مع سماع آذان الفجر, وصيحات الديك, يصحو مبكرا, يصلي ويقرأ ما تيسر له من القرآن, ثم يتبعها بالاستغفار والتسبيح, يرتشف فنجانا من القهوة, يرتدي ملابسه ويتطيَّب, يخرج إلى الشارع, باحثا عن حافلة يرتادها للذهاب إلى العمل متألقا , بخطوات واثقة, وقلب يملئهُ الطمأنينة والسكينة , (ألا بذكر الله تطمئن القلوب )وما أن تخطو قدماه الشارع إلا ويصاب بالذهول والعجب, فتبدأ خطواته بالتباطؤ تدريجيا كالتائه في الصحراء, لا يعلم من أين سيذهب؟! وأين سيُشيح نظره في خضم عُري الفتيات؟! وساعيا للامتثال لقوله تعالى (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ (النور,30)............,لذا يُشيح بنظره يمنة فإذ بالفتيات الكاسيات العاريات, ثم يشيح ببصره يسرة, فإذ بالعاريات, ثم يغدق بنظره للأسفل, فيجد بقايا أقمشة منسدلة على الجسد , يضطر أخيرا لإغماض عينيه والسير,......................... فيصطدم بعمود الكهرباء, ينتابه الدوار والغثيان اثر هذه الصدمة المؤلمة ............... وأخيرا استرق النظر من بعيد وإذ بالحافلة قادمة, شعر بالراحة لأنه سيبرح من هذا الوحل؟؟!يرتاد الحافلة ؟! وما أدراك مالحافلة؟؟؟!!! مستنقع من الفتيات العاريات. يسدل ستار عينيه مُخرجا زفرة أنين أين سأذهب؟! أين سيؤول بي القطار؟!, لا استطيع حتى فتح عيني, أريد فقط أن أرى الطريق الذي أمامي لا أريد أكثر من ذلك ؟؟!! (هذا نموذج لأحد الشبان الذين نعتز ونفخر بأنهم يقبعون في أحشاء هذا الوطن, هؤلاء هم النماذج الذين نتمنى أن يُقتدى بهم, وعلى إثرهم يسيرون, داعيا الله العزيز القدير أن يهدهم سبلهم ويغدقنا بالكثير منهم.
نموذج آخر... على حضور الأفلام والمسلسلات والبرامج المتنوعة الخالعة, يقضي الليل بالسهر, ويتخللها المهاتفات الليلية مع الفتيات وتبادل المسجات, على سبيل اخذ برهة من الراحة بدلا من التحديق طويلا فالتلفاز, وليترك لأذنه نصيبا من الزنا أيضا .
وما أن يسمع صوت أذان الفجر, ينسدل في فراشه, ملقيا الغطاء على جسده, وواضعا الوسادة على رأسه, لكي ينام ليله الطوييييل بعد أن أدى حق الله في (قيام الليل)؟؟؟
وما أن يأتي الصباح , يتقاعس عن النهوض من الفراش, ولكن عندما يستذكر الفتيات سرعان ما ينهض, ملقيا بالغطاء عرض الحائط, ومسرعا ليلقي بوشاح الغراء على جسده, ليرتدي الملابس الملتصقة بالجسد, والساحلة المنحدرة التي تجر ماتبقى من الشوائب على الطرقات, طالبا النجدة من أخيه الصغير ليساعده في إدخال البنطال من قدميه, نظرا لضيق البنطال , ثم ساكبا نصف علبة الجِل على رأسه حتى يكاد يتحجر شعره,ثم يزنجر نفسه بثلاث أو أربع خلويات, يتسلل للشارع بخطوات الذئب الذي يبحث عن فريسة الصباح, يجد بعض الفتيات, يبدأ برمق النظرات التي تعبر عن الحب الهُيام, ومرافقا لبعض الإيماءات الجسدية, كمسح الرأس براحة اليد تعبيرا عن تحية (مرحبا) والغمز بتسارع متتابع لكلتا العينين وليس بعين واحده, ليسيطر على اكبر عدد ممكن من الفتيات, ثم يبدأ بالتعبير عن (فن المعاكسة) وإلقاء بعض العبارات ليستحوذ على إعجاب الفتيات, ويتصيد عدد من الفرائس ,(ايش يا حلو.... يا سلاااام........ أي بجنن اليوم انا؟!,......... منشان الله عبرني يا حلو؟!......... ثم يهمس بصوت خااافت ......اسمعي هي رقمي برميلك إياه بورقة بجنب (الحاوية) ؟! امبارح ما عرفت أنام وانا بفكر فيكِ. ...... وبنبرة غضب عتابيه يقول (أي بهون عليك يا حلو) ...............؟؟؟!!)
قد ينتاب البعض الآن الضحك, كما انتابني وأنا اسرد لكم (شر البلية ما يضحك) ,ولكن هل نستطيع ان نخفي الحقيقة؟! والكثير الكثير من العبارات الأكثر جرأة من هذه...........؟؟؟!!!
الآن إخوتي القراء نحن في صدد دراسة هذه الظاهرة (معاكسة وتحرش الشبان بالفتيات من المسئول) من جميع الزوايا , دون إغفال أي زاوية. والنظر بكل شفافية وموضوعية وحيادية لتفسيرها وللتعرف على المسئولين عنها, ولعلنا نوقظ ضمائر أحياءا باتت مع الأموات. أو نبعث لتغيير المسار, لذا فأنا احمل في جعبتي رسالتان .(رسالة لام وآباء الفتيات, اللواتي ندعوا الله لنا ولهن بالهداية) ورسالة (للفتاه), والشاب). وسأكتفي في هذه المقالة بالرسالة الموجهة للام والأب , تاركا الرسالة الثانية الموجهة للفتاة والشاب لإخوتي القراء والمعلقين, فهم على درجة عالية من الثقافة والعلم والخبرة التي لنا حق عليهم بأن يثرونا بها, ولا يكتموها عنا.
