تداعيات سقوط الطائرة الروسية في مصر

تداعيات سقوط الطائرة الروسية في مصر

بقلم د.محسن الصفار

لم يكن سقوط الطائرة الروسية المتجهة من مطار شرم الشيخ في منطقة سيناء المصرية الى مدينة سان بطرزبورغ  في روسيا مجرد حادث طيران عادي فعلى الرغم من عدد الضحايا الكبير الذي بلغ 217 شخصا بين مسافرين وطاقم الا ان التداعيات السياسية للحادث كانت اكبر من حجم الفاجعة نفسهافروسيا التي دخلت بقوة في ملف الشرق الاوسط من البوابة السورية وتحاول عبر قواتها العسكرية تغيير المعادلة في هذا البلد الذي مزقته الحرب لصالح النظام السوري الذي يزداد ضعفا كل يوم  بذريعة محاربة الارهاب وجدت نفسها في موقف لايحسد عليه بعد ان اعلن تنظيم داعش الارهابي عن تبنيه لاسقاط الطائرة فوق الاراضي المصرية انتقاما منها مما وضع الرئيس الروسي في موقف محرج امام الرأي العام في روسيا الذي يرفض دفع ثمن احداث لاعلاقة له بها خصوصا وان روسيا عانت كثيرا من التفجيرات الارهابية في مختلف مدنها مخلفة مئات القتلى مما اصاب هذا الشعب بنوع من فوبيا التفجير ولا يرغب باي شكل العودة لهذا الكابوس مرة ثانية .

ورغم نفي السلطات المصرية والروسية فورا لوجود دلائل مادية على كون الحادث عملا ارهابيا الا ان تناثر الحطام على مساحة تفوق العشرين كيلومترا مربعا يدل على ان الطائرة تحطمت في الجو قبل سقوطها على الارض وهو ما يعزز فرضية حصول انفجار على متنها ادى الى سقوطها .

كما ان اجهزة الاستخبارات الغربية سارعت الى تاكيد فرضية العمل الارهابي وقدمت تقارير عن وجود خروقات امنية مزعومة في مطار شرم الشيخ سهلت ادخال القنبلة الى الطائرة مع الامتعة .

ومع انتظار تحليل بيانات الصندوقين الاسودين للطائرة المنكوبة فأن تداعيات الحادث الاقتصادية على قطاع السياحة المصري كانت سيئة للغاية فقد شهدت منطقة شرم الشيخ ومنتجعاتها حالة من الذعر ورغبة من السواح في المغادرة واعلنت بريطانيا عن خطة لاجلاء الالاف من رعاياها من تلك المنطقة وهو ماسيؤدي الى ضربة كبيرة جدا لهذه المنطقة السياحية خصوصا في هذه الفترة التي تشكل موسم الاعياد والعطلات في اوروبا .

اما على الجانب الروسي فقد اذعن الرئيس بوتين اخيرا لحقيقة وجود احتمال عمل ارهابي وامر بايقاف الرحلات الجوية الروسية الى مصر حتى اشعار آخر ولكن من اليقين ان الرئيس الروسي لن يدع فرصة كهذه تمر دون ان يستفيد منها لصالحه فالرئيس بوتين اكتسب شعبيته في روسيا عندما شن حربه على الارهاب في داخل روسيا وحشد الراي العام العام الروسي خلفه عندما قام الجيش الروسي بغزو جمهورية الشيشان التي كانت تطالب بالانفصال عن روسيا ومسحت الدبابات الروسية عاصمتها غروزني عن الخريطة فهو بالتالي سوف يستغل الغضب الشعبي الروسي من الحادث كي يوجهه لصالح دعم توجهاته العسكرية في الشرق الاوسط تحت ذريعة الانتقام لدماء الضحايا الروس للطائرة المنكوبة لا بل وقد يتوسع هذا التدخل ليشمل مناطق اخرى في هذه الناحية المضطربة من العالم .

ولكن الشيئ المهم هنا هو ضرورة تعزيز امن المطارات وخطوط الطيران في المنطقة العربية كلها  بعد ان عادت التنظيمات الارهابية الى استهداف الطائرات المدنية حفاظا على امن وسلامة الركاب من عمليات ارهابية محتملة سواء بالخطف او التفجير وضرورة التنسيق الامني بين مختلف الدول للحيلولة دون وقوع اعتداءات من هذا النوع