تربية المسلم من القرآن والسنة
مقدمة:
بسم الله الربضن الرحيم، الحمد لله الذي أرسل رسولو بالق رآف كالشمس وضحاىا وبسنة
كالقمر إذا تلاىا، فمن أخذ منهما أخذ في ضوء النهار إذا جلاىا، ومن أعرض عنهما فقد
عاش في ظلمات الليل إذا يغشاىا.
وبعد:
يعاني الدسلموف عامة والدسلم خاصة من فراغ روحي وضياع فكري متخبط في ظلمات
الجهل والفوضى والبعد عن الله عز وجل لتمسكهم بدعطيات العلم الدادي، للأسف لم يرشدىم
ىذا العلم إلى غايات ىذه الحياة ولم يصلهم بأعماقها.
فما أتعسك أيها الإنساف عندما تغرقك الوسائل الدادية وتضيعك عن الغايات، فتشغلك
بالقشر عن الجوىر.
ومن ىنا يأتي شقاء الدسلم الذي لن يجد الرشد والذدي والراحة والسعادة إذا لم يرجع فطرتو
إلى خالقو وصانعو الكبتَ العظيم، ألا وىو الله عز وجل خالق ىذه البشرية والكوف، فلا إلو إلا
الله.
لا إلو إلا الله كانت فداء عالدي اً لتحرير الإنساف من كل قيد وفكر خارج الشريعة
الإسلامية، لا إلو إلا الله كانت إيذان اً لدولد لرتمع متميز بنظامو، لا طبقية، لا عنصرية، لأنو
ينتمي إلى الله وحده.
بهذا الشعار آمن وعمل وتربى صحابة رسوؿ الله صلى الله عليو وسلم رضواف الله عليهم،
فأصبحوا سادة ىذا العالم.
وقد بذلى سر عظمة خلق الصحابة بتطبيقهم العملي التًبوي للق رآف الكريم وبإتباع السنة
النبوية الشريفة، قاؿ صلى الله عليو وسلم: )) تركت فيكم ما أف بسسكتم بهما لن تضلوا أبد اً،
كتاب الله وسنتي (( 1 .
أليس من حق نبينا صلى الله عليو وسلم أف نتعلم ونعمل بهذه التًبية الإسلامية الدعجزة
الفريدة... ؟
لو علينا كل الحق صلى الله عليو وسلم، خاصة بعد أف أشهدنا أما الله عز وجل في حجة
الوداع.
وتبسيط اً لفهم عملية التًبية للمسلم من الق رآف والسنة، قدمت بحثي الصغتَ ىذا، والذي
ىو كبتَ في مغزاه، فكاف منهج البحث ىو التالي:
قمت بتعريف التًبية، ثم أىدافها، موثقة بأدلة من الق آرف والسنة. أسسها، أساليبها،
لرالاتها، ثم مراحلها ووسائل تطبيقها، وجعلت الخابسة بدعاء يناسب البحث، عسى أف يتداركنا
لطف الله ورعايتو لنا، فلنطبق ولنعمل بدا جاءت بو التًبية الإسلامية، بشوؽ يدفعنا للمزيد، فإف
جاءتنا مسألة أجبنا، وإف تعاقبت علينا أجياؿ علمنا، ونسألو أف يكوف ىذا العمل خالص اً
لوجهو الكريم.
المبحث الأول: تعريف التربية وما أهدافها:
المطلب الأول: تعريف التًبية.
لكلمة التًبية أصوؿ لغوية ثلاثة.
الأصل الأوؿ: ربى يربو بدعتٌ زاد أو نمى، وفي ىذا الدعتٌ نزؿ قولو تعالى: }وَمَا آتَػيْتُم مِّن
رِّب اً لِّيَػرْبػوَُ فِي أَمْوَاؿِ النَّاسِ فَلَا يػرَْبُو عِندَ اللَّهِوَ مَا آتَػيْتُم مِّن زَكَاة تُرِيدُوفَ وَجْو اللَّوِ فَأُوْلَئِكَ ىُمُ
الْمُضْعِفُوفَ { 1 .
الأصل الثاني: ربى يربى على وزف خفي يخفى، ومعناىا :نشأ وترعرع.
الأصل الثالث:رب يرب:ورب الشيء بدعتٌ صاغو وتولى أمره وساسو وقا عليو ونماه.
قاؿ الإما البيضاوي في تفستَه )أنوار التنزيل وأسرار التأويل(: )الرب في الأصل بدعتٌ
التًبية، وىي تبليغ إلى كمالو شيئ اً فشيئ اً(.
1 مسند أبضد، الكتاب : باقي مسند الأكثرين، رقم الحديث 11135 .
1 سورة الرو : 39 .
قاؿ الأستاذ عبد الربضن الباني: أف التًبية في تعريفها لذا عناصر وىي:
.1 فطرة الناشئ لضو المحافظة عليها ورعايتها.
.2 تنمية مواىبها واستعداداتو لذا.
.3 توجيو ىذه الفطرة وىذه الدواىب كلها لضو صلاحها وكمالذا اللائق بها.
.4 التدرج في ىذه العملية وىي ما يشتَ إليها البيضاوي شيئا فشيئا 1 .
فالتًبية عملية ىادفة لذا أىدافها وغاياتها، تقتضي منا خطط اً متدرجة لتستَ وفق نظا
متصاعد تنقلنا من مرحلة البداية إلى مرحلة النهاية بدوف شطط أو تعقيد، إنما بتًسيخ وتطبيق
مرف.
ىذا الدعتٌ للتًبية يؤدي بنا فطرة إلى الإسلا، لأف تربية الدسلم تستمد منو، فهو شريعة الله
عز وجل على الأرض، بعد أف أصبح قاد ر اً على بضل الأمانة.
