يثور التساؤل الحائر :
لماذا فقدت الصلاة قدرتها على بث الراحة و السلام بين جنبات نفوسنا المكدودة؟
و كيف يمكننا أن نستعيد الطاقة الكامنة فى العبادات المختلفة بحيث تؤدى دورها فى بعث الراحة و السكينة و السلام النفسى بداخلنا؟
قد يثور البعض محتجا بأن علينا أن نؤدى العبادات المختلفة طاعة لله بدون النظر للفائدة المتحققة منها ، و لكننى أحسب أن العبادات ما شرعت إلا لتضبط إيقاع حياتنا و لتضمن التوازن السوى بين جنبات نفوسنا و تملأها بالراحة و السكينة و الأمان ، و ذلك من خلال التواصل مع خالقنا و بارئنا و القوة المسيطرة على هذا الكون بما فيه و من فيه "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".
فنحن مأمورون بأن نؤدى العبادات المختلفة على الوجه الأكمل ، و نحن مأمورون بأن نتدبر و نتفكر حتى نعيد للعبادات المختلفة وظيفتها المفقودة.
- الضغوط العصبية .. تعريف .. أنواع و آثار
و يمكن تقسيم مراحل استجابة الجسم عند التعرض للضغوط المختلفة إلى ثلاث مراحل ،
و هى :
1- مرحلة الإنذار ، و فيها يزداد معدل إفراز الهرمونات
سالفة الذكر.
2- مرحلة المقاومة ، و فيها يحدث نفاد للطاقة المتولدة فى مرحلة الإنذار.
3- مرحلة التهالك و الإجهاد ، التى يمكن إعتبارها نتاجا للضغوط المستمرة ، مما يؤدى إلى إرتفاع ضغط الدم و أمراض القلب و غير ذلك من الأمراض و المشاكل التى تنتج عن التعرض المستمر للضغوط.
كما يمكن تقسيم الضغوط المختلفة بحسب مصادرها إلى :
ضغوط داخلية ( و هى الضغوط الناتجة عن سمات الإنسان الشخصية) و ضغوط خارجية (نتاج عوامل خارجية).و أيضا يمكن تقسيمها بحسب إستجابة الإنسان لها إلى : ضغوط بناءة (تدفع لمزيد من العمل و الإنجاز) و ضغوط هدامة و معوقة و بحسب فترة التعرض يمكننا تقسيم الضغوط إلى : ضغوط و قتية متقطعة و ضغوط مستمرة مزمنة.
و للضغوط آثارها الجسدية و العقلية و النفسية ، و قائمة التأثيرات طويلة ممتدة و يصعب حصرها.
فالآثار الجسدية تنتج عن تأثر كافة أجهزة الجسم و ينتج عنها امراض القلب و قرح المعدة و القولون العصبى ، بالإضافة لزيادة نسبة حدوث داء السكرى و مضاعفاته ، كما تتأثر الخصوبة ، و يتأثر جهاز المناعة محدثا ضعفا عاما فى مناعة الجسم و زيادة فى معدل حدوث السرطانات المختلفة.
كيف نتعامل مع الضغوط؟
- يوميات إنسان معاصر
قد لا نستطيع فى هذه العجالة أن نوضح كل الآثار السلبية لبقاء الإنسان فترات طويلة تحت ضغوط مستمرة ، و لكننا على الأقل نستطيع دق ناقوس الخطر محذرين من آثار هذه الضغوط على صحة الإنسان الجسدية و النفسية و العقلية ، و مطالبين بالبحث الدءوب عن حل لهذه المشكلة التى تتفاقم كل يوم.
