مواضيع اليوم

ترميم السيرة الذاتية


عبد الهادي فنجان الساعدي
الخميس 16-02-2012

لم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية،
فكل شيء .. تعرفه الحكومة عني ..
لم يضعوا جهاز تتبع في داخل رأسي،
أو على سترتي من دون أن أعلم
إلا إنهم .. كانوا يملكون أجهزة تتبعٍ بدائية ..
وحمقاء في بعض الأحيان ...

لم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية
فلقد نشأت ولداً مطيعاً ..
وأذكر أنني كنت أحب نعال والدي
إلى درجة أنني كنت أنظفه كل يوم وكنت أحزن كثيراً ..
عندما تمرض والدتي وأجلب لها الكباب .. ذو الرائحة الشهية
كنا نسكن منطقة بدائية،
وكان الطين بدائياً،
وكنا بشراً بدائيون،
لا نعرف غير الحزن ..
ولا ترتدي امهاتنا غير السواد

لم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية،
لقد سجلوا كل شيء عني،
عندما كنت يافعاً
أدخلني ضابط الشرطة التوقيف
لا لشيء ..
إلا لأنه كان يريد أن يوقف احداً،
فأوقفنا نحن الطلبة ..
لم نكن نتظاهر ...
ولم نكن نرمي الحجارة على السيارات،
أو الأماكن العالية ..
إلا أنه أوقفنا
لأنه كان يريد أن يوقف أحدا ...

لم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية
سوى أنني ألصقت بعض المنشورات
على الجدران ... بعد الخامس من حزيران
بتحريض من أخي المشاكس
لم يعلم بنا أحد ...
سوى بعض اليساريين
الذين قرأوها على أنها منشورات سلفية،
أذكر أننا شكلنا تنظيما ثورياً ساذجا،
لم نقلب نظام الحكم،
ولم نقدم أي شيء للناس،
ومع ذلك .. فقد أوقفونا،
كانت غرفة الأمن العامة،
باردة ورديئة وبدائية،
إلا أن واجهتها تحمل بعض الجمال الذاوي،
منذ أن تركها اصحابها اليهود ..
لتحيلها أجهزة الأمن ..
إلى زرائب مقفلة،
على سجناء الرأي البائسين ..
ومع ذلك .. فقد سجلوا كل شيء .. كل شيء ..

لم أجد ما أقوله بعد ذلك،
ولم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية،
فلقد تركت الصلاة ... والصيام،
واحتسيت المشروب المسكر،
ومع ذلك فقد أوقفوني ..
لم اكن منتميا إلى أي أحد،
أو إلى أي شيء ..
إلا أنني كنت أحب الإنسان ..
ومع ذلك فقد أوقفوني ..
قالوا بأنني يساري ..
لأنني أحب الفقراء
وكان اليساريونأيضا يحبون الفقراء
وهكذا فقد التقينا .. في حب الإنسان..

لم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية،
سوى أنني كنت أودع في التوقيف،
كلما شنو حملة ضد اليساريين،
وكان اليساريون يشاركون الثورة البيضاء
افراحها ..
كانوا يمارسون اللعب في القذارة ..
مع الديدان الضحلة ..
ومع ذلك فقد أوقفوني ..

لم أجد ما أضيفه إلى سيرتي الذاتية
سوى أن اليساريين يتهمونني
بأنني سلفي..
والسلفيون يتهمونني بأنني يساري
لم أكن انتهازيا ..
إلا أنني كنت أحب الإنسان ..
واحب قول الحقيقة ..
عندي القليل .. القليل مما أُخبيء
فقد كنت أسرق القليل من الحلوى
من دكان جدتي ..
ومع ذلك فقد سامحتني ...
عندي القليل ... القليل مما أُخبيء
إلا أنني قليل الكلام ..
قليل البوح ..
فاتهموني بالسرية ..
لم أكن سريا .. ولم أكن منتميا إلى أي احد أو أي شيء ..
ومع ذلك ..
فقد اتهموني بأني أُخبيء الكثير
لم أجد ما أبوح به ..
لأني لم أجد ما اضيفه إلى سيرتي الذاتية ..

أنني أمتلك الكثير من اسرار اصدقائي،
إلا أنني لا أعيرها أيما اهتمام ..
فهي اسرارهم .. وليست أسراري ..
أه يا الهي .
لو امتلك سراً واحداً..
اداعبه ..
بدل البكاء على السنوات المرَّة ..
التي ذرفتها .. وأنا أشكر ربي
كأي مؤمن مبتدئ ساذج ..
آه .. لو امتلك ما ارمم به سيرتي الذاتية
فلقد احرق رجال الأمن في العصر الزيتوني ..
بعد السقوط المروّع لثورتهم البيضاء ..
كل الملفات التي تثبت كوني ..
أحب الإنسان ..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !