المغرب دولة عربية إسلامية في أقصى شمال غربي إفريقيا. وقد فتح عقبة بن نافع المغرب الأقصى سنة 62هـ، 681م، لكن فتحه النهائي كان على يد موسى بن نصير سنة 88هـ، 707م، واستمر قطرا من أقطار إفريقية إلى سنة 172هـ، 788م يديره حكام تابعون لولاة القيروان. وقد شهد المغرب الأقصى فيما بعد ظهور أسر حاكمة وقيام دول، لكنه ظل مرتبطًا بعموم بلاد المغرب العربي إلى نهاية القرن التاسع الهجري (نهاية القرن الخامس عشر الميلادي) لأن معظم الأسر الحاكمة به وبإفريقية كانت ترنو لمد سلطانها على كامل بلاد المغرب العربي. ولم ينفصل المغرب الأقصى بشؤونه تمامًا إلا عندما فشلت مساعي العثمانيين في ضم الدولة السعدية، وذلك بعد منتصف القرن الحادي عشر الهجري (منتصف القرن السادس عشر الميلادي).
دولة الأدارسة. (172 ء 364هـ، 788 ء 974م).
أسسها إدريس بن عبدالله، من أحفاد الحسن بن علي ابن أبي طالب، كان قد التحق بالمغرب الأقصى بعد نجاته من واقعة فخ سنة 169هـ، 785م. وهناك التفّت حوله بعض القبائل فأعلن إمارة شيعية مستقلة عن القيروان سنة 172هـ. ويُعدّ ابنه إدريس الثاني (193 ء 214هـ) المؤسس الحقيقي لهذه الدولة ولعاصمتها فاس. وقد انقسمت بعده بين أبنائه العشرة ثم استعادت وحدتها في عهد الأمير يحيى (221 ء 234هـ) لتنقسم بعده، فبقيت كذلك إلى أن استولى الفاطميون على المغرب الأقصى سنة 310هـ، 921م. وقضى الأمويون بالأندلس على ما بقي من أثر الأدارسة في الجبال المتاخمة لطنجة سنة 364هـ، 974م. وقد كان لدولة الأدارسة دور في نشر الإسلام واللغة العربية بين قبائل الأمازيغ بالمغرب الأقصى.
دولة المرابطين (448ء541هـ، 1056ء1147م):
تعود في أصلها إلى حركة إصلاح ديني ظهرت قبل منتصف القرن الخامس الهجري (منتصف القرن الحادي عشر الميلادي) في صحراء جنوب المغرب الأقصى بمبادرة من يحيى بن إبراهيم الجدالي شيخ قبيلة جدالة الصنهاجية. وقد تزعم الحركة عبدالله بن ياسين الجزولي وسمى أنصاره المرابطين. ترك ابن ياسين قيادة المرابطين العسكرية ليحيى بن عمر اللمتوني. ولما توفي يحيى سنة 448هـ (1056م) خلفه أخوه أبوبكر وابن عمه يوسف بن تاشفين. وعندما توفي ابن ياسين عام 451هـ (1059م) تجنب أبوبكر وابن تاشفين الخلاف بأن اتجه الأول نحو الجنوب فنشر الإسلام هناك، وواصل ابن تاشفين سيره شمالاً. بنى ابن تاشفين مدينة مراكش عام 454هـ (1062م). وفي عهد يوسف بن تاشفين (480 ء 500هـ) تم الاستيلاء على باقي المغرب الأقصى والمغرب الأوسط إلى مشارف إمارة بني حماد الزيريين. وعبر ابن تاشفين إلى الأندلس عندما استنجد به بعض أمرائها، فانتصر على ألفونسو السادس في معركة الزلاقة سنة 479هـ، 1086م، ثم عاد إليها في 481هـ و483هـ فأزاح ملوك الطوائف نتيجة تواصل انقسامهم، وترددهم في الولاء للمرابطين، واستمرار الخطر النصراني، وألحق الأندلس بدولة المرابطين. لكن سلطة المرابطين ما لبثت أن اختلت في عهد ابنه علي (500ء537هـ) بكل من المغرب والأندلس بسبب الانتفاضات المحلية والهزائم على أيدي النصارى، وبدأ أمر الموحدين بالظهور. وقد تلا الأمير علي بن يوسف ثلاثة أمراء من المرابطين واصلوا الصراع ضد الموحدين، حتى استولى هؤلاء على العاصمة مراكش، فقتلوا آخر الأمراء المرابطين إسحاق بن علي بن يوسف، وقضوا على دولة المرابطين سنة 541هـ، 1147م.