قاؿ تعالى: }إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَة عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالجِْبَاؿِ فَأَبػتََُْ أَف يََْمِلْنَػهَا وَأَشْفَقْنَ
مِنْػهَا وَبضََلَهَا الْإِنسَافُ إِنَّو كَافَ ظَلُوم اً جَهُولا { 2 .
المطلب الثاني: أىداؼ التًبية.
نظر اً لحاجة الدسلم الضرورية لتحديد ىدفو في ىذه الحياة كي لا يضيع ويتشتت عقلو، بتَُ
الله عز وجل في كتابو العظيم ىذا الذدؼ. قاؿ تعالى:}وَمَا خَلَقْتُ الجِْنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَػعْبُدُوفِ { 3 .
والدقصود بالعبادة ليس فقط الصلاة والصو والزكاة، إنما العبادة التي تستغرؽ حياة الدسلم
كلها ولا تستنفذ جهودىا بصيعها، والعبادة التي خلقنا من أجلها تشمل كل طاعة نتقرب فيها
إلى الله.
عن أبي ىريرة رضي الله عنو عن النبي صلى الله عليو وسلم قاؿ: ))الساعي على الأرملة
والدسكتُ كالمجاىد في سبيل الله أو القائم الليل صائم النهار (( 1 .
1 أصوؿ التًبية الإسلامية أساليبها في البيت والددرسة والمجتمع: د. عبد الربضن النحلاوي دار الفكر الدعاصر / بتَوت لبناف، دار الفكر / –
دمشق سورية ص 13 .
2 سورة الأحزاب: 72 .
3 سورة الذاريات: 56 .
وعن أنس رضي الله عنو عن النبي صلى الله عليو ولم قاؿ: ))من كاف لو أرض فليزرعها أو
ليمنحها أخاه فاف أبى فليمسك أرضو(( 2 .
فهدؼ التًبية ىو إعداد الدسلم الصالح التقي الذي يعبد الله ويهتدي بهديو، وىو الذي
يعمر الأرض ويفي بشروط الخلافة فيها.
إذ اً الدسلم مكلف بعمارة ىذا الكوف برت سلطاف العبودية لله، لتحقيق خلافة إسلامية
حقيقية في الأرض بإتباع منهج الشريعة وبإعداد صحي سليم للجسد الإنساني وتوازف فكري
قلبي.
المبحث الثاني: أسس تربية المسلم.
المطلب الأول: أسس عقدية.
تطلق العقيدة على الفكرة التي يقتنع بها الدرء قناعة تامة فقبلها عقلو واستقرت في قلبو
واطمأنت بها نفسو وامتزجت بروحو.
والله عز وجل رزؽ الإنساف حواس اً وعقلا مفكر اً لتكوف لو أدوات يستخدمها في لراؿ
الدعرفة الأولية وجعل أمامو الكوف مسخر اً لخدمتو وبهذا يصل إلى قوانتُ الكوف بطريقة علمية
ليصل إلى وحدانية الله الخالق انطلاق اً من وحدانية ىذه القوانتُ الثابتة والتي لا تبديل ولا تغيتَ
فيها.
وبدا أف أمور العقيدة والتوحيد لذا أثر تربوي في حياة الدسلم فهي المحرؾ الأساسي الفعاؿ
لو.
لذا فاف أكثر الآيات القرآنية برث الدسلم إلى التفكر والتأمل في حقيقة أصلو ثم في سنن
الكوف الثابتة فيصل مع دليلو وىي الفطرة الإنسانية إلى الإيماف بالله تعالى ولأجل ذلك بضل الله
عز وجل مسؤولية تعطيل ىذه الأدوات التي رزقو إياىا. قاؿ تعالى: }وَلا تَػقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِوِ
1 صحيح البخاري: برقيق د. مصطفى البغا، الكتاب: النفقات، رقم الحديث : 4934 .
2 صحيح البخاري: برقيق د. مصطفى البغا، الكتاب: الدزارعة، رقم الحديث : 2172
عِلْمٌ إِفَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُ ل أُولػئِكَ كَافَ عَنْو مَسْؤُولا { 1. والدسلم الدؤمن بالله وحده يبعث
ذلك على نفسو الطمأنينة والاستقرار أنو يعمل ويسعى من أجل إلو واحد.
قاؿ الله تعالى: }وَقُلِ اعْمَلُو اْ فَسَيَػرَى اللّو عَمَلَكُمْ وَرَسُولُو وَالْمُؤْمِنُوفَ وَسَتُػرَ دوفَ إِلَى عَالِمِ
الْغَيْبِ وَالشَّهَادَة فَػيُػنَبِّئُكُم بِدَا كُنتُمْ تَػعْمَلُوفَ { 2 .
فالدسلم يجتٍ بشار إيمانو بعد أف يؤمن بأركانو الستة والتي ذك رىا رسوؿ الله صلى الله عليو
وسلم: )) الإيماف أف تؤمن بالله وملائكتو وكتبو ورسلو واليو الآخر والقدر ختَه وشره (( 3 .
المطلب الثاني: أسس تعبدية.
بعد أف اىتدى الإنساف إلى ربو وآمن بو فطرة وعقلا كاف لابد لو من برنامج ت ربوي يفرض
عليو تنفيذه ليكوف غذاء روحي اً لو فيزداد وينمو إيمانو بالله تعالى ويثمر بشار اً تعود عليو وعلى
المجتمع بالفائدة الدنيوية والأخروية.
ولذلك فرض الله عز وجل علينا العبادات بأشكالذا الدختلفة وجعل شرطية قبولذا:
.1 الإخلاص لله تعالى فيها.
.2 أف تكوف موافقة للشريعة الإسلامية.
ومفهو العبادة يشمل أعماؿ الإنساف في حياتو اليومية فهي مادة اختباره وامتحانو أما
الله عز وجل وذلك ليزداد ىذا الدسلم ربطا وخضوعا لخالقو جل وعلا كما في قولو تعالى:}تَػبَارَؾَ
الَّذِي بِيَدِه الْمُلْكُ وَىُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ { 4 .
فالعبادات القائمة لله تعالى لذا تأثتَ عظيم في تربية الدسلم وجعلو فردا صالحا لتبدأ بو عملية
بناء لرتمع صالح تقي ونقي تربط بتُ أفراده علاقات منظمة خاضعة لسلطاف التًبوية والألوىية
في ىذا الكوف.
1 سورة الإسراء: 36 .
2 سورة التوبة: 105 .
3 صحيح البخاري: برقيق د. مصطفى البغا، الكتاب: الإيماف، رقم الحديث: 408 .
4 سورة الدلك: 1 .
المطلب الثالث: أسس تشريعية.
ىي بشرة تطبيق كل من العقيدة والعبادة فعي لتنظيم الحياة والمجتمعات الإنسانية والتشريع
ضابط خلقي لحياة الفرد والأسرة والمجتمع أراد الله عز وجل أف ينتظم ستَ ىذه البشرية فكانت
مزَية البشرية الفذة أنها اعتمدت على الوازع الديتٍ في الخوؼ من الله عز وجل فمنو التشريع ومنا
الإجابة والتطبيق. لقولو تعالى:}وَمَا كَافَ الْمُؤْمِنُوفَ لِيَنفِرُو اْ كَآفَّة فَػلَوْلا نػفََرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْػهُمْ
طَآئِفَة لِّيَتَػفَقَّهُو اْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُو اْ قَػوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُو اْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يََْذَرُوفَ { 1 .
المبحث الثالث: أساليب تربية المسلم.
المطلب الأول: التًبية بالقدوة.
جعل الله عز وجل الإنساف مفطور اً على حب التقليد والاقتداء بالغتَ لدا في ذلك من تأثتَ
كبتَ في تهذيب النفس البشرية يفوؽ تأثتَ الكلا قوة ولذلك بعث الله عز وجل لزمد صلى الله
عليو وسلم ليكوف قدوتنا بصيع اً في تطبيقو منهجو التًبوي فقد كاف تربصة عملية بشرية حية
للق رآف الكريم.
والدسلم يجب أف يقتدي بو وبدن اقتدى بو من السلف الصالح.
قاؿ تعالى: }لَقَدْ كَافَ لَكُمْ فِي رَسُوؿِ اللَّوِ أُسْوَة حَسَنَة لِّمَن كَافَ يػرَْجُو اللَّو وَالْيَػوَْ الْآخِرَ
وَذكََرَ اللَّو كَثِتَ اً{ 2 .
المطلب الثاني: التًبية بالقصة.
بستاز القصة بسرعة وقوة تأثتَىا واستمرار ذلك التأثتَ في نفس الإنساف إذ توقظ مشاعره
ا ونفعالاتو وندفعو إلى تغيتَ سلوكو بعد برديد العزيمة حسب العبرة الدأخوذة من القصة فالقصة
بسثل نموذج اً مصغر اً من الحياة.
والقصة في الق رآف الكريم ثلاثة أنواع :
1 سورة التوبة: 122 .
2 سورة الأحزاب: 21 .
.1 قصة تاريخية واقعية ىدفها أخذ العبرة منها وبسثل قصص الأمم السابقة
وقصص الأنبياء عليهم السلا.
.2 قصة واقعية، ىدفها أخذ الدوعظة كقصة آد وخروجو من الجنة بسبب
الغتَة والحسد.
.3 قصة بسثيلية، تقد حدث الداضي يمكن أف تقع في أي مكاف وزماف ومع
أي إنساف ومثالذا: صاحب الجنتتُ في سورة الكهف فهي تبتُ غرور الكافر الدادي أما
الدؤمن بربو فهو واثق بالله تعالى فنصل لنهاية القصة خسراف الدتكبر ولصاح الدؤمن.
ولقد قدمت القصص النبوية بأسلوبها البسط وىدفها الكبتَ أمثلة في تربية النفس الإنسانية
فكل قصة نبوية بدوضوع جديد وأسلوب طريف منها قصة الأقرع والأبرص والأعمى وقصة
السحابة الدمطرة وغتَىا من القصص.
المطلب الثالث: التًبية بضرب الأمثاؿ.
اعتمد الق رآف الكريم في تربية الدسلم على ضرب الأمثاؿ بكثرة لأنو بضرب الأمثاؿ يتضح
الدعتٌ ويجعلو مفهوما لدى العقل فيكوف تأثره أشد من الأفكار المجردة. من ذلك قاؿ تعالى:}مَثَلُ
الَّذِينَ ابَّزَذُوا مِن دُوفِ اللَّوِ أَوْلِيَاء كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ ابَّزَذَتْ بػيَْت اً وَإِفَّ أَوْىَنَ الْبُػيُوتِ لَبَػيْتُ الْعَنكَبُوتِ
لَوْ كَانُوا يػعَْلَمُوفَ { 1
وكذلك النبي صلى الله عليو وسلم جعل في ضرب الأمثاؿ أسلوب تربوي بليغ لتأديب
وتربية الصحابة. قولو صلى الله عليو وسلم: )) أف الدؤمن للمؤمن كالبنياف الدرصوص يشد بعضو
بعضا وشبك بتُ أصابعو((.
المطلب الرابع: التًبية بالحوار و الجدؿ.
إف معتٌ الحوار أف يجرى حديث بتُ طرفتُ أو أكثر. سؤاؿ وجواب. بشرط وحدة الدوضوع
وىم يتبادلوف النقاش وقد لا يصل والى نتيجة ولكن السامع ىو الدستفيد. يأخذ موقف اً معين اً
عاطفي اًأو عقلي اً حسب نوعية الحوار:
1 سورة العنكبوت: 41 .
.1 حوار تعبدي: قولو تعالى: }إِيَّاؾَ نػعَْبُدُ وإِيَّاؾَ نَسْتَعِتُُ { 1 .
.2 حوار تذكتَي: }يَا بَتٍِ إِسْرَائِيلَ اذكُْرُو اْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْػعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي
فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِتَُ { 2 .
.3 حوار عاطفي:}أَفَػرَأَيْػتُمُ الْمَاء الَّذِي تَشْرَبُوفَ، أَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوه مِنَ الْمُزْفِ أَْ
لَضْنُ الْمُنزِلُوفَ { 3 .
فالحوار بأنواعو يربي النفس على كراىية الباطل وبري الحق بتدربي العقل على التفكتَ
الدوضوعي فكاف الحوار وسيلة لإقناع العقلاء والدفكرين. وقد استخد النبي صلى الله عليو وسلم
لإقناع من يرجى إقناعو.
المطلب الخامس: التًبية بالتًغيب والتًىيب.
إف من الفطرة التي فطر الله عز وجل الإنساف عليها ىي الرغبة في النعيم والدلذات والبقاء
والرىبة من الألم والشقاء وسوء الدصتَ لذلك كثر في الق رآف الكريم ىذا الأسلوب لتًبية العواطف
والدشاعر عند الإنساف على الاعتداؿ والاتزاف فلا يتمادى بالدعاصي طمع اً بربضتو ولا ييأس من
ربضتو فيتًؾ العمل بالشريعة.
قولو تعالى:}إِفَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّو لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ { 4 .
المطلب السادس: التًبية بالعبرة والدوعظة.
العبرة ىي حالة نفسية يصل إليها الإنساف بعد معرفة الدشاىد ما ليس مشاىد في قلبو
وعقلو والدراد منها التأمل والتفكتَ وأساليب العبرة في القراف الكريم كثتَة.
قاؿ تعالى: }قَدْ كَافَ لَكُمْ آيَة فِي فِئَتَػتُِْ الْتَػقَتَا فِئَة تػقَُاتِلُ فِي سَبِيلِ اللّوِ وَأُخْرَى كَافِرَة يػرََوْنػهَُم مِّث ػلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَتُِْ وَاللّو يػؤَُيِّدُ بِنَصْرِه مَن يَشَاء إِفَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْػرَة لَّأُوْلِي الأَبْصَارِ { 5 .
1 سورة الفابرة: 5 .
2 سورة البقرة: 57 .
3 - سورة الواقعة: 69 68 .
4 سورة الأنعا: 165 .
5 سورة آؿ عمراف: 13 .
أما الوعظ فهو النصح والتذكتَ الدباشر بالختَ ليندفع إلى العمل. وموعظة لقماف لابنو ختَ
مثاؿ. قاؿ تعالى:}وَإِذْ قَاؿ لََُقْمَافُ لِابْنِوِ وَىُوَ يَعِظُو يَا بػتٍََُّ لَا تُشْرِؾْ بِاللَّوِ إِفَّ الشِّرْؾَ لَظُلْمٌ
عَظِيمٌ { 1 .
ولقد اعتمد النبي صلى الله عليو و سلم ىذا الأسلوب البالغ التأثتَ و الفائدة وتابع
الصحابة نفس الأسلوب. وما مقولة عمر بن الخطاب رضي الله عنو )كفى بالدوت واعظ اً( – –
إلا تأكيد لذلك.
المبحث الرابع: مجالات تربية المسلم.
المطلب الأول: التًبية الصحية.
خلق الله عز وجل الإنساف في أحسن تقويم حيث قاؿ تعالى:}لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَافَ فِي
أَحْسَنِ تَػقْوِيٍم { 2.ورزقو الحواس والفطرة السليمة كجنود بضاية ورعاية لقلب الدسلم يَفظوف ىذا
القلب كي يصبح مهبط النور الإلذي وجسم الإنساف ىو الدركبة التي تتم فيها ىذه العملية البناءة
للختَ برتاج إلى رعاية وعناية. ولذلك قاؿ النبي صلى الله عليو وسلم :)) الدؤمن القوي ختَ من
الدؤمن الضعيف وفي كل ختَ (( 3. فالدسلم يجب أف يتمتع بصحة وقوة وعافية تعينو على أداء
واجباتو لضو ربو ولضو عباده دوف إرىاؽ أو تعب أو ملل. فقاؿ الله تعالى: }يَا أَيػ هَا النَّاسُ كُلُو اْ
لِشَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلا طَيِّب اً وَلا تَػتَّبِعُو اْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَافِ إِنَّو لَكُمْ عَدُ و مبِتٌُ { 4.وقاؿ أيض اً:}وكُلُو اْ
وَاشْرَبُو اْ وَلا تُسْرِفُو اْ إنَّو لا يَُِ ب الْمُسْرِفِتَُ { 5.فتًبية الدسلم صحي اً تضم في طياتها عناية بصحتو
عبر توصيات عامة. ونلمس في ىذه التوصيات طلب التوازف والوسطية في كل شيء كي تنمو
طاقات الدسلم بدوف إفراط وتفريط وتتجو لضو الختَ لو ولمجتمعو.
