اذا استدرجنا تاريخ العري و مراحله بدءا من التغطية الكلية للجسد و انتهاءا بالشفافية الحالية سيكون هكذا /
أول البشرية كان العري الشبه المطلق مع آدم عليه السلام و أمنا حواء عليها السلام أيضا،مع استثناء أنهما عليهما السلام كانا حافظين لعورتيهما باغصان الأشجار..أما اليوم فان العري أصبح عقيدة كل مسلم و مسلمة و نسميه بالشفافية .فهو عري ارادي مادامت وسائل الستر موجودة في مختلف نقاط البيع و نتحاشاها للضرورة العريية..
اصبحنا في مدننا و قرانا متأقلمين مع هذه الظاهرة،استأنسناها و استأنستنا و اصبحنا مادة واحدة..وفي بعض الأحيان نتسائل عن بعض التفاهات الخاصة بهذه الظاهرة،اذ كيف تتمكن فتاة من ارتداء سروال ملتصق مع نصفها السفلي الى أبعد الحدود.هذا ليس مبالغة و لكن لأننا لا زلنا مجتمعا منقسما الى شخصيتين ؛واحدة حضارية و من بين معالمها هذا العري و شخصية أخرى نتظاهر بها وهي ما يسمى بقيم الاسلام.
و نعيش عريا فكريا كذلك لا محل له من الاعراب و هو تخريجات بعض الفقهاء؛لا نعرف السر الذي دفع بفقيه بأن يفتي في الزواج بذات التسع؛ان من يحلو له هذا النوع من الزواج مشرعا له كان أم مطبقا سيكون منتميا لا محالة الى مصاصي الدماء..دراكولا—الفامبير—راسبوتين..أو غيرهم من رموز الخرافات و الأساطير...أما ذاك الذي أفتى في جواز رضع الرجل لثديي رفيقاته في العمل فربما هدفه من هذه الفلتة أغرب من الأول؛و الانسان العربي ليس في حاجة الى هذا العري الدماغي الذي يعاني منه متفيقهونا.حتى أن المنطق العلمي الذي نعيشه في الحاضر يستدعي من المشرفين على الامور أن يلغوا درجات علمية لا طائل منها؛ فما الفائدة من وجود درجة علمية من قبيل دكتوراه في التيمم أو دكتوراه في –باب الفرق بين الحلال و الحرام الذي يجيز للمؤمن تبوأ المقام-...
نحن كمتأسلمين نعيش التباسا فكريا رهيبا أوصلنا الى ما نحن فيه من الفساد و الاستبداد بالراي..يجب ان نأخذ الأمور من باب المنطق لنتجنب التفاصيل التي تخفي وراءها الآفات الفكرية.بالفطرة نعرف الفرق بين الحلال و الحرام مثل معرفتنا للفرق بين الأخلاق و النذالة.من هذا المنطلق يبدأ الصواب؛زيادة على أن الشيطان يختفي وراء التفاصيل. و في مثلنا الشعبي نقول –هبش تجبد حنش-...تفرسوا جيدا في هذه التخريجات الفقهية..لا يوجد في عقولهم سوى الفكر الرضعي و المصي...
هذا الذي أفتى في الرضع يريدنا أن نكون مجتمعا متكونا من المصاصين و الرضع.و الذي أفتى في الزواج بذات التسع كان الأولى له أن يوصي خيرا بالصبايا و أن يفتي بشراء الحلوى على طريقة اسلامية للأطفال لا أن يبشر بوأد حضاري حديث...... الآية الكريمة- (( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ)) رقم 8/ 9 سورة التكوير...أمثال هؤلاء تجدهم في مواقف أخرى يدافعون عن حقوق المرأة و الطفل و يتبجحون بأن الاسلام كان له قصب السبق في احترام حقوق المرأة و الطفل..
ففقهائنا يستنزفون المصطلحات دات البعد التاريخي البائد؛صعدوا الى القمر فقالوا بان الاسلام اوصى بهذا و لكن بسلطان...
مع الاشارة الى أنهم في اول الامر يملأون الكون ضجيجا حول شرعية التقدم العلمي؛لكن سرعان ما يستسلمون امام الأمر الواقع و يجتهدون في ابتكار ذرائع يتخيلونها علمية لكنها في الواقع سفسطائية...و العجب العجاب انهم في أغلب المناحي يخاصمون الغرب في حين يعتبرون أكبر مستهلك لمنتوجاته؛انهم يقومون بتحيين الاسلام من الناحية اللغوية لا غير....
و لنعد الى العري الجسدي؛هذا العري الذي تشهده بناتنا و نساؤنا أبدعن فيه و أطلين أجسادهن بالمرهمات الجلدية؛و أصبحت الاجساد مثل المرايا الزجاجية.و ربما هذا هو السبب الذي دفع بالشبان الى العزوف عن الزواج والاكتفاء بممارسة الحميمية بواسطة العين.
ليس كل الناس يركزون أبصارهم لممارسة الزنا الرؤيوي و لكن منهم من يريد أن يلاحظ على سبيل الملاحظة.و هناك فتيات أبدعن في الانتماء سواء الى العري أو الستر الجسديين؛اذا كنت أنت لم تشاهد هذا المنظر فسنشرحه لك نحن الذين نشاهده صباح مساء؛هاهي فتاة نصفها العلوي سلفي أي الحجاب بكامل معناه و نصفها السفلي علماني؛فالسروال ملتصق بجسدها و الثوب من النوع الشفاف و لهذا فتضاريس النصف السفلي واضحة المعالم .ولنعد الى النصف العلوي؛فهناك فتيات زاوجن بين السلفية و العلمانية، الحجاب زائد الأصباغ على العينين و الشفتين و المقلتين .
هذا من جهة أما من جهة أخرى فهناك عري أعيان الفكر و الثقافة أو مايمكن أن نسميه تجاوزا الأنتلجنسيا ؛ لها ازدواجية في الافكار و المواقف.فهي تختلف حسب الطلب و هي عموما تتسم باتقانها للسفسطة في تبني المواقف و المواقف المضادة.
في الحقيقة العري الفكري الذي لم أفهم دوافعه هو ذاك الذي يبيح الزواج بذات التسع و ذاك الذي يجيز امكانية رضع الموظف لثديي زميلته في العمل...ديدن فقهائنا هو تضييع الوقت في المص و الرضع و ما شابه، فليأتونا برأي اكثر ثورية حول الانظمة العربية التي تمتص كرامة مواطنيها؛على الاقل ليمخروا عباب المسافة التي بيننا و بينهم على حساب المسافة الحميمية التي بينهم و بين هذه الانظمة....
التعليقات (0)