مواضيع اليوم

تسمية سورة الكهف

ريم ملاك

2012-09-22 08:45:46

0

 تسمية سورة الكهف

“إذ أوى الفتية إلى الكهف فقالوا ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيئ لنا من أمرنا رشد” فاستجاب لهم ربهم

سميت “سورة الكهف” لما فيها من المعجزة الربانية، في تلك القصة العجيبة الغريبة قصة أصحاب الكهف.
خلاصة قصة أصحاب الكهف كما ذكرها المفسرون، أن ملكاً جباراً يسمى دقيانوس، ظهر على بلدةٍ من بلاد الروم تدعى “طرطوس”، بعد زمن عيسى عليه السلام، وكان يدعو الناس إلى عبادة الأصنام ويقتل كل مؤمن لا يستجيب لدعوته الضالة، حتى عظمت الفتنة على أهل الإِيمان، فلما رأى الفتية ذلك حزنوا حزناً شديداً وبلغ خبرهُم الملك الجبار فبعث في طلبهم فلما مثلوا عند الملك توعدهم بالقتل إن لم يعبدوا الأوثان ويذبحوا للطواغيت، فوقفوا في وجهه وأظهروا إيمانهم وقالوا {رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَهًا}
فقال لهم: إنكم فتيانٌ حديثةٌ أسنانكم وقد أخّرتكم إلى الغد لتروا رأيكم، فهربوا ليلاً ومرّوا براعٍ معه كلب فتبعهم فلما كان الصباح آووا إلى الكهف وتبعهم الملك وجنده فلما وصلوا إلى الكهف هاب الرجال وفزعوا من الدخول عليهم،
فقال الملك: سدّوا عليهم باب الغار حتى يموتوا فيه جوعاً وعطشاً، وألقى الله على أهل الكهف النوم فبقوا نائمين وهم لا يدرون ثلاث مئة وتسع سنين ثم أيقظهم الله وظنوا أنهم أقاموا يوماً أو بعض يوم، وشعروا بالجوع فبعثوا أحدهم ليشتري لهم طعاماً وطلبوا منه التخفي والحذر فسار حتى وصل البلدة فوجد معالمها قد تغيرت ولم يعرف أحداً من أهلها فقال في نفسه: لعلي أخطأت الطريق إلى البلدة ثم اشترى طعاماً ولما دفع النقود للبائع جعل يقلبها في يده، ويقول: من أين حصلت على هذه النقود؟ واجتمع الناس وأخذوا ينظرون لتلك النقود ويعجبون، ثم قالوا من أنت يا فتى لعلك وجدت كنزاً؟ فقال لا والله ما وجدت كنزاً إنها دراهم قومي، قالوا له إنها من عهد بعيد ومن زمن الملك دقيانوس، قال: وما فعل دقيانوس؟ قالوا مات من قرون عديدة، قال والله ما يصدقني أحد بما أقوله: لقد كنا فتيةً وأكرهنا الملك على عبادة الأوثان فهربنا منه عشية أمس فأوينا إلى الكهف فأرسلني أصحابي اليوم لأشتري لهم طعاماً، فانطلقوا معي إلى الكهف أريكم أصحابي، فتعجبوا من كلامه ورفعوا أمره إلى الملك - وكان مؤمناً صالحاً - فلما سمع خبره خرج الملك والجند وأهل البلدة وحين وصلوا إلى الغار سمعوا الأصوات وجلبَة الخيل فظنوا أنهم رسل دقيانوس فقاموا إلى الصلاة فدخل الملك عليهم فرآهم يصلون فلما انتهوا من صلاتهم عانقهم الملك وأخبرهم أنه رجل مؤمن وأن دقيانوس قد هلك من زمن بعيد وسمع كلامهم وقصتهم وعرف أن الله بعثهم ليكون أمرهم آية للناس ثم ألقى الله عليهم النوم وقبض أرواحهم فقال الناس: لنتخذن عليهم مسجداً.
------------------------------------------------------------
من الاية 1 الى الاية 4

الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا (1) قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً (2) مَاكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (3) وَيُنذِرَ الَّذِينَ قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4)

تبدأ السورة بالحمد لله الذي أنزل على عباده الكتاب للإنذار والتبشير . تبشير المؤمنين وإنذار الذين قالوا:اتخذ الله ولدا ; وتقرير أن ما على الأرض من زينة إنما هو للابتلاء والاختبار , والنهاية إلى زوال وفناء .
بدء فيه استقامة , وفيه صرامة . وفيه حمد لله على إنزاله الكتاب (على عبده) بهذه الاستقامة , لا عوج فيه ولا التواء , ولا مداراة ولا مداورة: (لينذر بأسا شديدا من لدنه).
ومنذ الآية الأولى تتضح المعالم , فلا لبس في العقيدة ولا غموض:الله هو الذي أنزل الكتاب , والحمد له على تنزيله . ومحمد هو عبد لله . فالكل إذن عبيد , وليس لله من ولد ولا شريك .
والكتاب لا عوج له . .(قيما). . يتكرر معنى الاستقامة مرة عن طريق نفي العوج , ومرة عن طريق إثبات الاستقامة . توكيدا لهذا المعنى وتشديدا فيه .
والغرض من إنزال الكتاب واضح صريح: (لينذر بأسا شديدا من لدنه , ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا حسنا).
ويغلب ظل الإنذار الصارم في التعبير كله . فهو يبدأ به على وجه الإجمال: (لينذر بأسا شديدا من لدنه). ثم يعود إليه على وجه التخصيص:(وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا). . وبينهما تبشير للمؤمنين (الذين يعملون الصالحات)بهذا القيد الذي يجعل للإيمان دليله العملي الظاهر المستند إلى الواقع الأكيد .

