تحوّلات على شفيرالحلم والمسّافة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم بركات
- 1 -
- حالة أنعتاق :
ــــــــــــــــــــ
{ هذه هي حكايتنا التي لا تشبّه إلا نفسها
لا تعرف تفاصّيلها إلا ذواتنا المتشظية...}
ليلكة الروح .....
ها أنا ذا أبحر عكس تياركِ
وأكتب مرثيتي الأخيرة على تلك العتبة
التي لم أتخطاها بعد ......
هنا تبدأ الحكاية، من حيث ينكشف الألم
وتسقط آخر أوراقي خاسراً الرهّان
وتبقى " بيروت " نائمة على ذراعيّ
وأبقى هائماً على وجهي الحزين، قبالة
وجهكِ الواضح ....
وجهكِ الملبّد ببقايا لغزاً أو ملحمة ....
وعيناكِ المتدفقتان, دفق الحياة
هنيهة ....
ريثما أتكئ على شرفة القصيدة
كي أراكِ كما يجب ....
وأمتنع عن موتٍ, ينتظرني هناك
ليكتبني مراثي العابرين
العابرين من تلك الفسحة, كأسرى يلتهمون
حكايات قديمة .
سأمكث قريباً ها هنا
كي تكون صّداي مؤلماً
ويدّوي صّرخة الفضيحة, على جانب ذال
الجدار الواقف هناك .
سأمضي هكذا, دون ضجيج
دون تلوّيحة الوداع
بسكينة تلّف قلبي, وأعود من حيث أتيت
تنتهي الحكاية هكذا ....
بتوزيعاً متقّن للأدوار, وبتراشق مهّذب
للمفردات ودلالاتها .....
سيتخطاني العابرون , ليلتهموا الوليمة كلها ....
ويبقى عيناي, وما تبقى من ضريح الذاكرة
عرّضة لزوبعة قادمة ....
قبل أن تدّركني لحظة البوح, ثمّ التوبة والأعتذار
وتلوكني " ميرنا " في دواليك شهوّتها اللامتناهية
تتوسد رسائلي السكّرى
وتنام قريرة العينين .....
وقتها سأدركُ سحّابة صيّفي العابرة
وأتجّاوز حالة الهذيان ......
- 2 -
- لحّظة البوح والرغبّة :
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
ليلكة الروح ...
سليلة الحزن والفرح في آن
ينبغي أن أحبكِ أكثر, كي تقتلني الرعشة
وتخنقني زوابعكِ العاتية .....
ينبغي أن تدّركي تماماً
بأنكِ عالمي الواسع,
أعيشه بزهدٍ وتنسّك
ولا أسمح أن يتخطى عتباته سوّاي
فمتاهاته لي ,
ضيّاعه لي ,
وشمّوسه لي , إيضاً
شوّارعه لتسكعي وحيداً
ينابيعه لأرواء سكرّتي المستدامة, وأطفاء حرائقي نشوّتي
جباله حكراً علّي, كي أخاطب الله, لحظة كينونتي
شواطئه, لعيّناي اللذان يتأملان الأفق, في كل مساء لازوردي
# # #
أفتحي نافذة الذاكرة, وتصّفحي دهاليزها
المعتمة ......
لعلّكِ تعثرين على صورة لي, تعيدكِ
إلى فراديس قصائدي, قبل أن تخبئكِ ظلالهم
الواهنة, في عبّاءة " دمشق" التي لم تسّعني ذات حلمٍ باهت
حتى غدوتُ مجرّد عابر في لحّظة منفلتة , فألتهمني إناكِ ....
كلا ....
سأعيد قراءة الحكاية من جديد
هكذا, دون أن أرتاد جامعاً أو كنيسة
أو حتى مقهى, أو نادٍ ليلي
ودون أن أجعل من دمشق محرقتي
# # #
سأزور" ميرنا " هكذا, دون موعّد مسّبق
ودون بروتوكولات أعتيادية, أمارسها عادةً
رغماً عنّي
سأطرّق بابها ,
تفتح الباب, سنجّلس هكذا، غريبين في خواء الغرفة
وجهّها قبالة خرائط حزني وسراديب روحي المكتظة بالوجع ,
وتاريخي المهّشم ....
وجهّي مدّسوس بين خبايا أنوثتها الطافحة بالشهوة,
وذاكرتها المشوّشة
نجّلس هكذا,
دون قبّلات , ولا عناق, كما جرّت العادة
أخاطبها بحذر وتوّجس , بأسم لايخاطبها به سواي
وتخاطبني, لا كما ينبغي, بل كما تشتهي
كلاً في عالمهِ الخاص, جسّدان يملآن خواء الغرفة
جسّدان عاجزان عن ممارسة العبث، وقلب المعادلات الثنائية
حالة من الصمت والترّقب يسود المكان , تحسّباً لمباغتة الحقيقة ,
أو شيء ما ,
طفلين تائهين في زحمة الأزمنة , ومدّن العالم
وكلينا يشعّر في قرارة نفسه, بأنه ينبغي عليه المبادرة
وكسر هذا الخواء, وهذا الهدوء الموحش
للحظات أنتابني حالة من التقيأ والغثيان اللاإرادي مع
يقيني بعدم معقولية أن يداهمني - الدورة الشهرية – وهكذا .....
أختلس النظر إليها بجرأةً غير أعتيادية وحميمية جائعة
وأراها تفعل ذلك إيضاً
أنظر إليها بغتةً كاشفاً كل أوجاعي و أحزاني
المكتنزة منذ آلاف السنين.
وقتذاك
أراني أكشف مرايا روحها وهي تتكسر على مذبح روحي،
وقد أضنّاها الأنتظار
ورغماً عني أجدّني أخاطبها :
- يا سليلة حزني الأبدي ,
يا من تخطيتِ هسيّس الأنوثة في متاهات دمشق
يا من مرّغت ذاتكِ الأخرى في خرائبها ودهاليزها .....
عودي كمّا كنتِ ,
بل كوني كمّا ينبغي أن تكوني
إبراهيم بركات
التعليقات (0)