نقرأ كلمات ، نشعر أنها كلماتنا، في وقت ما أو حنين ما ..
كثيرا ما مررنا على دمع ، وقلنا ليست عيوننا فكيف هو دمعنا ؟
وهل يسرق الدمع ؟ إنما هي أيام وأحداث تتداولنا فتدلو بنا!
كنت أرافقها في مشاوير العزاء التي تحرص على القيام بأدائها كواجب اجتماعي وتواصل بين قلوب تتقن الحزن كما تتقن الفرح؛ فتحضر الأعراس وتعود الوالدات، ولكن، كما الرمل على سفح الجبال لا تبقيه ريح ويظل الجبل صلدا شامخا..كان الحزن يبقى وشما في الذاكرة وتتبدد نسمات الفرح كأنه ما مرّت بنا بسمة في القلب.
مشهد لست أنساه، ولا أعلم ما قرابة المتوفى لي، ولكنها صور وأصوات تأتي من كوة بعيدة لباب لم أحكم إغلاقه!
نسوة اتشحن السواد،يلتففن حول فتاة صغيرة، مذهولة، ساهمة العين، عقصت شعرها الطويل كضفيرة حزن مرتب، كان ارتجاف جفنها كسعفات النخل، تسمع لها صوتا ناحبا ولا ترى الريح التي تحركها، والنسوة بوتيرة كئيبة، بأنين صارخ يرددن : ابكي..ابكي..وهي جامدة لا تتحرك ، كأنها قدت من أصنام الحزن الرابض هناك!
أي عمرٍ هذا الذي علمهن طبّ الداء ودواءه ، وأي تراث حملن عبر سنينَ كانت تئدُ في الثرى –ومازالت- أرواحا تجوب غفارَ الأزمانِ؛ تردد صيحات نوارس رُدمت بحارها.
البكاء ،وشيجة المشاعر وهو تراثنا ، البكاء!
.
.
التعليقات (0)