وان استتروا خلف أسماء مستعارة فلا يستطيعون إخفاء اللؤلؤ والمرجان الذي يعبق داخل كلماتهم التي تدل على علمهم وخبرتهم الجمَّة, وما انا إلا اصغر تلميذاتهم. جزاهم الله كل خير وجعل كل حرف يخطون به في ميزان حسناتهم. راجيا بداية أن لا تُحْمَل رسالتي هذه, تحيزا للرجال ضد النساء, فأنا لا أدافع عن سلوك الشاب نموذج (2) بل خاطيء , ولا نرتئي منه ذلك,ويفتقر للتنشئة الاجتماعية السليمة التي تنمي لديه السلوكات الايجابية, وتغرس القيم والمعايير المجتمعية, وتنمية الوازع الديني لديه. ولا اختزل الفتيات جميعا بالصنف الذي ذكر آنفا بل هناك القلة (للأسف) من الفتيات اللواتي هن ( بلسما للجروح بطهر ونقاء سريرتهن,وعذوبة ألسنهن, وعفة وسترة ملابسهن ) ويحتجن لمقالااات كي نوفيهن حقهن. وما ارتئيه هو أن نلتمس الشفافية والموضوعية في دراسة هذه الظاهرة ملتمسين جميع المسئولين عن نشوئها.
الرسالة الأولى للام والأب :........ بداية اسمحي لي عزيزتي الأم أن أخاطبك ب ( أمي الحبيبة), ولِمَ لا فأنت بمقام الأم, ولي الشرف العظيم أن أخاطبك ب(أمي الحبيبة ) واقبلي مني يا أمي الحبيبة بعض من الكلمات من ابنتك المخلصة لك, وليس من كاتبه متعالية ومتعجرفة, تسدي بالكلمات للآخرين وكأنها الناصح الأمين في هذا الزمن؟؟! (ما لهذا ارتأيت يا أمي وأُشهِدُ الله عما في قلبي من مشاعر يكللها الحب والود والصدق)
أمي الحبيبة,............... لقد أوصانا الله بالحسنى بكم , ومصاحبتكم بالمعروف والبر بكما . (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا (العنكبوت,8) وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا (لقمان,15) ألا تستشعرين يا أمي كم رب العزة, حريصا بالبرِّ لك ولأبي, والرفق واللين في التعامل معكما,............. ونحن يا أمي لسنا حريصين على الامتثال لأوامره في صون الأمانة التي بين أيدينا, نعم يا أمي إن ابنتنا أمانة بين أيدينا ولا بد أن نكون حريصين عليها وسنُسألُ عنها يا أمي يوم العرض الأكبر, (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تعلمون(الانفال,27) وأنت مسئولة عن تربية وتنشئة ابنتنا بما يتناسب مع ما أمرنا به الله, عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « ألا كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ،والمرأة راعية على بيت بعلها وولده وهي مسئولة عنهم » فأنت يا أمي مسئوله عن خروج ابنتنا من المنزل بهذه الملابس العارية , , ألا تعلمين يا أمي الحبيبة بأنك تجعلين من ابنتنا (فتنة ) وتلقيها في الشارع أمام الشبان وقد توعدنا الله بالعذاب الحريق (إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ(البروج ,10)............ على رسلك يا أمي.......... على رسلك ......... لا تنفعلي انا أعي تماما بأنك لا تقصدي ذلك, ولكن هذه الحقيقة التي نغفل عنها يا أمي الحبيبة , فابنتنا يا أمي عندما تخرج متعرية نحن بذلك نساهم في فتنة أبنائنا الشبان, لما يناظروه من مشاهد بصرية حيه تثير الشهوة لديهم, فقد لا يجدوا ملجأً شرعيا للتفريغ فيضطروا للزنا , وأنت يا أمي الحبيبة بذلك تساهمين أنت وابنتنا في مسؤولية زنا هذا الشاب, لان الإنسان يا أمي خلق ضعيفا على الشهوات والنساء (وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (النساء : آية: 28)
وبذلك تكوني مسئولة عن تعرض ابنتنا للإيذاء كالمعاكسات والتحرشات, أخيرا يا أمي الحبيبة ,ألا يستحق منا رب العزة الذي أغدقنا بالنعم ان نمتثل لأوامره بصيانة هذه الأمانة وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (ابراهيم :34)
هل يستحق منا يا أمي رب العزة الجحود والظلم وعدم الامتثال لما أمرنا به من صون للأمانة, ونحن مُغرَقون بنعمه؟!.أيُعقلُ يا أمي ان نقابل ربنا بالجحود؟!...... ولا تنسَ يا أبتِ بأن لك الدور المماثل مع أمي في التربيت على يدها, وتشد من أزرها بصيانة الامانه, وبما ستنوي فِعله من تغيير............ خِليني يا أمي الحبيبة الآن أُقبِّل يداكِ قبل أن أبرح هذا المكان, وسامحيني يا أمي إن أثَرتُ الكدر لديك, سامحيني أنت أمنا الحبيبة التي نلزم قدماها,......
لم تنتهي المقالة بعد ...سأترك الرسالة الثانية الموجهة للشاب والفتاة لإخوتي المعلقين الذين هم كما قلت على قدر عال من العلم والخبرة, ولنا حق عليهم بتقديم ما بجعبتهم من علم وخبرة. أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْم فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ يَوْم الْقِيَامَة بِلِجَامٍ مِنْ نَار.
التعليقات (0)