كل يوم يمر يثبت مدى التحالف بين الاستبداد العسكرى والقهر الدينى فى مصر , فبعد اقتحام مقار جمعيات المجتمع المدنى أول أمس من قبل أدوات النظام العسكرى أول أمس تنادت القوى الثورية ومنظمات حقوق الانسان بشجب هذا التصرف ما عدا التيار الدينى بكل فصائله , لأن هذا التيار يعلم أن العسكر هم الذين مهدوا له الطريق لركوب ظهر الوطن , من ناحية أخرى فإن الذين قرروا مداهمة مقار منظمات المجتمع المدنى بدعوى أنها غير قانونية هؤلاء يعلمون أن جماعة الإخوان المسلمين جماعة خارج الشرعية القانونية , وهى أغنى المنظمات بعدد المقار وكثرة التمويل , السؤال الذى لن يجيب عليه المسئولون هو - لماذا لم تهاجم مقرات جماعة الإخوان وهى جماعة غير قانونية ومحظورة ؟ . نحن نعرف الإجابة وهى أن النظام العسكرى يريد أن يقضى على روح ثورة الشباب قبل أن يسلم السلطة للمدنيين , ويريد إغلاق ملفات قتل الثوار فى ماسبيرو وشارعى محمد محمود والقصر العينى , ويريد تصفية الحساب مع الذين هتفوا وما زالوا بسقوط حكم العسكر وهو ما لم يطالب به التيار الدينى . إن نظام مبارك الذى خلق مجتمعا طبقيا مسخا لم يسقط بعد ولن يسقط بسهولة وهو يريد الحفاظ على مميزاته , وهذا النظام يعرف أنه يمكن أن يخسر معركته فى حالة واحدة هى تحالف التيار الدينى مع الثوار , وهو تحالف عمل النظام على ضرب احتمالاته , كما أن نشوة النصر الزائف الذى أحرزه هذا التيار فى الانتخابات أشعرته بالاستغناء عن جميع الفصائل الليبرالية والثورية وأنه يستطيع أن يستئثر بالقرار منفردا , . وأنا أستطيع أن أؤكد على أن الرئيس القادم سيكون أيضا من رموز التيار الدينى لأن الكتلة التى صوتت لهذا التيار فى الانتخابات البرلمانية سوف تتعرض لعملية شحن ودعاية أقوى وأشد تركيزا مما حدث فى انتخابات البرلمان . المحصلة إذن برلمان غالبيته من التيار الدينى , ورئيس من نفس التيار , وقيادة عسكرية لا تقبل التدخل فى ميزانيتها أو مميزاتها وهذا أمر يمكن الاتفاق عليه فى سبيل إبعاد دعاة الدولة المدنية من الثوار الذين هم وحدهم أولياء دم الشهداء ولن يفرطوا فى مبادئهم أو يبيعوا دماء مناضليهم , . فعلى الجميع سواء كانوا من العسكر أو من فصائل الإسلام السياسى أن يعوا هذه الحقيقة حتى لا تدخل البلاد فى مواجهات قد تدفع ثمنها غاليا , يجب عليهم أن يدركوا أن التيار الحر من شباب الثورة ومن المثقفين أقوى كثيرا مما يظنون وأنه هو الذى ستكون له الكلمة الأخيرة فى صنع مستقبل الوطن لأنه التيار الذى يسير فى اتجاه التاريخ
التعليقات (0)