محط أنظار الكثيرين، والحقيقة أن الأميركيين والفرنسيين ينسقون وجودهم العسكري في بلدان الساحل دون إغفال الدور المغربي في المنطقة رغم الانزعاج الجزائري تجاه ذلك، حيث اعتبر أن التقارب الأمريكي الفرنسيين نحو المغرب يؤثر ويضعف دورها في النزاع حول الصحراء، ويقوض تحالفاتها مع جبهة البوليساريو.

وعليه فإن ما يتم التصريح به دبلوماسيا من غايات مكافحة تنظيم القاعدة، ومهربي المخدرات، فإنما يخفي وراءه صراعات على تأكيد نفوذ شرعي بالصحراء الإفريقية الكبرى بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا عبر قواعدها العسكرية، والجزائر من خلال شرعية الأرض، وأن أصحابها أولى بالدفاع عنها من دون مساعدة من أحد، ولذلك لا داعي لإقامة أفريكوم فوق الصحراء الإفريقية، من خلا إيجاد البديل العسكري في إنشاء قوات مشتركة مع دول الساحل والصحراء (الجزائر ومالي وموريتانيا والنيجر وبوكينا فاصو) وقد انسحبت ليبيا لأسباب غير واضحة.

وكانت الجزائر تسابق الزمن من أجل تشكيل قوات عسكرية مشتركة من دون المغرب، ووضع خطّة عملية بإشراف الإتحاد الإفريقي لمحاربة الإرهابيين سنة 2002 م.دخلت هذه الخطة حيز التنفيذ سنة 2009 م في اجتماع أول في سيرت الليبية. والثاني في تمنراست أقصى جنوب الجزائر، حيث تم اجتماع بين قيادات أركان أربع دول هي الجزائر وموريتانيا ومالي والنيجر لتشكيل أول قوة عسكرية قوامها 25 ألف جندي، مشكلة من الجيوش النظامية لدول الخمس (إضافة للدولة المذكورة أعلاه ليبيا) بالتعاون مع الميليشيا القبلية المنتشرة في الصحراء. تُساهم الجزائر على حسب الاتفاق بـ 7 آلاف جندي ودركي، بينما تساهم ليبيا بالدعم المالي، إضافة إلى جهود القيادة الليبية في إقناع كافّة القبائل التي تدين بالولاء والصداقة لمعمر القذافي، إضافة أن تسهر ليبيا على حراسة حدودها مع النيجر والجزائر دون أن تشارك في القوة العسكرية المشتركة، قبل أن تقرر ليبيا الانسحاب من هذه القوات لأسباب لا تزال غامضة.

ويراهن المغرب على عودته القوية ضمن قوات أجنبية، اعتبارا من أن تجربة حلف الجزائر قد لا تنجح لصعوبات في التنسيق والنقص في الخبرة والتقنية والعتاد...، بحيث لا يستطيع تحقيق أهداف العملية العسكرية.

تحديات قوية يستند إليها المغرب في التنبؤ بفشل المحاولة الجزائرية، تجد قوتها في ما أكدته تقارير استخباراتية، من أن القاعدة واستباقا منها لأي هجوم محتمل، قامت ببناء تحصينات منيعة تحسبا لتعرضهم لغارات جوية محتملة. وفي الوقت الراهن يصعب الوصول إلى مقاتلي القاعدة المنظمين جيدا والذين يتمتعون بسرعة الحركة والمستفيدين من الفديات المالية التي يحصلون عليها مقال إفراجهم عن رهائن غربيين ومشاركتهم في عدة عمليات تهريب، لكن منذ عدة أشهر جددت فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية تأكيد إرادتها على مساعدة دول الساحل والصحراء على مكافحة الإرهاب. من أجل استئصال وحدات القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يركز الخبراء على ضرورة استعمال الوسائل الجوية.

ويرى بعض المتتبعين أن هذه التقديرات المغربية تأتي منسجمة لما يقوم به الفرنسيون من إعداد مقترح خطة عسكرية بديلة تقدم ضمن مبادرة أورو-ساحلية مستقبلية يجري تطويرها حاليا.

محلل سياسـي

elfathifattah@yahoo.fr




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات