تجنيس «الغزيين» بين الحقوق المدنية والذرائع السياسية
نجاة شناعة
أكد سياسيون ومفكرون وناشطون في مجال حقوق الانسان على ان حق العود للاراضي الفلسطينية لا يعد حجة لحرمان اللاجئين الفلسطينيين «ابناء قطاع غزة» من حصولهم على الجنسية الاردنية التي تخولهم حق التمتع بكامل الحقوق المدنية معتبرين عدم حصولهم على الجنسية الاردنية تضييق عليهم بذرائع سياسية غالبا ما تكون تحت غطاء حق العودة والتوطين.
علما ان المادة (12 ) من قانون الجنسية الاردني اجازت لأي شخص لا يحمل الجنسية الاردنية التقدم بطلب الحصول عليها بتوافر الشروط الواردة فيها وتعتبر كلمة (اي شخص) التي وردت حرفيا في نص المادة سابقة الذكر كلمة مطلقة لا تعني بالضرورة منح الجنسية لاشخاص دون اخرين مع التنويه ان باستطاعة الاردني الذي سبق له وتنازل عن جنسيته التقدم بطلب الحصول عليها مرة اخرى دون اية عوائق سياسية.
ويرد بعض الناشطين في مجال حقوق الانسان ان قضية منح الجنسية للمواطن تخضع - بحسب رأيهم - لأهواء ومزاج الجهات المسؤولة عن منحها. وبهذا الصدد يرى المفكر ابراهيم علوش ان اللاجئين الفلسطينيين سواء كانوا في لبنان او في مصر او الاردن يعانون الأمرين في حياتهم اليومية نتيجة الظروف المفروضة عليهم بذريعة منع التوطين وذلك لعدم تمكنهم من تسيير شؤون حياتهم الخاصة.
ونوه علوش الى ضرورة وضع خط فاصل ما بين التوطين كقضية حياتية وما بين حق الفلسطيني في الحصول على جنسية الدولة التي يقيم فيها شأنه شأن الاخرين سواء من الفلسطينيين الذي حصلوا سابقا على جنسيات تلك الدول والمستثمرين العرب والاجانب.
واشار علوش الى ان التضييق على الفلسطينيين بهذا الشكل يهدف لاقناعهم بقبول وطن بديل وليس لمنع قيام وطن بديل ذلك ان الانسان الذي يعامل كأقل من نظيره في لبنان او غيره هو اكثر استعدادا لقبول وطن بديل فالقضية ليس لمنع قيام الوطن البديل لتكريسه من وجهة نظر علوش.
ويشير الناشط في مجال حقوق الانسان الدكتور فوزي السمهوري على ان قانون الجنسية الاردني قد منح الحق لأي مواطن التقدم بطلب الحصول على الجنسية الاردنية وانه في حال الاكتفاء بالشروط اللازمة لذلك يتحتم على وزارة الداخلية منحه اياها اذ لا يجوز ان يبقى هذا الحق مرتبطا بمزاج وزير او اي مسؤول آخر ويضيف السمهوري ان قانون الجنسية الاردني قد كفل لغير الاردني حق التجنس بعد مضي عدد من السنوات حددها القانون بما يتنافى ووضع عراقيل امام هذا الحق كما ان منح الجنسية لا يعتبر بديلا عن حق العودة بدلالة وجود عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين الحاصلين على الجنسية الاردنية بعد وحدة الضفتين وما يزالون رغم ذلك متمسكين بحق العودة وفقا للقرار (194 ) الصادر عن الجمعية العامة للامم المتحدة والذي كفل لهم حق العودة واشار الى انه لو اتيح للاجئين الفلسطينيين حق العودة واكتسبوا جنسية اخرى فان قانون الجنسية الاردني لا يمنع المواطن حمل جنسية مزدوجة منوها الى ان الامر برمته يعود الى قرار سياسي بعيد عن القوانين المرعية والمتعامل بها في الاردن.
وختم السمهوري قولّه: عندما نتحدث عن ابناء قطاع غزة الذين يقيمون في الاردن منذ اكثر من ثمانية وثلاثين عاما فانه من الواجب منحهم حقهم حسب الاصول القانونية.
من جانبه اعتبر رئيس لجنة تحسين المخيمات د. حسين ابو الرز ان المشكلة ليست مشكلة جنسية بقدر ما هي حقوق حياة وانسان فمن الممكن تقديم كافة الخدمات لأي مواطن عربي دون مساس بالحقوق السياسية اذا كان ذلك يشكل هاجسا لتلك الدول.
مشيرا الى ان الحقوق المدنية المفتوحة للجميع من صحة، تعليم وتملك وغيرها لا بد من الحصول عليها باستثناء الحقوق السياسية، فما يترتب على الجنسية من حقوق وواجبات لا بد فيها من التفريق بين حقوق جنسية اساسية وحقوق انسان ففائدة جواز السفر يمكن حصرها في تسهيل امور حياة المواطن اليومية وذلك ان توفير هذه الحقوق لا يتنافى كون الشخص من اصول فلسطينية له الحق في العودة ورفض التوطين علما بأن الجنسية لا تسقط هذه الحقوق التاريخية عن ابناء غزة او سواهم.
بدوره اكد رئيس لجنة الدفاع عن حق العودة طلعت ابو حاشية على المطالبة بمساواة تمتع ابناء قطاع غزة بالحقوق المدنية من تعليم وعمل وتملك وحق قبول ابنائهم بالجامعات الحكومية والتأمين الصحية الشامل.
وتساءل ابو حاشية لماذا لا يمنح «الغزيين» حقوقا مدنية علما بأنهم يساهمون في بناء الوطن ورفعته كغيرهم من باقي المواطنين، ويرى ابو حاشية ان من الواجب منحهم كامل حقوقهم الانسانية مما تصب في تخفيف حدة معاناة اكثر من ثلاثة عقود.
ويرى ابو حاشية ان الذريعة السياسية التي تحول دون حصول «الغزيين» على الجنسية ذريعة غير مقبولة ذلك انه وعطفا على ماورد سابقا فان الجنسية وحسب القانون والاعراف لا تلغي او تسقط حق المطالبة بالعودة الى الأرض الام.
هذا وما يزال ابناء قطاع غزة محرومين من حق حصولهم على جنسيات الدول العربية التي يعيشون فيها وذلك على لأشكالية سياسية وتاريخية بدأت مع الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية وما تزال هذه الشريحة الواسعة من المواطنين والتي اندمجت في المجتمعات التي تعيش فيها تعاني من عدم حصولها على حقوقها المدنية مما تيسر معاناتها وتعاملاتها في التجارة والطب والتعليم وسائر امور الحياة.
التعليقات (0)