ما يمكن ان يكون تفكير طفلا لم يتعدى ربيعهُ الثامن يعيش في محيط التفجيرات و المفخخات و الصراعات الطائفية, ماذا يمكن لهُ ان يرى في احلامهِ غير الرعب و الدمار و كراستهِ المدرسية تمتليء برسومات تعبر عن مخاوف اكبر من عمرهِ و تطلعاتهِ المشروعة , المدرسة مكان غير آمن , ملاعب الأطفال غير متوفرة و ان توفرت غير آمنة , سينما الأطفال مفقودة , مسرح الطفل مفقود و المفقودات في عالمهِ كثيرة, العالم الوحيد الذي يمكن ان يغذي خيالهِ و يطلعهُ على احلام اقرانهِ الأطفال هو التلفاز , و ماذا يمكن ان ينقل إليه ما تحتويه برامج تلك المحطات العربية من برامج الأطفال , رسوم متحركة لتوم و جيري أو اطفال الحجارة !! , تلك التساؤلات البريئة التي طرحها سعيد (اسم لم يعي معناه) على ابيه حين شارك اباه نشرة اخبار المساء و رأى اطفال غزة السبعة الاف يسجلون رقما قياسيا في تحليق الطائرات الورقية , انها طائرات ورقية جميلة يا ابي , لماذا لا نملك منها في بغداد ؟ ابتلع الأب ريقه و لم يعرف ما يجيب بهِ سعيد,,لا ارى ذوي الأطفال معهم !, ألا يخشون ان تطالهم قنبلة أو سيارة مفخخة , هذا اهمال من ذويهم يا ابي اليس كذلك ؟ تجاهل ابا سعيد سؤال ابنه ثانية , لكن سعيد لم يكتفي من تساؤلاتهِ , ابي الا ترى انهم يرتدون ملابس نظيفة افضل من التي نلبسها؟ ترى هل متاجرهم افضل من التي عندنا يا ابي ؟, ابي هل هم هؤلاء السبعة ألاف طفل هم اطفال غزة؟, رمقهُ والده و قال " اتحسد هؤلاء الأطفال و هم محتلون و محاصرون يا بني ؟ , سكت الطفل لوهلة و قال " ابي نحن ايضا مثلهم عرب و نمر بظروف اسوء منهم , لكننا لا نفعل ما هم يفعلونهُ و لا نلبس ما يلبسونه, هم يذهبون للمدارس و ليس نحن , مدارسنا تفجر و ليس هم, معلمينا يقتلون و ليس معلميهم, العرب المقامون عندنا و ليس عندهم , ولا ارى الدول العربية او هيئة الامم المتحدة تفعل لنا ما تفعل لهم؟
تلك تساؤلات مشروعة من اطفال لوهلة , قارنوا انفسهم مع اطفال في مكان و وقت غير مناسبين, ماذا لو نمت هذه الصورة معهم و كبرت في عقولهم و خالفوا أراء جيل اباءهم ؟؟ , فهل نتهمهم بالخيانة و الخروج عن مسار العروبة و الدين؟؟؟
احد الأصدقاء طلب مني مساعدتهِ في ايجاد عمل لهُ في اربيل و ان ينتقل من بغداد و حين سألتهُ عن السبب , كان ما تقرأونهُ اعلاه
التعليقات (0)