في هذه الآيات
يأخذ في كشف المنهج الفاسد الذي يتخذونه للحكم على أكبر القضايا وأخطرها . قضية العقيدة:
(ما لهم به من علم ولا لآبائهم). .
فما أشنع وما أفظع أن يفضوا بهذا القول بغير علم , هكذا جزافا:
(كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا). .
وتشترك الألفاظ بنظمها في العبرة وجرسها في النطق في تفظيع هذه الكلمة التي يقولونها . فهو يبدأ بكلمة(كبرت)لتجبه السامع بالضخامة والفظاعة وتملأ الجو بهما . ويجعل الكلمة الكبيرة تمييزا لضميرها في الجملة: (كبرت كلمة)زيادة في توجيه الانتباه إليها . ويجعل هذه الكلمة تخرج من أفواههم خروجا كأنما تنطلق منها جزافا وتندفع منها اندفاعا (تخرج من أفواههم). وتشارك لفظة(أفواههم)بجرسها الخاص في تكبير هذه الكلمة وتفظيعها , فالناطق بها يفتح فاه في مقطعها الأول بما فيه من مد:(أفوا …)ثم تتوالى الهاءان فيمتلى ء الفم بهما قبل أن يطبق على الميم في نهاية اللفظة:(أفواههم). وبذلك يشترك نظم الجملة وجرس اللفظة في تصوير المعنى ورسم الظل . ويعقب على ذلك بالتوكيد عن طريق النفي والاستثناء: (إن يقولون إلا كذبا):ويختار للنفي كلمة:(إن)لا كلمة “ما” لأن في الأولى صرامة بالسكون الواضح , وفي لفظ “ما” شيء من الليونة بالمد . . وذلك لزيادة التشديد في الاستنكار , ولزيادة التوكيد لكذب هذه الكلمة الكبيرة . .
مواساة الرسول على ما يلاقيه من قومه والإبتلاء بالحياة الدنيا
وفيما يشبه الإنكار يخاطب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان يحزنه أن يكذب قومه بالقرآن ويعرضوا عن الهدى , ويذهبوا في الطريق الذي يعلم صلى الله عليه وسلم أنه مود بهم إلى الهلاك . . فيما يشبه الإنكار يقول للرسول عليه السلام:
(فلعلك باخع نفسك على آثارهم . إن لم يؤمنوا بهذا الحديث . أسفا)!
أي فلعلك قاتل نفسك أسفا وحزنا عليهم , إن لم يؤمنوا بهذا القرآن . وما يستحق هؤلاء أن تحزن عليهم وتأسف . فدعهم فقد جعلنا ما على الأرض من زخرف ومتاع , وأموال وأولاد . . جعلناه اختبارا وامتحانا لأهلها , ليتبين من يحسن منهم العمل في الدنيا , ويستحق نعمتها , كما يستحق نعيم الآخرة:
(إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا).
والله يعلم . ولكنه يجزي على ما يصدر من العباد فعلا , وما يتحقق منهم في الحياة عملا . ويسكت عمن لا يحسنون العمل فلا يذكرهم لأن مفهوم التعبير واضح .
ونهاية هذه الزينة محتومة . فستعود الأرض مجردة منها , وسيهلك كل ما عليها , فتصبح قبل يوم القيامة سطحا أجرد خشنا جديا:
(وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا). .
وفي التعبير صرامة , وفي المشهد الذي يرسمه كذلك . وكلمة(جرزا)تصور معنى الجدب بجرسها اللفظي . كما أن كلمة(صعيدا)ترسم مشهد الاستواء والصلادة !

------------------------------------------------------------
الجزء الخامس من سلسلة بين يدي سورة الكهف
من الاية9 ـــــ الاية 13

إن الطريقة التي اتبعت في عرض هذه القصة من الناحية الفنية هي طريقة التلخيص الإجمالي أولا , ثم العرض التفصيلي أخيرا . وهي تعرض في مشاهد وتترك بين المشاهد فجوات يعرف ما فيها من السياق . وهي تبدأ هكذا:
أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من آياتنا عجبا . إذ أوى الفتية إلى الكهف , فقالوا:ربنا آتنا من لدنك رحمة , وهيء لنا من أمرنا رشدا . فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عددا , ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا .
وهي تلخيص يجمل القصة , ويرسم خطوطها الرئيسية العريضة . فنعرف أن أصحاب الكهف فتية - لا نعلم عددهم - آووا إلى الكهف وهم مؤمنون . وأنه ضرب على آذانهم في الكهف - أي ناموا - سنين معدودة - لا نعلم عددها - وأنهم بعثوا من رقدتهم الطويلة . وأنه كان هناك فريقان يتجادلان في شأنهم ثم لبثوا في الكهف فبعثوا ليتبين أي الفريقين أدق إحصاء . وأن قصتهم على غرابتها ليست بأعجب آيات الله . وفي صفحات هذا الكون من العجائب وفي ثناياه من الغرائب ما يفوق قصة أصحاب الكهف والرقيم .
وبعد هذا التلخيص المشوق للقصة يأخذ السياق في التفصيل . ويبدأ هذا التفصيل بأن ما سيقصه الله منها هو فصل الخطاب في الروايات المتضاربة , وهو الحق اليقين:
نحن نقص عليك نبأهم بالحق . إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى . وربطنا على قلوبهم إذ قاموا فقالوا:ربنا رب السماوات والأرض , لن ندعو من دونه إلها . لقد قلنا إذن شططا . هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة . لولا يأتون عليهم بسلطان بين . فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ? وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون - إلا الله - فأووا إلى الكهف , ينشر لكم ربكم من رحمته , ويهيء لكم من أمركم مرفقا .
هذا هو المشهد الأول من مشاهد القصة . (إنهم فتية آمنوا بربهم). . (وزدناهم هدى) بإلهامهم كيف يدبرون أمرهم

سلسلة بين يدي سورة الكهف:
====================
الجزء السادس
من الاية 14 ــــــــــ الاية 16
====================
بسم الله الرحمن الرحيم
وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُوا فَقَالُوا رَبُّنَا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَ مِنْ دُونِهِ إِلَٰهًا ۖ لَقَدْ قُلْنَا إِذًا شَطَطًا ﴿14﴾ هَٰؤُلَاءِ قَوْمُنَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً ۖ لَوْلَا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطَانٍ بَيِّنٍ ۖ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا ﴿15﴾وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقًا:

