تحالـف استراتيجـي بيـن المعهـد الملكـي للثقافـة الأمازيغيـة والجمعيـة المغـربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة
عبـد الفتـاح الفاتـحـي
استقبله أحمـد بوكـوس عميـد المعهـد المعهـد الملكـي للثقافـة الأمازيغية وفدا من الجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة، بنـاء علـى طلـب تقدمـت بـه الأخيرة فـي إطـار سلسلـة مشاوراتها التحسيسيـة لدى المؤسسـات العموميـة بالخطـر المحـدق باللغـة العربيـة والهويـة المغربيـة، ولعـدم احتـرام دستورية اللغـة العربيـة في منـاح عـدة كالإعـلام والإدارة، وما يصيـب الشـارع العـام مـن تلـوث لغـوي لهيمنـة اللغـة الأجنبـية علـى واجهـات المؤسسات والمحـلات التجاريـة، واعتبار ذلك مس خطير بمعالـم الهويـة المغربيـة.
وكانـت الجمعيـة المغربية لحماية اللغة العربية قـد دشنـت أولـى تحـركاتها فـي هـذا الاتجـاه بلقاء الوزيـر الأول المغربي عباس الفاسـي بمقـر الـوزارة الأولـى، كما تواصلت لقاءاتها مع عدد من الفعاليات السياسيـة للتحسـيس بالوضعيـة الحرجـة للغـة العربيـة.
في الكلمة الافتتاحية لعميـد المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، اعتبـر أن هـذا اللقـاء يعد خطـوة هامـة مـن أجـل التشـاور حـول الوضعيـة اللغويـة بالمغـرب وهـو ما يمكـن من التعاطـي معـها بعقلانيـة وبعـد نظـر بما يعـزز الهويـة المغربيـة التـي ظلـت دومـا منفتحـة وإنسيـة تستفيـد مـن مختلـف الأنسـاق الثقافيـة والحضاريـة، ولم تفتـه الإشارة إلى التهديـد المحدق الذي باتـت تمثلـه العولمـة الثقافيـة للهويـة المغربيـة معتبـرا أن تحصينهـا يجـب أن يتـم مـن خـلال تقويـة اللغـات الوطنيـة أولا ثـم الانفتـاح على باقـي اللغـات الأجنبيـة، وهو الوضـع الـذي يقتضـي التأسيـس بحسبه لتحـالف استـراتيجـي فيما بيـن لمعهـد الملكـي للثقافـة الأمازيغية والجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة.
وأوضـح مسهبـا الحديث حول صـلاحيـات وسلطـات المعهـد وأدواره، مذكـرا بالانجـازات الكبيـرة التـي حققهـا المعهـد والمشاريـع المستقبليـة التـي يرتقـب الإعـلان عنهـا مستقبـلا للنهـوض بالثقافـة الأمازيغيـة وتقويـة لغتهـا فـي مجـالات التعليـم والإعـلام، وملمحـا إلـى التعـاون المثمـر بيـن المعهـد والحكومـة ووزارة الاتصال للإعلان عن إطـلاق القنـاة السابعـة للأمازيغيـة التـي ستشكـل بحسبـه نافـذة مهمـة علـى التـراث الأمازيغـي وتعـزيزا للغـة الأمازيغيـة، ومذكـرا بالمجهـودات الجيـدة التـي حققهـا المعهـد في مجـال التعليـم حيـث وصـل تعميـم تدريـس الأمازيغيـة بعشـرة آلاف مؤسسـة تعليميـة رافقها تطويـر كمـي وكيفـي علـى مستـوى المناهـج التعليميـة والمقـررات الدراسيـة، ومعلنـا بأن المعهـد يتوخـى مستقبـلا تعميـم تدريـس اللغـة الأمازيغيـة بكافـة المـدارس باعتبـارها لغـة وطنيـة.
وفـي كلمـة الدكتـور موسـى الشامـي رئيـس الجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة جـدد الشكر لعميـد المعهـد الملكـي على حسـن الاستقبـال لتبادل وجهات النظـر بخصـوص مستقبـل الهويـة المغربيـة من خـلال تدعيـم مقـوماتها اللغويـة ثـم استعـرض الرئيـس مرجعيـات ودواعـي تأسيـس الجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة فـي وقـت كثـر التطـاول علـى اللغـة الوطنيـة، ومعتبـرا أن ذلك بات يتـم في كثر مـن الأحيـان من قبـل مؤسسـات رسميـة، وهـي بذلك تكـون قد خرقـت دستـورية اللغـة العربيـة، ومـست مشـاعر المغـاربة قاطبـة وتجـاوزت شـروط لياقـة الممارسـة الديموقراطـية الـتي تقضـي تمكيـن اللغات الوطنيـة في وسائـل الإعـلام وفي التعليـم والإدارة حيـث لا تـزال 90 في المائـة من الوثائـق الإداريـة تصـدر بالفرنسيـة.
