المراقب لما يجري في ليبيا يستغرب من جمود التحرك الحكومي في المجالات المختلفة . مشكلة الأمن وإحياء الجيش والشرطة وتسليم السلاح كان الطلب الأول لجماهير الشعب منذ التحرير الكامل، فماذا حصل ؟ . بدلا من إقناع كتائب الثوار بحل نفسها وإنضمام من يريد منهم إلى قوات الجيش والشرطة وتسليم السلاح إلى السلطة الرسمية ، توصل المسئولون في المجلس الأنتقالي والحكومة المؤقتة إلى إجراء خطير وهو الأعتراف بكتائب الثوار المسلحة وإستعمالها كجيش وشرطة ، وقد نجحت هذه الفكرة في الفترة الاولى للثورة والفضل في ذلك للثوار وخاصة المخلصين منهم فقد حفظت كتائب الثوارالأمن في البلاد ولا زالت ، لكن هذا الأجراء أعتبرته كتائب الثوار حقا مكتسبا ودائما وعملية مستمرة ، ورغم أعلان بعض كتائب الثوار الأنطواء تحت سلطة وزير الدفاع ووزير الداخلية إسميا لكنها إحتفاظت بكوادرها ورؤسائها وحرية أفرادها في التصرف خارج القانون . هذا الاجراء الذي وافق عليه المجلس الأنتقالي والمجلس التنفيذي وحكومة السيدد الكيب ترتب عليه تأخر تأسيس قوات الجيش والشرطة الرسميتين بسبب ضغط المستفيدين من هذا الوضع غير الطبيعي السائد ، وأصبحت الحكومة تحت رحمة الثوار يفرضون مطالبهم ومخصصاتهم ويسجنون ويطلقون سراح من يريدون أو هذا ما نسمعه كل يوم ، وإنهيار الأمن الذي يحتاج إلى شرطة مدربة لمتابعة المجرمين بالأساليب المهنية والعلمية . والأمر الأن متروك للسيد علي زيدان رئيس الحكومة الجديدة أن يجتمع بكل رؤساء كتائب الثوار ويداع هذا الاجتماع على التلفزيون في جميع أنحاء ليبيا ويصارحهم بأن الوضع الخطير الذي تمر به البلاد لا يمكن الأستمرار فيه ، وأن يطلب منهم رأي كل رئيس فصيل والحل الممكن الذي يراه لنقل البلاد من الثورة إلى الدولة ، بما فيه الطلب منهم إقناع افراد كتائبهم بطلب الأنضمام ألى الجيش أو الشرطة وتسليم سلاحهم الى الجهات الرسمية ، أو إنشاء سلاح للثوار وتدريب المنضمين إليه تحت إدارة الجيش الليبي . ويمكن أن يخصص هذا السلاح من غير المحترفين لحراسة الحدود والأحتفاظ به كقوة إحتياطية خارج المدن قد يكلفها الجيش بمهام معينة ، وضمها مع الوقت إلى الجيش والشرطة . وهذا يقتضي توحيد كل كتائب الثوار كافراد تحت إدارة ضباط من الجيش الليبي. وأن يخطر رئيس الوزراء في الأجتماع المذكور رؤساء كتائب الثوار بأن الحكومة لا تستطيع الاستمرار في تحمل المسئولية في الظروف السائدة وستضطرألى الأستقالة إلى المؤتمر الوطني ، وعلى المؤتمر الوطني بدلا من إضاعة الوقت وتعيين حكومة أخرى ستفشل بدورها إعلام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بفشل الحكومة والمؤتمر الوطني في حماية المدنيين في ليبيا وجمع السلاح الموجود في أيادي غير رسمية ، والطلب من مجلس الامن المساعدة لتنفيذ قراره التاريخي بحماية المدنيين الذي لا ما زال نافدا وحماية المواطنين الليبيين التي لا تتحقق إلا بتسليم السلاح الموجود في أيادي غير رسمية إلى السلطات الرسمية . إن مثل هذا الحل ليس في مصلحة ليبيا ولا الثوار واقحام الامم المتحدة في الشئون الداخلية وما يترتب عن ذلك من تدخل عسكري كما يحدث في أفريقيا . وهذا ليس دعوة للقوات الأجنبية بل هو إجراء مؤقت وسيطلب بعد إستقرار الأحوال من القوات الأجنبية مغادرة البلاد ، وهذا ما حدث ويحدث في إفغانستان والوضع في ليبيا أصبح أسوا من إفعانستان فعلى الأقل أفغانستان فيها رئيس وحكومة وجيش وشرطة تتولي شئون البلاد بينما نفتقر إلى ذلك في ليبيا . والأمر في أيدي الثوار ولهم الخيار بين الحلول المطروحة .
والموضوع الثاني الذي يثير القلق هو أصرار كل المؤسسات في ليبيا والعمال على تلبية طلباتهم إو التوقف عن العمل وهذا رغم إنه إجراء مشروع قانونا بحرية الأفراد والمنظمات في الأضراب إلا أننا لا نعيش في ظروف عادية والدولة لم تقم بعد والأنتظارلمثل هذه الطلبات حتى يتحقق الأستقرار. وكذلك مبالغة الجهات المختلفة للمطالبة بمبالغ خيالية تقدر بالملياردات لتسيير اعمالها وصرف الهبات والمساعدات بدون تشريع قانوني . وما نسمعه عن تكاليف العلاج الخيالية في الخارج الذي وصل الى أرقام المليارات ونحن لا نمن على الجرحى بالعلاج فنحن مدينون لهم بما دفعوه من تضحيات ولكن تنفيذ العلاج في الخارج بدون نظام أتاح فرصة للوسطاء بنهب الأموال وفتح باب العلاج لغير المستحفين كأجازة مدفوعة في الخارج كهبة ، وهذا أخر إعداد المستشفيات والمرافق الصحية داخل البلاد بسرعة بما فيها المستشفيات المتنفلة بالسيارات والسفن والمباني الصناعية وترك بناء وإعداد المستشفيات الكاملة بعد إستقرار البلاد وتوفر الأمن وهذا ينطبق على المدارس وكل الخدمات . ودعوة الأطباء المتخصصين لعلاج الحالات المرضية المستعجلة بدلا من إرسال المرضى للخارج .
والموضوع الثالت الذي يتير التساؤلات هو موضة التدريب الجماعي للشرطة والجيش وكل فئات الموظفين لفترات قصيرة لا فائدة منها ، بدلا من إستقدام خبراء لتدريب الليبيين في الداخل ، وكنا طالبنا بالطلب من الناتو أرسال يعثات تدريبية للجيش والشرطة وتسليحهما بمعدات حديثة بما فيها الطائرات بكل أنواعها لمواجهة الأوضاع الراهنة للبلاد .
اما المرتبات ودفع الهبات فموضوع أخر. والعلاج الصحيح هو إعداد قوائم للموظفين العاملين في الدولة ودرجاتهم وتعديل مرتباتهم تدريجيا لتصل إلى المستوى المطلوب ، وتحويل كل موظف أو عامل في الدولة لا يؤدي عملا على الضمان الأجتماعي مع كل العاطلين بمخصصات كافية للحياة حتى يمكن إيجاد أعمال لهم في القطاعين العام والخاص . كما يجب العناية بالمتقاعدين والمعاقين وكبار السن وتعديل مرتبانهم ومخصصاتهم وفقا لتعديل المرتبات للموظفين العاملين .
أما موضوع الفدرالية فأنا لست ضد الفدرالية كنظام لكن تطبيقها بين ثلاتة أقاليم ليبية كبيرة معناه إنفصال وتقسيم لليبيا . وإذا كان كان لا بد من النظام الفدرالي فيجب أن تتم عن طريق تحويل المحافظات العشر الحالية كولايات ، كسويسرا التي تضم 26 ولاية كنتون ، رغم أن مساحتها لا تزيد عن محافظة ليبية واحدة . والولايات المتحدة تضم 50 ولاية . وتعدد الولايات في النظام الفدرالي تتوفر فيه ضمانات الوحدة وعدم إتاحة الفرصة للمستغلين وأصحاب المصالح في ولاية كبيرة لفرض رأيهم على الأتحاد . و أما إستخدام وسيلة التهميش فهو ليس موجودا بين طرابلس وبنغازي فقط بل هو موجود بين بنغازي وإجدابية (وانا أسمع الأن إلى برنامج في التلفزيون حول تهميش بنغازي لأجدابية) وكذلك الحال بين بنغازي والبيضاء ودرنة وطبرق و بين طرابلس ومصراتة والزاوية وغريان ونالوت وبين مدن فزان فالمركزية يجب علاجها على مستوى ليبيا وليس بزيادة المركزية الأقليمية بأنشاء ولايات كبيرة . والله المستعان على ما أقول .
التعليقات (0)