سبحان الله إذ يزرع في قلب الإنسان الايمان, يجعل كل خوف ينفر عنه, ويرزقه الثبات و العزم,و يصغر الدنيا بعينه, إن الجنان هي مكانه الأبدي و دار سعادته و رخائه
كذلك ما كان من قصة أصحاب الكهف, إذ نتأمل في تفسير الآيات المذكورة قوة ايمانهم ,وذلك مقتبس من كتاب ظلال القرآن لسيد قطب:
(وربطنا على قلوبهم) فإذا هي ثابتة راسخة , مطمئنة إلى الحق الذي عرفت . معتزة بالإيمان الذي اختارت (إذ قاموا). . والقيام حركة تدل على العزم والثبات . (فقالوا:ربنا رب السماوات والأرض). . فهو رب هذا الكون كله (لن ندعو من دونه إلها). . فهو واحد بلا شريك . (لقد قلنا إذن شططا). . وتجاوزنا الحق وحدنا عن الصواب .
ثم يلتفتون إلى ما عليه قومهم فيستنكرونه , ويستنكرون المنهج الذي يسلكونه في تكوين العقيدة:
(هؤلاء قومنا اتخذوا من دونه آلهة . لولا يأتون عليهم بسلطان بين ?). .
فهذا هو طريق الاعتقاد:أن يكون للإنسان دليل قوي يستند إليه , وبرهان له سلطان على النفوس والعقول . وإلا فهو الكذب الشنيع , لأنه الكذب على الله: (فمن أظلم ممن افترى على الله كذبا ?). .
وإلى هنا يبدو موقف الفتية واضحا صريحا حاسما , لا تردد فيه ولا تلعثم . . إنهم فتية , أشداء في أجسامهم , أشداء في إيمانهم . أشداء في استنكار ما عليه قومهم . .
ولقد تبين الطريقان , واختلف المنهجان . فلا سبيل إلى الالتقاء , ولا للمشاركة في الحياة . ولا بد من الفرار بالعقيدة . إنهم ليسوا رسلا إلى قومهم فيواجهوهم بالعقيدة الصحيحة ويدعوهم إليها , ويتلقوا ما يتلقاه الرسل . إنما هم فتية تبين لهم الهدى في وسط ظالم كافر , ولا حياة لهم في هذا الوسط إن هم أعلنوا عقيدتهم وجاهروا بها , وهم لا يطيقون كذلك أن يداروا القوم ويراوردهم , ويعبدوا ما يعبدون من الآلهة على سبيل التقية ويخفوا عبادتهم لله . والأرجح أن أمرهم قد كشف . فلا سبيل لهم إلا أن يفروا بدينهم إلى الله , وأن يختاروا الكهف على زينة الحياة . وقد أجمعوا أمرهم فهم يتناجون بينهم:
وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون - إلا الله - فأووا إلى الكهف , ينشر لكم ربكم من رحمته , ويهيء لكم من أمركم مرفقا . .
وهنا ينكشف العجب في شأن القلوب المؤمنة . فهؤلاء الفتية الذين يعتزلون قومهم , ويهجرون ديارهم , ويفارقون أهلهم . ويتجردون من زينة الأرض ومتاع الحياة . هؤلاء الذين يأوون إلى الكهف الضيق الخشن المظلم . هؤلاء يستروجون رحمة الله . ويحسون هذه الرحمة ظليلة فسيحة ممتدة . (ينشر لكم ربكم من رحمته) ولفظة (ينشر) تلقي ظلال السعة والبحبوحة والانفساح . فإذا الكهف فضاء فسيح رحيب وسيع تنتشر فيه الرحمة وتتسع خيوطها وتمتد ظلالها , وتشملهم بالرفق واللين والرخاء . . إن الحدود الضيقة لتنزاح , وإن الجدران الصلدة لترق , وإن الوحشة الموغلة لتشف , فإذا الرحمة
والرفق والراحة والارتفاق .
إنه الإيمان . .
مقتبس بتصرف
------------------------------------------------------
الجزء السابع

