حين أعلن عن أسم رئيس نادي "الرياض" السعودي الجديد، تركي البراهيم، ثارت الأسئلة، واحتار مسترقو السمع والرؤية عن الرئيس الجديد، الذي لم يعرف عنه سوى قيادة الشركات واستثمار الأموال، فماذا يريد من نادي العاصمة وحامل أسمع مدينتها النوّارة المتنورة، خصوصاً وأنه سيتولى رئاسة نادٍ يجيد اللهاث أكثر من إجادته المنافسة.
حالياً لا أحد يعرف، والرئيس لا يريد الكلام، والطاقم الإداري مشغول بتسجيل اللاعبين الجدد، وكل ذلك يأتي في إطار إستراتيجية تهدف إلى إعادة إعمار النادي الذي غاب عن الأضواء، وصدور الصفحات الأولى لسنوات طويلة، بعد أن كان منافساً للكبار، ومخيفاً للصغار، ومزعجاً لمتوسطي الموهبة، ويرى فيه أبناء العاصمة منذ الستينات، صوتهم وصورتهم.
ومن هنا في لندن، بلد اليزابيث والبيتلز والبينتلي وقدم بيكهام اليسرى، أتضحت الصورة الأولى من استراتجية الادارة الجديدة، ألا وهي تنمية الجيل الجديد من خلال افتتاح عدة اكاديميات للتدريب، تم التعاقد معها في بريطانيا، وخروج الفريق الأول في أول معسكر خارجي للتدريب، في مرة هي الأولى منذ أكثر من ست سنوات.
ومعروف ان نادي الرياض ثري، بل يكاد يكون أكبر العقاريين السعوديين ثراءً، ولو كان رجلاً لربما نافس أسماك العقار الضخمة في المملكة، بسبب مجموعة من منشآته وتوابعها التي تقدر مساحتها بألاف الأمتار، لكن لم تجد من يستثمرها، وهذا في ذهن الإدارة الجديدة التي تريد ان تولي جانباً أكبر للاستثمار، لتطوير الفريق الذي كان يعيش أوضاعاً مأساوية.
استثماريا، يبدو أن الإدارة الجديدة عملت أسرع مما كان متوقعا لتحقيق أهدافها، إذ أبرمت اتفاقا مع عشرات الأندية الصحية للاستفادة من منشأتها الرياضية، وسيتم المفاضلة بينها، وتم التجهيز لإنشاء أكاديمية رياضية تختص بمن هم تحت سن العشرين، تكون تحت رعاية خبراء أجانب تولوا أكاديميات مماثلة في بريطانيا.
ويبدو أن الرياضيين، وهم محبو نادي الرياض وعشاقه، متفائلون بالإدارة الجديدة، إذ تقدم للتدريبات الجديدة في النادي أكثر من ثمانين شاباً يطمحون بأن يكونوا لاعبين رئيسيين في الفريق الأول يوماً ما، وذلك في مرة هي الأولى من نوعها، بعد أن كان لاعبو الفريق أنفسهم يحرصون على طرق أبواب الأندية الأخرى لضمان مستقبلهم.
وتقول همسات الوسط الرياضي، وهي لا تخطئ إلا قليلا، أن الإدارة التي يقودها البراهيم الشاب، أحضرت فريقين جديدين تماماً، بعد أن لاحظت أن أغلب الكوادر الموجودة ليست من مستوى المأمول، ودفعت مبالغ للفريق الشاب أكثر مما صرف على الفريق الأول، لتغذية الفريق الأول بالمواهب دون الحاجة إلى التعاقد مع لاعبين جدد.
وأمام الرياض، وإدارته الجديدة التي أعدت خطة تمتد على خمسة أعوام، منافسة صعبه للعودة إلى مزاحمة قطبي العاصمة، وهما "الهلال" عماد الأندية السعودية وفاكهة دوريها الحارقة، و"النصر" الموجود منذ الأزل لتلقي الركلات، وبعيداً عنهما سيحاول الرياض أن يزاحم بالمناكب وبصعوبة شديدة كي يعود إلى الدوري الممتاز.
وبينما تسود في الأوساط الرياضية، أحاديث التشكيك في أن يستطيع أصغر رئيس نادٍ رياضي في الخليج، قيادة فريق متهالك وإعادته إلى الأضواء البرّاقة، فإن أكثر الفرحين بتوليه رئاسة النادي، هم الشبان الذين يرونه واحداً منهم، ونجاحه يعني مزيدا من الثقة فيهم في المستقبل، أما الشيوخ فعادتهم متشككون حتى يثبت العكس، إلا قليلا.
والبراهيم، الذي درس في جامعة الملك عبد العزيز، جاء إلى الرياضة بعد ثمانية أعوام من العمل التجاري، وقيادة عدد من الشركات العائلية تجاوزت رسامليها عشرات الملايين من الدولارات، ولا يزال متكتماً حول المبلغ الذي دفع في خطة تطوير النادي، وإعداده لمرحلة الخصخصة المتوقعة خلال السنوات الثلاث.
وحين اتصلت به "إيلاف" طامعة في المزيد من التفاصيل قال بصوت هادئ: "لا أريد الحديث الآن... انتظروا حتى أنجز مهمتي كاملة".
ورغم أن لدى الصحافيين ميلا فطريا لكره الذين لا يتحدثون معهم، إلا أنهم سينتظرون إما أن يقودهم إلى منصة التتويج، أو يقودونه إلى مسلخ الصحافة.
التعليقات (0)