تايوان في المدرك الاستراتيجي الأمريكي
الاستاذ علي فارس حميد
مستشار المركز الوطني العراقي للدراسات الاستراتيجية....
تشكل تايوان احد المناطق الحيوية والمهمة بالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية في منطقة اسيا –الباسفيك، وتعود هذه الاهمية الى مجموعة من الخصائص الجيوستراتيجية التي تتمتع بها تايوان. ومن ابرز هذه الخصائص هو الموقع الجبوستراتيجي لتايوان في مضيق تايوان وقناة باشي اللذان يقعان شمال شرق اسيا بالشرق الاوسط وكذلك لكونها تعد البوابة البحرية بين شمال وشرق وجنوب شرق اسيا وقاعدة محتملة للعمليات العسكرية الامريكية في الازمات الاقليمية والعالمية ( ).
كما تمثل تايوان قاعدة للتحرك الامريكي التي يمكن من خلالها ضمان تحالفاتها الامنية والاستراتيجية في الاقليم كما هو الحال بالنسبة الى اليابان والفلبين ( ) اذ تعد تايوان منطقة استراتيجية لامن الحدود الجنوبية لليابان وكذلك هو الحال بالنسبة الى الحدود الشمالية للفلبين هذا بالاضافة الى ما تجسده الاهمية الاقتصادية لتايوان بالنسبة الى المصالح الامريكية اذ تجد الولايات المتحدة في تايوان شريكاً تجارياً مهماً وسوقاً استثمارية هائلة لذلك فهي تلتزم بجملة من الاتفاقيات مع تايوان بسبب ما تمثله الاخيرة من مصالح ذات طابع اقتصادي وامني بالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية في المنطقة ( ).
وترتبط تايوان بطبيعة المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة في شرق اسيا والباسفيك، اذ ترتب تايوان جملة من المعادلات الامنية التي تتعلق بالاستراتيجية الامريكية في الاقليم من أبرزها ( ) :-
1- عمل الجانب الامريكي والتايواني على فتح الاسواق اليابانية امام نشاطاتهما الاقتصادية والتجارية بغية الحصول على نوع من التوازن في التبادل التجاري بين الولايات المتحدة واليابان.
2- رغبة الطرفين في استمرار الجمهورية الصينية في اصلاحاتها السياسية والاقتصادية وان يكون هنالك مزيد من الانفتاح نحو الغرب بالنسبة الى الصين.
3- تحقيق اوسع انتشار للاعمال والتبادل التجاري ومبادئ الحرية والديمقراطية في اسيا.
وبالتالي فان تايوان تعد مصدر دعم واسناد للاستراتيجية الامريكية في شرق اسيا بصورة خاصة واقليم الباسفيك بصورة عامة بسبب ما تمثله من داعم اقليمي للتوازن بين الصين واليابان والولايات المتحدة الامريكية. اذ ان تايوان تعمل على تحقيق اكبر قدر من التعزيزات للاستراتيجية الامريكية خصوصاً اذا ما
اخذنا بنظر الاعتبار الاهمية التي توليها تايوان للولايات المتحدة التي تعد المصدر الاساسي لقوتها ونفوذها والرادع حيال توجهات الصين نحوها ( ).
وبالمقابل توفر تايوان في الوقت نفسه ضمانات اقليمية خصوصاً بالنسبة الى اليابان التي تتخوف من التهديد الصيني نحوها في ظل تنامي القدرات الصينية في الجانب العسكري والاقتصادي واللذين يشكلان عامل قلق بالنسبة اليها ( )، اذ يعني الوجود العسكري في تايوان مصدر للاستقرار الأمني بالنسبة لمخططي السياسة الامنية في اليابان ( ).
وتشكل تايوان بالنسبة الى الولايات المتحدة الامريكية في مرحلة الحرب الباردة مصدراً للتوازن الاستراتيجي مع الاتحاد السوفيتي اذ ركزت الولايات المتحدة اسطولها السابع في مضيق تايوان بآمر من ادارة الرئيس (هاري ترومان) من اجل حماية تايوان من الغزو الشيوعي للجزيرة، واستمرت الولايات المتحدة بدعم استقلالية تايوان عن الصين ( ).
اما بعد مرحلة الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي اخذت الولايات المتحدة بدعم تايوان من اجل احتواء تنامي النفوذ الصيني خصوصاً فيما يتعلق بتوسيع تحالفاتها الامنية مع روسيا وتوسيع قاعدة علاقاتها الدبلوماسية بالمحيط الاقليمي لها واخذت الاستراتيجية تجد من خلال الاحتفاظ باستقلالية تايوان تحقيق جملة من اهداف الاستراتيجية الامريكية من ابرزها :-
1- ان قيام دولة الصين الموحدة خصوصاً بعد عودة هونك كونغ الى الصين في 1997 سوف يكون له تاثير واضح على مدخلات القوة الصينية، و قيام دولة الصين العظمى ( ).
2- ان قيام دولة الصين الموحدة سوف يؤثر على مستقبل الزعامة الامريكية خصوصاً اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار طبيعة التوجهات الصينية في هذا الجانب ( ).
فضلاً عن هذين المدخلين فان قيام دولة الصين الموحدة سوف يؤثر بشكل كبير على طبيعة التوازن الاستراتيجي العالمي ولذلك فان تايوان تشكل جزءاً مهماً في صياغة التخطيط الاستراتيجي الامريكي حيال الصين وهو ما يعد عاملاً مؤثراً في التنافس القائم بين الطرفين خصوصا في اقلي ماسيا الباسفيك.
التعليقات (0)