لم يبق الكثير امام الرئيس علي عبدالله صالح ..لوضع اللمسات الاخيرة على الخاتمة الاحتفالية والمنتظرة لسياسته الفارقة في تخليق وتنمية الازمات في اليمن.. ولن تكون هناك جوهرة تكلل عقده الفريد المنظوم من عديد الجهات التي دفعها للتدخل المباشر في يمنه السعيد .. اغلى واهم من الولايات المتحدة الامريكية نفسها.. لتكون درة التاج لسلسلة طويلة ومكرورة حد الملل -المترتب على التوقع المسبق للحركة التالية-من سياسة الاستقواء على الشعب اليمني من خلال المهارة السلسة اللافتة في استجلاب الدعم الخارجي وصناعة الفزاعات الامنية التي يلوح بها لمن يراه الاكفأ والاقدر –مرحليا- على خدمة الهدف الاسمى المتمثل في الابقاء على حكم عائلي مفرط في اللاشرعية..
نسمع اليوم وبكثافة عن اكتشاف العالم –وعن طريق الصدفة البحتة-انتشار القاعدة في اليمن..وبتزامن غريب..تغرقنا وكالات الانباء ..وبتركيز واهتمام متعاظم..بتفاصيل هذا التواجد واسماء قيادييه وتنظيماته والمناطق التي يستهدفها نشاطهم..ويضطرنا هذا الاسهال الاعلامي المغرق الى المراجعة المستمرة غير المصدقة ..لانفسنا اولا..ولتاريخ نشر هذا الكم المتورم من الاخبار..
فاين كان العالم كل هذه السنين..واين كان الاعتدال العربي..واين كانت امريكا..الم تسمع قبلها بالمدمرة كول..او بالنفق الذي هرب عبره اعتى مجرمي القاعدة..الم تسمع بعلاقات الحكم بالارهاب .. واستقدام العناصر السلفية واستنباتهم انباتا في الارض اليمنية..الم تسمع بتناديه مع البعثيين واسترزاقهم كقوة مأمونة الجانب ضد ابناء الشعب اليمني المسالم.
وهل غارة او اثنين في شمال اليمن كافية لكل هذا الترحيب الدامع العينين انفعالا وغبطة من قبل النظام الرسمي العربي وكل هذه الايادي المشرعة تجاه التدخل الامريكي في اليمن..والام يراد للامور ان تصل..
اسئلة قد يحتاج الرئيس الامريكي باراك اوباما الى استحضار كل مهاراته البلاغية وما تحصل عليه من ممارسته الطويلة للمحاماة وفنون الخطابة في صياغة جواب معقول ومقنع لها..وخصوصا وان وضعه كاحدث حاملي جائزة نوبل للسلام قد يتعرض للاحراج وهو يتدخل لمصلحة نظام له تفرد وباع طويل في انتهاك حقوق الانسان..وفي حالة حرب معلنة مع جزء مهم من شعبه في شمال الوطن وجنوبه ومتقاطع سياسيا مع اغلب القوى الفاعلة على الارض اليمنية..وقد يكون الجزء الاصعب هو تبرير الاصطفاف مع نظام تسببت سياسته الاستئثارية وتغليبه الولاء القبلي والعائلي في افقار البلاد ووضعها على شفير الافلاس..
يقول السيد عبد الغني الارياني" ان الدائرة المقربة من الرئيس علي عبد الله صالح، الذي يتولى السلطة لأكثر من 30 عاما، خلقت نظاما حيث المحسوبية متفشية والنظام القضائي لا يعمل على الإطلاق.ويضيف ان " الانخفاض في عائدات النفط، وزيادة عبء الحفاظ على شبكة من الاقرباء والاصدقاء، والصراعات المختلفة هنا وهناك، ستفلس الخزينة في نحو عام".
مثل هذه الطروحات قد تدفعنا للاعتقاد ان التدخل الامريكي العسكري في اليمن قد لا يحسب الا كنوع من التعامي والتساذج المقصود تجاه المشكلة الاساسية التي يعاني منها اليمن الا وهي النظام الديكتاتوري القمعي المتهالك المسخر لامكانيات ومقدرات شعبه وثروته الوطنية في شراء الدعم القبلي والطائفي ولبرنامجه التقليدي والخاص في التوريث..وان الحل المؤدي لتخفيف كل احتقانات المنطقة يبدأ من بوابة ازالة هذا النظام المنتهي الصلاحية.. او تركه ليسقط تلقائيا على الاقل..وان استمرار الدول الغربية والعربية –المعتدلة- في دعمه لن يؤدي الا الى اطالة عمره-سريريا-رغم الكلفة الباهظة امنيا واقتصاديا وحتى بشريا التي تدفعها الدول المعنية لاجل هذه الغاية غير المبررة وغير الاخلاقية..بسبب التبني المعلن للنظام لاسلوب افتعال المشاكل وتأزيمها استسقاءً لمدرار الدعم والمساعدات الخارجية..
يقول السيد أبو بكر القربي وزير الخارجية اليمني "ان الشراكة مع الولايات المتحدة متينة ولكنهم يخشون من تركيز أميركا على مكافحة الإرهاب من دون معالجة المشاكل اليمنية الاجتماعية والاقتصادية."..ولماذا لم تعمل انت وحكومتك بهذه النصيحة يا سيدي..
ان التدخل الغربي ..وبهذه الطريقة الانتقائية المغرقة بالانانية..والتعاطي مع العوارض وترك المسبب الاصلي لهذا التسرطن الوبائي الذي تشهده اليمن يعد وبكل المقاييس تشخيصا خاطئا-في حالة افتراض حسن النية-للحالة المتردية المهيئة للتفجر والتمدد على مجمل الساحة الخليجية..وقد نشهد قريبا موجة من عض الاصابع تتجاوز بمراحل نتائج القراءة القصدية الخطأ للوضع العراقي التي اسرف العرب في تبنيها والبناء على معطياتها الافتراضية..وصدقاً..وبامانة تامة..لن تتمكن الدول المعنية من ايجاد ارض بديلة للصراع في المستقبل القريب المنظور..
التعليقات (0)