من نابلس إلى كوالالمبور
ليس من عادتي الاستيقاظ مبكراَ، لكنه وجب على في ذاك اليوم أن افعل ذلك لتجنب الانتظار طويلا في طريقي إلى الأردن مروراً بثلاثة معابر "دولية"،ولتجنب حرارة شمس أريحا، وفترة انتظار حقائبي من تلك الجهة، لم يكن الأمر سهلاً، لكني كنت معتاد عليه يومياً،بل وربما تكون هذه المعابر أهون من حواجز الضفة الغربية .
جرت الأمور كما خططت لها، وانطلقت السيارة بين جبال نابلس، مرورا بوديان قراها،وصولاً إلى جبال أريحا القاحلة،مجتازاً معابر وحواجز نسيت أن أعدها لكثرتها، وتفتيش يصل لدرجة فحص نمرة الحذاء، إلى عدة أختام وضعت بالحبر الأزرق على دفتري الأخضر الصغير، إلى كل ذلك....إلى مشاهدتي لأول لافتة سيارة كتب عليها"الأردن".
أيقنت وقتها باني خرجت من وطني، يا إلهي....؟ماذا حصل؟ما تلك الحماقات التي ارتكبتها؟أدرت راسي إلى الخلف لأرى وطني، لم أشاهد سو لافته كبيرة نقشت ب"رافقتكم السلامة..الأردن يودعكم" وهذه العبارة كتبت للداخلين إلى فلسطين، تمنيت وقتها العودة، اشتقت لوطني من ربع ساعة في الغربة.
كانت هذه بداية رحلتي الطويلة، فهناك أمور تنتظرني في تلك الضفة، هناك مطار يستعد لاستقبالي، هناك مقعد في الطائرة مخصص لشخصيتي، وهناك كل شيء .... .
بعد يومين أو ثلاثة، لا اذكر ذلك، لأني نسيت التاريخ واليوم والساعة، كان موعدي مع المطار، ويا لهول ما في المطار!.. جسم طائر في السماء... وآخر يهبط... وآخر يصعد، حركة غريبة، عدا عن أصوات سيدات عبر مكبرات الصوت تدعو إلى الاستعداد للانطلاق، لبيت نداء تلك السيدة، وذهبت....
حجزت مكاني بجانب النافذة، ولا يضيرني من يجلس بجانبي، المهم باني "بجانب النافذة"، صعدت الطائرة عصراً،وصلت الدوحة وقت الغروب، انتظرت نصف نهار، إلى أن ودعّت الدوحة بداية الليل، لأكون عصر اليوم التالي في كوالالمبور عاصمة ماليزيا.
وصلت ماليزيا، ويا لهول ما شاهدت.... عالم مختلف، وثقافة مختلفة، ووجوه صفراء تختلف عن وجوهنا، بنايات تعانق السحاب، وأشجار يصعب وصفها، وشوارع لم أحلم بها، وأشياء كثيرة اعجز عن الحديث عنها.
أحيانا يسرح بي الخيال بعيدا فأقول:لماذا أنا هنا؟ لماذا لا يوجد في بلدي كل هذا؟ لماذا نحن محرومون من ابسط أمور الحياة؟ لماذا لا أكمل تعليمي في بلدي؟ لماذا لا يوجد عندنا "مطار، وقطار، وجامعة"؟ ولماذا و لماذا...
أيقنت وبعد تجربتي القصيرة هنا...بان بلادي هي من أجمل بلاد العالم بالرغم من بساطتها، وفقرها...
أنس سلمان - ماليزيا
18-1-2009
التعليقات (0)