دولة الموحدين (541 ء 668هـ، 1147 ء 1269م):
أظهر محمد بن تومرت (514ء1120هـ) معارضته للمرابطين بمراكش سنة 514هـ. فلما طرده الأمير علي بن يوسف منها، انتقل إلى جبل درن جنوب المغرب الأقصى، حيث أعلن دعوته سنة 515هـ، 1121م إلى مذهب التوحيد، مدعيًا أنه المهدي المنتظر وأن نسبه يتصل بالرسول ³ من فرع الحسن بن علي. وفي هذه السنة، هزم حملة مرابطية جاءت تطلبه في إجليز، ثم اتخذ سنة 518هـ، 1124م مدينة تنملل قاعدة له شن منها سنة 524هـ، 1129م حملة فاشلة على مراكش، وفيها توفي فبايع أتباعه ملازمه وقائده عبد المؤمن بن علي (524ء541هـ) فتلقب بالخليفة أمير المؤمنين وواصل الصراع مستفيدًا من تفاقم مصاعب الدولة المرابطية، فاستولى على وهران وفاس ثم مراكش سنة 541هـ، 1147م. كما عبر إلى الأندلس في السنة نفسها، فاستولى على أشبيليا وقرطبة ثم على غرناطة. وفي سنة 546هـ، 1151م بدأ في التوسع شرقًا باتجاه إمارة بني حماد، وكان أمرها في تراجع والنورمنديون يطرقون سواحلها، فاستولى على بجاية وعنابة وقسنطينة ثم سطيف. وفي سنة 554هـ ، 1159م توجه إلى إفريقية (تونس) برًا وبحرًا، فأخضعها وحاصر المهدية حتى استسلم من كان بها من النورمنديين صلحًا سنة 555هـ، 1160م، وبذلك وحد بلاد المغرب العربي من جناحه الغربي، وأصبحت العاصمة مراكش من عواصم العالم الإسلامي الكبرى مرت دولة الموحدين بفترة قوة تواصلت إلى آخر عهد الخليفة أبي يوسف يعقوب المنصور(580ء595هـ)، ثم مالبث أن اضطرب الوضع السياسي بها منذ بداية القرن السابع الهجري (بداية القرن الثالث عشر الميلادي) بتدخل بني غانية وهزيمة الخليفة الناصر في موقعة العقاب بالأندلس أمام النصارى سنة 609هـ، 1212م، والصراع على الحكم بين أمراء الموحدين. فاختل الأمر بالمغرب والأندلس وضعفت سلطة الخلفاء بمراكش، وقوي نفوذ الولاة والقبائل بالجهات، ومالت الدولة إلى الانحلال. فانفصل بنو هود وبنو الأحمر بالأندلس، ووالى النصارى هجماتهم واستولوا على مدنها وحصونها، كما استقل بنو حفص بإفريقية (تونس) سنة 634هـ، 1236م، وبنو عبد الواد بالمغرب الأوسط سنة 633هـ، 1235م، واستفحل أمر بني مرين بالمغرب الأقصى حتى استولوا على مراكش سنة 668هـ، 1269م، ثم تنملل سنة 674هـ، 1275م. وكان انتشار الأمن إبان قوة دولة الموحدين، والامتداد الجغرافي لهذه الدولة، قد ساعدا على تنوع المنتجات الفلاحية والصناعية، وبالتالي على نمو التبادل التجاري الداخلي بين أقطار المغرب العربي والأندلس، والتبادل التجاري الخارجي بينها وبين بلاد السودان وأوروبا النصرانية والمدن الإيطالية خاصة. كما ازدهر العمران وتطور الفن المعماري، فظهر في الآثار الموحدية، وخاصة المساجد، اجتماع المؤثرات المغربية والأندلسية والمشرقية. ومن ذلك منارة جامع حسان بالرباط وقصبة مراكش وجامع أشبيليا الأعظم ومنارة خيرالدا. وكذلك نشطت الحياة الفكرية في عهد الموحدين، نتيجة اعتنائهم ببناء المدارس الحكومية منذ القرن السابع الهجري (القرن الثالث عشر الميلادي)، حيث انتشر التعليم النظامي المجاني، وتقريب الخلفاء للعلماء والفلاسفة. فلمع في الفلسفة والطب أبو بكر بن طفيل (طبيب الخليفة أبي يعقوب يوسف)، وأبو بكر بن زهر الأشبيلي (طبيب الخلفاء عبد المؤمن وابنه يوسف وحفيده يعقوب المنصور)، وأبو الوليد محمد بن أحمد بن رشد. كما برز في العلوم الطبيعية والصيدلية أبو العباس أحمد بن محمد بن مفرح الأموي المعروف بابن الرومية، وضياء الدين بن عبد الملك المالكي الفاسي المعروف بابن السكّاك، وفي الرياضيات ابن فرحون القيسي القرطبي وأبو عبد الله محمد بن حجاج المعروف بابن ياسمين الفاسي.
