مواضيع اليوم

تحقق البديل الثالث لحكم مصر فى رواية "ميرامار"

هشام صالح

2010-08-25 20:40:20

0

 

 لأول مرة أقرأ رواية "ميرامار" لأديب نوبل "نجيب محفوظ" والتى صدرت فى عام النكسة ، وتدور معظم أحداثها فى بنسيون "ميرامار" بالأسكندرية حيث نجد أبطالها يُمثلون شرائح مختلفة من المجتمع المصرى وهم على الترتيب : الصحفى والسياسى المتقاعد "عامر وجدى" ، و"طلبة مرزوق" وهو أحد ضحايا عمليات التأميم التى تمت وقت كتابة الرواية ، والشاب "سرحان البحيرى" المنتفع بالثورة والمؤمن بها بلسانه فقط لا بأفعاله والذى إنتحر فى نهاية الرواية ، والمذيع الشاب الحالم "منصور باهى"وهو شيوعى ، وأخيراً بطلة الرواية وهى "زهرة" التى يطمع فيها الجميع بإستثناء الكهل "عامر وجدى" ولا يطالها سوى الإشتراكى المزيف المنتفع بالثورة "سرحان البحيرى" .

 

وهناك بعض اللقطات والنبوءات والحِكم جاءت على لسان أبطال الرواية تلفت الإنتباه ومنها :

اللقطة الأولى وهى حديث "عامر وجدى" مع نفسه بعد إعتزاله العمل الصحفى والسياسى ومقارناً – فى وقت مبكر جداً – بين مساوىء اللعب بالفكر والسياسة ومزايا اللعب بالكرة حيث يقول ( إنطوت صفحة من تاريخ بلا كلمة وداع ولا حفلة تكريم ولا حتى مقال من عصر الطائرة ، أيها الأنذال ، أيها اللوطيون ألا كرامة لإنسان عندكم إن لم يكن لاعب كرة ؟! )

 واللقطة الثانية وهى الأمنية التى تحقق بعضها بتحقق ثورة التكنولوجيا فى حديثه مع نفسه أيضاً ( لو يخترع المخترعون للمعتزلين جهازاً يبادلهم الحديث والسمر أو شخصاً إلكترونياُ يلاعبهم النرد أو يركب لهم عيناً جديدة تولع مرة أخرى بنبات الأرض وألوان السماء ) .

واللقطة الثالثة وهى جملة منفصلة قالها فى نفسه أيضاً مؤمناً على قول "ماريانا" صاحبة البنسيون فى حمايتها ل"زهرة" تلك الفلاحة التى هربت من جدها الجشع الذى يريد تزويجها لكهل فيقول ( لن أتخلى عن واجبى ما دام فى عرق ينبض ) .

واللقطة الرابعة هى الحوار الذى دار بين " عامر وجدى" وبين "طلبة مرزوق" ، فيقول "طلبة مرزوق" المُؤمم عن ثورة يوليو : لقد سلبت  البعض أموالهم وسلبت الجميع حريتهم  . فيرد عليه "عامر وجدى" قائلاً : إنك تتكلم عن حرية بالية وحتى هذه لم تحظ بإحترامكم أيام سطوتكم .

واللقطة الخامسة هى قول "عامر وجدى" لطلبة مرزوق : يا لك من رجل تتجسد له أفكاره الشريرة فى صورة حقائق .

واللقطة السادسة هى أقوال المذيع الشيوعى منصور باهى لنفسه : على الذى يرضى بهجر الدير أن يوطِّن النفس على معاشرة الأراذل .

وقوله أيضاً مع نفسه : إن التوازن لن يرجع إلى الأشياء إلا بزلزال شامل .

وأخيراً نأتى إلى أهم وأخطر وآخر حوار والنبوءة التى أظن أنها تحققت بعد سنوات وتتمثل فى ذلك الحوار الأخير الذى دار بين المُؤمم طلبة مرزوق وعامر وجدى فيبدأطلبة مرزوق بالكلام ويرد عليه عامر وجدى ...

يُخيل إلىَّ أنى سأسافر إلى الكويت قريباً ، أفتانى المرحوم بذلك .

-   المرحوم !

-   سرحان البحيرى وضحك – طلبة – ضحكة قصيرة ثم قال بلا مناسبة ظاهرة على الأقل .. أراد - سرحان البحيرى - أن يقنعنى بالثورة بمنطق غريب .

-  نظرت إليه متسائلاً .. فقال

-  أكد لى أنه لا بديل للثورة إلا واحد من إثنين  الشيوعيين أو الإخوان ! فظن أنه دفعنى إلى ركن مسدود ...

-  فقلت بإيمان ولكن ذلك هو الحق !

-  ضحك ساخراً ثم قال ... بل يوجد بديل ثالث  

-  ما هو ؟!

-  أمريكا !

-  هتفت بغيظ : أمريكا تحكمنا

-  فقال بهدوء حالم : عن طريق يمينيين معقولين ، ولِم لا ؟

-  ضقت به فقلت :

إذهب إلى الكويت قبل أن تُجن !

 وهكذا وفى عز مجد الإشتراكية وفى عز كرهنا لليبرالية والرأسمالية الأمريكية تنبأ ذلك المُؤمَّم الذى تتجسد له افكاره الشريرة فى صورة حقائق بما حدث بعدها حيث أن يمينيين يحكموننا ولكنهم - بإعتقادى -  ليسوا معتدلين ولكنهم للفكر الرأسمالى المتوحش مؤمنون بأكثر من إيمان أصحابه به .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !