عندما قال الرئيس الأميركي الجديد " دونالد ترامب " في خطابه الرئاسي الأول أثناء حفل تنصيبه رئيساً لأميركا بأنه " سيوحد العالم ضد التطرف الإسلامي وسيزله من على وجه الأرض " فهذا كلام في غاية الخطورة كونه يعبر عن النوايا المضمرة والعلنية للإدارة الأميركية تجاه المسلمين عموماً, حيث إنه ركز في خطابه على " التطرف الإسلامي " فقط ولم يتطرق للتطرف بصورته العامة, فهناك تطرف يتمثل بمنظمات تابعة لليهودية والمسيحية والسيخية والشيوعية وغيرها لكنه أهملها وركز على الإسلام فقط !! بحيث كان بإمكانه أن يقول بأننا سنوحد العالم ضد " التطرف " بكل توجهاته الدينية, وهذا إن دل على شيء فإنه يدل على مدى حنق الغرب عموما على الإسلام والمسلمين.
عند رجوعنا بالزمن إلى الخلف قليلاً وعندما نستخدم لغة الأرقام والإحصائيات سنجد أن جرائم المنظمات غير الإسلامية أقبح وأبشع وأكثر فتكاً وإنها كانت تتمثل بدول وحكومات مارست كل أشكال الإرهاب بحق شعوبها وشعوب الدول المجاورة, ولم تكن هناك تصريحات من قبل قادة العالم موجهة ضد " الديانة " التي تنتمي إليها تلك المنظمة أو الحكومة, فيكون الحديث عن أشخاص وأسماء منظمات ويستثنى اسم الدين من تلك الخطابات, ونحن هنا لسنا في صدد الدفاع عن تلك المنظمات الإرهابية التي إتخذت من الإسلام جلباباً لها لتمارس إجرامها وقبحها وفسادها بحق المسلمين قبل غيرهم, لكن نحن في صدد كشف نوايا الغرب بالتحديد في العالم العربي والإسلامي وكيف اتخذوا من هذه التنظيمات ذريعة لإحتلال وغزو العالم الإسلامي والعربي تحت عنوان " محاربة الإرهاب " ولهذا ركزوا على التطرف الإسلامي دون غيره لأن مصالحهم ومشاريعهم وخططهم في تلك الدول وخصوصاً في الشرق الأوسط وأكثر خصوصية في العراق وسوريا, فالآن مثلاُ يحصل قتل وسفك دماء وإجرام بحق مسلمي الروهينغا في بورما وبصورة فاقت جرائم داعش وأخواتها فلماذا لم يتحدث الغرب عنها ؟ لأن لا مصلحة لهم في تلك الدولة.
ولهذا السبب تجد إن " ترامب " قد ركز على التطرف الإسلامي وأخذ منه ذريعة لما سيقوم به في منطقة الشرق الأوسط, وهي الذريعة ذاتها التي اتخذتها كل الدول التي لها أطماع في تلك المنطقة حتى أخذت تقدم كل أنواع الدعم للتنظيمات الإرهابية – بغض النظر عن اصل وسبب منشأها – لتجد لنفسها ذريعة في إحتلال الدول العربية والإسلامية كما يحصل الآن في العراق وسوريا, حيث أصبحا هذين البلدين عرضة للإحتلال الدول الغربية والشرقية والذريعة هي محاربة الإرهاب !!.
والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : من أعطى الحجة والذريعة لترامب بأن يركز على الإسلام فقط وفقط ؟ ومن هو الذي شوه الإسلام وصورته بهكذا طريقة ؟ وجعل من ترامب ومن سبقه ومن معه الآن بأن يتهموا الإسلام والمسلمين بالتطرف ويسعون إلى خراب بلاد المسلمين ؟ فجواب ذلك هو , إنهم وجدوا ضالتهم في فكر إبن تيمية " شيخ الإسلام " وما نتج عنه من وجود تنظيمات إرهابية كالقاعدة وجبهة النصرة وداعش التي وجدت في ابن تيمية وفكره وآراءه وفتاواه خير ذريعة لممارسة القتل والإجرام وسفك الدماء والإفساد في الأرض, كما يقول المرجع الديني العراقي الصرخي في محاضرته الحادية عشر من بحث ( وقفات مع توحيد التيمية الجسمي الأسطوري) ...
{{... نقول ونكرر: نحن نتعامل الآن مع ابن تيمية كشخص وكعنوان؛ لأنّ الكتب سجّلت باِسمه لكنّنا نعتقد ونرجّح أنّ جُلّ ما نُسب إليه هو لم يصدر منه أصلًا فلذلك نقول: غفر الله له إنْ كان كلّ هذا الكلام قد دسّه ونسبه إليه المدلّسة من أتباعه، ماذا نفعل نحن، نحن نريد أن ندفع الشبهات، نريد أن نبرئ الذمّة أمام الله سبحانه وتعالى بأننا سعينا من أجل ايقاف نزيف الدماء، التقليل من نزيف الدماء، التقليل من التغرير بأبنائنا وأعزائنا من السنة ومن الشيعة، من أهل العراق ومن غير أهل العراق، من المسلمين هنا أو من المسلمين هناك، لا فرق عندنا، نريد أن نرضي الله سبحانه وتعالى...}}.
فهذا الفكر وهذا المنهج التيمي الداعشي الذي إتخذ منه " ترامب " ومن معه سيفاً ليضعه في أهل الشرق الأوسط من عرب ومسلمين لتحقيق مصالح وأهدف توسعية إستعمارية, ويشهره بوجه المسلمين ويستخدم هذا الفكر المتطرف المنتحل للإسلام كسلاح وأداة وذريعة لإحتلال بلاد المسلمين وإقامة المشاريع الإستعمارية فيها.
بقلم :: احمد الملا
التعليقات (0)