الدولة المرينية (668ء869هـ، 1269ء1465م):
ينتمي بنو مرين إلى قبيلة زناتة، وقد بدأ أمرهم بالظهور في جنوب المغرب الأقصى بقيادة أبي محمد عبد الحق بن محيو، الذي هزم جيش الموحدين سنة 613هـ، 1216م. لكن دولة بني مرين لم تتشكل فعليًا إلا مع أبي يوسف يعقوب بن عبد الحق المعروف بالسلطان المنصور، الذي استولى على مراكش سنة 668هـ، 1269م، وانقرضت على يديه دولة الموحدين سنة 674هـ، 1275 ء 1276م. حاولت الدولة المرينية أن تبسط نفوذها على كامل بلاد المغرب، وتؤسس دولة كبيرة على نمط الموحدين . لكنها لم تفلح في ذلك إلا لفترات قصيرة، وسرعان ما عادت دولة إقليمية محدودة. فقد جهز أبو الحسن المريني سنة 1347م حملة على مدينة تونس، ومني من قبل الحفصيين بهزيمة منكرة كادت أن تطيح بأسرة بني مرين في مراكش ذاتها. كما ورثت الدولة المرينية، بحكم موقعها الجغرافي، تقاليد سياسة الموحدين في الأندلس وتقديم المساعدات لمسلميها. لكن الخلافات التي دبت بينها وبين دولة بني الأحمر، في غرناطة، حول تملك بعض المواني الأندلسية، أضعفت قدرة المسلمين على المقاومة، وعرض المغرب الأقصى نفسه لغزو الدول النصرانية الناشئة، منذ بداية القرن التاسع الهجري (بداية القرن الخامس عشر الميلادي)، حتى سقطت سبتة في أيدي البرتغاليين سنة 1415م، فضعف أمر المرينيين، وزاد وضع دولتهم سوءًا بتفشي المنافسات الداخلية بعد مقتل السلطان أبي سعيد سنة 1420م، وتدخل دولتي بني الأحمر وبني عبد الواد في تلك المنافسات لتأييد هذا أو ذاك من المدعين العرش، حتى انتقل الحكم إلى أيدي الوطاسيين في منتصف القرن التاسع الهجري، وأسلاف الوطاسيين فرع من بني مرين سيطروا على فاس سنة 875هـ، 1471م، ولم يبق للمرينيين سلطان بعد ذلك تقريبًا إلا بمدينة مراكش. لكن الصراع استمر بين الأسرتين الحاكمتين، واستعان المرينيون على الوطاسيين بالغزاة البرتغاليين، فاستولى هؤلاء سنة 956هـ، 1550م، على ساحل البريجة، حيث بنوا مدينة الجديدة، ثم على ساحل السوس، حيث بنوا حصن فونتي قريبًا من مدينة أغادير الحالية. ولم ينقذ البلاد من الخطر البرتغالي إلا ظهور الأسرة السعدية.
