مواضيع اليوم

ترسيم اللغة العربية في اسرائيل

اسرائيل .

2011-11-15 16:55:25

0

ترسيم اللغة العربية في اسرائيل

بقلم : موشيه آرنس

ان الأقتراح الذي تقدم به عدد من أعضاء الكنيست لسحب مكانة اللغة العربية كلغة رسمية في دولة اسرائيل ، هي خطوة غير حكيمة . بل أكثر من ذلك، ان خطوة من هذا القبيل يمكن تفسيرها على أنها استهتار بمشاعر اكثر من مليون عربي فلسطيني يعيشون داخل اسرائيل من متحدثي اللغة العربية لغتهم الأصلية . هذا الاستهتار الذي لا يمكن تفهمه في ظل الجهود الحثيثة التي تبذلها دولة اسرائيل لتسريع اندماج المواطنين العرب في المجتمع الاسرائيلي وفي الوقت الذي يعتبر استيعاب المواطنين الفلسطينيين في اسرائيل وتعزيز مشاعر انتماءهم للدولة من أكبر التحديات التي تواجهها المؤسسة الاسرائيلية .

ان خطوة كهذه، يتم بموجبها ترسيم اللغة العربية الى جانب اللغة العبرية، تعتبر أمرا مألوفا في عالمنا وفي زمننا الراهن . كونها تعبيرا واضحا عن مشاعر التضامن والتفهم والاحترام التي تسود بين أبناء الوطن الواحد ، يهودا وعربا. وهو أمر لا يخرج عن الدارج في عديد الدول التي يتم فيها ترسيم لغتين او اكثر جنبا الى جنب، بل هناك حالات يتم فيها ترسيم لغة تتبع لفئة قليلة من المجتمع. فهذه فنلندا مثلا بادرت الى ترسيم اللغة السويدية وهي لغة جارتها الكبرى السويد . والعرب في اسرائيل كما يعلم الجميع ليسوا فئة قليلة. فما هو المغزى اذن ان يتم الآن تغيير مكانة اللغة العربية بوصفها لغة رسمية بعد ان ظلّت كذلك طيلة 63 عاما ؟!

معلوم ان الغالبية من العرب في اسرائيل يتحدثون اللغة العبرية. فيما نجد بالمقابل أمرا مؤسفا وهو ان معظم المواطنين اليهود في اسرائيل لا يتكلمون اللغة العربية. هذه الحالة من عدم التجانس ليست طبيعية وهي بحاجة الى تصحيح. وعليه يتوجب على طلبة المدارس في اسرائيل ان يتعلموا اللغة العربية لدرجة إتقانها. أما ان هذا الأمر لم يحصل حتى الآن فيعود الى فشل جهاز التعليم في اسرائيل في تحقيقه. هذا القصور لا يقل خطورة عن التحصيل الذي لا يبعث على التشجيع للطلبة الاسرائيليين في المحافل الدولية. وبالنظر الى التجربة الكبيرة التي حققتها اسرائيل حتى الآن في مجال تعليم اللغة العبرية للقادمين الجدد ، فان هذا الأخفاق ، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الطواقم المدرسية في تلقين اللغة العربية ، يعكس عدم جدية وزارة التعليم الاسرائيلية في التعامل مع هذه المهمة الخطيرة.

ما يتوجب عمله الآن هو منح موضوع اللغة العربية أولوية قصوى في كافة المدارس، وجعل مسألة إتقان اللغة العربية شرطا لحصول الطالب الاسرائيلي على شهادة الثانوية العامة (البجروت). إضافة الى تشجيع كبار السن للأحاطة باللغة العربية ، وجعل معرفة اللغة العربية من بين الاعتبارات التي تحدد تقدم العاملين في الوظائف الحكومية في سلم العمل .

وبصرف النظر عن كون السواد من المجتمع الاسرائيلي، عربا ويهودا، ملمّين باللغة العبرية ، فان الطلاب اليهود مطالبين ليس أقل من إتقان اللغة العربية. ليس ذاك من باب التواصل مع المواطنين العرب فحسب، بل أهم من ذلك : إنه تعبيرٌ عن مشاعر الاحترام والتقدير تجاه المواطنين العرب من قبل مؤسسات الدولة . وأخشى ما أخشاه ان يكون الدافع من وراء هذه المبادرة من قبل أعضاء الكنيست لسن قانون جديد يلغي مكانة اللغة العربية كلغة رسمية في البلاد ، هي رغبة جامحة لتحجيم المواطنين العرب وحتى "يعرفوا قدرهم" ومن ثم تذكيرهم الدائم بأنهم أقلية، عن طريق وضع لغتهم في (مكانها الصحيح) ....
ذاك لأن عملية كهذه لا تعتبر خطوة ضارة بمصالح المجتمع العربي في البلاد فحسب، بل يطال ضررها مصلحة الغالبية اليهودية أيضا. ويكفينا مثالا ان نستذكر تجربة مشابهة حصلت قبل فترة وجيزة حين قرر من قرر في وزارة الخارجية الاسرائيلية ان يضع السفير التركي في "مكانه الصحيح" فيما بات يعرف بحادثة "الكرسي المنخفض" وما نجم بعد ذلك عن هذا التصرف الأرعن، الذي أقل ما يقال عنه إنه كان مخجلا وعنجهيا ومؤسفا وغير مبرر ولا يجب تكراره ...

البروفيسور موشيه آرنس وزير سابق في حكومة الليكود

عن موقع هآرتس

تنويه : ادراج الموضوع في "تحقيقات وتقارير" من باب انه ليس قصا ولصقا بل نقلا مترجما لذا وجب التوضيح

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات