شاكر النوري
مذيعات القنوات الفضائية أصبحن بمثابة فتيات أحلام الشباب، حيث أصبح كل شاب يتخذ من مذيعة ما نموذجا للجمال الذي يتمناه في فتاة أحلامه. هذا ما تكشفه بعض المواقع التي يتبادل فيها الشباب الرأي حول الشاشة الصغيرة: كيف ظهرت المذيعة بالأمس؟
وماذا كانت ترتدي؟ ما رأيك في طلتها؟ ابتسامتها، تسريحة شعرها تجنن، مهضومة ها، ما أبرع جراح التجميل الذي أجرى لها عملية تصغير الأنف؟. تصغير الأنف يلفت نظر ملايين العشاق.
وآخرون يتبادلون صورهن ومقابلاتهن في وسائل الإعلام ومواعيد برامجهن، بل ويتبادلون البلوتوث الخاص بمقتطفات ومشاهد من اطلالتهن، بل ويصل الأمر بالبعض إلى إطلاق الألقاب على المذيعات مثل: التي يسميها أحد الشباب مارلين مونرو العربية.
ويضيف اليه آخر «انها ولدت في يوم ميلاد مونرو31 مايو نفسه»، البعض منهم يصفون المذيعة هذه أو تلك بأوصاف من نوع «أحلى ما رأت عيني»..«تسلم ها النظرة».. ويمتد الأمر إلى المذيعات المحجبات، فلهن أيضا نصيب من الأنصار والمعجبين».
قبل عقد من الزمان، لم تكن ظاهرة ما تسمى بـ «ثقافة مذيعات الفضائيات» رائجة، ولكن اليوم وصل الأمر إلى حد أن بعض المواقع نشر استطلاعات حول ملكة جمال المذيعات.. وهكذا أصبحت الشاشة الصغيرة مغرية لهذا الحد على الرغم من مناظر الانفجارات ودخان الحروب والجثث هنا وهناك.
ومن الشباب من يعترف أن رسائل مجهولة المصدر تصل إلى هواتفهم الخلوية تدعوهم إلى مشاهدة برامج «المذيعة فلانة» على قناة كذا، وبرنامج هذه المذيعة أو تلك على قنوات أخرى، ومن غير عفوية يتم حشر قناة الحرة الأميركية ضمنها..إنها خدمة الإعلانات الموجهة بلا شك، والتي تستهدف استقطاب الشباب إلى تلك القناة أو تلك المذيعة على حد سواء، فالأمر لايخلو من أغراض اقتصادية وتجارية، ولامانع من أن يكون الترويج للمذيعة وسيلة لاستقطاب الشباب إلى القناة لرفع نسب المشاهدة ومن ثم زيادة الاعلانات.
كل هذا لم يكن موجوداً عندما كانت السماء العربية خالية من هذه القنوات الفضائية التي فرخت إلى نحو 450 قناة يزدحم بها أثير الفضاء.
يعتقد البعض أن فوضى الفضائيات تفسد الشباب، لكن أمريكا لا ترى ذلك، بل ترى أن بعض القنوات لا تفسد الشباب، وإنما توعيهم بما تفعله السياسة الأميركية في بلدان العالم الثالث، وتنصح الحكومات العربية بوضع حد لها. وهذه القنوات على وجه الخصوص هي: «المنار» و«الأقصى» و«الرافدين».
يبدو أن وزراء الإعلام العرب انتفضوا هذه المرة على «وثيقة تنظيم البث الفضائي والإذاعي في المنطقة العربية»، التي وافقوا عليها مبدئياً قبل أشهر لأنهم يعتبرون الولايات المتحدة تتدخل في شؤوننا الداخلية. ولكنهم لا يزالون يعدون العدة من أجل وضع حد لهذه الفوضى، وإنقاذ الشباب من الركض وراء الفضائيات وملاحقة المذيعات الجميلات افتراضياً؟
مسكينة الإذاعة هي الأخرى شملتها بنود هذه الوثيقة التي تسعى إلى إعادة تنظيم الفضاء العربي، وتتحكم بالأقمار الصناعية الثلاث «عرب سات» و«نيل سات» و«نور سات»، بعد أن تركتها تصول وتجول لفترة عقد من الزمان.
البعض يطلق عليها «فوضى الفضائيات العربية»، والبعض الآخر يطلق عليها «ثورة الفضائيات العربية». أميركا تقف بوجه هذه الثورة الإعلامية الخطيرة، وهي التي اخترعت العولمة، فهل انقلب السحر على الساحر؟
التعليقات (0)