لقد إنزعجنا في الشهور والأسابيع الماضية بما كنا نراه ونسمعه عن تحركات وتصريحات عن ثروة ليبيا والأستتمارات الأجنبية ومدى إرتباطها بزيارات رؤساء دول وحكومات ووزراء ووفود ،وتصريحات مسئولين أجانب و ليبيين حول علاقات ليبيا بدول معينة ساعدت ليبيا في عملية التحرير من حكم الطاغية القذافي ، وإعطاء وعود مسبقة بمعامة تفضيلية لها . كثرت التعليقات في الخارج عن أن حملة الناتو العسكرية في ليبيا تهدف إلى إستغلال البترول الليبي والاستحواد على مشارعيها التنموية وأموالها . وهذا ليس صحيحا في جله لأن القذافي فتح ليبيا أمام الاقتصاد الغربي وجاءت الشركات الغربية والشرقية بالألاف ووقعت عقودا بالمليارات . وقدم القذافي أسلحته ومنشئاته الذرية والكيماوية بدون ثمن بعد أن صرف عليها البلايين . وأصبح يخاطب الرئيس أوباما بأبنه العزيرأبوعمامة بركة ، ورئيس وزراء إيطاليا والرئيس سركوجي وغيرههم بالاخوة الأعزاء تقربا وإنبطاحا للدول الغربية منذ أن رأى صدام حسين في المشنقة . والقذافي ليس بسيطا أو غبيا كما كان يقال ، لقد عرف بذكائه أن مصيره قادم كمصير عدوه صدام حسين وقال في القمة العربية لملوك ورؤساء الدول العربية بعد شنق الرئيس صدام إننا جمبعا سيجئ دورنا جميعا الواحد بعد الاخر بعد أن صمتم عن تحطيم العراق وقتل رئيسه صدام حسين ، وفعلا تحققت نبوءته . إننا نقدر دوافع الدول التي ساعدتنا مشكورة في التخلص من نظام ظلامي قمعي كنظام القذافي ولكننا نستغرب منها مطالبتنا بدفع الثمن عاجلا . كنا نعتقد ولا زلنا أن مساعدة دول الناتو لنا كانت قبل كل شئ لتنفيذ قراري مجلس الامن الصادرين وفق البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة لمنع القذافي من إبادة شعبه وتعريض الأمن العالمي للخطر . وهذ مسئولية دولية لكل الدول تحت مظلة الأمم المتحدة وليس لدول الناتو أن تطلب أجرا وجزاء عليها .
العطاءات ومشاريع الأعمار
تصريحات االمسئولين الليبيين وتأكيدها أن الأولوية في إعمار ليبيا ستكون لمن قدموا الدعم المباشر في العملية العسكرية ، ورغم قولهم أن تكون العروض المقدمة متساوية سعرا ونوعية ، إدن فما معنى الأولوية ؟ . إن مشاريع الأعمار ستتم عن طريق العطاءات العامة تحت إشراف لجنة عطاءات مركزية مستقلة يعينها مجلس النواب أو المجلس الوطني العام أو المجلس الأنتقالي اثناء فترة الانتقال . فالعطاء سيرسوا عادة على العرض الاقل سعرا واحسن نوعية على أي حال . والمفروض أن كل الشركات المقدمة للعروض شركات تستوفي الشروط المتطلبة في قانون العطاءات ومدرجة في قائمة الشركات المسجلة لدى الحكومة ، ولا يمكن أبعاد أية شركة منها بعد فتح مظاريف العطاء نظرا لمبدأ المنافسة وإتباع مبادئ الأقتصاد الحر . إن التدخل في العطاءات وإعطاء المشاريع لشركات معينة بما فيها عقود شراء الأسلحة ، وإصرار الحكومات على نوع معين من الأسلحة قد لا تتوفر مواصفاتها (المفصلة عليها) من دول معينة ، موضوع يجب أن ينتهي. هذا الموضوع الحساس هو مصدر المشاكل في البلاد العربية اليوم ويحتاج ألى النظر إليه باهتمام .وكثيرا من المسئولين والتجار القريبين منهم أصبحوا اليوم من أصحاب البلايين بمجرد الحصول بطرق ملتوية على عقود إنشاء أو شراء. لهذا فالشفافية في هذا الموضوع ضرورة حتمية .أن ثورات تونس ومصر وليبيا زوسوريا واليمن لم تقم من أجل الحريات والديمقراطية فقط بل قامت في الأساس لوقف النزيف الاقتصادي والمالي وإستغلاب المسئولين لمشاربع التنمية المشبوهة ،والتوسع في الأستتمار غير المدروس في المباني ، ومشتريات الأسلحة المشبوهة . وهي ليست سرية فالدول الغربية أخدت تشرف على سلوك شركاتها وتقوم الصحافة بملاحقة الشركات التي تقدم الرشاوي لحكام الدول الاجنبية وبالأخص لحكام الدول العربية . وتنشرالصحافة الغربية باستمرار أخبار صفقات الأسلحة التي أعطيت فيها رشاوي بالبلايين لامراء ووزراء عرب . وقد وجدت الحكومة البريطانية صعوبة في التوفيق بين مصالحها مع الدول الاجنبية وخاصة الدول العربية وتشجيع صادراتها وإلتزامها بالقوانين التي تمنع التلاعب بالأسعار لرشوة المسئولين الأجانب ، ومحاسبة من يرتكب هذه المخالفات .