1 سورة لقماف: 13 .
2 . سورة التتُ: 4
3 صحيح مسلم. كتاب: القدر. رقم الحديث : 4816 .
4 سورة البقرة: 168 .
5 سورة الأعراؼ: 31 .
المطلب الثاني: التًبية العقلية.
يمتاز الإنساف عن الحيواف بالعقل لأف القدرات العقلية عند الإنساف تنمو بالعلم والتدريب
والتفكتَ ولذلك خاطب الق رآف الكريم العقل ليدلو على وجود الله وحثو على التفكر في الكوف
والخلق الأوؿ. والتفكتَ مع العلم غذاء العق الإنساني فكانت آيات الأمر الإلذي الأوؿ للقراءة
ا ولتفكتَ.
قاؿ الله تعالى:}اقْػرَ أْ باسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ، خَلَقَ الْإِنسَافَ مِنْ عَلَقٍ { 1 .
والآيات التي برض على التفكر والتعقل كثتَة والذدؼ من ذلك للوصوؿ إلى الإيماف بالله
والخضوع لو عقلا و قلب اً.
والنبي صلى الله عليو وسلم حضّ على العلم وجعلو ميزة العقلاء، حيث قاؿ: ))من سلك
طريقاً يلتمس فيو علماً، سهل الله لو طريقاً إلى الجنة(( 2 . فتًبية الدسلم لتنمية عقلو على التفكتَ
السليم، ليبتعد عن أتباع الذدى والضلاؿ، كي تسلم أموره في الدنيا والآخرة.
المطلب الثالث: التًبية الاجتماعية.
يقصد بو، تربية الدسلم مشاعره بالارتباط مع لرتمعو وتنمية ىذا الارتباط بتطويره لضو الختَ
والتعرؼ على أساليب السلوؾ الجماعي الناجح، وتنمية الأفكار والأىداؼ الدشتًكة التي
تنعكس في نفوس الدسلمتُ، حيث تبدأ بالفرد دخل أسرتو ثم لضو أقاربو، ثم لضو أصدقائو ثم
لرتمعو.
ىذا وتربية الدسلم على الإخلاص لله تعالى، بذعل الجميع ينتموف لضو امة واحدة، جعلت
من منهجها، الأمر بالدعروؼ والنهي عن الدنكر، فلا يبقى عنصرية ولا عصبية.
قاؿ الله تعالى:}كُنتُمْ خَيْػرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُو ف بِالْمَعْرُوؼِ وَتَػنْػهَوْفَ عَنِ الْمُنكَرِ { 3 .
1 – 2 سورة العلق: 1 .
2 . سنن الدرامي: رقم الحديث: 346
3 . سورة آؿ عمراف: 110
والأحاديث النبوية كثتَة التي ترعى ىذا السلوؾ وبرث عليو، قاؿ النبي صلى الله عليو
وسلم: ))لا يؤمن أحدكم حتى يَب لأخيو ما يَب لنفسو(( 1 .
المطلب الرابع: التًبية الروحية.
خلق الله عز وجل الإنساف من طتُ ونفخة من روحو، ومن عناصره الطتُ يتًكب الجسد،
والجسد لا يَيا بدوف طعا وشراب الدستخرجتُ من الطتُ، أما غذاء الروح الدناسب لطبعها
والدلائم لجوىرىا، ىو كل ما يؤدي إلى تهذيب النفس وسمو الإنساف بالفضائل ليبتعد عن الرذائل،
وذلك لا يتم إلا بالاىتما بأمور العقيدة والدعاملات والأخلاؽ الحميدة.
وبقدر اىتما الدسلم بهذا الجانب الذا من حياتو يرتفع وتسمو نفسو، قاؿ تعالى: } قَدْ
أَفْػلَحَ مَن زَكَّاىَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاىَا{ 2 . فالروح ىي الوسيلة المجهولة التي توصلنا بالله عز
وجل، لأنها من روح الله التي أودعها فينا.
قاؿ تعالى: }فَإِذَا سَوَّيْػتُو وَنػفََخْتُ فِيوِ مِن روحِي فَػقَعُو اْ لَو سَاجِدِينَ { 3 .
ولذلك عُتٍ القرآف الكريم وسنة النبي صلى الله عليو وسلم، بتًبية روح الدسلم عن طريق
وصلو باستمرار مع الله عز وجل في كل لحظة، ومع كل فكرة وشعور، ليبقى الدسلم على حبّو
وخشيتو وتقواه والتطلع الدائم إليو، واللجوء إلى بضاه والرضى بدا يَب ويرضى.
المطلب الخامس: التًبية الجمالية.
تهدؼ التًبية الجمالية إلى العناية بأجسامنا أولاً ومن ثم ببيوتنا ولشتلكاتنا، والمحافظة على
نظافة الطرؽ والحدائق ا ولدرافق العامة، ومن ثم الزيادة في الدتعة والشعور بالبهجة بكل ما ىو
بصيل، لابتكار وصنع أشياء بصيلة تريح النفس من التعب، وتدفع عنها الذمو والأحزاف، ولكن
بدنظار الشرع، وعد بذاوز الحلاؿ والحرا.