دولة الأشراف السعديين (956ء1022هـ، 1549ء1613م):
لما فشل الوطاسيون في الدفاع عن أراضي المغرب، وآلت جميع موانئه تقريبًا إلى دولتي البرتغال وأسبانيا، أخذ السعديون على عاتقهم حركة الجهاد ضد البرتغاليين في الجنوب، وبدأت كفتهم ترجح على بني وطاس. وهم ينتمون إلى أسرة شريفة تنحدر من نسل محمد النفس الزكية من أبناء الحسين بن علي رضي الله عنه. وقد طالب أهل السوس محمدًا القائم بأمر الله السعدي بأن يتولى قيادتهم في حركة الجهاد، واعترف به بنو وطاس على أمل أن يساعدهم. وقد علا شأن ابنيه محمد الشيخ وأحمد الأعرج بعد نجاحهما في طرد البرتغاليين من آسفي وأزمور في الجنوب فيما بين 1539 و1541م، فرفض محمد الشيخ الملقب بالمهدي عرض محمد الوطاسي، المشهور بالبرتقالي، بتولي حكم مدينة مراكش، ودخل في صراع مع أخيه ومع الوطاسيين حتى دخل فاس وأعلن نفسه سلطانًا سنة 956هـ، 1549م. ثم واصل جهوده ضد البرتغاليين والأسبان في شمال المغرب واسترد أصيلة والقصر الصغير سنتي 956 و957هـ، ولم يبق لهم سوى طنجة وسبتة ومزغان. ومما يذكر في علاقة السعديين بالعثمانيين بالجزائر، أن أحد الوطاسيين، وهو أبو حسون علي، قد تمكن من الفرار من مراكش وطلب المساعدة من البرتغاليين والأسبان والعثمانيين لاستعادة الملك، فأرسل السلطان العثماني لصالح ريس بيلر باي الجزائر بغزو المغرب الأقصى. فوصل هذا الأخير فاس ونصّب أبا حسون عليها بضعة أشهر سنة 961هـ، 1554م، لكن سرعان ما استرد المهدي عاصمة ملكه. وأرسل السلطان سليمان رسولاً إلى المهدي يطلب إليه الحكم تحت السيادة العثمانية، فرفض. وجاءت مسألة تلمسان فأضافت عنصرًا جديدًا من عناصر النزاع بين السعديين والعثمانيين. ذلك أنه عندما تدهورت الأسرة الزيانية وانتهى أمرها بأن فتحت القوات الأسبانية المدينة سنة 950هـ، 1543م، استنجد أهل تلمسان بمحمد المهدي فأرسل قواته لاحتلالها. فاستاء صالح ريس وسارع لانتزاعها سنة 957هـ، 1550م، لكنها مع ذلك بقيت مثار مشكلة حدود بين دول المغرب الأقصى وحكومة الجزائر. وقد جرت اتصالات بين الأسبان ومحمد المهدي لإنشاء تحالف ضد العثمانيين بالجزائر، مما جعل صالح ريس وخلفه حسن باشا خير الدين، يفكران في حرب السعديين. وبعد ظهور المنازعات بين الأسرة السعدية على الملك أصبحت مسألة استعانتهم على بعضهم بالأسبان والبرتغاليين والعثمانيين أمرًا واقعًا. فعبد الملك بن محمد المهدي طرد ابن أخيه المتوكل واستولى على مراكش سنة 984هـ، 1576م بمعونة العثمانيين، ثم عقد تحالفًا مع الأسبان في السنة التالية لها، منحهم فيه امتيازات على الساحل، والمتوكل استعان بالبرتغال، فجهز ملكها سبستيان حملة انتهت بالهزيمة في معركة وادي المخازن سنة 986هـ، 1578م وموت الملوك الثلاثة (عبد الملك والمتوكل وسبستيان). تولى الحكم أحمد، الملقب بالمنصور، بعد موت أخيه عبد الملك، فكان عهده أزهى العهود السعدية. تميز بتنظيم الإدارة الداخلية ومد نفوذ المغرب الأقصى إلى حوض السنغال، ثم دخولها ألاعيب المنافسات والتحالفات التي اتّسمت بها العلاقات الأوروبية في ذلك الوقت. وبعده تنازع أبناؤه الثلاثة العرش، واستعان منهم المأمون بفيليب الثالث مانحًا إياه ميناء العرائش، مما تسبب في مقتله على أيدي مجاهدي تطوان سنة 1022هـ، 1613م. وقد تشعبت المنازعات حتى اختفت الأسرة السعدية تمامًا أول النصف الثاني من القرن الحادي عشر الهجري (منتصف القرن السابع عشر الميلادي). وقد ظهرت، في فترة الفوضى التي أعقبت وفاة المنصور، زعامات سياسية مستقلة استأثرت بالسلطة في هذا الإقليم أو ذاك من المغرب الأقصى، وقد اعتمد بعضها على الطرق الصوفية مثل الطريقة السملالية في درعة والسوس، والطريقة الدلائية في فاس وما حولها، في حين اعتمد بعضها الآخر على أساس منظمات عسكرية، ومن ذلك حكومة سلا، التي تزعمها أبو عبد الله العياشي، وأصبحت من أقوى الوحدات السياسية إبان العقد الخامس من القرن الحادي عشر الهجري (العقد الرابع من القرن السابع عشر الميلادي). فامتد نفوذها على القسم الشمالي ما بين ساحل الأطلسي حتى تطوان بما في ذلك فاس، واستمدت قوتها من حركة الجهاد البحري الذي كان يقوم به المهاجرون الأندلسيون، الذين جعلوا من السفن الأسبانية الآتية من أمريكا هدفًا كبيرًا لهم، وقد وصلت غاراتهم إلى شواطئ جزر بحر الشمال.
