انعقد المؤتمر القومي الاسلامي في بيروت كالعادة تحت ضيافة الحزب الالهي اللبناني و كرم اموال الولي الفقيه و بحضور العديد من شهود الزور من العالم العربي ينتحلون صفة الاتجاه القومي و التحدث باسم الشعوب العربية و تطلعاتها، و حتى يكون المؤتمر في صورة اخراجية جيدة كان لابد من تأثيثه ببعض العمائم الدينية لإضفاء شرعية السماء و العناية الالهية، و يأتي هذا الانعقاد بعد تغير الخريطة السياسية العربية بعد الهزات التي جرت في كثير من البلدان و ما استتبع ذلك من تغيير بعض الانظمة الحاكمة.
لعل اهم ملاحظة يمكن الوقوف عليها اذا قمنا بعملية تحليل لكل التدخلات التي القيت في المؤتمر هو استمرارية القاموس الذي عفى عنه الزمن و اصبح لا يثير غرائز الناس و المتعطشين لاسترجاع الارض المغتصبة و الحالمين بالوحدة و الاتحاد و الكرامة، فمصطلحات الصمود و المقاومة و الممانعة و اسرائيل و المشروع الامريكي باتت لا تقنع احدا خاصة في ظل الاجواء الحالية التي تعيشها المنطقة و تمدد المشروع الفارسي الصفوي الذي وصلت طلائعه العسكرية الى مدينة مصراتة الليبية في مشهد سوريالي حيث كوادر الحزب الالهي و الحرس الثوري الايراني يقاتلون جنبا الى جنب مع القاعدة و الموساد الاسرائيلي و الاستخبارات الامريكية و الفرنسية و البريطانية كل تحت تبريرات مختلفة لكن يجمعها مصلحة تفتيت البلدان في افق صياغتها و اعادة تركيبها من جديد.
ما يثير التهكم و السخرية ان " حكماء " المؤتمر رأوا فيما وقع و يقع في تونس و مصر و ليبيا و اليمن و البحرين من حراك شعبي كان نتاج تاريخي لحركة الشعوب اما ما يقع في سوريا فبرنارد لويس و نظريته الفوضى الخلاقة هما المحركان للعاطلين و الصغار و العجائز و الفقراء و المعوزين الذين يحلمون بوطن العمل والحرية والعدالة و المساواة.
كان على شهود الزور من باب احترام الوجود الانساني و قبل الاسترسال في الخطاب الخشبي الوقوف اجلالا للدماء الزكية و الارواح الطاهرة التي سقطت في الساحة السورية اثناء انعقاد المؤتمر و ادانة قمع و جبروت نظام آل الاسد لكننا اكتشفنا ان دماء احرار سوريا المنتفضين ضد التسلط و القهر رخيصة و عميلة تخدم المشاريع الاسرائيلية و الامريكية و يجب اسكاتها و الامعان في قتلها و سحلها و نصب المشانق و المقاصل لكل صوت خرج يهتف للحرية و الانفة و الادمية و قال خبز وما............ ايران لا .
ان من حسنات الثورات النباتية التي اندلعت في بعض البلاد العربية ان كان لها من حسنات انها كشفت الوجوه و ازالت الاقنعة عن كثير ممن كانوا الى الامس القريب يعيشون بين ظهرانينا يدغدغون احلام البسطاء و البلهاء لكنها اليوم اسقطت التقية التي كانت تتخذها لترويج مشاريعها التفتيتية و التقسيمية و التركيعية و عقد الصفقات خلف الابواب المغلقة مع القوى الكبرى التي لا ترى الا مصالحها و لا فرق عندها بين عمرو و زيد او غيرهما ممن يجلس على كرسي السلطة العربية اذا كان سيكون حاكما مطيعا نجيبا متفهما لضرورات و موازين القوة العالمية، اليوم نعلنها صراحة فلا حاجة لنا لجامعة الدول العربية و منظمة المؤتمر الاسلامي و مجلس التعاون الخليجي و الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين و المؤتمر القومي الاسلامي و الكثير من الاقلام و الكتاب ادعياء الفكر القومي و العروبي فالكل أظهر اجندته الحقيقية حتى اننا اصبنا بعقم في الاستيعاب و الفهم و التحليل فرأينا حاييم و دانيال و الموسوي و ابوعبيدة و جورج و دافيد و عبد المجيد في خندق واحد و يتحدثون لغة واحدة و لسان واحد.
اريد ان اطمئن نعيم قاسم نائب امين عام الحزب الالهي عن امله في تحرير اليمن و ليبيا ان املنا الحقيقي هو تحرير سوريا الذي سيكون بمثابة الضربة القاضية للحالمين بمشروع الشرق الفارسي الكبير فسقوط نظام آل الاسد و التحركات التي تجري بزخم كبير في منطقة الاحواز العربية في ايران و انتفاضة الشعب العراقي المتدرجة و دعوات الغاء الطائفية في لبنان و الغاء الانقسام في فلسطين و تحركات المعارضة القطرية و المجتمع المدني في الامارات العربية و صمود النظام في اليمن و ليبيا يمكننا ان نقول ان ارهاصات اولية في مشروعنا الحقيقي الذي نريد قد بدت، مشروع الشرق الوسط العربي الكبير و ليس الفارسي او الامريصهيوني.
التعليقات (0)