.
صلاحية المجلس الأنتقالي الليبي والعطاءات
إننا مع إحترامنا وثقتنا نعتقد أن المجلس الانتقالي والمجلس التنفيذي غير مفوضين بالدخول في وعود بمعاملة بعض الدول التي ساعدت ليبيا عسكريا معاملة خاصة بأعطائها الاولية في مشاريع تنمية ليبيا ، أو ان يقوم المجلس بعقد إتفاقيات تجارية أو مالية او إقتصادية أو سياسية يتعدى مفعولها الفترة الاقليمية . أوالقيام بنشاط لرسم العلاقات الليبية الدولية في المستقبل ، أو التوسع في تشجيع الأستتمارغير المدروس، والمشتريات المشبوهة بأسعار عالية وعمولات ضخمة للمسئولين . وبيع أراضي الدولة بأسعار إسمية للشركات الأجنبية ولكبار المسئولين الليبيين . كل هذا التمادي في التصرف الأستغلالي كان مقبولا في الأنظمة السابقة مما زاد تفشي الرشوة والاستغلال وتراكم ثروات المسئولين وحواريهم التي كانت السبب المباشر في قيام الثورات العربية . واليوم يصر الثوار على تنظيم هذه المجالات ومعاقبة كل من إستغل المال العام في العهود السابقة من مسئولين وتجار ومعاقبتهم وإسترداد الأموال المنهوبة بكل الطرق القانونية والدبلوماسية ألى خزينة الدولة . ومنع السلطات الانتقالية الليبية ( الحكومة الانتقالية بعد التحرير والحكومة المؤقتة بعد إنتخاب المؤتمر الوطني العام ) من البت في هذه الألتزامات حتى يتم إنتخاب البرلمان والهيئات الدستورية ، ووضع خطط التنمية الأقتصادية السليمةعلى أسس علمية وحاجات فعلية للشعب ، وليست لمشاريع إستغلالية وبناء ناطحات السحاب وفنادق وإستتمارات خارجية مشبوهة . ومنع العقود المباشرة مع الشركات والدول ووضع نظام قانوني للمناقصات والمشتريات تحت رقابة سلطات مستقلة مسئولة في المستقبل وإشراف وملاحقة الهيئات القضائية لأعمالها .
الملاحظة الأخبرة
إن ليبيا اليوم تمر بمرحلة صعبة فقد إستطاع الطاغية القذافي بغياب عيون الرقاية الأستيلاءعلى دخل ليبيا من النفط بمئات البلايين فوزعه يميانا وشمالا على الرؤساء الأفريقيين وغيرهم والارهابيين وعلى من هب ودب ، وعلى دعاية إعلامية ضخمة لخدمة طموحاته ونظرياته المبتدلة وكتابه الأخضرالتافه . وأطلق أولاده يمرحون وبلعبون بالبلايين وأصبحوا أسطورة العصر في بدخهم ومجونهم وأضحوكة الأعلام العالمي. وقسم الشعب شيعا وقبائل، ولم يعد أحد يعرف جاره وأباه وأخاه .وبعد أن ثار الشعب عليه حول ليبيا إلى خراب ودمار وأقسم أن لا يتمتع بدخل بترول ليبيا إنسان بعده ، فقتل وجرح وشتت مئات الألاف ودمر مرافق المياه والكهرباء ودور العلم والمستشفيات والمصانع والمزارع والمساجد وحقول البترول ووسانل خزنه ونقله وحتى بيوت المواطنين العاديين ، وغرف من الذهب والنقد السائل ما إستطاع حمله ، ومدخرات أخفاها في بنوك العالم تحت حسابات وأسماء مختلفة . وذلك كله إرضاء لغروره قائلا بعدي الطوفان . كثيرون يقولون أن ليبيا غنية واتجهت أليها أنظار العالم من جديد وتكالبت عليها دول للحصول على عقود الإنشاء والشراء والبحث عن النفط وتصديره ,اخيرا لتطهير ليبيا من الالغام البحت عن الصواريخ التي إختقت من مخزن القذافي وبدات تنهال فرق الخبراء بالألاف . فهل تستطيع ليبيا تقديم الاموال بغير حساب ؟ لا أدري هل يعرف العالم أو لا يعرف إننا في ليبيا في حاجة إلى مساعدة الدول المانحة والأمم المتحدة وهيئاتها المتخصصة لبناء الدمار الذي حصل في ليبيا ومعالجة الجرحي وتعويض عائلات الشهداء وبناء ما دمر . كل هذا يحتاج الى مئات البلايين لأعادة ليبيا إلى حالتها الطبيعية وقد يستهلك هذا كل ثروة ليبيا المخزونة في باطن الأرض من البترول .وليبيا لا تسطيع عمل كل هذا من دخلها لان ما تبقى لليبيا من دخل سيخصص لمشاريع التنمية لتلبية الحاجات الأساسية إطعام الناس وتحسين مستوى المعيشة وعلاج الجرحى وتعويض عائلات الشهداء وبناء ما تهدم للسكان ورفع مستوى حياة الشعب ورفاهيته وليست لمشاريع الأبهة وناطحات السحاب والأستتمار في الخارج كما يعمل الحكام العرب .
التعليقات (0)