تراجيديا إغريقية
كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 3692 - 2012 / 4 / 8 - 17:58
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
• كأنها تراجيديا إغريقية أن تقف مجموعة من الشباب البريء مع أفاقي النخبة وحرافيشها دون سند ولا أي عنصر قوة في مواجهة العسكر والظلاميين والشعب المصري ذاته.
• لم أخن الثورة أو أتخلى عنها كما يتهمني البعض، فليس من قبيل الخيانة أو التخلي أن يكون الثائر مفتوح العينين، وأن يتدبر ما حدث ويحدث، ليستطيع أن يتلمس مواقع أقدامه المستقبلية، وإلا كانت الثورة اندفاعاً أهوج وأعمى نحو مجهول، ما قد يكون مقبولاً في حياة الثائر الخاصة لو أقدم مثلاً على الانتحار، فيما العناد والاندفاع الأعمى في اتجاه واحد بما ينعكس على وطن وشعب هو الحماقة المساوية في نتائجها للخيانة.
• أرجو ممن يهاجمونني أن يكونوا أكثر هدوءً، فلا أتصور يقينية لأي رأي أقدمه لهم، وأتمنى أن يكون اعتزازهم بما في رؤوسهم ضمن حدود العقلانية. . مع تقديري واحترامي وتسامحي مع الجميع.
• هل الثائر حجر مقذوف لا يملك تغيير اتجاهه حتى لا يصطدم بالصخور فيتحطم، أو بأهله وناسه فيحطمهم، أم يتمتع بمرونة ونظر وتدبر ليقيم ما حدث وما سوف يحدث؟!!. . حتى لو افترضنا أن رئاسة عمر سليمان يعني استسلام الثورة والثوار، فإن هناك ما يسمى شجاعة الاعتراف بالهزيمة، والتي اتصف بها قواد حرب عظام في تاريخ البشرية. . قاتلوا كالرجال، واعترفوا بوجوب الاستسلام أيضاً كالرجال، وفي حالتنا هذه من هزمنا هو شعبنا والتيار الظلامي وقلة عددنا وفقداننا للرؤية المستقبلية.
• بالتأكيد لا أثق في عمر سليمان أو في غيره، بل ولا أكاد أثق في أي مصري أن يسعى مخلصاً لصالح بلاده ومستقبل أولاده. . هي كلها محاولات لاختيار الأقل سوءً لا أكثر ولا أقل. . عمر سليمان هو الرجل المناسب للتعامل مع اللي بيخافوا وما يختشوش، يخوفهم شوية ويحايلهم شوية، لغاية ما يلموا تعابينهم اللي سارحة دلوقتي براحتها. . لم ولن يسعى التيار الديني للتوافق مع قوى المجتمع المدنية لأنهم يستهينون بقوتها التي تقترب فعلاً من الصفر، لكن دخول عمر سليمان ومن خلفه القوات المسلحة للساحة السياسية سيجبر الظلاميين على التوافق مع المجتمع، وعلى تخفيض سقف طموحاتهم لإظلام البلاد ولو مؤقتاً ولحين فرصة أخرى يتحينونها للانقضاض على الحداثة والحضارة.
• هل قمنا بثورة على الفاسدين لنقيم بدلاً منهم الكذابين حكاماً عليناً؟!!
• هل سيتم محاكمة حازم صلاح أبو اسماعيل بتهمة التزوير في أوراق رسمية؟
• من أهم دلائل إنحسار موجة الكراهية والظلامية في مصر العودة لثقافة السلام مع جيراننا الإسرائيليين، لنتفرغ جميعاً للبناء الحضاري، كما آمل أن يأتي سريعاً يوم تكف فيه الكنيسة القبطية الأرثوذكسية عن النفاق والتزلف الممجوج سواء بالمتاجرة بالقضية الفلسطينية اللعينة، أو بادعاء أنه ليس في الإمكان أروع مما هو كائن من وحدة وطنية. . أرجو ألا يصدق الأساقفة والبطريرك القادم للكنيسة القبطية الأرثوذكسية أن المطلوب منهم بجد السير على خطى البطريرك الراحل، تبقى مصيبة سودة على دماغنا ودماغهم إن ده حصل!!. . كلما زحف الأقباط وأسيادهم أصحاب العظمة والنيافة على بطونهم، كلما احتقرهم حتى المتعاطفون معهم!!
• الذين ظلوا طوال فعاليات الثورة تحت جناح الإخوان، ولم ينبسوا ببنت شفة فيما الإرهابيون يتم اطلاق سراحهم وتصويرهم على أنهم أبطال اضطهدهم مبارك، عليهم الآن التزام الصمت احتراماً لأنفسهم، فهم من قدموا مصر بالاشتراك مع العسكر على طبق من ذهب للظلاميين.
• "المصريين الأحرار: ترشح سليمان يؤكد أن الثورة فى خطر". . بيصعب علي قوي اللي بيقول كده، مش داري يا عيني إن الثورة ماتت بعدما انتهت بكاااااااارثة!!
• عذرنا شباب الثورة في افتقادهم للرؤية السياسية وتوقفهم عند حدود الرفض لما هو قائم، لكن المحزن أن أستمع لقادة 6 أبريل بعد عام ونيف من الثورة، وأجدهم رغم اتضاح الكثير من الحقائق مازالوا معصوبي العيون عاجزين عن استيعاب ما يصرخ به الواقع. . هنا يكون الإحباط الحقيقي، وليس السيطرة الآنية لتيارات الإظلام. . خسارة وألف خسارة!!
• تعلمنا أن "اللي مامعاهوش ما يلزموش"، وشوية الشباب الطاهر الثائر والنخبة الكحيانة اللي متشعبطة فيهم ليس لديهم قوة للسيطرة على الوضع بالبلاد ولا لتغيير الواقع إلى الأفضل، وأي مجهود يبذلونه يسقط في سلة الجهلة ودعاة التخلف، يبقى يتلموا أحسن وبلاش شغل الهيصة والزفة الفارغة، لأنهم كده ولا كده كومبارس مسخرة في نظر من يملكون عناصر القوة. . اتركوا القمة الآن واذهبوا إلى الشارع المصري، فربما استطعتم بعد سنوات قليلة أو كثيرة أن تجدوا لكم في الشارع موطئ قدم. . نحن لا نثبط الهمم، لكن هذا ما هو حادث بالفعل، وليس مجرد نظرة تشاؤمية أو معادية لما سميناه ثورة!!
• ارتكب المجلس العسكري أخطاء سياسية قاتلة، واقترف بعض ما يعد جرائم ضد الإنسانية، لكن التوجه ضد العسكريين بصورة مطلقة سوف يؤدي لنتائج وبيلة منها سيطرة تنظيم القاعدة على البلاد.
• مذيعو برامج التوك شو الأشاوس اللي بيهاجموا المجلس العسكري بيقعدوا قدام الظلاميين زي الأرانب أو الفئران، ليه يا ترى؟!!. . الإعلامي وائل الإبراشي لا ينتمي لفكر ظلامي، لكنه حالة سيكولوجية تستحق الدراسة، إذ يدمن إشعال الحرائق في الوطن ببرنامجه "الحقيقة"، و"الحقيقة" أنه يحتاج لعلاج نفسي.
• لا يذهلني الكذابون والفاسدون من أصحاب الفضيلة والقداسة، ولا استمرائهم لما هم غارقون فيه من وحل رغم الافتضاح، ولكن المذهل حقيقة هو استعداد الجماهير التي تعبدهم في تقبل كل موبيقاتهم باعتبارها مقدسات وحكمة لا يرقى إليها أحد، والتحفز الدائم لنهش جسد كل من يتجرأ على أن يقول للغولة "عينك حمرا"!!. . الجموع التي مازالت حتى الآن خلف أبو اسماعيل بعد اتضاح كذبه تحتاج لعلماء نفس واجتماع لتحليل كيفية سلوكها، للاستفادة منه في التعامل مع هذه النوعية من الجماهير.
مصر- الإسكندرية
التعليقات (0)