علي جبار عطية
أفرز الترف الغربي ظهور مدارس تبنت اتجاهات تعالج مشكلات غائمة ومعتمة وعدمية بل وعبثية .
وقد ظهرت روايات معقدة تحتاج الى تأمل عميق وتركيز عال لفهم محتواها ومنها على سبيل المثال روايات هيرمان هسة وجيمس جويس وغيرها .
لكنها ظلت محدودة التأثير بخلاف الروايات الواقعية الكلاسيكية التي كانت قراءتها فرض عين على كل من يريد السير على طريق الثقافة فاشتهرت على الصعيد العالمي روايات وقصص لكبار الكتاب مثل ديستوفسكي وغوغول وتيشخوف وشتاينبك واريك ماريا ريمارك وسومرست موم وفي العالم العربي نجيب محفوظ واحسان عبد القدوس وفؤاد التكرلي وعبد الرحمن الربيعي والطيب صالح وغيرهم
لقد صدمتني رواية الكاتب المصري علاء الاسواني (شيكاغو) التي أعيد طبعها ثلاث عشرة مرة وهي تتناول اوضاع الطلبةالمغتربين في ولاية شيكاغو من خلال عدة خطوط وتركز على مشكلات الاستلاب والتغرب وضياع الهوية ومعاناة المغتربين بين عالمي الشرق والغرب فضلاً عن عرضها لهيمنة سلطة الدكتاتور برغم بعد المسافة بين مصر وأمريكا !
وبالمقارنة بينها وبين رواية الطيب صالح الشهيرة (موسم الهجرة الى الشمال ) نلاحظ تطوراً كبيراً في تقنية الرواية وطريقة السرد والمعالجة الواقعية بما لا يدع مجالاً للشك ان تطور الحياة والثورة المعلوماتية فرض هيمنته على العمل الروائي .
والمدهش اكثر ان الكاتب وهو صاحب رواية (عمارة يعقوبيان) لا يتكبر على القارىء ولا يحشو روايته بالألغاز والأحاجي والعبارات المنمقة انماهو يتناول الاحداث بسلاسة وعذوبة وتشويق لا يمكنك معه الا ان تواصل القراءة من الجلد الى الجلد !
إن مثل هذه الروايات تثبت ان البقاء هو للرواية الواقعية وان شهادة الوفاة تكتب لكل عمل ليست فيه رسالة معينة وان (الادب للأدب ) قد يصلح كمذكرات يحتفظ بها المرء في بدايات كتاباته الأدبية !
هذه الحقيقة تفند مقولة اشتهر بها ملك الرعب (الفريد هيتشكوك) عندما سئل عن الهدف من أفلامه فقال ( لست ساعي بريد )!!
التعليقات (0)