كتب حسن عصفور / تتقارب ذكرى تأسيس ثلاث من الفصائل الفلسطينية ذات الثقل الجماهيري الأوسع ، حاليا، فتح وحماس والجبهة الشعبية ، ويبدو أن السباق القائم بينها هو مدى القدرة على توفير غطاء جماهيري لحضورها الوطني العام ، رغم فارق الميزان العددي بين فتح وحماس من جهة والشعبية من جهة أخرى .
ولعل حركة حماس تحتفل هذا العام تحت ضغط وطني وشعبي غير مسبوق لها ، سياسيا وشعبيا ، بسبب سلوكها ومواقفها التي لا تجد تفسيرا مقنعا حتى داخل صفوف كثير من أوساطها ، وما الاختلافات العلنية بين قياداتها سوى مظهر من مظاهر الضغط الذي يثقل كاهلها ، كما أن تمرد الجناح العسكري لها عن ما تسميه حماس بـجهاز الدعوة مظهر خلل غير مسبوق ، لذا فحماس ، خاصة حماس قطاع غزة ، تبحث مهرجان اثبات الذات أولا ومهرجان يشكل تحد ليس للعالم وخصوم حماس كما تقول بعض اوساطها بل رسالة الى الباب العالي في دمشق الذي حاول احباط تمرد القيادة السياسية المحلية خاصة التي تبحث انهاء ملف المصالحة الوطنية وتوقيع الوثيقة المصرية وهو ما لا يتوافق مع جدول أعمال قيادة حماس في سوريا ..
حماس ، التي جاءت لها فرصة سياسية تاريخية لتخرج من قوقعتها الحزبية وتكون فصيلا وطنيا حاكما رفضت الهدية الشعبية الغاضبة من السلطة وفتح جراء ألف سبب وسبب ، ومهدت لها اسرائيل الطريق مفروشة بتدمير معظم مؤسسات السلطة وضرب المؤسسة الأمنية وحاصرتها ماليا بحيث بات المواطن لا يعرف مصيره المالي ، وبدلا من الانتفاضة على الحزبية والاندماج بفعل وطني عام وتقديم صورة حديثة لقوى الاسلام السياسي أقرب لما هو في تركيا وليس لما حدث في مناطق غيرها .. فرصة تاريخية قدمها جمهور اعتقد أن التغيير الايجابي قادم مع انتخاب حركة غير فتح .. فكانت الكارثة التي يعرفها الجميع ، حزبية زادت بظلاميتها .. عشق لسلطة لا مسبوق مرفق بقمع وارهاب ضد كل من يمثل خلافا مع سلطة عمياء الا عن امتيازاتها .. جلبت للقطاع كل شيء معاكس لقولها الانتخابي .. وزادت من هموم المواطن الذي أراد أن يهرب من استئثار فتح فوجد نفسه في فخ اقصاء حماس .. والنتيجة فرح اسرائيلي ومأساة لفلسطين رغم كل تشدق هذا وذاك ممن لا يرى سوى بيته ووفرة ما به .. حماس تراجعت الى درجة فاقت تقديرهم ..
ولعل الظرف العام منذ خطف حماس المجلس التشريعي ديمقراطيا ، ومن ثم خطفها قطاع غزة انقلابيا ، شكل أرضية سياسية خاصة لاعادة الاعتبار القيادي لحركة فتح الذي فقدته برعونة وفقدان المسؤولية آنذاك ، وكان الانقلاب الفرصة الأبرز لها لتنظيم صفوفها وتطوير أساليب عملها واعادة الاعتبار لمؤسساتها كونها التنظيم الذي ، رغم كل ما تعيشه فتح وما مرت به، يحتل المكانة الاولى عدديا أو أرقاما في الحشد والحضور والأعضاء .. فكمية الذين يهتفون لفتح يفوق كثيرا ما لحماس ، لكن ذلك لم يتم استخدامه بالطريقة التي تعيد حالة الشروق الفتحاوي ، ولا تزال فتح ومع تجديد مؤسساتها القيادية بعد أن نجحت وبامتياز بعقد المؤتمر العام السادس وخرجت منتصرة على رهان انشقاق أراده بعض ممن انشقوا اصلا عن الوطن والشرعية .. فكان المؤتمر انتصارا لفتح وللوطن الفلسطيني ، كونها لا تزال عماد المشروع الوطني ، لكنها تعيش حالة اهتزاز وتردد وارتباك سياسي وتنظيمي يمثل عقبة أمام انتعاش الحال الفلسطيني ، ويساعد قوى الشر السياسي المنتشرة للنيل من المشروع الوطني الاستقلالي .. فتح لا تزال غير قادرة للعودة لقيادة وحدة وطنية فاعلة مع فصائل المنظمة ، لازالت غير قادرة على رسم برنامج عمل واضح ومحدد ورؤية تشعر معها القوى أن الهدف هو النهوض بالمشروع الوطني وليس استخدامها في مواجهة حماس .. مشروع جاد ينهي ثقافة الاستثار السياسي التي هيمنت ولا تزال في ثقافة فتح وسلوكها العام .. مشروع يعمل لتطوير ما هو ممكن وليس تطويق ما هو ايجابي ليس منها أو لها .. فتح عليها الخروج من حالة رعشة واهتزاز تعيشها منذ سنوات قبل الانقلاب وبعده ..
ولعل السؤال الذي لم يتم الجواب عليه بعد ، هل هناك أمل وسط تراجع حماس واهتزاز فتح بميلاد طرف أو قطب أو تيار قادر على أن يصبح ثقلا حقيقيا يلمسه المواطن أولا وتحسب حسابه القوتين الأعظم في فلسطين .. نظريا ممكن جدا وكل أركانه متوفرة وموجودة وجاهزة ، بل لعل الفترة الحالية بها ما لم يكن سابقا ، ومع ذلك لا يوجد رغم بعض بشائر سابقة من الشعبية وحزب الشعب والديمقراطية والتدارس لتشكيل نواته ، والتحاور مع مجموعات وتيارات مؤثرة .. لكن النتيجة مخزية ومخزية جدا بعد فترة قياس .. السبب بلا اطالة ، الفئوية المتغلغلة في صفوف هذه القوى .. الذاتية تفوق العام ، هذه هي القاعدة .. هل من أمل لهزيمة هذا ، نعم وممكن وبسرعة ، المهم الانتفاض على الفئوية افرادا وفصائل .
ملاحظة : مكشوف ماهر شلبي على تلفزيون فلسطين لازال عاشقا للقوتين الأعظم متناسيا أن واجبه غير ذلك كما قيل ..
تنويه خاص : هل حقا هناك جدار فولاذي بين مصر وقطاع غزة .. قضية تحتاج توضيح مصري وهل ذلك لاستخدام العصا الغليظة يا ترى مع الخارجين عن الشرعية ..
التعليقات (0)