عشية سقوط الدولة العباسية انتقلت السلطة إلى الدولة العثمانية وأسست دولة الخلافة ولكن هناك خلاف في وجهات النظر في أن الدولة العثمانية كانت دولة خلافة أم دولة استعمار، وفي هذا الصدد نجد عدة آراء فبعض من الباحثين يرون أنها السبب الأساسي وراء التخلف إذ ظلت الدولة العثمانية حاكمة من القرن السادس عشر ميلادي إلى الحرب العالمية الأولى، وإن الدولة العثمانية كانت مستعمراً سياسياً وعكسرياً ولكنها التحقت بالدين كغطاء وفرضت نظم وقوانين لا تمت إلى الإسلام بصلة وطبقتها بصورة قاسية مما جعل العديد من المصلحين ورجال الدين يخرجون عن الدولة العثمانية، وكان رد العثمانيون قاسياً، وإن الدولة قربت الأفراد والأسر الموالية لها لتحكم قبضتها السياسية، وأنها فرضت نوع من التفرقة بين الأتراك والشعوب التي احتلتها فكانت الطورانية أعلى درجة من بقية الروابط الدينية والسياسية وأنها خلعت الرتب والألقاب على الموالين لها أسهم هذا نظام الملة أو (الملية)، وبذلك يكون المجتمع العربي عانى من التخلف التركي قروناً طويلة ويلخص هذه الرؤية الدكتور عبد المنعم ( إن الاستعمار التركي هو الذي مهد الطريقة تكنولجياً وحضارياً أمام الاستعمار الأوربي في الوطن العربي، حيث كان الأتراك نقطة الإنعكاس وخط التقسيم بين تقدم الغرب وتخلف العرب، وتحايلت تركيا للبقاء أطول فترة ممكنة فكانت تشتري حريتها ببيعها مصائر الولايات العربية للاستعمار ومن ثم تنازلت عن الولايات العربية واحدة بعض الأخرى حتى لا يجهز عليها الغرب).(3)
وعلى نقيض هذه الرؤية تأتي الرؤية الاتاتوركية للعرب بأنهم السبب الأساسي في أضعاف الدولة العثمانية، وأن العرب استفادوا من الدولة العثمانية إذ وفرت لهم الأمن، ففي العقود التي حكمت الدولة العثمانية استقرت البلاد العربية ولم تكن هنالك سوى حملة نابليون على مصر، ويعتقد اتاتورك إن الإسلام هو السبب في ضعف تركيا وكان يقول ( إن غلطة آل عثمان وآل سلجوق من قبلهم كانت نسيانهم لتركيتهم وإنتمائهم للجامعة الإسلامية بدلاً من جنسيتهم فكانت النتيجة أنها تركيا ارتضت الذل والأسر وتدحرجت إلى هدف حقير جعلها مستعبدة في سبيل ذلك).(4) وتمضي الرؤية التركية في أن الوطن العربي لم يقدم شئ للدولة العثمانية سواء أن ماله ورجاله، وقد تمتع العرب بالحكم الذاتي وعدم التدخل في السلطات فيما عدا المناطق الاستراتيجية مثل بغداد والبصرة واليمن، لم يدافع العرب عن السلطان عبد الحميد لأنه كان يدافع عن فكرة الجامعة الإسلامية ذات الطابع المضاد للغرب الاستعماري.
ويكون العرب متآمرون بطريقة دائمة ضد المصالح العثمانية مع القوى الأجنبية لتقطيع أوصال الإمبراطورية وهذا ما أدى إلى وقوع العالم العربي تحت أسر الاستعمار الإنجليزي والفرنسي، وأن أول من بدأ هذه المؤمرات هو ( محمد علي باشا) فوقع تحت الاستعمار الإنجليزي في الوقت الذي كانت فيه تركيا تدافع عن العروبة والإسلام.
لذلك عندما استقلت البلدان العربية بدأت في النزاعات مع الأتراك وأن هناك حسابات لم تسوى بعد فمسألة الموصل ولواء الاسكندرية ( لواء هتاي) وأزمة المياه والتعاون مع دولة الكيان الصهيوني، ومحاولات تركيا المتكررة للدخول في المنظومة الغربية وخلعها الإسلام وارتضائها للعالمية العثمانية كلها مسائل لم تحسم واعاقت تقدم العلاقات العربية التركية منذ عهودها الأولى في أعقاب استقلال البلدان العربية.
التعليقات (0)