وو يثور التساؤل : ما هى هذه الواحات التى يمكننا أن نقترحها نتيجة فهمنا لوسائل علاج الضغوط المستخدمة فى الغرب؟ و ما هى الآليات التى تفعل بها فعلها السحرى فى تخفيف الضغوط؟
- واحة الإيمان
إذا كان العلماء و الدارسون يعتبرون أن فلسفة اليوجا و نظرتها للعالم تعتبر من أهم المحاور التى تعطى لليوجا قيمتها و فاعليتها فى التعامل مع الضغوط بما تتيحه من إعادة إكتشاف الإنسان لذاته و معناه الإنسانى و بما تمنحه له من شعور بالقوة العميقة و التحكم ، فهل نعيد نحن إكتشاف فلسفة الإسلام التى تعطى للإنسان قيمته و قدرته المستمدة من كونه نفخة من روح الله؟!
- واحة الإسترخاء و التأمل و التفكر
حين يركز الإنسان تفكيره على فكرة أو شىء ما من أجل إكتساب القدرة على المزيد من التحكم فى القدرات العقلية ، فإن التأمل بهذه الصورة يوفر للإنسان طاقته الجسدية و العقلية ، و لقد درس هربرت بنسون فى سبعينات القرن الماضى الإستجابة الفسيولوجية للتأمل و وجد أنه تحدث إستجابة عكسية لإستجابة العراك و الفرار أو ما يعرف بـ (Relaxation response) و فيه يحدث إنخفاض فى معدلات ضربات القلب و التنفس و إحتراق الأكسجين و توتر العضلات ، و تأثير التأمل فى تخفيض هذه العمليات الحيوية يفوق تأثير النوم ، حيث تعطى 4-5 ساعات من النوم إنخفاضا بمقدار 8% فى معدل حرق الأكسجين بينما يعطى التأمل إنخفاضا بمقدار 10-17% فى غضون دقائق قليلة.
و لقد أثبت د. دين أورنيس فى ثمانينات القرن الماضى فائدة هذه التدريبات فى علاج مرضى القلب ، حيث حدث عند من يمارسون التأمل منهم إنخفاض ملحوظ فى دهون الدم الضارة (LDL و الكولسترول) كما حدث تراجع فى التغيرات الحادثة فى الشرايين التاجية ، و حدث إنخفاض فى معدل ضغط الدم و المقاومة الطرفية الكلية (Total peripheral resistance).
كما أثبتت الدراسات إنخفاضا ملحوظا فى مستوى مؤكسدات الدهون (Oxygen free radicals) عند من يواظبون على التأمل و هذا يعنى إنخفاضا فى نسبة التلفيات الحادثة فى الأنسجة نتيجة لعمليات الأكسدة الضارة و التى تحدث عبر سنوات العمر.
و فى دراسة أجراها بنسون أثبتت أن التأمل يكون أكثر فاعلية فى من يمارسونه كإستجابة لمعتقداتهم الدينية.
- واحة الذكر
يمكن أن يتم التأمل بالتركيز و التفكر فى شىء من مخلوقات الله (وردة أو شجرة مثلا) كما وضحنا فى الفقرة السابقة ، و الطريقة الأخرى للتأمل تتم بالتركيز على كلمة و احدة أو عدة كلمات (الله ، أو لا إله إلا الله ، أو غيرها من الكلمات ) و ترديدها فى صمت بعمق و تدبر و تركيز مع طرد صور الأفكار السيئة من العقل ، و هذه الوسيلة تحدث نفس التأثيرات الفسيولوجية التى يحدثها النوع الأول ، كما أنها تضيف بعدا آخر حيث يشعر المتأمل أو الذاكر أنه فى معية الله و المدبر.
- واحة التخيل
تعتبر من أقوى وسائل تقليل الضغوط ، و تزداد الفائدة منه لو إقترن إستخدامه بتمرينات الإسترخاء ، و على الإنسان - أثناء ممارسة هذه التدريبات - أن يتخيل تواجده فى مكان يبعث فى نفسه الراحة و السكينة.
- واحة الصلاة
و بعد أن حاولنا إستعراض بعض ما يمكن أن تفعله العبادات المختلفة من تأثيرات إيجابية على الجسم و النفس ، فهل كان رمضان هذا العام فرصة لإعادة إكتشاف منجم العبادات الذاخر بكل نفيس؟!.
التعليقات (0)