دولة الأشراف العلويين (1050هـ،1641م إلى اليوم):
مؤسس هذه الدولة هو محمد بن محمد الشريف(1050 ء 1075هـ)، بايعه أهل سجلماسة حوالي سنة 1050هـ، 1641م، فحارب بهم السملالي صاحب درعة، فلما استقر حكمه في الجنوب أغار على الدلائي بفاس ودخلها ثم أُخرج منها منهزمًا. خرج عليه أخوه الرشيد وبويع بعد مقتل أخيه محمد سنة 1075هـ، 1665م، فاستولى على فاس في السنة التي تليها وعلى مراكش واستقر بها. وبذلك يُعدّ المؤسس الحقيقي للأسرة العلوية. حكم بعده أخوه إسماعيل (1082 ء 1139هـ، 1672 ء 1726م). وهو يُعدّ من أشهر سلاطين تلك الأسرة وأطولهم عهدًا. وقد جنّد جيشًا من العبيد الأفارقة أصبح يُعرف بجيش عبيد البخاري، استطاع به أن يدعم سلطته على القبائل في الداخل ويحارب الأجانب على السواحل، فاسترد من الأسبان ما بقي بحوزتهم من الموانئ، كما استرد طنجة من الإنجليز، ولم يبق في عهده من الجيوب الأوروبية سوى سبتة ومليلة بيد الأسبان، ومزغان لدى البرتغاليين. وتبادل إسماعيل السفارات مع ملوك فرنسا وأسبانيا وحكام هولندا، لكن الحروب الأهلية اندلعت بعد وفاته بين أبنائه محمد وعبد الملك وعبد الله إلى أن استتب الأمر للأخير. وعاد الاستقرار في عهد ابنه محمد (1171 ء 1206هـ، 1757 ء 1792م) لكن التغلغل الأوروبي ازداد في عهده، فعقد معاهدات تجارية مع جميع الدول الأوروبية التي لها معاملات مع المغرب الأقصى بما فيها أسبانيا، وأعطى امتيازات واسعة لفرنسا. كما منح السلطان عبد الرحمن بن سليمان (1238ء 1276هـ، 1822 ء 1859م) امتيازات لرعايا الولايات المتحدة الأمريكية في بلاده سنة 1252هـ، 1836م، وعقد معاهدة مماثلة مع بريطانيا سنة 1273هـ، 1856م، وازداد في عهده الخطر الفرنسي بعد احتلال فرنسا للجزائر سنة 1246هـ، 1830م.أما علاقة دولة الأشراف العلويين مع الدول العثمانية فكان يسودها التوتر أحيانًا، والتعاون أحيانًا أخرى ضد عدوتهما المشتركة أسبانيا. وكان السلاطين العثمانيون حريصين على أن يعترف لهم حكام مراكش بالسيادة الاسمية فقط، لكن هؤلاء كانوا يرون أنفسهم أحق بتلك الزعامة الروحية لانتمائهم إلى النسب الشريف، ومن ذلك تمسكهم بلقب أمير المؤمنين. وقد تحسنت العلاقات بين الطرفين في عهد السلطان محمد بن عبدالله الذي اتجه في سياسته إلى توثيق الروابط مع الدولة العثمانية والمشرق العربي الإسلامي.
التعليقات (0)