من الايه 17 ــــــــــ الاية 19
================
و نستكمل معكم تفسير سورة الكهف, إذ وصلنا في الجزء الماضي إلى قصة أصحاب الكهف وما ذكر من جميل الآيات في وصف قوة ايمانهم, الآيات التالية تعرض لنا من حالهم و هيئتهم في الكهف و كيف تجلت عظمة الخالق في حفظهم, نضع بين يديكم مقتبسا من تفسير ظلال القرآن:
وهو مشهد تصويري عجيب , ينقل بالكلمات هيئة الفتية في الكهف , كما يلتقطها شريط متحرك . والشمس تطلع على الكهف فتميل عنه كأنها متعمدة . ولفظ(تزاور)تصور مدلولها وتلقي ظل الإرادة في عملها . والشمس تغرب فتجاوزهم إلى الشمال وهم في فجوة منه . .
وقبل أن يكمل نقل المشهد العجيب يعلق على وضعهم ذاك بأحد التعليقات القرآنية التي تتخلل سياق القصص لتوجيه القلوب في اللحظة المناسبة :
(ذلك من آيات الله). . وضعهم هكذا في الكهف والشمس لا تنالهم بأشعتها وتقرب منهم بضوئها . وهم في مكانهم لا يموتون ولا يتحركون .
(من يهد الله فهو المهتد . ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشدا). . وللهدى والضلال ناموس . فمن اهتدى بآيات الله فقد هداه الله وفق ناموسه وهو المهتدي حقا . ومن لم يأخذ بأسباب الهدى ضل , وجاء ضلاله وفق الناموس الإلهي فقد أضله الله إذن , ولن تجد له من بعد هاديا .
ثم يمضي السياق يكمل المشهد العجيب . وهم يقلبون من جنب إلى جنب في نومتهم الطويلة . فيحسبهم الرائي أيقاظا وهم رقود . وكلبهم - على عادة الكلاب - باسط ذراعيه بالفناء قريبا من باب الكهف كأنه يحرسهم . وهم في هيئتهم هذه يثيرون الرعب في قلب من يطلع عليهم . إذ يراهم نياما كالأيقاظ , يتقلبون ولا يستيقظون . وذلك من تدبير الله كي لا يبعث بهم عابث , حتى يحين الوقت المعلوم .
وفجأة تدب فيهم الحياة . فلننظر ولنسمع:
وكذلك بعثناهم ليتساءلوا بينهم . قال قائل منهم:كم لبثتم ? قالوا:لبثنا يوما أو بعض يوم . قالوا:ربكم أعلم بما لبثتم , فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة , فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا . إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم , ولن تفلحوا إذن أبدا . .
إن السياق يحتفظ بالمفاجأة في عرض القصة , فيعرض هذا المشهد , والفتية يستيقظون وهم لا يعرفون كم لبثوا منذ أن أدركهم النعاس . . إنهم يفركون أعينهم , ويلتفت أحدهم إلى الآخرين فيسأل:كم لبثتم ? كما يسأل من يستيقظ من نوم طويل . ولا بد أنه كان يحس بآثار نوم طويل . (قالوا:لبثنا يوما أو بعض يوم)!
ثم رأوا أن يتركوا هذه المسألة التي لا طائل وراء البحث فيها , ويدعو أمرها لله - شأن المؤمن في كل ما يعرض له مما يجهله - وأن يأخذوا في شأن عملي . فهم جائعون . ولديهم نقود فضية خرجوا بها من المدينة: (قالوا:ربكم أعلم بما لبثتم , فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة , فلينظر أيها أزكى طعاما فليأتكم برزق منه).. أي فليختر أطيب طعام في المدينة فليأتكم بشيء منه .
وهم يحذرون أن ينكشف أمرهم ويعرف مخبؤهم , فيأخذهم أصحاب السلطان في المدينة فيقتلوهم رجما - بوصفهم خارجين على الدين لأنهم يعبدون إلها واحدا في المدينة المشركة ! - أو يفتنوهم عن عقيدتهم بالتعذيب . وهذه هي التي يتقونها . لذلك يوصون الرسول أن يكون حذرا لبقا: وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا . إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا . . فما يفلح من يرتد عن الإيمان إلى الشرك , وإنها للخسارة الكبرى .
وهكذا نشهد الفتية يتناجون فيما بينهم , حذرين خائفين , لا يدرون أن الأعوام قد كرت , وأن عجلة الزمن قد دارت , وأن أجيالا قد تعاقبت , وأن مدينتهم التي يعرفونها قد تغيرت معالمها , وأن المتسلطين الذين يخشونهم على عقيدتهم قد دالت دولتهم , وأن قصة الفتية الذين فروا بدينهم في عهد الملك الظالم قد تناقلها الخلف عن السلف ; وأن الأقاويل حولهم متعارضة ; حول عقيدتهم , وحول الفترة التي مضت منذ اختفائهم .
مقتبس بتصرف
---------------------------------------

الجزء الثامن

من الايه 20ــــــــ21
======================
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا (20)
(ص 296)
وَكَذَٰلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا إِذْ يَتَنَازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ ۖ فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا ۖ رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ ۚ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَىٰ أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا (21)

بين يدي سورة الكهف:
هذه الآيات تبيّن حال الفتية في الكهف ، وكيف أن الله سبحانه نجّاهم وجعلهم آية
وهم يحذرون أن ينكشف أمرهم ويعرف مخبؤهم , فيأخذهم أصحاب السلطان في المدينة فيقتلوهم رجما - بوصفهم خارجين على الدين لأنهم يعبدون إلها واحدا في المدينة المشركة ! - أو يفتنوهم عن عقيدتهم بالتعذيب . وهذه هي التي يتقونها . لذلك يوصون الرسول أن يكون حذرا لبقا: وليتلطف ولا يشعرن بكم أحدا . إنهم إن يظهروا عليكم يرجموكم أو يعيدوكم في ملتهم ولن تفلحوا إذا أبدا . . فما يفلح من يرتد عن الإيمان إلى الشرك , وإنها للخسارة الكبرى .
وهكذا نشهد الفتية يتناجون فيما بينهم , حذرين خائفين , لا يدرون أن الأعوام قد كرت , وأن عجلة الزمن قد دارت , وأن أجيالا قد تعاقبت , وأن مدينتهم التي يعرفونها قد تغيرت معالمها , وأن المتسلطين الذين يخشونهم على عقيدتهم قد دالت دولتهم , وأن قصة الفتية الذين فروا بدينهم في عهد الملك الظالم قد تناقلها الخلف عن السلف ; وأن الأقاويل حولهم متعارضة ; حول عقيدتهم , وحول الفترة التي مضت منذ اختفائهم .
وهنا يسدل الستار على مشهدهم في الكهف ليرفع على مشهد آخر . وبين المشهدين فجوة متروكة في السياق القرآني .
ونفهم أن أهل المدينة اليوم مؤمنون , فهم شديدو الحفاوة بالفتية المؤمنين بعد أن انكشف أمرهم بذهاب أحدهم لشراء الطعام , وعرف الناس أنه أحد الفتية الذين فروا بدينهم منذ عهد بعيد .
ولنا أن نتصور ضخامة المفاجأة التي اعترت الفتية - بعد أن أيقن زميلهم أن المدينة قد مضى عليها العهد الطويل منذ أن فارقوها ; وأن الدنيا قد تبدلت من حولهم فلم يعد لشيء مما ينكرونه ولا لشيء مما يعرفونه وجود ! وأنهم من جيل قديم مضت عليه القرون . وأنهم أعجوبة في نظر الناس وحسهم , فلن يمكن أن يعاملوهم كبشر عاديين . وأن كل ما يربطهم بجيلهم من قرابات ومعاملات ومشاعر وعادات وتقاليد . . كله قد تقطع , فهم أشبه بالذكرى الحية منهم بالأشخاص الواقعية . . فيرحمهم الله من هذا كله فيتوفاهم .
لنا أن نتصور هذا كله . أما السياق القرآني فيعرض المشهد الأخير , مشهد وفاتهم , والناس خارج الكهف يتنازعون في شأنهم:على أي دين كانوا , وكيف يخلدونهم ويحفظون ذكراهم للأجيال . ويعهد مباشرة إلى العبرة المستقاة من هذا الحادث العجيب:
(وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق , وأن الساعة لا ريب فيها . إذ يتنازعون بينهم أمرهم , فقالوا:ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم . قال الذين غلبوا على أمرهم:لنتخذن عليهم مسجدا).
إن العبرة في خاتمة هؤلاء الفتية هي دلالتها على البعث بمثل واقعي قريب محسوس . يقرب إلى الناس قضية البعث . فيعلموا أن وعد الله بالبعث حق , وأن الساعة لا ريب فيها . . وعلى هذا النحو بعث الله الفتية من نومتهم وأعثر قومهم عليهم .
وقال بعض الناس: (ابنوا عليهم بنيانا)لا يحدد عقيدتهم (ربهم أعلم بهم)وبما كانوا عليه من عقيدة . وقال أصحاب السلطان في ذلك الأوان: (لنتخذن عليهم مسجدا)والمقصود معبد , على طريقة اليهود والنصارى في اتخاذ المعابد على مقابر الأنبياء والقديسين . وكما يصنع اليوم من يقلدونهم من المسلمين مخالفين لهدى الرسول صلى الله عليه وسلّم ” لعن الله اليهود والنصارى , اتخذوا قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد ” .
--------------------------------------------
الجزء التاسع

من الاية 21 ـــــــــــ24
==============

سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ ۖ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ۚ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِمْ مَا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ ۗ فَلَا تُمَارِ فِيهِمْ إِلَّا مِرَاءً ظَاهِرًا وَلَا تَسْتَفْتِ فِيهِمْ مِنْهُمْ أَحَدًا (22)
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23)
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24)

(سيقولون:ثلاثة رابعهم كلبهم , ويقولون:خمسة سادسهم كلبهم - رجما بالغيب , ويقولون:سبعة وثامنهم كلبهم . قل:ربي أعلمبعدتهم . ما يعلمهم إلا قليل . فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا , ولا تستفت فيهم منهم أحدا). .
فهذا الجدل حول عدد الفتية لا طائل وراءه . وإنه ليستوي أن يكونوا ثلاثة أو خمسة أو سبعة , أو أكثر . وأمرهم موكول إلى الله , وعلمهم عند الله . وعند القليلين الذين تثبتوا من الحادث عند وقوعه أو من روايته الصحيحة . فلا ضرورة إذن للجدل الطويل حول عددهم . والعبرة في أمرهم حاصلة بالقليل وبالكثير . لذلك يوجه القرآن الرسول [ ص ] إلى ترك الجدل في هذه القضية , وإلى عدم استفتاء أحد من المتجادلين في شأنهم . تمشيا مع منهج الإسلام في صيانة الطاقة العقلية أن تبدد في غير ما يفيد . وفي ألا يقفو المسلم ما ليس له به علم وثيق . وهذا الحادث الذي طواه الزمن هو من الغيب الموكول إلى علم الله , فليترك إلى علم الله .
وبمناسبة النهي عن الجدل في غيب الماضي , يرد النهي عن الحكم على غيب المستقبل وما يقع فيه ; فالإنسان لا يدري ما يكون في المستقبل حتى يقطع برأي فيه:
(ولا تقولن لشيء:إني فاعل ذلك غدا - إلا أن يشاء الله - واذكر ربك إذا نسيت , وقل:عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا). .
إن كل حركة وكل نأمة , بل كل نفس من أنفاس الحي , مرهون بإرادة الله . وسجف الغيب مسبل يحجب ما وراء اللحظة الحاضرة ; وعين الإنسان لا تمتد إلى ما وراء الستر المسدل ; وعقله مهما علم قاصر كليل . فلا يقل إنسان:إني فاعل ذلك غدا . وغدا في غيب الله وأستار غيب الله دون العواقب .
وليس معنى هذا أن يقعد الإنسان , لا يفكر في أمر المستقبل ولا يدبر له ; وأن يعيش يوما بيوم , لحظة بلحظة . وألا يصل ماضي حياته بحاضره وقابله . . كلا . ولكن معناه أن يحسب حساب الغيب وحساب المشيئة التي تدبره ; وأن يعزم ما يعزم ويستعين بمشيئة الله على ما يعزم , ويستشعر أن يد الله فوق يده , فلا يستبعد أن يكون لله تدبير غير تدبيره . فإن وقفة الله إلى ما اعتزم فبها . وإن جرت مشيئة الله بغير ما دبر لم يحزن ولم ييأس , لأن الأمر لله أولا وأخيرا .
فليفكر الإنسان وليدبر ; ولكن ليشعر أنه إنما يفكر بتيسير الله , ويدبر بتوفيق الله , وأنه لا يملك إلا ما يمده الله به من تفكير وتدبير . ولن يدعو هذا إلى كسل أو تراخ , أو ضعف أو فتور ; بل على العكس يمده بالثقة والقوة والاطمئنان والعزيمة . فإذا انكشف ستر الغيب عن تدبير لله غير تدبيره , فليتقبل قضاء الله بالرضى والطمأنينة والاستسلام . لأنه الأصل الذي كان مجهولا له فكشف عنه الستار .
هذا هو المنهج الذي يأخذ به الإسلام قلب المسلم . فلا يشعر بالوحدة والوحشة وهو يفكر ويدبر . ولا يحس بالغرور والتبطر وهو يفلح وينجح . ولا يستشعر القنوط واليأس وهو يفشل ويخفق . بل يبقى في كل أحواله متصلا بالله , قويا بالاعتماد عليه , شاكرا لتوفيقه إياه , مسلما بقضائه وقدره . غير متبطر ولا قنوط .
مقتبس
-----------------------------------------------
الجـــزء العـــاشـــر

من الايـــة 23 ـــ26
=============
وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا (23)
إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ۚ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰ أَنْ يَهْدِيَنِ رَبِّي لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا (24)
وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا (25)
قُلِ اللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثُوا ۖ لَهُ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ۚ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا (26)
====================================

في هذه الآيات توجيه للعمل وعدم التسويف ، والتمسك بالقرآن وبأحكامه
(
ولا تقولن لشيء:إني فاعل ذلك غدا - إلا أن يشاء الله - واذكر ربك إذا نسيت , وقل:عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذارشدا). .
إن كل حركة وكل نأمة , بل كل نفس من أنفاس الحي , مرهون بإرادة الله . وسجف الغيب مسبل يحجب ما وراء اللحظة الحاضرة ; وعين الإنسان لا تمتد إلى ما وراء الستر المسدل ; وعقله مهما علم قاصر كليل . فلا يقل إنسان:إني فاعل ذلك غدا . وغدا في غيب الله وأستار غيب الله دون العواقب .
وليس معنى هذا أن يقعد الإنسان , لا يفكر في أمر المستقبل ولا يدبر له ; وأن يعيش يوما بيوم , لحظة بلحظة . وألا يصل ماضي حياته بحاضره وقابله . . كلا . ولكن معناه أن يحسب حساب الغيب وحساب المشيئة التي تدبره ; وأن يعزم ما يعزم ويستعين بمشيئة الله على ما يعزم , ويستشعر أن يد الله فوق يده , فلا يستبعد أن يكون لله تدبير غير تدبيره . فإن وقفة الله إلى ما اعتزم فبها . وإن جرت مشيئة الله بغير ما دبر لم يحزن ولم ييأس , لأن الأمر لله أولا وأخيرا .
فليفكر الإنسان وليدبر ; ولكن ليشعر أنه إنما يفكر بتيسير الله , ويدبر بتوفيق الله , وأنه لا يملك إلا ما يمده الله به من تفكير وتدبير . ولن يدعو هذا إلى كسل أو تراخ , أو ضعف أو فتور ; بل على العكس يمده بالثقة والقوة والاطمئنان والعزيمة . فإذا انكشف ستر الغيب عن تدبير لله غير تدبيره , فليتقبل قضاء الله بالرضى والطمأنينة والاستسلام . لأنه الأصل الذي كان مجهولا له فكشف عنه الستار .
هذا هو المنهج الذي يأخذ به الإسلام قلب المسلم . فلا يشعر بالوحدة والوحشة وهو يفكر ويدبر . ولا يحس بالغرور والتبطر وهو يفلح وينجح . ولا يستشعر القنوط واليأس وهو يفشل ويخفق . بل يبقى في كل أحواله متصلا بالله , قويا بالاعتماد عليه , شاكرا لتوفيقه إياه , مسلما بقضائه وقدره . غير متبطر ولا قنوط .
(واذكر ربك إذا نسيت). . إذا نسيت هذا التوجيه والاتجاه فاذكر ربك وارجع إليه .
(وقل:عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا). . من هذا النهج الذي يصل القلب دائما بالله , في كل ما يهم به وكل ما يتوجه إليه .
وتجيء كلمة (عسى) وكلمة (لأقرب) للدلالة على ارتفاع هذا المرتقى , وضرورة المحاولة الدائمة للاستواء عليه في جميع الأحوال .
وإلى هنا لم نكن نعلم:كم لبث الفتية في الكهف . فلنعرفه الآن لنعرفه على وجه اليقين:
ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين , وازدادوا تسعا . قل:الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض . أبصر به وأسمع . .
فهذا هو فصل الخطاب في أمرهم , يقرره عالم غيب السماوات والأرض . ما أبصره , وما أسمعه ! سبحانه . فلا جدال بعد هذا ولا مراء .
ويعقب على القصة بإعلان الوحدانية الظاهرة الأثر في سير القصة وأحداثها: (ما لهم من دونه من ولي . ولا يشرك في حكمه أحدا). .
وبتوجيه الرسول عليه الصلاة والسلام إلى تلاوة ما أوحاه ربه إليه , وفيه فصل الخطاب - وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل - والاتجاه إلى الله وحده , فليس من حمى إلا حماه . وقد فر إليه أصحاب الكهف فشملهم برحمته وهداه:
واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته , ولن تجد من دونه ملتحدا . .
-----------------------------------------------
الجزء الحادي عشر

الاية 28-31
====================

28 - 29 :البقاء مع الصالحين وترك الكافرين ووزن الناس على أساس العقيدة
_______________

وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً (28)

| سبب النزول:
::::::::::::::::::
يروى انها
نزلت في أشراف قريش , حين طلبوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم أن يطرد فقراء المؤمنين من أمثال بلال وصهيب وعمار وخباب وابن مسعود إذا كان يطمع في إيمان رؤوس قريش . أو أن يجعل لهم مجلسا غير مجلس هؤلاء النفر , لأن عليهم جبابا تفوح منها رائحة العرق , فتؤذي السادة من كبراء قريش !
ويروى أن الرسول صلى الله عليه وسلم طمع في إيمانهم فحدثته نفسه فيما طلبوا إليه . فأنزل الله عز وجل: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي . . .)أنزلها تعلن عن القيم الحقيقية , وتقيم الميزان الذي لا يخطيء . وبعد ذلك (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)فالإسلام لا يتملق أحدا , ولا يزن الناس بموازين الجاهلية الأولى , ولا أية جاهلية تقيم للناس ميزانا غير ميزانه .
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
الشرح


واصبر نفسك). . لا تمل ولا تستعجل

(مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه).

. فالله غايتهم , يتجهون إليه بالغداة والعشي , لا يتحولون عنه , ولا يبتغون إلا رضاه . وما يبتغونه أجل وأعلى من كل ما يبتغيه طلاب الحياة .
اصبر نفسك مع هؤلاء . صاحبهم وجالسهم وعلمهم . ففيهم الخير , وعلى مثلهم تقوم الدعوات . فالدعوات لا تقوم على من يعتنقونها لأنها غالبة ; ومن يعتنقونها ليقودوا بها الأتباع ; ومن يعتنقونها ليحققوا بها الأطماع , وليتجروا بها في سوق الدعوات تشتري منهم وتباع ! إنما تقوم الدعوات بهذه القلوب التي تتجه إلى الله خالصة له , لا تبغي جاها ولا متاعا ولا انتفاعا , إنما تبتغي وجهه وترجو رضاه .

ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا).

. ولا يتحول اهتمامك عنهم إلى مظاهر الحياة التي يستمتع بها أصحاب الزينة . فهذه زينة الحياة(الدنيا)لا ترتفع إلى ذلك الأفق العالي الذي يتطلع إليه من يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه .

(ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا , واتبع هواه , وكان أمره فرطا).

. لا تطعهم فيما يطلبون من تمييز بينهم وبين الفقراء . فلو ذكروا الله لطامنوا من كبريائهم , وخففوا من غلوائهم , وخفضوا من تلك الهامات المتشامخة , واستشعروا جلال الله الذي تتساوى في ظله الرؤوس ; وأحسوا رابطة العقيدة التي يصبح بها الناس إخوة . ولكنهم إنما يتبعون أهواءهم . أهواء الجاهلية . ويحكمون مقاييسها في العباد . فهو وأقوالهم سفه ضائع لا يستحق إلا الإغفال جزاء ما غفلوا عن ذكر الله .
جاء الإسلام ليسوي بين الرؤوس أمام الله . فلا تفاضل بينها بمال ولا نسب ولا جاه . فهذه قيم زائفة ,وقيم زائلة . إنما التفاضل بمكانها عند الله . ومكانها عند الله يوزن بقدر اتجاهها إليه وتجردها له . وما عدا هذا فهو الهوى والسفه والبطلان .

(ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا).

. أغفلنا قلبه حين اتجه إلى ذاته , وإلى ماله , وإلى أبنائه , وإلى متاعه ولذائذه وشهواته , فلم يعد في قلبه متسع لله . والقلب الذي يشتغل بهذه الشواغل , ويجعلها غاية حياته لا جرم يغفل عن ذكر الله , فيزيده الله غفلة , ويملي له فيما هو فيه , حتى تفلت الأيام من بين يديه , ويلقى ما أعده الله لأمثاله الذين يظلمون أنفسهم , ويظلمون غيرهم
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً (29)

^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^
وقل:الحق من ربكم , فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر). .

بهذه العزة , وبهذه الصراحة , وبهذه الصرامة , فالحق لا ينثني ولا ينحني , إنما يسير في طريقه قيما لا عوج فيه , قويا لا ضعف فيه , صريحا لا مداورة فيه . فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . ومن لم يعجبه الحق فليذهب , ومن لم يجعل هواه تبعا لما جاء من عند الله فلا مجاملة على حساب العقيدة ; ومن لم يحن هامته ويطامن من كبريائه أمام جلال الله فلا حاجة بالعقيدة إليه .
إن العقيدة ليست ملكا لأحد حتى يجامل فيها . إنما هي ملك لله , والله غني عن العالمين . والعقيدة لا تعتز ولا تنتصر بمن لا يريدونها لذاتها خالصة , ولا يأخذونها كما هي بلا تحوير . والذي يترفع عن المؤمنين الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه لا يرجى منه خير للإسلام ولا المسلمين


انا اعتدنا للظالمين نارا).
. أعددناها وأحضرناها . . فهي لا تحتاج إلى جهد لإيقادها , ولا تستغرق زمنا لإعدادها ! ومع أن خلق أي شيء لا يقتضي إلا كلمة الإرادة:كن . فيكون . إلا أن التعبير هنا بلفظ(اعتدنا)يلقي ظل السرعة والتهيؤ والاستعداد , والأخذ المباشر إلى النار المعدة المهيأة للاستقبال !
وهي نار ذات سرادق يحيط بالظالمين , فلا سبيل إلى الهرب , ولا أمل في النجاة والإفلات . ولا مطمع في منفذ تهب منه نسمة , أو يكون فيه استرواح !

فإن استغاثوا من الحريق والظمأ أغيثوا . . أغيثوا بماء كدردي الزيت المغلي في قول , وكالصديد الساخن في قول ! يشوي الوجوه بالقرب منها فكيف بالحلوق والبطون التي تتجرعه (بئس الشراب)الذي يغاث به الملهوفون من الحريق ! ويا لسوء النار وسرادقها مكانا للارتفاق والاتكاء . وفي ذكر الارتفاق في سرادق النار تهكم مرير . فما هم هنالك للارتفاق , إنما هم للاشتواء ! ولكنها مقابلة مع ارتفاق الذين آمنوا وعملوا الصالحات هنالك في الجنان . . وشتان شتان !
==================================
29 - 31 .بين نعيم المؤمنين وعذاب الكافرين

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً (30) أُوْلَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَاباً خُضْراً مِّن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً (31)

وبينما هؤلاء كذلك إذا الذين آمنوا وعملوا الصالحات في جنات عدن . للإقامة . تجري من تحتهم الأنهار بالري وبهجة المنظر واعتدال النسيم . وهم هنالك للارتفاق حقا (متكئين فيها على الأرائك)وهم رافلون في ألوان من الحرير . من سندس ناعم خفيف ومن إستبرق مخمل كثيف . تزيد عليها أساور من ذهب للزينة والمتاع: (نعم الثواب وحسنت مرتفقا)!
--------------------------------------------------
الجزء الثاني عشرة من سلسلة بين يدي سورة الكهف

الاية 32-44
==============================
قصة صاحب الجنتين
-________________________

( وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً رَّجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعاً ، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَراً ، وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالاً وَأَعَزُّ نَفَراً )
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

فهما جنتان مثمرتان من الكروم , محفوفتان بسياج من النخيل , تتوسطهما الزروع , ويتفجر بينهما نهر . . إنه المنظر البهيج والحيوية الدافقة والمتاع والمال :
( كلتا الجنتين آتت أكلها ولم تظلم منه شيئا ). . ويختار التعبير كلمة ( تظلم ) في معنى تنقص وتمنع , لتقابل بين الجنتين وصاحبهما الذي ظلم نفسه فبطر ولم يشكر , وازدهى وتكبر .
وها هو ذا صاحب الجنتين تمتليء نفسه بهما , ويزدهيه النظر إليهما , فيحس بالزهو , وينتفش كالديك , ويختال كالطاووس , ويتعالى على صاحبه الفقير : ( فقال لصاحبه - وهو يحاوره - أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا ). .

( قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلاً ، لَّكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَداً ، وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِن تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنكَ مَالاً وَوَلَداً ، فَعَسَى رَبِّي أَن يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِّن جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَاناً مِّنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً، أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْراً فَلَن تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً )
^^^^^^^^^^^^^^^

ثم يخطو بصاحبه إلى إحدى الجنتين , وملء نفسه البطر , وملء جنبه الغرور ; وقد نسي الله , ونسي أن يشكره على ما أعطاه ; وظن أن هذه الجنان المثمرة لن تبيد أبدا , أنكر قيام الساعة أصلا , وهبها قامت فسيجد هنالك الرعاية والإيثار ! أليس من أصحاب الجنان في الدنيا فلا بد أن يكون جنابه ملحوظا في الآخرة !
فأما صاحبه الفقير الذي لا مال له ولا نفر , ولا جنة عنده ولا ثمر . . فإنه معتز بما هو أبقى وأعلى . معتز بعقيدته وإيمانه . معتز بالله الذي تعنو له الجباه ; فهو يجبه صاحبه المتبطر المغرور منكرا عليه بطره وكبره , يذكره بمنشئه المهين من ماء وطين , ويوجهه إلى الأدب الواجب في حق المنعم . وينذره عاقبة البطر والكبر . ويرجو عند ربه ما هو خير من الجنة والثمار :
وهكذا تنتفض عزة الإيمان في النفس المؤمنة , فلا تبالي المال والنفر , ولا تداري الغنى والبطر , ولا تتلعثم في الحق , ولا تجامل فيه الأصحاب . وهكذا يستشعر المؤمن أنه عزيز أمام الجاه والمال , وأن ما عند الله خير من أعراض الحياة , وأن فضل الله عظيم وهو يطمع في فضل الله . وأن نقمة الله جبارة وأنها وشيكة أن تصيب الغافلين المتبطرين .
وفجأة ينقلنا السياق من مشهد النماء والازدهار إلى مشهد الدمار والبوار . ومن هيئة البطر , والاستكبار إلى هيئة الندم والاستغفار . فلقد كان ما توقعه الرجل المؤمن :

( وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً )
^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^^

وهو مشهد شاخص كامل : الثمر كله مدمر كأنما أخذ من كل جانب فلم يسلم منه شيء . والجنة خاوية على عروشها مهشمة محطمة . وصاحبها يقلب كفيه أسفا وحزنا على ماله الضائع وجهده الذاهب . وهو نادم على إشراكه بالله , يعترف الآن بربوبيته ووحدانيته . ومع أنه لم يصرح بكلمة الشرك , إلا أن اعتزازه بقيمة أخرى أرضية غير قيمة الإيمان كان شركا ينكره الآن , ويندم عليه ويستعيذ منه بعد فوات الأوان .
هنا يتفرد الله بالولاية والقدرة : فلا قوة إلا قوته , ولا نصر إلا نصره . وثوابه هو خير الثواب , وما يبقى عنده للمرء من خير فهو خير ما يتبقى :
ويسدل الستار على مشهد الجنة الخاوية على عروشها , وموقف صاحبها يقلب كفيه أسفا وندما , وجلال الله يظلل الموقف , حيث تتوارى قدرة الإنسان . . ( ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله , وما كان منتصرا . هنالك الولاية لله الحق , هو خير ثوابا وخير عقبا )

تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال
------------------------------------------
بسم الله الرحمن الرحيم نستهل على بركة الله سلسلة سنتطرق من خلالها الى المواضيع عالجتها هذه السورة
نتمنى أن يلاقي العمل رضاكم و سهولة تصفحكم
وفقنا الله واياكم لما يحب ويرضى^_^

قال رسول الله(ص):من قرأ سورة الكهف فى يوم الجمعة أضاء الله له من النور ما بين قدميه و عنان السماء
و قال:من أدرك منكم الدجال فقرأ عليه فواتح سورة الكهف كانت له عصمة من الدجال
صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم

سورةُ الكهف من السور المكية، وهي إِحدى سورٍ خمس بُدئت بـ “الحمدُ لله” وهذه السور هي “الفاتحة، الأنعام، الكهف، سبأ، فاطر” وكلُّها تبتدئ بتمجيد الله جل وعلا وتقديسه، والاعتراف له بالعظمة والكبرياء، والجلال والكمال.
تعرضت السورة الكريمة لثلاث قصص من روائع قصص القرآن، في سبيل تقرير أهدافها الأساسية لتثبيت العقيدة، والإيمان بعظمة ذي الجلال ..
أما الأولى فهي قصة “أصحاب الكهف” وهي قصة التضحية بالنفس في سبيل العقيدة، وهم الفتية المؤمنون الذي خرجوا من بلادهم فراراً بدينهم، ولجأوا إلى غارٍ في الجبل، ثم مكثوا فيه نياماً ثلاثمائة وتسع سنين، ثم بعثهم الله بعد تلك المدة الطويلة.
والقصة الثانية: قصة موسى مع الخضر، وهي قصة التواضع في سبيل طلب العلم، وما جرى من الأخبار الغيبية التي أطلع الله عليها ذلك العبد الصالح “الخضر” ولم يعرفها موسى عليه السلام حتى أعلمه بها الخضر كقصة السفية، وحادثة قتل الغلام، وبناء الجدار.
والقصة الثالثة: قصة “ذي القرنين” وهو ملك مكَّن الله تعالى له بالتقوى والعدل أن يبسط سلطانه على المعمورة، وأن يملك مشارق الأرض ومغاربها، وما كان من أمره في بناء السدِّ العظيم.
وكما استخدمت السورة - في سبيل هدفها - هذه القصص الثلاث، استخدمت أمثلة واقعية ثلاثة، لبيان أن الحقَّ لا يرتبط بكثرة المال والسلطان، وإِنما هو مرتبط بالعقيدة.
المثل الأول: للغني المزهوّ بماله، والفقير المعتز بعقيدته وإِيمانه، في قصة أصحاب الجنتين.
والثاني: للحياة الدنيا وما يلحقها من فناء وزوال.
والثالث: مثل التكبر والغرور مصوراً في حادثة امتناع إبليس عن السجود لآدم، وما ناله من الطرد والحرمان، وكل هذه القصص والأمثال بقصد العظة والاعتبار.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !