بقلم: محمد أبو علان
في ظل التطور التكنولوجي والعلمي باتت المدونات أداة واسعة التأثير في العالم العربي، وأخذت تلعب دوراً جيداً في إثارة وتحريك الرأي العام المحلي تجاه القضايا العامة خاصة الانتهاكات التي تتعرض لها حرية الرأي والتعبير، وفي قضايا الفساد وانتهاكات حقوق الإنسان بشكل عام.
تقرير الانترنت والاتصالات العربية 2009 والصادر عن "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" تحدث عن أهمية المدونات في العالم العربي قائلاً: "نجح المدونون العرب في لعب دور جوهري في الساحة السياسية، و الضغط على الدولة للتحرك في عدة قضايا هامة مثل قضية التعذيب في مصر و التي أصبحت نمط سائد خلال حكم الرئيس مبارك لمصر، يستخدمه ضباط الشرطة ضد المواطنين بهدف العقاب أو انتزاع الاعترافات، أو حتى إثبات لوجود هيبة الدولة".
وفي المغرب يلعب المدونون المغاربة دوراً كبيراً أيضاً في إثارة الرأي العام تجاه قضايا قمع الحريات، والفساد الحكومي وانتهاكات حقوق الإنسان، وفي الأسبوع الأخير خاض المدونين المغاربة إضراباً لمدة أسبوع ضد القمع والاعتقالات والأحكام بالحبس التي يتعرض لها المدونين في المغرب.
في فلسطين المحتلة بدأت ظاهرة التدوين بالانتشار، وهناك مئات المدونين الفلسطينيين على العديد من الشبكات والمواقع العربية والأجنبية التي تستضيف المدونات الشخصية، ويكفي في هذا الإطار أن نعلم أن موقع "شبكة أمين الإعلامية" تضم في الموقع الخاص بمدوناتها حوالي (526) مدونة مع الملاحظة أن جزء كبير منها يحتاج لتفعيل وتنشيط من أصحابها، ولكن المهم في هذا الجانب هو زرع وتعزيز ثقافة التدوين، والسعي لجعل منها وسيلة ذات تأثيرات إيجابية في القطاع الإعلامي والاجتماعي والسياسي.
وما يعطي المدونات مزيد من الأهمية هو اتساع ظاهرة الإعلام البديل والتي تعتبر المدونات إحدى قطاعاته الرئيسة والهامة، بالتالي على المدونين الفلسطينيين الخروج من دائرة الفردية والعمل باتجاه إنشاء اتحاد للمدونين الفلسطينيين يكون بمثابة جسم إعلامي جديد على الساحة الإعلامية يلعب دوراً على المستويين المحلي والعربي.
على المستوى المحلي يمكن أن يكون هذا الاتحاد أداة فاعلة في توحيد وتجنيد الرأي العام الفلسطيني في القضايا ذات الطابع الداخلي مثل القضايا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والصحية.....الخ، وحال تكللت الجهود بإنشاء اتحاد مدونين مهني وقوي يمكن له كذلك أن يكون جزء فاعل في إطار السلطة الرابعة (إن صلح حالها، وتغير واقعها الحالي) في الرقابة على الأداء المؤسساتي الفلسطيني الرسمي والأهلي، وعلى مستوى الخدمات المقدمة، ومدى القيام بالمسئوليات الملقاة على عاتق هذا القطاع المؤسساتي.
ويمكن للمدونين الفلسطينيين في حال عملهم كجسم واحد أن يشكلوا مجتمعين ضمانة إضافية لحماية حرية الإعلام، وحقوق الإنسان عبر متابعة ما يجري من انتهاكات في هذا المجال والعمل على توثيقها وفضحها إعلامياً.
وعلى المستوى العربي يمكن لإتحاد المدونين الفلسطينيين أن يلعب دوراً كبيراً فيما يتعلق بقضيتنا الوطنية، والمساهمة في الفضح الإعلامي لجرائم الاحتلال اليومية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في شتى المجالات، ويكون ذلك من خلال بناء شبكة علاقات مع مدونين عرب يسهمون في دعم الحملات الفلسطينية ذات الطابع الوطني على مستوى العالم العربي ككل.
فالنشر عبر المدونات تعتبر من المسائل السهلة والسريعة كون الأمر لا يحتاج لأية إجراءات وبروتوكولات، ولا لتصريح لا من رئيس التحرير ولا من غيره، بل يتم النشر من قبل المدون نفسه في الوقت الذي يقرره هو، مع التأكيد أن الأمر في هذا الحال لا يعني بأي شكل من الأشكال الفوضى المطلقة، أو النشر من أجل النشر فقط، بل يكون تبني ونشر أية قضية أو خبر بعد التأكد من صحته وصدق ما به من معطيات وتفاصيل.
وقد يكون حجم الهجمة التي تتعرض لها المدونات من عمليات حجب في بعض الدول العربية، والاعتقالات التي يتعرض المدونون في تونس ومصر والمغرب والسعودية وغيرها من الدول العربية لدليل واضح على أهمية المدونات والدور الذي يقوم فيه المدونون في العالم العربي.
في النهاية قد يكون تشكيل اتحاد للمدونين الفلسطينيين ليس بالأمر السهل في هذه المرحلة ولكنه ليس مستحيلاً بالتأكيد، إلا أن بدء التفكير بهذا الاتجاه، ومحاولة تجنيد نواة من المدونين الفلسطينيين لوضع الأسس العامة لإطلاق مثل هذا الاتحاد قد تكون فكرة جيدة للنقاش.
moh-abuallan@hotmail.com
التعليقات (0)