وكان اللقـاء فرصـة لأن تبسـط الجمعيـة وبالتشاور مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية رؤيـتها بخصوص التعـدد اللغـوي العربيـة والأمازيغيـات والتعدد الثقافي الإفريقـي والحسانـي الأمر الذي يجب أن يستوعب وفق رؤية استراتيجية تعمق مظاهر الانسجام ونبذ الغلو والتطرف وتسهم في مسار التنمية الشاملة، واعتبـر موسـى الشامـي بأن التنـوع سمة الهويـة المغربيـة التـي تميـزت دومـا بقدرتهـا التفاعليـة مـع مختلـف الثقـافات بمـا لا يجعـلنا نقبـل بتهمـش لغاتـنا الوطنيـة لصالح اللغات الأجنبية.
كما عبـر أعضـاء المعهـد الملكي للثقافة الأمازيغية ممـن حضـروا اللقـاء علـى ضرورة مدارسة الوضـع اللغـوي للمغرب ووفـق المستجـدات الحاليـة، بما يخـدم هويـة البـلاد وحاجاتـها للاستفـادة من القيـم الثقافيـة والحضاريـة لصالـح الهويـة الوطنيـة وتعزيـز التلاقـح المتـوازن والمفيـد.
كما أبـرز عـدد من الأعضـاء أن التعامـل مـع هذه القضايا يجب أن يتأسـس وفـق منظـور علمـي وهـو ما جعـل المعهـد الملكـي للثقافـة الأمازيغية يركـز جهـوده على نتائـج البحـوث التـي تنجـزها مراكـزه العلميـة، الأمـر الـذي ذهـب إليـه أعضـاء الجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة، إذ اعتبـر عضوها عبـد الفتـاح الفـاتحـي بأن السياسـة اللغويـة الوطنيـة يجب أن ترتب أولوياتها في احتـرام للدستـور بما ينعكـس في حضورها القـوي في التعليـم والإعـلام والإدارة...، ومذكرا بأن إخـراج أكاديميـة محمـد للغـة العربيـة سيعقلن عمليـة التعاطـى بمنهجيـة علميـة مع المعطـى اللغـوي وبما يجعله قادرا على المواكبـة والتطـور، تـلك رؤيـة الجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة في التأكيد على أن اللغـة العربيـة ليست بالقاصـرة على أن تكـون لغـة إعـلام وعلـوم وتعليـم عالي... داعيـا إلى التسريـع بإخـراج أكاديميـة محمـد السادس للغـة العربيـة، ومحذرا من خطـورة تكثيـف العاميـات في وسائـل الإعـلام، باعتبـار ذلك يعد تراجعـا عن رمزيـة الهويـة المغربيـة، فالمستوى المتدنـي اللغوي وضعـف المردوديـة التعليمية للغـة العربيـة ترتـب عنه (العاميـة) العربية لدى عامـة الناس، وهو نتاج فشـلنا في التعليـم والقضاء على الأميـة التي لا تـزال مستشرية بما يفوق 50 في المائة في صفـوف مواطنينا، وهو ما يعنـي بأن المغـرب ولتعزيـز لغاته الوطنيـة مدعـو إلى ووضـع استـراتيجية للقضـاء النهائي على الأميـة والرقـي بالمستـوى المعرفـي لمواطنيـه.
وشـدد أعضـاء المعهـد الملكـي للثقافـة الأمازيغيـة ووفـد الجمعيـة المغربيـة لحمايـة اللغـة العربيـة على تاريخيـة هـذا اللقـاء، بما يمكن من تدبيـر القضيـة اللغويـة والهويـة المغربيـة بعقلانيـة وتقويـة الغنى الثقافـي والحضاري للثقافـة المغربيـة، وخلصوا إلى ضـرورة وضـع برنامـج عمـل وفـق أجنـدة محكومـة برؤيـة استشـرافية توقعيـة تشـرف علـى صياغـة ووضـع برامـج وأنشطـة تجيـب عـن الإشكـاليات وتستبـق التحـديات الوطنيـة فـي القضـايا اللغويـة والثقافيـة باستراتيجيـة لتنظيـم لقـاءات علميـة وأنشطـة مشتركـة.
التعليقات (0)