حين يتعلق الأمر بأبنائنا ، فذلك يعني التضحية وبكل ما أوتينا - كأولياء - من إمكانات مادية وعقلية ونفسية وجسمانية ، لينشؤوا بأريحية ، وفي ظروف ملائمة ، وبوسائل تعليمية وتثقيفية وتربوية متنوعة متاحة أمامهم ، وكل ذلك لتحفيزهم على المضي قدما في دروب العلم والتعلم ، لينالوا الشهادات العليا ، ليس لذات الشهادات بل للعلم - القابل للتطبيق - الذي يبلغونه فيما لو نالوها عن تفانيهم وتفاني مدرسيهم ..
فالمدرسة هي مكمل للبيت ، وهي المنبر الذي نبعث إليه أبنائنا كل يوم ليتعلموا ما أغفلنا ، وما عجزت ثقافاتنا التربوية عن تعليمه لهم ، والمعلمين هم موضع ثقتنا في أنهم أمناء على النضوج السليم لعقول أبنائنا ، وأمناء على النمو السوي لنفسياتهم ، لذلك يتكاسل بعضنا عن متابعة برامج ، ومناهج ، وتقدم أبنائهم ، ظنا منهم أن أساليب (زمان) في التفاني في التعليم سواء عند الطلاب أو عند المعلمين ، هي نفسها ، أو أن لون السبورة لايزال أخضرا ، وعلى ذكر لون السبورة فقد أصبح مثلا يُضرب عن حالة العلام في عالمنا العربي خصوصا ، فأنت لو سألت أحد الشباب أو المراهقين عن سبب إنقطاعه عن الدراسة فهو سيجيبك بكل بساطة : اللي درس ، درس زمان أيام ما كانت السبورة خضرا !..
لايُشعرنا بالخجل تطاولنا على المعلم الذي كاد أن يكون رسولا ، لأنه باع نبل الرسالة بأطماع مادية لامتناهية راح ولا يزال يروح ضحيتها آلاف الأجيال .. لايُشعرنا بتأنيب الضمير توجيهنا لأصابع الإتهام له بالتواطؤ مع أناه ، وهواه ، وتعاقده مع شيطانه لنسف صرح العلم ، واستبدال حلم الحضارة بكابوس الجهل والتخلف !..
ما فائدة الأوقات التي يقضيها الطلبة بين أسوار المدارس والجامعات الحكومية فقط ليحصلوا على شهادات صورية لايعرفون من تطبيقاتها العلمية شيئا ؟! .. وما فائدة إستمرار الأساتذة والمعلمين في وظائفهم ما دامت طموحاتهم أكبر من مئزر، وطباشير أبيض ؟! ..
وعلى ذكر (الوظيفة) ، يحضرني مقال لإحدى الأخوات المدونات تناولت فيه سلوكياتنا على أنها لاتعدوا وظائف آلية نقوم بها ليس عن رضى وسعادة بل تحاشيا لإنتقادات مجتمعاتنا ، والحق أني إنتقدتها بشدة كوننا بشرا وأمامنا بلايين الخيارات لكن يربطها كلها عامل واحد وهو المشاعر والأحاسيس الإنسانية ، لكن أمام هذه القضية المطروحة من خلال مقالي فأنا أأيدها على ماذهبت إليه لأنه ينطبق 1000000 % على هذه الحالة المرضية اللاسوية بين : العلم والكسب المادي !..
فعمال وموظفوا قطاع التربية في بلادي الجزائر هم من فتحوا باب الإضرابات والإحتجاجات المتعلقة بزيادة الأجور والعلاوات والإمتيازات قبل جميع الأسلاك الحكومية الأخرى؟! .. فالزوبعة في بلادي الحبيبة بدأت بشكل عكسي ، وهو دليل على أننا لو تقدمنا خطوة فإننا بلا شك نعود العشرات إلى الوراء ! .. فقطاع التعليم الذي تعتبره جميع المجتمعات نواة مهمة ، وجزء لايتجزأ من النسيج الإنساني الحالم بواقع أفضل ومستقبل أكثر إنتاجية ، وأكثر أمانا ، ورقيا وازدهارا ، هو نفسه من تنبعث منه روائح المادية الجوفاء ، والفوضوية الخرقاء ، والمطالب التي لا يخجل بها أصحابها !..
دورة الباكالوريا لعام 2010 ستكون في جوان المقبل والطلبة بالثانويات بالكاد يدرسون فصلا كاملا من مجموع ثلاثة فصول ، أي ما يعادل ثلاثة أشهر من مجموع تسعة ؟! .. وأتساءل عن فائدة شهادة هي حصيلة درسين أو ثلاثة ؟ وهل سيصمد أصحابها أمام تحديات مستقبلهم لأنهم يقينا تعلموا من أساتذتهم درسا مهما جدا حول أهمية المكاسب المادية التي تفوق أهمية العلم من أجل العلم والعمل به وتعليمه عن حب وبإخلاص ؟! ..
طز - كما قال أحدهم - في علام اليوم .
ــــــــــ
تاج الديــن : 05 - 2010
التعليقات (0)