1 . صحيح البخاري: برقيق د. مصطفى البغا، الكتاب: الإيماف، رقم الحديث: 12
2 – .10 سورة الشمس: 9
3 . سورة الحجر: 29
قاؿ تعالى: }وَلَقَدْ زَيػنََّّا السَّمَاء ال دنْػيَا بِدَصَابِيحَ { 1 . وكاف النبي صلى الله عليو وسلم، يربي
صحابتو على العناية بدظهرىم، عن أبي ىريرة رضي الله عنو قاؿ: قاؿ رسوؿ الله صلى الله عليو
وسلم: ))من كاف لو شعر فليكرمو((، والأحاديث كثتَة التي تقو بالاىتما بهذا الجانب لدى
الدسلم، في نفسو وأىلو وبيتو، وبيئتو.
المطلب السادس: التًبية الانفعالية.
التًبية الانفعالية لذا دور كبتَ للتكييف الاجتماعي السوي، فاضطراب الصلات
الاجتماعية ناشئ عن اضطراب الانفعالات الإنسانية، وىذه التًبية تبدأ في تعليم الطفل لحل
مشاكلو ومعالجة أموره دوف إطلاؽ العناف لانفعالاتو، وبررص ىذه التًبية على تهذيب الحسن
وتشذيب القبيح، وحرص الإسلا على توجيو الانفعالات توجو حسن سوي، فجعل لزبة الله
ورسولو ىي في الدقا الأوؿ لدى الدسلم، قاؿ تعالى: }قُلْ إِف كَافَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْػنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِتََتُكُمْ وَأَمْوَاؿٌ اقْػتَػرَفْػتُمُوىَا وَبِذَارَة بَزْشَوْفَ كَسَادَىَا وَمَسَاكِنُ تَػرْضَوْنػهََا أَحَبَّ إِلَيْكُم
مِّنَ اللّوِ وَرَسُولِوِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِوِ فَػتَػرَبَّصُو اْ حَتَّى يَأْتِي اللّو بِأَمْرِه وَاللّو لا يػهَْدِي الْقَوَْ الْفَاسِقِتَُ { 2 .
المبحث الخامس: مراحل تربية المسلم.
المطلب الأول: مرحلة ما قبل الولادة.
تبدأ ىذه الدرحلة باختيار الزوج للزوجة الصالحة عند تأسيس الأسرة، فهي التي تعنيو في
أمور تربية الأولاد تربية إسلامية. قاؿ النبي صلى الله عليو وسلم: ))بزتَّوا لنطفكم فإف العرؽ
دساس(( 3 .
وتنتهي ىذه الدرحلة بقدو الدولود إلى الحياة، فالأ تعمل على تهيئة الجو الدناسب لذم،
وتهيئة نفسها لتكوف لذم قدوة، فعلى القدوة والتقليد نربي أولادنا، قاؿ النبي صلى الله عليو
وسلم: ))يولد الدولود على الفطرة، فأبواه يهودانو أو يمجسانو أو ينصرانو(( 1 .
1 . سورة الدلك: 5
2 . سورة التوبة: 24
3 . سنن ابن ماجو، كتاب: النكاح، رقم الحديث: 1958
المطلب الثاني: مرحلة الطفولة.
تبدأ ىذه الدرحلة من عند الوردة وتنتهي إلى سن السادسة أو السابعة من عمره، فرعاية
الأسرة للطفل يجب أف تكوف من كافة الجوانب، الروحي، الجسمي، الفكري. وفي ىذه الدرحلة
نقو بتأسيس وتقوية العقيدة الإسلامية عند الأطفاؿ عند الصغر ومساعدتهم بابزاذ أساليب
تربوية صالحة مستخدمتُ الوسائل الدادية لتعينهم للوصوؿ غلى ىدؼ الت وحيد والربوبية، والحذر
من أف تنقلب الوسيلة غلى ىدؼ فتضيع الأىداؼ، فالأسرة ىي النواة الأولى في بناء المجتمع
الدسلم.
المطلب الثالث: مرحلة الصبا والبلوغ.
تبدأ ىذه الدرحلة ما بعد الثامنة، وتنتهي في سن البلوغ، في ىذه الدرحلة تنمو الغرائز
والعواطف عند الإنساف وتنضج، فلا بد من الاىتما بهم وتوجيههم توجيو شرعي في سلوكهم
ومعاملاتهم، كي ينشؤوا على حب الختَ والفضيلة، وكراىة الرذائل والقبائح.
وفي ىذه الدرحلة لضبب إليهم ونرغبهم بالعلم النافع والدعرفة العلمية، فالشعوب لا تتقد
بدوف ذلك، والعلم يؤدي إتقاف العمل، والعلم والعمل وسيلتا المجتمع لبناء حضارة شالسة. قاؿ
الله تعالى: } يػرَْفَعِ اللَّو الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ { 2 .
المطلب الرابع: مرحلة الشباب.
تبدأ ىذه الدرحلة ما بعد البلوغ وبستد إلى مرحلة الشيخوخة والكبر، تعد ىذه الدرحلة من
أىم الدراحل، لأنها مرحلة العطاء والإنتاج، أما الدراحل السابقة فقد كانت مرحلة التأسيس.
قاؿ تعالى: }لَضْنُ نػقَُ ص عَلَيْكَ نػبََأَىُم بِالحَْقِّ إِنػهَُّمْ فِتْػيَة آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاىُمْ ىُدًى، وَرَبَطْنَا
عَلَى قُػلُوبِهِمْ { 3. في ىذه الدرحلة يكملوا دراستهم في الددارس والدعاىد والجامعات، ثم يتوجهوف
إلى العمل والحياة الأسرية فلا بد أف يكونوا مؤىلتُ لبناء أسرة مسلمة، ومؤىلتُ لبناء لرتمع
1 . صحيح البخاري، كتاب: القدر، رقم الحديث: 6110
2 . سورة المجادلة: 11
3 - .14 سورة الكهف: 13
مسلم قوي تبدأ قوتو وحصانتو من الأسرة، لذلك أكثر النبي صلى الله عليو وسلم، من نصائحو
للشباب الدؤىلتُ للزواج، كيف وعن من يبحثوف. قاؿ النبي صلى الله عليو وسلم: ))تنكح الدرأة
لجمالذا، ومالذا، وحسبها، ونسبها، ودينها، فاظفر بذات الدين تربت يداؾ(( 1 .
