مواضيع اليوم

تاريخ الإرهاب ضد الصحافة المغربية

إدريس ولد القابلة

2009-08-24 03:41:21

0

 

إن تاريخ انتهاك حرية التعبير، والحق في الخبر (الذي لا ينص عليه دستوريا) والتصدي للصحافة ومعاقبتها حافل بالأمجاد. فمنذ الخمسينات إلى حدود سنة 2001، ظلت الصحافة الجادة مستهدفة، لاسيما الجريئة منها فكم من منبر صحفي منع ببلادنا ؟ وكم من صحفي حوكم؟ ففي منتصف دجنبر 1959 تم منع جريدة التحرير لسان حال الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وذلك بقرار من مجلس وزاري، علما أن الحكومة كان على رأسها آنذاك عبد الله إبراهيم الذي وقع على قرار إعدام جريدة حزبه. لكن لماذا منعت جريدة التحرير ؟ إنها منعت لسببين اثنين : السبب الأول هو نشر خبر بدون تعليق مفاده أن الأمير مولاي الحسن ( آنذاك) تعرض لمحاولة اغتيال ، وقد تم اعتبار نشر مثل هذا الخبر من شأنه المس بالأمن والاستقرار والدفع لإحداث قلاقل. علما أن نفس الخبر نشر في 1963 دون أن يؤدي لي منع. أما السب الثاني هو تسمية الصحافة في إحدى المقالات بصاحبة الجلالة وتم اعتبار ذلك مس بشخص الملك رغم أن المقال لم يتطرق للملك بتاتا وبالمرة. وفي غضون شهر أبريل 1967 ظهرت جريدة المحرر بالعربية وجريدة " ليبراسيون" بالفرنسية وهما ناطقتان باسم نفس الحزب، الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، وبعد صدور العدد الأول تم منع المحرر بواسطة أمر شفوي صادر عن الجنرال أفقير ودون أي تفسير رسمي ومسؤول. وقيل أن الجنرال لم يستحسن ما جاء في إحدى المقالات التي أشارت إلى دور الموساد في اختطاف المهدي بن بركة. أما جريدة " ليبراسيون" فقد كان سبب منعها هو نشر استجواب مع الزعيم " شي غيفارا" لهذا تم منع الجريدتين المذكورتين في عهديهما الأول ولم ترى جريدة المحرر النور. والخروج إلى الوجود من جديد إلا في سنة 1974، أما " ليبراسيون" فلم تستأنف صدورها إلا في عام 1976.


وآنذاك كانت الرقابة تحسب أنفاس الجرائد. ، حيث كان من الضروري تقديم نسخة الجريدة قبل الطبع إلى مصلحة الرقابة التي عليها أن توافق على كل ما تحتويه وإلا فلا يمكن القيام بطبعها وبالأحرى توزيعها. وكان على القائمين بالجرائد الانصياع إلى أوامر الرقابة ( تغيير عنوان أو عبارة أو جملة أو صورة ..) وإلا فإن العدد لن يرى النور. وظلت هذه الرقابة سارية المفعول إلى حدود سنة 1977. وحتى بعد هذا التاريخ كانت وزارة الداخلية تحشر أنفها لتضييق الخناق على حرية الصحافة وترهيب الصحافيين، إما بإعطاء أوامر أو تحذيرات هاتفية، أو مطالبة الجرائد بعدم التطرق لقضية من القضايا، كما حدث سنة 1978 إذ أن الوزير اتصل بالجرائد لإخبارها بأمر مفاده عدم السماح بنشر أي شيء يتعلق بالانتفاضة التي كانت إيران مسرحا لها آنذاك. وفي غضون نفس السنة ( 1978) تعرضت كل من جريدة المحرر وجريدة " ليبراسيون" لمنع دام 15 يوما بسبب تطرقهما في إحدى المقالات بمناسبة المؤتمر الثالث لحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية للملكية البرلمانية.

في غضون شهر يونيو 1982 عرفت الدار البيضاء مظاهرات عارمة. ومساء ذلك اليوم تم حجز جريدة المحرر وجريدة ليبراسيون لمنعها من التوزيع بدون تفسير رسمي وعلني، وللإشارة فإن مصالح الأمن اعتقلت مصطفى القرشاوي رئيس التحرير لجريدة المحرر آنذاك بتهمة المشاركة في المظاهرة ورشق الحافلة بالحجارة. وخلال المحاكمة صرح الوكيل أن المفتشين ـ وهما شاهدا عيان على ما اقترفه المتهم ـ قم تم نقلهما إلى مدينة بعيدة وقد تعذر حضورهما للإدلاء بشهادتهما. أما بالنسبة لمنع الجريدتين فقد قيل أنهما قد دعتا إلى العصيان المدني، كيف ذلك؟ لأنهما بكل بساطة، نشرتا في عددهما ليوم 18 يونيو مقالات حول المقاومة وحول الإضراب العام، علما أن أحداث الدار البيضاء كانت يوم 22 يونيو.


وفي شهر يونيو 1989 صدر آخر عدد من مجلة " لاماليف" ( بالفرنسية ) بعد أن اضطرت مديرتها زكية داود لتوقيفها، لأنه على امتداد 15 يوما على التوالي كان يتم استدعاؤها من طرف وزارة الداخلية وتظل تنتظر ساعات عديدة، وفي الأخير يقال لها عليك الرجوع غدا صباحا. وفي الأخير عندما تمكنت من اللقاء مع إدريس البصري أفهمها بطريقة مباشرة بضرورة تخليها على إصدار المجلة.


وفي مارس 1988 جاء دور مجلة " كلمة " وكان آخر عدد لها آنذاك، وكانت مفارقة غريبة حقا إذ أن ملف ذلك العدد الأخير وموضع غلافه مخصصين لحرية الصحافة. فبعد ثلاث سنوات من الصدور المنتظم دون توقف، تم إلحاق ضربة قاضية بالمجلة. حيث أنه في مارس 1988 تم السطو على كل أعداد المجلة من الأكشاك ونقط البيع بالقوة لأنه تطرق لدعارة الرجال بمدينة مراكش. وهكذا تم استدعاء مديرها نورالدين عيوش من طرف وزارة الداخلية ، وبأمر شفوي منعت المجلة. وبعد مرور 6 أسابيع وبواسطة مكالمة هاتفية للكاتب العام لوزارة الداخلية آنذاك. عزيز حسبي، تم الإعلان شفويا كذلك على رفع المنع الصادر شفويا دون أي كتاب رسمي وشرعي. ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد. إذ بعد مرور شهر واحد من رفع المنع تم حجز العدد الذي سبب لأصحابها خسائر مادية كبيرة إلى حد عدم تمكنها من الاستمرار.


وفي 2 دجنبر 2000 كانت قنبلة رسالة الفقيه البصري، والتي نشرتها كل من لوجورنال والصحيفة والتي علقت عليها لودومان، وتم الإعلان على منع الجرائد الثلاث بمقتضى الفصل 77 الشهير في زمن حكومة التناوب. والجميع لازال يتذكر وضعة " حيص بيص" التي عاشتها الحكومة من جراء قرار المنع هذا والتسويفات والمماطلات التي تلته فيما يخص رخص إصدار جرائد بديلة.
وفي 20 أكتوبر 2001 نشرت جريدة لدومان خبرا حول إمكانية عرض قصر الصخيرات للبيع، وعلى إثر ذلك توبع مديرها علي لمرابط وحكم عليه ب 4 أشهر سجنا نافذا وغرامة مالية قدرها 30000.00 درهم. وقد صرح الوكيل خلال المحاكمة أن حجر القصر الملكي مقدس. وقبل علي المرابط الحكم بصدر رحب ولم يطعن فيه إلا أن النيابة هي التي طلبت الاستئناف.
و في غضون 2000 و2001 و2002 و2003 برزت المضايقات و المحاكمات التي تعرض إليها الصحافيين مصطفى العلوي و خالد مشبال و علي المرابط, و لازال هذا الأخير موجودا بالسجن لقضاء مدة 4 سنوات.


هذه بعض محطات تاريخ إرهاب الصحافة ببلادنا.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات