من هم الذين يكتبون التاريخ ، جلست مع صديق عزيز ، يحب المجادلة ، وبعد قليل يقول: قال الرسول عليه السلام ( رحم الله امرئ ترك المراء ) .. ثم يضيف موضحا كالعادة والمراء هو كثرة الجدال .. ولكنه ما أن يسكت حتى يعود للجدال من جديد ..
لا ادري كيفولجنا باب التاريخ وقصة علي وعثمان ، وقصة عمر بن عبد العزيز الخليفة الأموي الذي سمي خامس الخلفاء الراشدين .. قال صديقي :
من هم الذين يكتبون التاريخ .. من المعلوم أن كتابة التاريخ عادة ما تتم في زمن الخليفة أو الملك أو الرئيسأو ... أو بأمر منه أو بتطوع من مهتم ومتابع .. أو من خلال الروايات المتواترة عن عصر معين .. ويتابع صديقي .. وبالتالي فان التاريخ المكتوب لن يذم ولا يسب ولا يتهم ولا يشير بسوء الى النظام الحاكم ، حيث انه يتملقه ويستفيد منه ، ويخافه ويهابه ..وبالتاي فان التاريخ لا يؤخذ على مجملة مأخذ الصدق .. وأنا أي صديقي يقول : هذا التاريخ الذي بين أيدينا ما هو إلا مجموعة من الأكاذيب الكبيرة والمبالغ فيها .
ويتابع : تصور أن التاريخ الذي يكتب عن الأنظمة العربية الحالية سيكون بعد قرن من الزمان .. ترى ماذا سيقول عنه الجيل أو الأجيال القادمة ... هل سيصدقون ما فيه .. ونحن نعرف أن التاريخ أكثر شيء معرض للتزويروالتدليس هذه الأيام .. وأنت ويقصدني تعرف من هم الذين يكتبون التاريخ هذه الأيام .. فكل هزيمة انسحاب استراتيجي ويدللون على ذلك بقصص وحكايات من عصر معين ويقولون : ( كما انسحب خالد بن الوليد في معركة مؤتهبعد مقتل القادة ) وكل انكسار وهزيمة سيتحول الى نصر مؤزر على الأعداء .. وكل من أطلق طلقة حتى لو كانت في عرس ( ثمة عادة في الأردن يتم فيها إطلاق العيارات النارية في الإعراس والحفلات ) وكل من أطلق رصاصة ولو في عرس سيكون مناضلا وثائرا ومجاهدا ومحاربا ومكافحا للاستعمار .. وقد ساهم في دحر المحتل والمستعمر وشارك في صناعة الوطن المستقل .. وكل من قتل بسكينة صديقه عفوا أو قصدا .. أو من مات بحادث سيارة وهو مخمور سيكون شهيدا .. وأنت تعرف يا محمود كم عدد الشهداء في الوطن العربي.. فهم أكثر من الشعب العربي ذاته ..
حتى ان الشوارع والساحات والميادين راحت تسمى بأسماء البعض منهم .. بل سميت باسمهم كلهم .. ساحة الشهداء .. ميدان الشهداء .. وحتى لا ينسوا أحدا وضعوا اسم الجندي المجهول .. لا ادري لماذا هو مجهول .. ومن الذي تجاهله ولماذا؟؟؟..
وبالتالي كل التاريخ هو تاريخ مزور ، مجموعة من الخرافات والقصص والأكاذيب التي لا تمت للواقع ..بما فيها من مبالغة وتضخيم للأحداث وصناعة للأبطال المزيفين ..
وقد فعل فيها المندسين والمخربين أكثر مما فعل فيها الأدباء والمؤرخين عبر عقود وقرون من الانحسار الى الداخل العربي والمسلم ..
وخرج وهو يشتم ويلعن ..ويقول : قال الرسول عليه السلام : ( رحم الله امرئ ترك المراء .. ثم يضيف موضحا كالعادة والمراء هو كثرة الجدال .
( ولكن وللحق ما ثبت بالرواية المتواترة عن التاريخ العربي والمسلم ينقض ما يقول به صديقي المتشائم ، والحاقد على نفسه قبل غيره ، وما ذلك الا من غيرته على امته ، وشعوره بالاحباط واليأس ، فما ورد عن تاريخ امتنا العربية والمسلمة هو ما اكده ايضا الكثير ممن كتبوا التاريخ في العالم ، حتى بات التاريخ كانه تاريخ انساني يمت بصلة الى الانسانية ، وقلما نجد من يتنكر لهذا ، او ينقضه من العرب وغير العرب في اغلب الاحوال ) .
التعليقات (0)