المطلب الخامس: مرحلة الشيخوخة.
ىذه الدرحلة الأختَة من حياة الإنساف، يعود ضعيفاً كما في مرحلة الصغر، ولذلك أمر الله
عز وجل بالإحساف إلى الوالدين، وقرنها بالعبادة، ونهى عن انزعاج لذما، قاؿ تعالى: }وَقَضَى
رَب كَ أَلا تَػعْبُدُو اْ إِلا إِيَّاه وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَان اً إِمَّا يػبَْػلُغَنَّ عِندَؾَ الْكِبَػرَ أَحَدُهَُُا أَوْ كِلاَهَُُا فَلا تَػقُل
لذَّمَُا أُ ؼ وَلا تَػنْػهَرْهَُُا وَقُل لذَّمَُا قَػوْلا كَرِيم اً، وَاخْفِضْ لذَمَُا جَنَاحَ ال ذؿِّ مِنَ الرَّبضَْةِ وَقُل رَّبِّ ارْبضَْهُمَا
كَمَا رَبػيََّانِي صَغِتَ اً { 2 .
كما حذر النبي صلى الله عليو وسلم، من عد احتًا الكبتَ كما جاء في حديث ابن
عباس رضي الله عنو: أف النبي صلى الله عليو وسلم قاؿ: )) ليس منا من لم يرحم صغتَنا ويوقر
كبتَنا(( 3 .
وىكذا فقد أعطى الإسلا اىتمامو لجميع الدراحل، وخص كل مرحلة بخاصية تناسب مقا
الدرحلة، فمرحلة الطفولة برتاج غلى رعاية وحناف وحب واىتما بجميع النواحي ومرحلة البلوغ
برتاج إلى وعي وإدراؾ في تربيتهم، ومرحلة الشباب برتاج غلى بذاذب فعاؿ بينهم وبتُ المجتمع،
أما مرحلة الكهولة والشيخوخة برتاج غلى رعاية واىتما وحب بدوف ملل ولا تذمر، وىكذا ىو
إسلامنا العظيم في تربيو للمسلم، شامل كامل شامخ وقوي، فالحمد لله على نعمة الإسلا دين
لنا.
1 . سنن الدرامي، باب: النكاح، رقم الحديث: 2076
2 - .24 سورة الإسراء: 23
3 . مسند أبضد: مسند بتٍ ىاشم، رقم الحديث: 2214
المبحث السادس: وسائل تربية المسلم.
المطلب الأول: الأسرة.
الأسرة ىي الوسيلة البشرية الأولى في حياة الدسلم، وفيها يناؿ مطعمو ومشربو، ويتعلم لغتو
الأولى، التي بسكنو من الاتصاؿ بالعالم الخارجي، فهو يتلق أصوؿ عقيدتو قولاً وعملاً، ويقو
بعبادتو الدفروضة عليو، وفيها يكتسب عاداتو الحسنة، وينشئ أوؿ علاقة إنسانية لو، ىي بتُ
أفراد الأسرة، وبذلك تتحدد معالم شخصيتو.
وعلى الأبوين مسؤولية الرعاية الأولى: قاؿ صلى الله عليو وسلم: ))كلكم راع وكلّ مسؤوؿ
عن رعيتو، والرجل راع في أىلو وىو مسؤوؿ عن رعيتو، والدرأة راعية في ببيت زوجها ومسؤولة عن
رعيتها... (( 1 . قاؿ تعالى: }يَا أَيػ هَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَىْلِيكُمْ نَار اً وَقُودُىَا النَّاسُ
وَالحِْجَارَة { 2 .
فالأسرة نموذج مصغر من المجتمع، وىي الأساس لبناء المجتمع.
المطلب الثاني: الددرسة.
مع تعدد أساليب الحياة، وتطور ورقي المجتمع، كل ذلك أدى إلى عجز الوالدين في تعليم
أولادىم ما يَتاجونو ظهرت الددارس، كعامل تكميلي لدور الأسرة تربوياً وتعليمياً.
وكاف الدسجد أوؿ مدرسة بصاعية منظمة عرفها الدسلموف، لتعليم الكبار والصغار حتى
عهد سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنو الذي أنشأ أوؿ مدرسة للصغار إلى جانب الدسجد
ثم تطورت لتأخذ أشكالاً معينة، يخضع فيها الأطفاؿ إلى نظا مرحلي متدرج في التعليم، وىذا
النظا يَتاج غلى إعداد مدرستُ ومعلمتُ بدستويات علمية عالية ليكونوا مشرفتُ على عملية
التًبية والتعليم، بتقوى وخوؼ ورجاء القبوؿ من الله عز وجل، فهدؼ الجميع رضى الله، ليتم
إنشاء وإعداد أجياؿ يعتمد عليهم في بناء المجتمع الإسلامي الحقيقي وبدا أف مهمة الدعلمتُ
1 . صحيح البخاري، كتاب: الجمعة، رقم الحديث: 844
2 . سورة التحريم: 6
عظيمة يجب أف يكونوا مسلحتُ بأسلحة علمية متنوعة، عقيدةً، سلوكاً، علماً، عملاً حتى يأتي
دورىم التعليمي التًبوي الكامل.
المطلب الثالث: الدسجد.
