الثورات العربية التي شهدتها العديد من العواصم العربية لم تأتي من فراغ او انها قامت على سبيل المفاجئة والمزاجية السياسية لمكون او جهة حزبية ما في هذا الوطن العربي الفسيح الذي ينام على أرخبيل البحر الاحمر ويتنفس هواء البحر الابيض المتوسط ولم تكن تلك الامنيات بالصعبة التحقق في تغيير الانظمة العجوز الجاثمة على صدر الشعوب التي كادت ان تتشمع عقولها بالولاء المطلق الابدي لهذا الرئيس او ذاك الزعيم، الانظمة العجوز يمكن ان تقسم الى قسمين في وطننا العربي قسم يضم الرؤساء وقادة الجماهيريات والقسم الاخر يضم الملوك والامراء وكليهما انظمة اكلت من الدهر ما اكلت فعجّت بها السنين الطوال وما زالت متربعة على عروشها في قسم كبير منها وبالأخص دول الخليج التي يحكمها ملوك وامراء تقادم بهم الزمن الى درجة ان الكرسي عجز وتهاوى به العمر، ولن يقبل اولئك اعلان وفاة حكمهم، حتى ان ابناءهم وذراريهم باتوا يائسين من تسلم الحكم منهم الى درجة ان صغارهم بدأوا يتهاوون الى القبور الواحد تلو الاخر ومخضرميهم يسيرون خلف جنائزهم مودعين غير أبهين لعمر يقصر او يطول، لكن حرصهم في البقاء واضح اليوم باعتبار ان تلك الانظمة التي تدخل في القسم الثاني لملوك وامراء العصر في دول خليجية محددة باتوا هم تجار تلك الثورات العربية او ما يسمى بالربيع العربي الذي يتحرك بشكل انسيابي على الساحة العربية فيدعمون ويدفعون بتلك الشعوب مطالبين لهم بالحرية والخلاص من حكامهم الذين تسمروا على كرسي الرئاسة ونسي هؤلاء انهم يشبهونهم في كل شيء وخوفا من السيل الجارف الذي يمكن ان يمتد اليهم، لذلك اصبحوا هم من يقود تلك الثورات لإبعاد جحيمها عنهم من خلال الاعلام والدعم المادي والمعنوي وفي اروقة الامم المتحدة والتجمعات الدولية الاخرى وذلك من اجل اقناع العالم الاخر بتغيير الخارطة السياسية في المنطقة بالاتجاه الذي يرغبون ويريدون وان كان القادم سيء الفكر والتوجه. إذن هي تجارة مفتوحة بعقول البشر وبأجسادهم لان تلك الثورات تميزت بالقتل والدمار لأبناء هذه الشعوب مع تدمير كامل لكل البنى التحتية في البلدان التي عصفت فيها الثورات وهو الهدف الاخر من التجارة الذي سيكون اقتصادي بامتياز لانهم سيتصدرون كل خطوات البناء والاعمار وتحسين المدن التي ساهموا في تدميرها، وبالتالي تنشغل شعوبهم بما هو خارج حدود الوطن وتبقى البقع الاجتماعية التي تغلي على صفيح ساخن محاصرة بعيدة المنال على حقوقها، كما وستبقى الاقليات في مماليكهم مخنوقة الصوت لا احد يسمعها حتى من العالم المتحضر الذي يسكت ويصمت نفاقا حرصا على مصالحه وهو ما نراه بالفعل في مملكة البحرين فهي ثورة مثل باقي الثورات لكنها ثورة مغبونة تآمر عليها حتى دعاة الحرية وحقوق الانسان في العالم الغربي فنراهم يسدون كل الثغرات القانونية من القانون الدولي التي تدين حكام البحرين ويفتحون جميع الثغرات القانونية وغير القانونية للنيل من حاكم سوريا مع علمهم بوجود المرتزقة والقتلة من اتباع تجار الثورات على الاراضي السورية وتناسيهم ان هؤلاء يوما من الايام فجروا بلدانهم وقتلوا الارواح البريئة من شعوبهم بكل وحشية وانتقام ، وكذلك علمهم ان قوات درع الجزيرة تضرب يمينا وشمالا بالشعب البحريني الاعزل بعناوين طائفية، أليست تلك الثورات اظهرت لنا قبح الانظمة جميعا دون استثناء وأظهرت كذبة حقوق الانسان التي يدعيها العديد من دول العالم فكان حطب الثورات تلك الاجساد البريئة المتعبة وهي تبحث عن قوتها فكذبتم وتحايلتم عليها بنفاقكم ايها الملوك والامراء ورؤساء بلدان العالم المتحضر.
مقالات للكاتب وليد سليم
التعليقات (0)