العراق او بلاد مابين النهرين او ميزوبوتاميا (Mesopotamia)حسب التسمية الإغريقية، كان مهد الحضارة وواحداً من المواطن الأولى للإنسان القديم الذي سبق ظهور أسلافنا (الهوموسابيَنس Homosapiens ). فقد عاش الإنسان الأول في العراق منذ دهور طويلة وقد وجدت آثاره في كهوفٍ في الجبال الشمالية والشمالية الشرقية، وفي العراء، وعلى الهضاب الجبلية في الشرق، وعلى المرتفعات الصحراوية في الغرب.
وقد اتخذ ذلك الإنسان أكثر أدواته الضرورية من الحجارة فسمى علماء الآثار ذلك الزمن بالعصر الحجري؛ وهو حقبة طويلة جداً قسموها إلى أدوار مختلفة بالنسبة إلى نوع تشظية قطع الحجر وتهذيبها، وعُرِفَت هذه الأدوار بأسماء المواقع التي اكتُشفَت فيها أول مرة نماذج من تلك الصناعات، وأغلبها في فرنسا، وجبال الألب، وشمال افريقيا، والشرقين الأقصى والأدنى. وكان ذلك الإنسان يعتمد على قواه في جمع قُوته من الغابات والحقول ومن الصيد بأنواعه، واستعمل أدواته من لب الصوان بعد تشظيته كفؤوس ومطارق للهجوم والدفاع، ثم اتخذ الشظايا أيضاً سكاكينَ ومقاشطَ، وصَقَل أدواته الحجرية، وأخيراً اتخذ العظام والأخشاب. ويقسم العلماء العصور الحجرية الى ثلاثة اقسام، وهي العصر الحجري القديم، والعصر الحجري المتوسط، والعصر الحجري الحديث. وسنأتي على شرح هذه المراحل بالتفصيل.
تُعدُّ " بَردَه بَلكَه "([1]) من أقدم المواقع الأثرية في العراق التي عثر فيها على نماذج من أدوات العصور الحجرية، وتقع قرب جمجمال في محافظة كركوك. ويرقى زمن مخلفاتها الى العصر الحجري القديم الأدنى، وهي من النوع المعروف بالآشولي (Acheulean)([2])، إذ يقدر تاريخها بما قبل 100,000 سنة([3]). ويليها قِدَماً آثار كهف " هَزار مِرد "([4]) الواقع في محافظة السليمانية، وكهف " شانَدَر "([5]) الواقع في محافظة أربيل؛ وآثارهما في الغالب من النوع المعروف بالمُستيري (Mousterian)([6]) وهي ترقى إلى ما قبل 40,000 سنة([7]). وقد وُجِدَ في كهف شانَدَر هيكل عظمي كامل الجمجمة لإنسان النياندِرتال (Neanderthal)([8])، وهو الإنسان القديم الذي عاش في هذه المناطق قبل الإنسان الحالي (الهوموسابيَنس). وقد عُثِر على أدوات العصر الحجري المُستيري في مناطق أخرى متفرقة، كبادية الشام في وادي حوران قرب الرطبة، وهي من النوع المسمى ليفالواس.
وتليها في القِدَم أدوات من الحجر والصوان من النوع الاورگنيشي (Aurignacian)([9]) من العصر الحجري القديم الأعلى، عُثِرَ عليها في مناطق متفرقة يرجع زمنها إلى نحو 25,000 سنة، ووجِدَت نماذج كثيرة منها في جبال برادوست في كهف " زَرزي "([10]) الطبقة B الواقع في محافظة السليمانية، وفي الطبقات العليا من كهفي هَزار مِرد الطبقة B، وشانَدَر الطبقة C ، وفي سنجار، وفي الصحراء الغربية قرب الرطبة. ويسمى هذا النوع من الآلات بالكريمالدي، ومنه أيضا أنواع ناعمة تعرف بالمكروليت.
وقد عُثِرَ على نماذج أخرى من الأدوات الصوانية العائدة إلى الدورين السوليتري (Solutrean)([11]) والمكدليني، في الطبقات العليا من المناطق المذكورة أعلاه وغيرها، مثل كهف " بالي كورا " في محافظة كركوك، و" بيخال "([12]) في محافظة أربيل، و" باراك " في محافظة نينوى. وسُمّيَت هذه الآلات بصناعة زَرزي، ويُقدَّر تاريخها بما يزيد على 10,000 سنة.
وتعتبر دراسة هذه العصور السحيقة من تاريخ الانسان صعبة نظراً لبدائيتها، فهي سبقت ظهور الزراعة والتدوين بعشرات الالاف من السنين. لذلك، كانت الادوات والرسوم البدائية، والهياكل العظمية، الاثارَ الوحيدةَ التي تركها ذاك الانسان. وعليه، سنحاول بطريقة معرفية مبسطة، عرض تصوراتِ واستنتاجاتِ العلماء والباحثين في هذا المجال، من خلال دراسة المواقع الاثارية المكتشفة في العراق، والتي ستعطينا لمحة عن طبيعة تلك العصور التي عاش فيها الجنس البشري البدائي. بالإضافة الى تتبع عملية تطور العلاقات الاجتماعية بين البشر، من خلال تحليل هذه المكتَشَفات.
وهكذا، سنحاول قدر الإمكان، المحافظة على التسلسل الزمني الذي سيخوننا بعض الأحيان، بسسبب تعدد الاراء حول هذه الفترة الزمنية. ولكننا ارتأينا ان نبدأ بإنسان كهف شانَدَر في كوردستان العراق، بإعتباره أشهر المواقع الاثرية المكتشفة في تلك الحقبة، والذي عُثر فيه على هياكل عظمية شبه كاملة، ساعدت في رسم تصور لطبيعة الحياة الاجتماعية في ذلك الوقت. وسناتي على عرض بقية المواقع الاثرية التي تنتمي لهذه الحقبة تباعاً.
نياندرتال Neanderthal :
أحد أنواع جنس (هومو (Homo الذي استوطن أوروبا وأجزاء من غرب آسيا وآسيا الوسطى. أول آثار نياندرتال البيئية ظهرت في أوروبا وتعود لحوالي 350,000 سنة مضت، وانقرض إنسان نياندرتال في أوروبا قبل حوالي 24,000 سنة مضت. وسُمّيَ بهذا الاسم نسبة الى وادي نياندر في المانيا الذي عُثِرَ فيه لأول مرة على بقايا انسان النياندرتال عام 1856.
عاش إنسان نيندرتال في أوروبا وآسيا الغربية (المساحة الممتدة من أسبانيا وحتى أوزبكستان) في فترة تزامنت مع العصر الجليدي الذي ساد معظم ارجاء أوروبا وآسيا قبل 230,000 سنة. وأحدث الدراسات كشفت عن وجود هذا الأنسان في فلسطين وليبيا بالقرب من بلدة بلغراي، تؤكد معاصرة هذا الإنسان للإنسان المعاصر ويعتقد العلماء بأن اجسامهم القصيرة والممتلئة والقوية هي من أهم أسباب بقائهم في العصر الجليدي.
وبمراجعة أدواتهم المكتشفة معهم، عرفوا بأنهم صيادون ماهرون ويتغذون على طرائدهم. وذكَرَ العلماء بأنهم كانوا يصطادون في جماعات وفِرَق، مما أدى إلى مواجهة مصاعب الصيد والحيوانات المفترسة الأخرى. واثبتت دراسة العلماء لهذا الإنسان مقدرته على الكلام، ولكن يلاحظ عليه افتقاره لتركيب الكلمات المعقدة، أو تكوين مفاهيم أكثر تعقيداً كالفن وغيره، فقد ظلوا بدائيين جداً. کان معدل حجم مخ النیاندرتال البالغ أكبر من معدل حجم المخ للإنسان الحالي بنسبة 10% تقریباً. ولا يُعرَف إلى الآن سبب انقراض هذا النوع من البشر، وهناك فرضیات عدیدة لانقراضهم سنتناولها لاحقاً، تتراوح بين التغير المناخي وصولاً الى الصراع مع الانسان الحديث (هوموسابيَنس) مروراً بنقص الموارد. ومن بين المواقع التي عثر فيها على هياكل عظمية لانسان النياندرتال كهف شانَدَر في العراق.
كهف شانَدَر
يقع كهف شانَدَر (Shanidar) في جبل برادوست الكائن في قضاء ميرگه سور أقصى الشمال الشرقي لمحافظة اربيل ضمن سلسلة جبال زاگروس ويبعد 145 كم عن مدينة اربيل، وعاش فيه الانسان المعروف بأسم النياندرتال قبل 100,000 عام.
اجرت فرقة تنقيب آثارية خلال الأعوام 1951-1960 عمليات بحث وتنقيب فيه على أربع مراحل، وقد عَثَرت على عشرة هياكل عظمية، نُقِلَت الى المتحف العراقي في بغداد والمتاحف الامريكية، احدها كان معروضاً في صالة ما قبل التاريخ، وكان يعود الى 45,000 عام قبل الميلاد، رغم ان الباحثين يقدرون تاريخ الحياة البشرية في هذا الكهف بحوالي 100,000 عام قبل الميلاد، وأقرب الاحتمالات هي حوالي 60,000-80,000 عام قبل الميلاد.
طبيعة الكهف:
يبعد كهف شَانَدَر مسافة 3 كم عن نهر الزاب الكبير، ويقع في منطقة شبه وادٍ حيث يقع الكهف في اعلاه، واجهة الكهف مثلثة الشكل ويبلغ ارتفاعها 8 امتار وعرضها 25 متراً، باتجاه الجنوب الشرقي، وتدخل اليه أشعة الشمس بسهولة، وكلما سِرتَ باتجاه الداخل يضيق الكهف، وعند المدخل الثاني للكهف الكائن داخله، يدخل الانسان وهو ممدد. وتوجد عند بوابة الكهف العديد من الاشجار والشجيرات والحشائش والادغال، ويقع بالقرب منه العديد من الغابات والانهر، وانواع الاشجار الطبيعية واشجار الفاكهة في المناطق المحيطة بالكهف، ويقابل الكهف بيرس وقرى نزاري الواقعة في منطقة بارزان. وقد كان الكهف يمثل المأوى لسكان المنطقة من الكورد، وحظائر لحيواناتهم قبيل البدء بعمليات التنقيب عام 1951.
تاريخ الكهف
زار الاثاري رالف سوليكي من جامعة كولمبيا الامريكية كهف شانَدَر عام 1951، وبدء التنقيب فيه في ذات العام، وبعد عثوره على بعض الادوات والعُدَد على عمق مترين، توصل الى أن الكهف يحوي مخلفات حضارية، وبعدها تلقى التمويل من مديرية الآثار العراقية وجامعة امريكية. واصل الاثاري سوليكي عام 1954 البحث والتنقيب، وتواصل الحفر حتى عمق 13 متراً وقد عثر جراء ذلك على عدد من الادوات، وهيكل عظمي لطفل من النياندرتال على عمق 8 امتار تحت ارض الكهف. وفي المرحلة الثالثة من التنقيب التي جرت عام 1956، عثر على ثلاثة هياكل عظمية لانسان النياندرتال وقد رفع هذا الكشف من أهمية الموقع، وبدأت المرحلة الرابعة من التنقيب عام 1960. وتألف الفريق الاثاري من رالف سوليكي والاثاري جاكوز بورداز وعالم الهياكل العظمية ديل ستيوارت وعالم النباتات ديكستر بيرسكينس. وحاول الاثاري سوليكي ان يجري تنقيبات اخرى في شانَدَر عام 1963، إلاَّ أن الاوضاع السياسية في العراق آنذاك حالت دون ذلك.
على عمق 6 امتار عثر الفريق على 5 هاكيل عظمية اخرى، والعديد من العدد والادوات وعظام حيوانات العصر الحجري. قدر تاريخ هذه العظام والعُدَدَ التي تم العثور عليها في كهف شانَدَر 100,000 عام قبل الميلاد، وهذه العدد والهياكل العظمية محفوظة في المتاحف العراقية والامريكية. وقد تواصل التنقيب في اعوام 1979 و1993. وفي عام 2005 اعيدت عملية دراسة هذا الكهف وتحديث بعض المعلومات عنه والتي توصلت الى ان نسبة التنقيب في الكهف لم تتخط الـ10%.
عام 1960 بالتزامن مع المرحلة الرابعة من التنقيب في شانَدَر، قامت الاثارية روز سوليكي بالبحث والتنقيب في قرية " زاوي جمي " الكائنة على بعد 5 كم شرق شانَدَر، وقد عثرت في زاوي جمي على عُدد زراعية وحبوب يعود تاريخها الى 10,000 عام قبل الميلاد. وبسبب الاهمية التاريخية والحضارية لهذين الموقعين التاريخيين، فان شهرة شانَدَر وزاوي جمي قد عمّت جميع جامعات العالم وخصوصاً الجامعات الامريكية. وتعتبران من المواقع التاريخية المهمة في العالم، وليس بعيداً بأن يتم العثور على لُقى وقطع آثارية جديدة تعود لعصور موغلة في اعماق التاريخ، فيما لو جرت اعمال تنقيب جديدة.
تقسيمات الهياكل العظمية
قام العلماء بتقسيم المراحل الزمنية في داخل الكهف من خلال دراسة 4 هياكل عظمية الى اربع مراحل، مع العلم أن عدد الهياكل المكتشفة وصلَ الى 14 هيكلاً عظمياً([13])، من بينها هيكلين عظميين على الأقل لرُضَّع، ولكن الاربعة الرئيسية كانت بحالة تعتبر جيدة لرسم تصور عن طبيعة الحياة البشرية في ذلك الكهف. وقد ساعدت الدراسات التشريحية والمادية لبعض العُدَد والادوات المكتشفة في اعطائنا معلومات قيّمة عن نياندرتال شانَدَر. والاقسام هي كالتالي:
شاندر 1
ويسمى ايضا بناندي، وهو الأكثر شهرةً بين الهياكل الأربعة الأخرى، ويعود الهيكل العظمي لذكر يتراوح عمره بين 40 الى 50 عام، وهذا العمر يعتبر كبيراً مقارنةً مع اعمار النياندرتال الاخرى، حيث نادراً ما يبلغ انسان النياندرتال سن الاربعين، وهذا ماجعله الأكثر شهرةً.
ومايلفت النظر في هذا الشانَدَر هو الحالة الفسيولوجية التي كان يعاني منها. فمن خلال دراسة هيكله العظمي، وُجِدَ أنه تعرض لضربة في الجهة اليسرى من الرأس، ادّت الى تلف في العين، وربما فقدانه البصر، وبما أن الجزء الأيمن من الدماغ يسيطر على الحركة واعصاب المنطقة اليسرى من الجسم فيعتقد انه مصاب بالشلل وعوق في اليد اليمنى. ولكن رغم هذا كله فقد وُجِدَت علامات تماثل للشفاء لبعض تلك الجروح وأن هذا الشاندر لم يفقد الحياة مباشرةً، خصوصاً انه تعرض إلى هذه الضربة في بدايات شبابه، ولكنه استطاع البقاء على قيد الحياة بفضل تعاون المجموعة البشرية التي كانت معه. وهذا دليل على وجود علاقات اجتماعية حميمية نوعاً ما مقارنة مع انسان نياندرتال البدائي. ويعتقد بعض العلماء انه كان مصاباً بعوق وِلادي، بالإضافة الى العنف الذي تعرض له لاحقاً.
شاندر 2
وهو عبارة عن ذكر اخر، تم العثور عليه تحت كوم من الحجارة، ويعتقد ان سبب الوفاة هو انهيار صخري داخل الكهف. والذي نراه واضحاً عند دراسة العظام التي اصابها التهشم، وكذلك طريقة استلقائه تحت الصخور تدل على انه كان يحاول ان يحمي نفسه. ومن العلامات المميزة لهذا الشانَدَر هو انه حصل على اوائل مراسيم الدفن البدائية، فقد وُجِدَ عدد من الصخور الصغيرة المرتبه حول منطقة تواجده فوق ركام الصخور التي قتلته بالاضافة الى بعض العظام الصغيرة التي تعود لعدد من الثديات، وكذلك عُثِرَ على اثار نار فوقه، قد تكون جزءاً من هذه المراسيم.
شاندر 3
وهو ذكر آخر ايضاً، وُجِدَ في نفس المنطقة مع شاندر 1 وشاندر 2. وقد بَيَّنَت الدراسات التشريحية لهيكله العظمي، بأنه كان مصاباً بمرضٍ أو تشوّهٍ في مفاصل القدم، وآلامٍ اثناء الحركة مع تقييدها، وهناك علامات لمرض التهاب المفاصل المعروف. ويعتقد العلماء في آخر دراسات اجريت عام 2009، أن هذا الشاندر تم قتله على يد الإنسان الحديث الذي انحدرنا منه المسمى هوموسايَبنس، لذلك يعتبره العلماء نقطة الالتقاء بين الجنسين. وقد كان لاكتشافه فضل كبير في تغيير النظرة السائدة عن النياندرتال، حيث كان يُعتَقد قبل ذلك أنهم أقرب للقردة منهم للبشر، وانهم لا يستطيعون الوقوف باستقامةٍ، لكن اكتشافات الهياكل الكاملة في شانَدَر، ومنها شاندر 3، ساهم في تصحيح هذه الصورة. يرقد شاندر 3 الان في متحف سميث سونيان للتاريخ الطبيعي في واشنطن.
شاندر 4
يقدر عمر شاندر 4 مابين حوالي 35 الى 40 عاماً، وقد حصل هذا الذكر على مراسيم دفن تعتبر متقدمة نوعاً ما في ذلك الزمان. فقد وُجِدَ مُستلقياً بصورة جانبية على جهته اليسرى عام 1960 من قبل العالم الاثاري سولكي. وعُثِرَ على ما يقارب ثمانية أنواع مختلفة من الزهور الطويلة البيضاء، مع عدد من البذور تحيط بهيكله العظمي. ومن خلال دراسة التربة التي تحيط به وبعض هذه البذور بعد 8 سنوات من اكتشافها، تم االتوصل إلى أنواع ومسمّيات العوائل النباتية والزهرية التي تنحدر منها، وكذلك تسميات الأزهار نفسها، بعض منها على سبيل المثال من عائلة الزهور الأُقحوانية. ولكن الملفت للنظر هنا، أن بعض هذه الزهور لها خصائص طبية مختلفة، على سبيل المثال كمدررات للبول، وكذلك محفزِّات وأدوية قابضة، وكذلك مضادات للالتهابات؛ لذلك يعتقد العلماء ان هذا النياندرتال قد يكون من اصحاب القوى الشامانية - الشامان هم السحرة الذين يقومون بإجراء طقوس تحضير الارواح والعلاج - وكان بمثابة معالج او طبيب بدائي في مجتمع الشاندريين، وما عُثِر معه من اعشاب وازهار قد تكون نوع من الادوية التي كانوا يستعملونها ذلك الوقت، خصوصاً ان نياندرتال كهف شاندر يعتبر من المعمرين مقارنة لمتوسط عمر النياندرتال الطبيعي. وهناك دراسات أخرى لاحظت وجود نوع من الفئران في المكان المدفون فيه شاندر 4 والتي تعتاش على هذه البذور والازهار، وربما هي من اتت بها الى هذا المكان؛ لذلك يعتبر هذا الفريق أن عملية الدفن لم تتم وفق مراسيم معينة، وانما عملية دفن طبيعية، خاصةً وان هذا الطقس للدفن لم يلاحظ مع الهياكل الاخرى. وبقيَ كل ماذكر في اطار النظريات غير المطلقة، وعمليات البحث المستقبلية ربما ستحمل الكثير بين طياته،ا خصوصاً وان أعمال البحث التي جرت في الكهف لاتتجاوز ال 10% فقط كما ذكرنا سابقاً.
كيفية الوصول الى شاندر
لو انطلق السائح من اربيل عاصمة اقليم كوردستان العراق، فانه سيمر بالبلدات التالية تباعاً: صلاح الدين، فشقلاوة، فحرير، وعند بلوغه جبل سبي لك، هنالك طريق يتفرع من طريق هاملتون الشهير باتجاه اليسار، وبعد اجتيازه عدة قرى في طبيعة غناء باتجاه بلدة بلي ومنطقة بارزان، فانه يصل الى قرية شانَدَر، وفي نهاية القرية يسير بكَ طريقٌ فرعيٌ نحو كهف شانَدَر. وهنالك طريق ثان يبدأ من مدينة سوران بالقرب من منطقة (زار كلي) نحو ميركه سور وكوره تو وصولاً الى الكهف. والطريق معبد بدءاً من اربيل حتى شاندر.
وعلى بعد 500 متر عن الكهف، هنالك مكان استقبال السياح وموقف السيارات، وللصعود الى الكهف يمكنك اعتلاء درج حجري. كما وهناك العديد من اماكن الراحة والمكوث من مسقفات ومسطبات يستطيع المصطافون امضاء بعض الاوقات فيها، ويوجد الان سياج حديد مشبك، لمنع دخول الحيوانات والدواب الى داخل الكهف، خصوصاً وان المنطقة ريفية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
([2]) هو أسم يطلقه العلماء على صناعة أدواة حجرية أرتبطت بظهور البشر الاوائل،خلال العصر البَليوليتي الأدنى في أفريقيا وغرب أسيا وجنوبها وأوربا. وجدت الادوات الآشولية مع بقايا الهومو ايركتوس.
([6]) هو الاسم المعطى من قبل علماء الآثار لنمط من أدوات صوانية في الغالب ترتبط في المقام الأول مع انسان نياندرتال، والتي يرجع تاريخها إلى العصر الحجري القديم الأوسط (العصر البَليوليتي الأوسط).
([9]) هي ثقافة سادت في العصر الحجري القديم الأعلى في الفترة من 45,000 الى 35,000 سنة حسب تقديرات عمر نظير الكاربون المشع التقليدية، و41,000 الى 47,000 سنة حسب المعايير الجديدة في هذه الطريقة. وانتشرت في اوربا وجنوب غرب اسيا، ويعود أصل التسمية الى موقع في اقليم گارون الاعلى في فرنسا.
([11]) هي حقبة ترتبط بصناعة متطورة للأدوات الصوانية تعود للعصر الحجري القديم الأعلى، وقد سمي الطور بهذا الاسم نسبة إلى موقع عُثِر فيه على هذه الأدوات في شرق فرنسا.
التعليقات (0)