بيت من بيوت الله، لو اثر في التًبية الإسلامية فعلى كل مسلم أف يرتبط دينو، وفيو تنشأ
روابط اجتماعية صحيحة الدنشأ، من اجتماع الدسلمتُ بعضهم مع بعض ووقوفهم في الصلاة
بانتظا، تتحقق آثار تربوية بصيلة، لذلك كانت صلاة الجماعة أعظم اجر، لقولو صلى الله عليو
وسلم: ))من تطهر في بيتو، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضي فريضة من فرائض الله،
كانت خطوتاه إحداهُا برط خطيئتو، والأخرى ترفع درجة(( 1 .
والذكر لقولو تعالى: }إِنَّمَا يػعَْمُرُ مَسَاجِدَ اللّوِ مَنْ آمَنَ بِاللّوِ وَالْيَػوِْ الآخِرِ وَأَقَاَ الصَّلاَة وَآتَى
الزَّكَاة وَلمَ يَخْشَ إِلا اللّو فَػعَسَى أُوْلَػئِكَ أَف يَكُونُو اْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ { 2 .
المطلب الرابع: الدربي.
لقد أشار القرآف الكريم إلى دور الدعلمتُ من الأنبياء وأتباعهم إلى أف وظيفتهم الأساسية
تعلم شرع الله وتعليمو للناس، كتاباً وحكمةً، وتزكية نفوسهم وتطهتَىا لقولو تعالى: }رَبػنََّا وَابْػعَثْ
فِيهِمْ رَسُولا مِّنْػهُمْ يػتَْػلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيػعَُلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالحِْكْمَة وَيػزَُكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ
الحَكِيمُ { 3 .
المطلب الخامس: المجتمع.
بدا أف الإنساف اجتماعي بالفطرة، كاف اىتما القرآف الكريم في المجتمع كبتَاً، فحملو
مسؤولية تربية أفراده، قاؿ تعالى: }وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّة يَدْعُوفَ إِلَى الخَْتَِْ وَيَأْمُرُوفَ بِالْمَعْرُوؼِ وَيػنَْػهَوْفَ
عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَػئِكَ ىُمُ الْمُفْلِحُوفَ { 4 .
1 . صحيح مسلم، كتاب: الدساجد ومواضع الصلاة، رقم الحديث: 1070
2 . سورة التوبة 18
3 . سورة البقرة 129
4 . سورة آؿ عمراف: 104
فالمجتمع يُعتمد عليو كوسيلة قوية لتدعيم وترسيخ الدنهج التًبوي في أىدافو... أف بصيع
ىذه الوسائل التًبوية التعليمية، في برقيق أىدافها، فالفرد الدسلم الدؤمن فيها ىو أساس كل
وسيلة تربوية، وبدجموع الأفراد وتتشكل وتتجمع الخلايا، لتكوف جسداً واحداً، كقوؿ النبي صلى
الله عليو وسلم، في تشبيهو ىذه للمجتمع كجسد واحد، إذا اشتكى منو عضواً تداعى لو سائر
الجسد بالسهر، وقوؿ الرسوؿ صلى الله عليو وسلم: ))مثل الدؤمنتُ في توادىم وترابضهم
وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منو عضو تداعى لو سائر الجسد بالسهر والحمى(( 1 .
الخاتمة
ليس الأمر من ىذه الدراسة، أف نردد الكلا والقوؿ من غتَ فعل وتطبيق، قاؿ تعالى:
}كَبُػرَ مَقْت اً عِندَ اللَّوِ أَف تَػقُولُوا مَا لَا تَػفْعَلُوفَ { 2 . ولا في أف نسمعو، فنغفل عن ىديو، ومغزاه،
فمسؤولية كل فرد تتوجو أولاً لضو نفسو سلوكاً، ولضو الجماعة الإنسانية ثانياً، وبتوجيو من سلطاف
العبودية لله فهل يا ترى برقق ىذا الانسجا بتُ الكوف والحياة بحقيقة عبودية ىذا الدسلم؟؟ وىل
واقعنا يتًجم أ جهل الجاىلوف بو؟؟
لعنادىم وعصيانهم ومردىم، وبعدىم عن النبع الصافي، وبعدىم عن سلطاف وقوة جذب
القرآف العظيم في تربيتو، الفريدة الدعجزة.
ولن يتم الإنقاذ، إلا بتدبر وتنفيذ لذذا الدنهج التًبوي القائم لخدمة وسعادة الدسلم، روحياً،
عقلياً، جسدياً، عملياً علمياً.
فلنقف في لزراب الألوىية وعلى أعتاب الربوبية ونتضرع قائلتُ:
إلذي: ىا لضن اىتدينا إلى عظيم سلطانك بعد البعاد..
ونأمل بتوبة لا رجعة، فنطمع منك الدغفرة.
ونشكو غليك العجز الجسدي والروحي فنأمل أف تسعفنا وتأخذ بيدنا.
إلذي: فاجعل من عبوديتنا لك الدوجو والدربي لنا..
1 . أخرجو مسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب: تعاطف الدسلمتُ وترابضهم وتعاطفهم، رقم الحديث: 2586
2 . سورة الصف: 3
فلا ت ردنا، واجعل قرآنك العظيم، وسنة نبيك، غاية علمنا، ونور لقلبنا، واجعلنا بو ىادين
مهتدين.
والحمد لله رب العالدتُ، والصلاة والسلا على سيد الدرسلتُ، ىذا البحث الكبتَ، كاف
العمل بو صغتَ، فالوقت لو قصتَ، ولكن خرجت منو بالشعور في التقصتَ لضوه، وإف شاء الله
التعليقات (0)